دروس إقتصاد المؤسسة
مقدمة عامة
نقع المؤسسة في قلب النشاط الاقتصادي المعاصر،فهي المنبع الرئيسي للرفاهية المادية،وتبقى بالنسبة لمعظم الأعوان الاقتصاديين المكان الرئيسي للعمل،حتى الحياة الاجتماعية،كما أن المؤسسة هي المكان الذي تمارس فيها طرق التسيير العقلانية الموجهة لبلوغ الأهداف الاقتصادية أو الاجتماعية،وفي هذا السياق فهي بمثابة المكان الذي تتلاقى فيه الأفكار التي نسمح بالوصول إلى نظريات تفسيرية ووصفية التي تنشق من خلالها التطبيقات الإدارية.
إن التنوع في الحقائق اليومية للمؤسسات وفي النظريات التي تقودها يزيد من أهمية وفائدة اقتصاد المؤسسة،فالمؤسسات تتنوع وفقا لعدة معايير:مجال النشاط،الحجم،الوضعية القانونية،نمط الإدارة...،وبالتالي فإن لكل مؤسسة غايات (Finalité) متمثلة في المساهمة في تلبية حاجيات الأعوان الاقتصاديين من سلع وخدمات.
من أجل ذلك فإن التسيير الحسن للمؤسسة يفترض إيجاد التنظيم المناسب من خلال اختيار الهيكلة المناسبة التي تسمح بتحديد المسؤوليات والواجبات لكل فرد داخل المؤسسة،مع تصميم نظام معلوماتي يسمح باتخاذ القرارات الرشيدة وشبكة للاتصالات تسمح بتحديد سياسة عامة للمؤسسة واستراتيجية مكيفة مع البيئة الداخلية والخارجية،خاصة وأن منذ حوالي ثلاثون سنة كان العالم الاقتصادي مسرحا لتحولات عميقة ساهمت في تحويل معطيات المنافسة والمتطلبات في مجال التنافسية:عولمة الأسواق،اكتشافات علمية والإبداع التكنولوجي وبالخصوص انفجار ملحوظ لتكنولوجيات الإعلام والاتصال،تطور متطلبات الأعوان الاقتصاديين (المستهلكين،الموردين،الملاك….)،وبالتالي وفي ظل هذه المتغيرات هناك مجموعة من العوامل والأوراق الرابحة التي يمكن أن تساهم في تحسين نجاعة المؤسسة،ومن بينها:المرونة،الجودة،ثقافة المؤسسة،الذكاء الاقتصادي،المواصفات العالمية...
الفصـل الأول: مفـاهيـم أسـاسـيـة حـول المـؤسسـة الاقـتـصاديـة
تعتبر المؤسسات الاقتصادية بمثابة النواة الأساسية في النشاط الاقتصادي للمجتمع،كما أنها تعبر عن علاقات اجتماعية،لأن العملية الإنتاجية تتضمن مجموعة من العناصر البشرية متعاملة فيما بينها من جهة والعناصر المادية وعناصر أخرى معنوية من جهة ثانية كما يشمل تعاملها المحيط،ولقد اتخذت المؤسسات الاقتصادية عبر التاريخ أشكالا مختلفة،وبالأخص في القرن العشرين،حيث تطورت بصفة كبيرة تجاوزت الدورين الاقتصادي والاجتماعي لتقتحم الدور السياسي (الشركات متعدية الجنسيات)،ولهذا سنتطرق إلى مجموعة من المفاهيم تسمح للقارئ فهم مختلف مكونات المؤسسة وسير نشاطاتها ...
1- الدورة الاقتصادية: هناك نوعين أساسيين من الدورات الاقتصادية وهما (1):
• الدورة الاقتصادية البسيطة (élementaire)
• الدورة الاقتصادية الكاملة (complet)
1.1- الدورة الاقتصادية البسيطة: تتمثل في ظهور حاجيات لدى الأفراد تتجلى من خلال الرغبات (حاجة
للأكل،حاجة للنزهة،حاجة للتنقل،...)،وبالتالي فإن هذه الحاجيات لابد أن تلبى بطريقة أو بأخرى،ومنه فلابد من استهلاك سلع وخدمات لإشباع هذه الرغبات،ولكن بما أن السلع والخدمات لا توجد في حالتها الطبيعية بل لابد من إنتاجها.نستنتج بأن الاستهلاك والإنتاج عمليتين أساسيتين في كل نشاط اقتصادي،وهو ما يقود إلى بروز دورة بسيطة حيث الأعوان الاقتصاديين (منتجين) يحولون الموارد إلى منتجات موجهة إلى أعوان اقتصادية أخرى (مستهلكين)،وعامة نجد أن هذه السلع تتبادل في الأسواق مقابل النقود أو القروض،والشكل رقم (1) يبين لنا ذلك بوضوح.
الشكل رقم (1): الدورة الاقتصادية البسيطة
سلع وخدمات
نقود
SOURCE:Pascal Laurent – Francois Bouard,OPCIT,P 14
2.1- الدورة الاقتصادية الكاملة: تظهر هذه الدورة ثلاثة مستويات للنشاطات:
أ. العمليات على السلع والخدمات: تتمثل في إنتاج السلع والخدمات الموجهة للمستهلكين.
ب. التوزيع( La repaetition): تتمثل في توزيع المداخيل المحصلة من قبل المنتجين (الأجور،الأرباح،الإيجار…)،وقد توزع على شكل خدمات لأسباب اقتصادية واجتماعية.
ت. تمويل الاقتصاد: قد لا تصرف كل المداخيل وبالتالي من الضروري تحصيل الادخار من أجل الاستفادة منه في تمويل الاقتصاد (وضعه من طرف المستهلكين في مختلف البنوك ليستفيد منه المنتجين على شكل قروض من أجل القيام بمختلف النشاطات التي تتطلبها العملية الإنتاجية والبيعية).
نستنتج بأن الدورة الاقتصادية تضم أربعة أنواع من الأعوان الاقتصادية وهم:
- المنتجين: ينتجون سلع وخدمات موجهة إلى المستهلكين،ويوزعون المبالغ التي يقبضونها من مبيعاتهم على الأجور،الإيجار،الأرباح أو يحتفظون بجزء منها لحاجيات المؤسسة المستقبلية.
- المستهلكين: يستهلكون السلع والخدمات التي يشترونها بفضل دخولهم الأولية المحصل عليها من خلال نشاطهم اليومي (الأجور).
- الإدارات (Les administrations): تقوم باقتطاع من المداخيل الأولية للأفراد والمؤسسات (الضرائب والرسوم..)والتي تعيد توزيعها على شكل خدمات متنوعة أو خدمات مجانية (نشاطات الدولة،الضمان الاجتماعي،…).
- الهيئات المالية: تقوم بجمع الادخار الذي يحوزه الأعوان ذوي القدرة التمويلية العالية من أجل إقراضه إلى المحتاجين إلى التمويل (المؤسسات الإنتاجية،الخدمية،)،وتتمثل في البنوك،صناديق التوفير...
والشكل رقم (2) يبين لنا الدورة الاقتصادية الكاملة.
الشكل رقم (2) : الدورة الاقتصادية الكاملة
سلع وخدمات غير تبادلية ضرائب،رسوم…
خدمات ضرائب أجور،أرباح،إيجار….
سلع وخدمات تبادلية نقود نقود نقود قروض،حقوق ديون
SOURCE: Pascal Laurent et autres ,OPCIT,P15
2- تعريف المؤسسة الاقتصادية: هناك عدة تعاريف للمؤسسة الاقتصادية وذلك عبر مختلف الأزمنة ،وعليه سنحاول تقديم بعض التعاريف،لأنه من الصعب الاعتماد على تعريف واحد يشمل مفهوم المؤسسة وذلك للأسباب التالية(2):
- التطور المستمر الذي نشهده المؤسسة الاقتصادية في طرق تنظيمها وفي أشكالها القانونية منذ ظهورها وخاصة في القرن 20.
- تشعب واتساع نشاط المؤسسات الاقتصادية،سواء الخدمية منها أو الإنتاجية،وقد ظهرت مؤسسات تقوم بعدة أنواع من النشاطات في نفس الوقت وفي أمكنة مختلفة مثل المؤسسات متعددة الجنسيات.
- اختلاف الاتجاهات الاقتصادية والإيديولوجيات (اشتراكية-ليبيرالية ).
بصفة عامة يمكن اعتبار كل الأعوان الاقتصاديين المساهمين في النشاط الاقتصادي،ما عدى المستهلكين،مؤسسات (البنوك،شركات التأمين،صناع السيارات،الموزعين…)،كما أنها عبارة عن تجمع لأشخاص مهيكلين ومنظمين ولديهم غايات اقتصادية ويسعون إلى تحقيق أهداف معينة (الربح،النمو،تنمية سمعة الؤسسة…).
من خلال ما سبق يمكن سرد بعض التعاريف المتعلقة بالمؤسسة الاقتصادية:
المؤسسة هي مجموعة أشخاص مهيكل ومتدرج،موجه لإنتاج السلع والخدمات القابلة للمتاجرة،بهدف تحقيق أقصى ربح(3).
يعرف M.Truchy المؤسسة على أنها : " الوحدة التي تجمع فيها وتنسق العناصر البشرية والمادية للنشاط الاقتصادي."(4)
" منظمة تجمع أشخاصا ذوي كفاءات متنوعة تستعمل رؤوس الأموال وقدرات من أجل إنتاج سلعة ما،والتي يمكن أن تباع بسعر أعلى من سعر تكلفتها."(5)
يمكن القول بأن تعريف المؤسسة عرف تطور منذ ما يقارب ثلاثة قرون،بعد ما كانت المؤسسات تتميز بعمليات السوق إذ عرفت كمؤسسة تسويقية لإنتاج السلع والخدمات،وكانت المؤسسات الأولى تعرف كمنظمات فلاحية صغيرة حيث تتميز بصغر حجمها وبقدرة تكنولوجية بسيطة وبعلاقات مباشرة وشخصية بين صاحب المؤسسة والعمال.وتطور هذا الوضع حسب كوتا إلى ثلاثة اتجاهات وهي(6):
- اتساع الحجم .
- كثرة المنازعات الاجتماعية.
- تعقد أنماط التسيير (أقل تكلفة،تسيير الموارد البشرية،تحليل الأسواق…).
يمكن أن تعرف المؤسسة على أنها: " منظمة اقتصادية واجتماعية مستقلة نوعا ما،تؤخذ فيها القرارات حول تركيب الوسائل البشرية،المالية،المادية والإعلامية بغية خلق قيمة مضافة حسب الأهداف في نطاق زماني ومكاني" (7)، كما يعرف شومبتر (SHUMPTER) المؤسسة بأنها :"مركز للإبداع ومركز للإنتاج"(8).
نستنتج في نهاية تعريفنا للمؤسسة بأنه ليس هناك تعريف موحد ومتفق عليه،وبغية تبسيط وتوضيح مفهوم المؤسسة،سوف نعتمد على ثلاثة محاور للمقاربة،وهي(9) :
- المؤسسة بصفتها عون اقتصادي، - المؤسسة منظمة اجتماعية، - المؤسسة كنظام.
• المؤسسة بصفتها عون اقتصادي: حسب هذا الاقتراب يمكن تعريف المؤسسة على أنها: " المؤسسة
تنسق بين عوامل الإنتاج (رأس المال-العمل-الطبيعة) بغية إنتاج سلع أو خدمات موجهة للسوق ومنه الوصول إلى تلبية الاحتياجات (الطلب).المحور الرئيسي لهذه النظرة يتمثل في الحصول على إنتاج مع تواجد مركز للقرار في المؤسسة،متمثلا في سلطة الإدارة وقدراتها التسييرية،من حيث تنظيم عملية الإنتاج بحسب إمكانيات المؤسسة والمتغيرات البيئية الخارجية.
• المؤسسة منظمة اجتماعية: حسب هذا الاقتراب يمكن تعريف المؤسسة على أنها: " مجموعة من الأفراد يشركون وينسقون جماعيا في منظمة مهيكلة(داخل تنظيم مهيكل) لإنتاج السلع أو الخدمات".محور التعريف يركز على منظمة مهيكلة،فالمؤسسة لم تعد ينظر إليها من زاوية ميكانيكية لعملية الإنتاج ولكن كمنظمة اجتماعية،وعليه يتم دراستها من خلال تنظيم السلطات،توزيع المهام،اتخاذ القرار،مواقف تصرفات الأفراد...
• المؤسسة كنظام (L’entreprise-Systeme): حيث تسمح لنا هذه النظرة بإثراء الفهم الحقيقي لسير المؤسسة،يركز مفهوم النظام على تواجد عدة عناصر مترابطة فيما بينها عن طريق عدة ارتباطات(علاقات)،مع بقاء الكل منظم ومتساندا بغية تحقيق هدف موحد.وعليه فإن المؤسسة ما هي إلا مجموعة من مجموعة من الأنظمة الفرعية المترابطة فيمت بينها بالعديد من العلاقات التبادلية (نظام الموارد البشرية،نظام الإنتاج،نظام التسويق،النظام المالي،نظام المعلومات...)،فضلا عن ضرورة الإلمام بجزء مهم من النظام الكلي للمؤسسة وهو البيئة الخارجية للمؤسسة التي تعتبر عنصرا مهما من عناصر النظام(10).
3- خصائص المؤسسة الاقتصادية: تتميز المؤسسات الاقتصادية بمجموعة من الخصائص من بينها:
1.3-المؤسسة مركز للتحويل (Centre de transformtion): إن المؤسسة هي ذلك المكان التي يتم فيها تحويل الموارد (المدخلات) منتجات تامة الصنع (سلع وخدمات)،وتتمثل الموارد في المواد الأولية،رؤوس الأموال،المعلومات،الأفراد،والشكل رقم (3) يبين لنا المؤسسة كمركز للتحويل.
الشكل رقم (3 ): المؤسسة مركز للتحويل
الموارد سلع وخدمات
SOURCE:Pascal Laurent – Francois Bouard,OPCIT,P 15
2.3-المؤسسة مركز للتوزيع (Centre de repartition): تعتبر المؤسسة المكان الذي يتم فيه تقسيم وتوزيع الأموال المتأتية من بيع السلع والخدمات،وذلك تحت أشكال مختلفة ليستفيد منها مختلف الأعوان الاقتصادية التي ساهمت في العملية الإنتاجية،مثل:
- الأجور التي توزع على العمال الأجراء.
- الأرباح ومداخيل أخرى التي توزع على الملاك الذين خاطروا برؤوس أموالهم سابقا.
- مستحقات الإيجار الخاص بالمقرات والمعدات الخاصة بالمؤسسة.
- الفوائد التي تدفعها المؤسسة للبنوك تعويضا للأموال المقترضة.
- دفع مستحقات الموردين.
- تسديد الضرائب والاشتراكات في الضمان الاجتماعي.
3.3-المؤسسة مركز للحياة الاجتماعية (Centre de vie sociale): تعتبر المؤسسة مكان يتم فيع العمل جماعيا (رجال ونساء) من أجل الوصول إلى تحقيق أهداف المؤسسة وذلك بالتعاون والتنسيق في إطار احترام القواعد وقيم المؤسسة،حيث يقضي أغلبية العمال ثلث (1/3) أو أكثر من حياتهم في المؤسسة مما يؤدي إلى ترسيخ العديد من المظاهر بين العمال:صراعات،محبة،خيبة أمل،رضاء...وعليه فإن المسير في المؤسسة يحاول التكيف مع الاختلافات في اتجاهات العمال وأفكارهم وإيديولوجياتهم وأهداف تواجدهم في المؤسسة،وذلك من أجل تحقيق أهداف المؤسسة بأكبر فعالية.
4.3-المؤسسة مركز القرارات الاقتصادية (Centre de decisions): تلعب المؤسسة دورا مهما في الاقتصاد باعتبارها مركزا للقرارات الاقتصادية التي تخص:نوع المنتوجات،كمية المنتوجات،الأسعار،التوزيع،التصدير،الاتصال…،تتمثل هذه القرارات في الاختيارات في استعمال الوسائل المحددة للوصول بأكثر فعالية للأهداف المسطرة،ذلك لأن المؤسسة عند قيامها بمختلف نشاطاتها تجد نفسها مجبرة على اتخاذ قرارات متعددة على مختلف المستويات وفي فترات مختلفة (قصيرة،متوسطة،طويلة) وحسب درجة أهميتها(استراتيجية،تكتيكية،عملية).
إن اتخاذ القرارات من مسؤوليات الإدارة في المؤسسة ويترتب عليها نتائج مختلفة،وعليه لابد من مراعاة العوامل التي قد تؤثر على عملية اتخاذ القرار (المؤهلات،الأهداف،الموارد،البيئة)،حتى تتمكن المؤسسة من اتخاذ القرار السليم الذي يسمح لها بتقليل حالات عدم التأكد ويزيد من فرص النجاح،وذلك في ظل ضغط المنافسة والمساهمين والمستهلكين والأجراء.
5.3-المؤسسة شبكة للمعلومات (Reseau d’informtions): إن اتخاذ القرارات الرشيدة يتطلب معلومات من مصادر مختلفة (داخلية وخارجية عن المؤسسة )،وبالتالي يتحتم على المؤسسة إعداد أنظمة قادرة على إنتاج المعلومات أو ما يسمى بنظام المعلومات وتحويلها إلى المقررين (نظام اتصالات) من أجل إنجاز المهام المنوطة بهم على أكمل وجه،وتعتبر الشبكة المعلوماتية والإتصالية بمثابة العنصر الحيوي للمؤسسة.
6.3-المؤسسة مركز للمخاطرة: إن المؤسسة معرضة للخطر باستمرار،حيث يمكن أن تخسر جزء أو كل تسبيقاتها المالية والمادية في حالة الفشل،وترتبط هذه المخاطر بصعوبات التسيير وضغط المنافسين ومتطلبات الزبائن،ولهذا نجد بأن رأسمال المؤسسة يشارك فيه عدة أشخاص أو مؤسسات من أجل جمع مبالغ مالية معتبرة من جهة ومن جهة ثانية تقليل المخاطر والخسائر في حالة الفشل.
4- الأهداف الرئيسية للمؤسسة الاقتصادية:
تعبر الأهداف عن النتائج/الغايات التي ترغب المؤسسة بلوغها،وحسب الكاتب سكوت ( Scott ) يمكن تعريف الأهداف على أنها (11 ): " تصورات لنهاية مرغوبة- ظروف وحالات يسعى العاملون لتحقيقها من خلال أداء واجباتهم "،كما عرفها الكاتب بيرو ( Perrow ) على أنها (12) : " تمثل المخرجات المحددة التي تضعها المؤسسة وتسعى إلى تحقيقها "،حيث تعتبر هذه الأهداف بمثابة بيانات عامة لما يجب أن تفعله المؤسسة،هناك العديد من الأهداف تسعى المؤسسات الاقتصادية الوصول إليها من خلال القيام بنشاطاتها (سواء كانت عمومية أو خاصة)،مع اختلاف هذه الأهداف باختلاف نشاط المؤسسة ونوعها وحجمها،ونلخص أهم هذه الأهداف في العناصر التالية(13):
1.4-الأهداف الاقتصادية: تمثل أهم الأهداف الاقتصادية للمؤسسة فيما يلي:
أ- تحقيق الربح: يعتبر الربح من أهم المعايير الدالة على صحة المؤسسة اقتصاديا،نظرا إلى حاجة المؤسسة إلى الأموال من أجل تحقيق الاستمرارية في النشاط والنمو،حيث أن تحقيق الربح يسمح بتوسيع نشاطات المؤسسة،تجديد التكنولوجيات المستعملة وتسديد الديون،وطبعا تختلف درجة الاهتمام بالأرباح بين المؤسسة العمومية والمؤسسة الخاصة.
ب- تحقيق متطلبات المجتمع: إن تحقيق المؤسسة للنتائج المسطرة يمر حتما عبر بيع الإنتاج المادي (السلع) وتغطية تكاليفها،فهي بذلك تحقق طلبات المجتمع،وعليه يمكن القول بأن المؤسسة الاقتصادية تحقق هدفين في نفس الوقت: - تحقيق طلبات المجتمع (المستهلكين).
- تحقيق الأرباح.
ج- عقلنة الإنتاج: يتم ذلك من خلال الاستعمال العقلاني لعوامل الإنتاج،ورفع إنتاجها بواسطة التخطيط الجيد والدقيق للإنتاج والتوزيع،بالإضافة إلى مراقبة عملية تنفيذ هذه الخطط والبرامج،وهو ما يسمح بتحقيق رضا المستهلكين والأرباح وتدنية التكاليف وعكس ذلك يؤدي إلى إفلاس المؤسسة.
2.4-الأهداف الإجتماعية: تتمثل الأهداف الاجتماعية للمؤسسة فيما يلي:
- ضمان مستوى مقبول من الأجور مقابل مجهوداتهم،وهو ما يسمح بتحسين مستوى معيشة العمال في ظل التطور السريع للمجتمعات تكنولوجيا،مما جعل رغباتهم تتزايد باستمرار (منتوجات جديدة،…)،وبالتالي ما على المؤسسات إلا تحسين الإنتاج وتوفي إمكانيات مالية ومادية أكثر فأكثر للعامل.
- الدعوة إلى تنظيم وتماسك العمال من خلال علاقات مهنية واجتماعية بين الأشخاص رغم اختلافاتهم في المستوى العلمي،الانتماء الاجتماعي والسياسي،لأن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان الحركية المستمرة للمؤسسة وتحقيق أهدافها،أو بعبارة أخرى ترسيخ ثقافة المؤسسة لدى عمالها.
- توفير التأمينات والمرافق للعمال (التأمين الصحي،التأمين ضد حوادث العمل،التقاعد…)،فضلا عن المرافق العامة مثل التعاونيات الاستهلاكية والمطاعم...
3.4-الأهداف الثقافية والرياضية: تتعلق هذه الأهداف بالجانب التكويني والترفيهي،ومن بينها:
- توفير الوسائل الترفيهية والثقافية،التي تعمل على إفادة العمال وأبناء العمال (المسرح،المكتبات،الرحلات…)،لأن ذلك له الأثر البالغ على مستوى العامل الفكرى والرضا والشعور باهتمام المؤسسة به والعمل على تحسين مستواه وكفاءته من أجل مسايرة تطورات العصر.
- تدريب العمال المبتدئين ورسكلة القدامى،حيث أنه مع تطور وسائل الإنتاج السريع أصبح العديد من العمال لا يتحكمون في هذه التكنولوجيات بصفة جيدة ،وبالتالي فلا بد من تدريبهم (سواء الجدد أو القدامى) تدريبا كفيلا يمكنهم من التحكم الجيد في استعمال الوسائل الجديدة،وهو ما يسمح بالرفع من مردودية المؤسسة.
- تخصيص أو قات للرياضة،حيث تعمل العديد من المؤسسات الحديثة على اتباع طريقة في العمل تسمح للعامل بمزاولة نشاط رياضي في زمن محدد (اليابان :بعد الغناء)،فضلا عن إقامة مهرجانات للرياضة العمالية،مما يجعل العامل يحتفظ بصحة جيدة ويتخلص من الخمول ويعطيه الحيوية في العمل.
4.4-الأهداف التكنولوجية: من خلال قيام المؤسسة بالبحث والتطوير،وذلك بتوفير إدارة خاصة بعملية تطوير الوسائل والطرق الإنتاجية علميا وترصد لها مبالغ كبيرة.
بينما صنف الكاتب جرينلي ( G.E.Greenley ) أهداف المؤسسة إلى أربع مجموعات رئيسية (14):
الأهداف التوجيهية: تتمثل فيما يلي:
• قيادة السوق،وتقاس بـ:
- الوضع التنافسي.
- درجة الإبداع.
- التقدم التقني.
• الانتشار السوقي،ويقاس بـ:
- عدد الأسواق.
- عدد الجماعات الاستهلاكية.
- عدد الصناعات.
- عدد البلدان.
• خدمة المنتفعين،وتقاس بـ:
- فائدة (قيمة ) المنتوج.
- جودة المنتوج.
- موثوقية المنتوج.
أهداف أدائية: وتتمثل فيما يلي:
• النمو ( التوسع )،ويقاس ب:
- عائدات المبيعات.
- حجم الإنتاج.
- هامش الربح.
• الربحية: وتقاس بـ:
- العائد على رأس المال.
- العائد على الموجودات.
- هامش الربح على عائد البيع.
- العائد على أموال المساهمين.
الأهداف الداخلية: تتمثل فيما يلي:
• الكفاءة،وتقاس بـ:
- المبيعات على مجموع الموجودات.
- دوران المخزون.
- فترة الائتمان.
- السيولة.
• شؤون العاملين،وتقاس بـ:
- علاقات العاملين ومعنوياتهم.
- النمو الشخصي.
- معدل راتب العامل.
- عائدات البيع لكل عامل.
أهداف خارجية: تمثل في العناصر التالية:
• المسؤولية الاجتماعية،وتقاس بـ:
- صورة المؤسسة.
- العلاقة بين السعر – الربح.
- استخدام الموارد.
- النشاط العام.
- رفاه المجتمع المحلي.
في الأخير يمكن القول بأن هناك تباين بين أراء المفكرين فيما يتعلق بأهداف المؤسسة،فمنهم من يرى بأن الهدف الوحيد للمؤسسة هو تعظيم الربح،وهذا طبعا باختلاف النظام الاقتصادي السائد في البلد ( اشتراكي،لبيرالي )،كما نجد بعض المؤسسات في حالات معينة تفضل البقاء على تحقيق الربح وذلك من أجل ضمان استمرارها،كما أن الوقت الراهن وفي ظل ازدياد الاهتمام بالبيئة وما يسمى بالتنمية المستدامة،فما على المؤسسة إلا وضع أهداف واضحة تبين اهتمامها بالبيئة وحمايتها لها...
بناء على ما سبق يتحتم على المؤسسة وضع سلم للأهداف أو أولويات حسب إمكانيات المؤسسة الداخلية والعوامل البيئية المؤثرة عليها والعمل على تحقيقها تدريجيا.
5- تصنيف المؤسسات الاقتصادية: هناك عدة أشكال يمكن أن تأخذها المؤسسات الاقتصادية،ومن المفيد التمييز بينها بدلالة بعض المعايير،حتى يتضح لنا تنوع المؤسسات من جهة،وإظهار متطلبات التسيير المختلفة حسب أنماط المؤسسات،ومن المعايير الأكثر استعمالا في تصنيف المؤسسات الاقتصادية،ما يلي:
- المعيار القانوني.
- معيار الحجم.
- المعيار الاقتصادي(نوع النشاط).
1.5-تصنيف المؤسسات حسب المعيار القانوني: يتم تصنيف المؤسسات طبقا لهذا المعيار إلى صنفين رئيسيين،هما: - مؤسسات خاصة.
- مؤسسات عمومية.
أ. المؤسسات الخاصة: قد تكون مؤسسات فردية أو شركات،فالمؤسسات الفردية تنشأ عن شخص واحد هو رب العمل أو صاحب رأس المال،عوامل الإنتاج،بالإضافة إلى عمل الإدارة والتنظيم أحيانا،أما مؤسسات الشركاء(Les Entreprises societaires) فتكون تحت حيازة عدة حاملين لرؤوس الأموال،بحوزتهم شخصية معنوية وذمة خاصة،حيث يتوزع التنظيم والتسيير ورأس المال على أكثر من شخص المؤسسة.
ب. المؤسسات العمومية: في هذا النوع من المؤسسات يكون رأس المال مملوكا لمجموعة عمومية ممثلة في الدولة أو الجماعات المحلية ،كما أن سلطة القرار ترجع إليها،فهي مؤسسات تابعة للقطاع العام (الدولة) وتخضع للتشريعات الخاصة به.
2.5-تصنيف المؤسسات حسب معيار الحجم: من أهم المعايير المعتمد عليها في تصنيف المؤسسات الاقتصادية حسب هذا المعيار،عدد العمال(L’effectif)،وهنا تختلف تقسيمات المختصين للمؤسسات،حيث نجد من يميز بين خمسة أنواع من المؤسسات والبعض يميز بين أربعة والآخر ثلاثة أنواع فقط...
المعتمدين على تصنيف المؤسسات إلى خمسة أنواع يكون على النحوالتالي(15):
1- من 0 إلى 9 عمال: المؤسسات المصغرة (Les toutes petites entreprises:TPE).
2- من 10 إلى 49 عامل: المؤسسات الصغيرة (Les petites entreprises:PE).
3- من 50 إلى 499 عامل: المؤسسات المتوسطة (Les moyennes entreprises:ME).
4- من 500 إلى 999 عامل: المؤسسات الكبيرة (Les grandes entreprises:GE).
5- بداية من 1000 عامل : المؤسسات الكبيرة جدا (Les tres grandes entreprises:TGE).
أما التصنيف الثاني فيصنفها إلى أربعة أنواع على النحوالتالي (16):
1- المؤسسات المصغرة: من 1 إلى 9عمال.
2- المؤسسات الصغيرة: من 10 إلى 199 عامل.
3- المؤسسات المتوسطة: من 200 إلى 499.
4- المؤسسات الكبيرة: من 500 فما فوق.
عادة ومن أجل التبسيط يتم التمييز بين نوعين من المؤسسات: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
والتي لا يفوق عدد عمالها 499،بينما المؤسسات الكبيرة يفوق عدد عمالها 499 (17).
لكن يبقى الاعتماد على هذه المعايير للمقارنة بين المؤسسات الاقتصادية غير كاف،لهذا تضاف إليها معايير أخرى في العديد من الأحيان،مثل: رقم الأعمال،القيمة المضافة،الأموال الخاصة،النتائج،الاستثمارات..
3.5-تصنيف المؤسسات حسب المعيار الاقتصادي: قسم الاقتصادي COLIN CLARK النشاطات الاقتصادية إلى ثلاثة قطاعات،وهي (18):
أ. القطاع الأول (Secteur Primaire): يجمع تلك المؤسسات المتخصصة في الزراعة (الفلاحة) بمختلف أنواعها ومنتوجاتها،وتربية المواشي،بالإضافة إلى أنشطة الصيد البحري...
ب. القطاع الثانوي (Le Secteur Secondaire): تتمثل في قطاع الصناعة،أي المؤسسات الصناعية،وهي مختلف المؤسسات التي تعمل على تحويل المواد الطبيعية أساسا إلى منتوجات قابلة للاستعمال أو الاستهلاك النهائي أو الوسيط،وتشمل بعض الصناعات المرتبطة بتحويل المواد الزراعية إلى منتوجات غذائية وصناعية مختلفة،بالإضافة إلى صناعات تحويل وتكرير المواد الطبيعية من معادن وطاقة وغيرها(الصناعات الاستخراجية).
ت. القطاع الثالث (Le Secteur Tertiaire): يتمثل في المؤسسات الخدماتية،أي المؤسسات المنتجة للخدمات (التوزيع،النقل،السياحة،البنوك،التأمين،...).
تجدر الإشارة إلى أن قطاع الخدمات يعرف تطورا مذهلا في العقدين الأخيرين،وعليه هناك من يضيف قطاعا رابعا (Quaternaire)،الذي يتمثل في تلك المؤسسات التي تمنح الخدمات لمؤسسات أخرى:الإعلام الآلي،الأمن،الاستشارة.
صـل الـثـانـي: الـمـدارس التـنـظـيـمـيـة
عرف تسيير المؤسسات تطورا كثيرة منذ مئات السنين،من خلال أراء وأفكار ونظريات العديد من الكتاب والمفكرين والممارسين،والذي تم جمعهم في مدارس تنظيمية،ودراسة والعمل باقتراحاتهم ونظرياتهم،سواء كانت نظريات وصفية(Descriptives)،نتفسيرية(Explicatives) أو حكمية(Prescriptives)،وتسعى هذه النظريات غبر المدارس المختلفة إلى ملاحظة سير المؤسسات والبحث عن أسباب الظواهر من أجل استخراج الحكم أو قواعد التسيير،وذلك في طريق البحث عن أحسن نجاعة للمؤسسات،انطلاقا من أعمال فريديريك تايلور (1856-1915) حول تقسيم العمل وتنظيمه وفايول (1841-1925)حول الإدارة وتنظيم المسؤوليات في المؤسسات وتقسيم الوظائف وغيرها،ولقد تعاقبت الأعمال والبحوث مما أدى إلى ظهور عدة اتجاهات أو مدارس كما سنتناول ذلك.
1- المدرسة الكلاسيكية: نتيجة للثورة الصناعية في القرن التاسع عشر وتركز وسائل الإنتاج،ظهر إلى الوجود شكل جديد للعمل في بداية القرن العشرين،حيث جلب القطاع الصناعي يد عاملة كبيرة من الفلاحة التي كانت قليلة التكيف مع الإنتاج التقني،في هذا السياق يمكن تحديد الاتجاهات التي تناولتها المدرسة التقليدية بالدراسة في ثلاث نواحي كالآتي ( 1):
الأول: زيادة الإنتاجية من خلال دراسة الجوانب الفنية للعمل والأساليب والظروف التي تؤدي إلى تحقيق الكفاءة الإنتاجية للعناصر المشتركة وذلك على مستوى الإدارة التنفيذية(الورشة )،وهو ما ركزت عليه حركة الإدارة العلمية،يتميز بأنه توجه تسييري لـفريديريك تايلور من خلال حديثه عن التنظيم العلمي للعمل،
الثاني: دراسة الإدارة "كعملية " تعتمد على عدد من الوظائف التي يجب على المدير اضطلاع بها،ومن خلال هذه الوظائف تم تنمية عدد من المبادئ الإدارية التي يمكن تطبيقها على الأفراد والمؤسسات،وهو ما تناوله هنري فايول في حديثه عن التنظيم الإداري للعمل.
الثالث: دراسة الإدارة من خلال ما يسمى " التنظيم البيروقراطي " للوصول إلى الكفاءة الإدارية بتطبيق مبادئ البيروقراطية،والذي كان بالتوازي مع الاتجاه الأول والثاني،من خلال أفكار ماكس فيبر حول البيروقراطية ذات التوجه السوسيولوجي.
باختصار تركز المدرسة التقليدية على الكفاءة التنظيمية لتحقيق نجاح المؤسسة
1.1-تايلور والتنظيم العلمي للعمل(1856-1915)(Taylor et l’organisation scientifique du travail):
تعتمد الفكرة الأساسية لتايلور على أنه يمكن رفع إنتاجية العامل الضعيفة بأقل جهد مع الحصول على أجر أحسن،من خلال التركيز على زيادة كفاءة العمال الذي يعتمد على التصميم العلمي للوظائف،وقد كان تصوره الأساسي يتمثل في وجود طريقة مثلى لأداء أي وظيفة وأن هذه الطريقة المثلى لابد أن يتم اكتشافها واستخدامها.وهناك أربعة مبادئ هامة تنبثق عن البحث عن تحسين الإنتاجية وهي(2):
- تطوير علم حقيقي لكل جزء من الوظيفة المراد انهاؤها وتحديد أفضل الطرق العلمية لأداء هذه الوظيفة أو بعبارة أخرى الدراسة العلمية للعمل والذي يتمثل في: تحليل،تفكيك،تحديد،توقيت العمليات(دراسة الوقت والحركات)،وكل هذا التصميم للعمل من صلاحيات الإدارة،ولكن النتيجة تعود على العامل بالإيجاب،حيث يصبح ماهرا ومختص في التنفيذ.
- اختيار العمال على أسس علمية وتحميل كل عامل مسؤولية إنجاز الوظيفة التي تتناسب مع اختياره،من خلال التركيز على بعض الخصائص مثل :المقدرة،قوة العضلات،ومقاومة التعب .
- تثقيف العمال وتطويرهم والتأكد من أنهم يستعملون أفضل الوسائل العلمية،محاولة منه إيجاد محفزات يتجاوب معها العمال،وزيادة الأجور للعمال الذين ينتجون أكثر.
- التعاون الودي بين الإدارة والعمال ،بإيجاد رئيس للعمال يعطي تعليماته ويشرف على العمال المكلفين بإنجاز خطوات العمل ومراحله،وهذا طبعا بعد تجزئة وتقسيم النشاطات.
في الأخير نستنتج بأن هذه المبادئ ما هي إلا تطبيق لمعايير محددة علميا،حيث العمال يطبقون المبادئ التي أعدت لهم من خلال الدراسة العلمية للعمل دون احتجاجات،فهي مبادئ غير قابلة للنقاش،ومنه فإن العمل يصبح عقلاني ورشيد.
وهناك عدة مفكرين آخرين ساهموا في تطوير الإدارة العلمية ومنهم:هنري غانت،فرانك وزوجته ليليان جيلبرت...
2.1-فايول والتسيير الإداري (1841-1925)(Fayol et la gestion administrative):
إن أفكار تايلور اهتمت أكثر بتنظيم العمل في الورشة الإنتاجية،أما أفكار فايول فركزت على الجانب الإدارى،فلقد قام بتحليل واقتراح وتصنيف نشاطات المؤسسة إلى ستة مجموعات من الوظائف(الإدارات)،كما يبين ذلك الجدول رقم (1).
الجدول رقم (1): الوظائف الستة للمؤسسة حسب فايول
الوظائف النشاطات
الوظيفة التقنية (TECHNIQUE)
الوظيفة التجارية (COMMERCIALE)
الوظيفة المالية (FINANCIERE)
وظيفة الأمن (SECURITE)
الوظيفة المحاسبية (COMPTABLE)
الوظيفة الإدارية (ADMINISTRATIVE) إنتاج،تحويل
شراء،بيع،تبادل
البحث عن رؤوس الأموال وتسييرها
ضمان حماية الموظفين والخيرات
القيام بالجرد،إعداد الميزانية،حساب أسعار التكلفة...
التنبؤ،التنظيم،القيادة،التنسيق،المراقبة.
SOURCE: C.Bussenault et autres,OPCIT,P29
فضلا عن ذلك فقد حدد فايول وظائف المدير بخمس وظائف وهي (3):
1- التخطيط، 2- التنظيم، 3- إصدار الأوامر، 4- التنسيق، 5- الرقابة.
بالإضافة إلى أنه اشتهر بمادئه الأربعة عشر في مجال الإدارة وإرشاد المديرين في تسير مؤسساتهم(4):
* تقسيم العمل، * السلطة، * الإنضباط، * وحدة الرئاسة، * وحدة التوجيه، * إخضاع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة، * المكافأة (التعويض)، * المركزية، * تدرج السلطة، * الترتيب، *المساواة، * استقرار العمالة، * الإبتكار (المبادأة)، *التعاون.
3.1-ماكس فيبر والبيروقراطية (1864-1920) (WEBER et la Bureaucratie):
إن فيبر هو من أصل كلمة "Bureaucratie "،الكلمة جاءت من bureau في مفهومه العادي،أي المكان الذي يؤدون فيه الأشخاص وظائفهم الإدارية،حيث أراد فيبر تجنب عملية التعسف التي قد يلجأ إليها بعض المسؤولين في الأعلى،ومنه حماية العامل من خلال ترسيخ السلطة على بعض المبادئ فيما يتعلق بالعمل في المكاتب خاصة وجود قواعد رسمية في وثائق مكتوبة ورسمية،ومنه نستنتج بأن التنظيم البيروقراطي عقلاني وقانوني،حيث أن سلطة القائد تعتمد على حماية قانونية رسمية كطريقة أكثر فعالية في التنظيم.
وتوصل إلى ذلك من خلال دراسته للمؤسسات الكبيرة التي كانت تتصف بعدم الكفاءة وتواجه العديد من المشكلات التنظيمية،ومنه اقترح نموذجا مثاليا للتنظيم أطلق عليه " النموذج البيروقراطي "،واعتبره الأكثر كفاءة ودقة في تحقيق أهداف المؤسسة،لكونه يعتمد على الرشد في اتخاذ القرارات،واعتبر فيبر المعرفة والمقدرة أساسا للتنظيم بدلا من المحاباة والمحسوبية(5).
اقترح فيبر عدة سمات لهذا النموذج البيروقراطي المثالي وهي(6):
1- تقسيم العمل والتخصص،حيث يتم تحديد سلطة ومسؤولية كل فرد بوضوح،وهي سلطة مشروعة بحكم أنها واجبات رسمية.
2- يتم تنظيم المكاتب / الوظائف في شكل سلم هرمي للسلطة مما لنتج عن ذلك سلسلة الأوامر.
3- اختيار جميع العاملين على أساس المؤهلات الفنية عن طريق الامتحانات الرسمية أو استنادا للتعليم والتدريب.
4- الموظفون يعينون ولا ينتخبون.
5- الموظفون الإداريون يعملون مقابل رواتب ثابتة،وهم موظفون مهنيون.
6- الموظف الإداري لا يملك الوحدة التي يديرها.
7- على الإداري أن يخضع لقوانين وضوابط ورقابة شديدة،فيما يتعلق بسلوكه أثناء تأدية مهامه الرسمية،وهي ضوابط ليست شخصية وتطبق بشكل موحد في جميع الحالات.
2- مدرسة العلاقات الإنسانية (L’ecole des relations hummaines):
بعدما تعرفنا على أن المدرسة الكلاسيكية ركزت على جانب الرشد والعقلانية لتحقيق أعلى كفاية إنتاجية من خلال الاهتمام بتقسيم العمل والتخصص والتسلسل الرئاسي والتنسيق والتأكيد على القوانين والأنظمة وغيرها،مع إهمال الجانب السلوكي للأفراد في المؤسسات،حاولت مدرسة العلاقات الإنسانية دراسة السلوك الإنساني داخل المؤسسات وأثره على زيادة الإنتاجية،وتركز على فكرة مؤداها أن الإدارة تنطوي على تنفيذ الأعمال من خلال الأفراد ومن ثم فإن دراسة الأفراد ودوافعهم وأنماط سلوكهم والعلاقات الشخصية المتداخلة هو المدخل السليم لدراسة الإدارة(7)، حيث اهتمت بدراسة النواحي النفسية والاجتماعية للأفراد ودراسة ما يحفزهم ويدفعهم للعمل،ومن أهم المفكرين التابعين اهذ المدرسة.
1.2-إيلتون مايو وحركة العلاقات الإنسانية(ELTON MAYO) (1880-1949): يعتبر مؤسس حركة العلاقات الإنسانسة وسوسيولوجية العمل،بالرغم من أن الدراسات التي قام بها مايو كانت في البداية تهدف إلى قياس علاقة الظروف المادية المكونة للعمل وأثرها على الإنتاجية إلا أنها خرجت من هذه الدراسات بنتائج أخرى تتصل بأهمية العنصر البشري في العملية الإدارية.
قام بعدة دراسات في مجال بسيكولوجية الصناعة،وأكثرها شهرة ما سمي " تجربة هاورثون سنة 1927 "، وذلك في مصنع Compagnie Westerne Electric بشيكاغو والتي كانت على النحو التالي:
أ- التجربة: تتمثل في دراسة تغيرات البيئة المادية وشروط العمل (الإنارة،مواقيت العمل،أسس احتساب الأجور،أوقات الراحة…) على الإنتاجية،وذلك على ستة عمال متطوعين في الورشة.
ب- النتائج: كانت النتائج متناقضة حيث لم تثبت بصورة قاطعة أي علاقة خطية مباشرة بين تلك العوامل المادية وإنتاجية العامل،حيث لاحظ بأن الإنتاجية ارتفعت في كلتا الحالتين،عند تحسين شروط العمل (الأثر المنتظم) وحتى عند عدم تحسين شروط العمل فإن الإنتاجية استمرت في الارتفاع (الأثر غير المنتظر).
ت- الاستنتاجات: استنتج مايو بذلك بأن ارتفاع الإنتاجية لا تنتج فقط عن تحسين شروط العمل،ولكن العامل الحاسم في التأثير على إنتاجية العامل هو ضغط الجماعة والمعايير الاجتماعية للجماعة،من خلال تغيير العلاقات الاجتماعية بين أعضاء المجموعة،حيث أصبحت فريق متجانس وكذلك بين فريق العمل والإدارة.
من أهم الأفكار والمفاهيم المستمدة من تجارب هاورثون،ما يلي(8):
- إن المؤسسة نظام اجتماعي،بالإضافة إلى كونها نظام فني،وأن هذا النظام الاجتماعي يحدد أدوارا ومعايير لسلوك الفرد قد تختلف عن أدوار ومعايير التنظيم الرسمي للمؤسسة.
- لا تتم إثارة دوافع الأفراد بفعل حوافز اقتصادية فقط،فالحوافز المعنوية لها دورها أيضا في إثارة دوافع الأفراد.
- يجب التركيز على اتباع الأسلوب الديمقراطي والمشاركة كنمط في القيادة.
- ربطت حركة العلاقات الإنسانية بين رضا الفرد وإنتاجيته.
- من الضروري تطوير اتصال فعال بين مستويات المؤسسة المختلفة لتبادل المعلومات،وعلى هذا فإن مشاركة العاملين مبدأ مهم في حركة العلاقات الإنسانية.
- يحتاج مديرو المؤسسات مهارات اجتماعية بقد حاجتهم إلى مهارات فنية.
- يمكن حفز العاملين في المؤسسة عن طريق تحقيق حاجاتهم النفسية والاجتماعية.
إذا فالعامل الاقتصادي (المادي) لم يكن العنصر الوحيد المحرك للسلوك الإنساني نحو الأداء الأحسن،ومنه أوصى إلتون مايو بوضع هياكل للسلطة في المؤسسة تعطي أكثر مسؤولية للعمال،وهو ما يبين أهمية العامل الإنساني في سلوك الفرد العامل،فالعامل لا يهتم فقط بالمادة،بل يعطي أهمية كذلك للبعد العاطفي،لأن ترشيد العمل (الحركات،التموضع،الوقت،الإجراءات،التجهيزات…) لها دور كبير في الرفع من الإنتاجية شريطة أن يصاحبها الاهتمام بالجانب الإنساني،ومنه يتحتم على المؤسسات دراسة الطبيعة الإنسانية لفهم ردود فعله (نفسيا واجتماعيا)،أي دراسة حاجات الأفراد في العمل،العلاقات في مجموعة العمل،التحفيز،القيادة...
2.2-فريديريك هرزبرق ودراسة التحفيزات (FREEDERICK HERZBERG et l’etude des motivations):
توصل فريديريك هرزبرق إلى أن عوامل العمل والتحفيزات التي يحتاجها العاملين في المؤسسة، يمك تجميعها في مجموعتين من التحفيزات (9):
عوامل الصيانة : وهي إن لم تتوفر تسبب عدم رضا للفرد،وتتعلق بـ : بظروف العمل،الراتب،نوع الإشراف،النظافة في العمل،الضوضاء،وغيرها…،ومنه فإن عدم تلبية هذه الحاجات يسبب صراعات داخل المؤسسة،بينما توفيها لا يحقق أي رضى إضافي لأنها عوامل ضرورية للعمل.
عوامل الدافعية: وهي إذا توافرت تسبب الرضا وتحفز الفرد إلى مزيد من العمل والجهد،وتتعلق هذه العوامل بجوهر العمل مثل: الاعتراف،الترقية،التطور،الاعتراف بالجميل،المسؤولية،وغيرها...،ومنه فإن توفير هذه الحاجات والعوامل للعاملين في المؤسسة هو عامل لرضى العاملين وتحفيزهم أكثر.
نستنتج بأن المؤسسة لابد أن تتجنب الاستياء أو عدم الرضى،من خلال الأخذ بالحسبان بيئة العمل،سياسة المؤسسة الأمنية،والتركيز على تحسين شروط العمل والمكافآت،لأن هذه العوامل هي جزء من المطالب العادية للعمال،من جهة،ومن جهة أخرى الحث على الرضى أو إحداث الرضى،وذلك من خلال ترشيد وتبسيط العمل،مع إعطاء العمال مهام أكثر تعقيدا مصحوبة بأكثر حرية وأكثر،مسؤولية.
هناك مفكرين آخرين ينتمون إلى هذه المدرسة،مثلDOUGLAS McGREGOR ،الذي ميز بين نوعين من الأفراد في المؤسسة:النظرية X : تنص على أن العامل لايحب العمل لابد أن يراقب ويتابع ...،بينما النظرية Z ، تنص على أن العامل يحب العمل طواعية ولا حاجة لمراقبته ...،أما KURT LEWIN،فتحدث عن ديناميكية المجموعة،حيث اهتم بسلوكات المجموعة،وأن النشاطات والسلوكات النفسية للأفراد لا تتحد بالحيازات الفردية للأفراد،لكن بالعلاقات التعاونية التي تحوزها داخل المجموعة.
3- المدرسة الرياضية (L’ecole Mathematique)(1945):
تسمى كذلك المدرسة الكمية،حيث مع تطور المؤسسات والأعمال تم إدخال مجموعة من الوسائل التقنية الكمية في التسيير بهدف التحكم أكثر في التسيير والإدارة ومراقبة نشاطات المؤسسة،ومن أهم المفكرين "MORGENSTERN"،وذلك بإدخال البرمجة الخطية،الطرق الإحصائية...
يمكن القول أن أفكار هذه المدرسة تنطوي على فكرة مؤداها أن الإدارة يمكن النظر إليها كعملية منطقية يمكن التعبير عنها في شكل كمي وعلاقات رياضية ومن ثم يمكن معالجة المشاكل الإدارية من خلال وضع نموذج كمي يعبر عن العلاقات المختلفة التي تمثل متغيرات المشكلة وعلى أساس الأهداف المراد الوصول إليها،ومن أهم النماذج الرياضية لحل المشكلات الرياضية ما يلي (10):
نموذج البرمجة الخطية ويستخدم في تحديد تشكيلة المنتجات المثلى المزمع إنتاجها والتي تحقق أعلى أرباح وأقل تكلفة.
نموذج النقل والذي يهدف إلى الوصول إلى أفضل شبكة نقل والتي معها تقل تكاليفها إلى أدنى حد ممكن.
نموذج شبكة بيرت والذي يستخدم في تخطيط المشروعات الجديدة والعمليات الإنتاجية التي يعتمد تنفيذها على تتابع معين للأنشطة المكونة للمشروع أو العملية.
نموذج نظرية المباريات (الألعاب) والذي يستخدم في أغراض المفاوضات مع الزبائن والموردين والأطراف التي تتعامل معها المؤسسة بغرض الوصول إلى الاستراتيجيات الواجب اتباعها والتي تحقق مكاسب مرضية للمؤسسة.
إلا أن الاهتمام بها دون مراعاة العوامل السلوكية والتنظيمية جعلها تفتقد إلى الشمولية وهو ما دفه المفكرين إلى الاهتمام بالعنصر الأخرى زيادة عن الجانب الكمي في التسيير.
4- المدرسة النيوكلاسيكية (الكلاسيكية الحديثة):
استفادت هذه المدرسة من مختلف الأفكار السابقة،إذ جمعت بين الجانب الكمي والجانب الإنساني ونجحت في ولادة الإدارة بالأهداف،من خلال إشراك الإداريين والعمال في الإدارة وذلك عن طريق محاولة ربط أهداف كل منهما ببعض والتقائها بأهداف المؤسسة ككل،وهي طريقة لربط العمال أكثر بمؤسستهم،ولقد كان من روادها العاملين في الميدان من إداريين،إطارات ومهندسين:Alfreed Pritchard sloan (1875-1966)،(Octave Gelinier(1966)،Peter Ferdinand Drucker (1909)،وتمثل أهم أفكارهم فيما يلي(11):
- Alfreed Pritchard sloan (1875-1966): تكلم عن لامركزية منسقة،حيث لا مركزية السلطة تدفع بالمبادرة،والمسؤولية والمرونة مع إلزامية استقلالية القرارات والمراقبة الدورية للنتائج.
- (Octave Gelinier(1966): تحدث عن قاعدتين أساسيتين لفاعلية المؤسسة (1-المنافسة،2-الإبداع)،ويضيف إليهما الغاية الإنسانية،وحتى تكون المؤسسة فعالة لابد أن تحدد المهام التي يجب أن تتحملها الإدارة العامة،خاصة تعريف السياسة العامة وهيكلة المسؤوليات.
- Peter Ferdinand Drucker (1909): أكد على أن الإدارة أصبحت وظيفة أساسية في المجتمع،وتتمثل المهام الأساسية للإدارة (Management) فيما يلي:
1- تحديد المهمة ووضع الأهداف الخاصة بالمؤسسة بوضوح.
2- إعداد برنامج إنتاجي ورضا في العمل.
3- تسيير الوقائع (كل ما يحدث في المؤسسة ) والمسؤوليات الاجتماعية.
نستنتج بأن الإدارة بالأهداف أعطت أهمية كبيرة للجانب الإداري،انطلاقا من تحديد الأهداف،تحليل وتنظيم العمل في هيكل،تحفيز واتصال،القياس بالاعتماد على المعايير وتكوين الأفراد...
5- التوجه النظامي للمؤسسة (L’approche Systemique):
من بين أهم مؤسسي النظرة النظامية للمؤسسة (Ludwig Von Bertalanffy)،بالإضافة إلى (Kenneth Boulding)،(Norbert Weiner)،(Sttafford Beer) و(Jay Forrester) و (Martin Star)، يقوم مدخل الأنظمة على ربط المؤسسة بكل من البيئة الداخلية والخارجية،فوظائف الإدارة وعمل المدير لا يرتبط فقط بالمتغيرات الداخلية ولكنها تعتبر جزء من بيئة أكبر و تتأثر بالمتغيرات البيئية الخارجية في اتخاذ كافة قراراتها،وعليه نجد أن مدخل الأنظمة ينظر إلى المؤسسة على أنها نظام موحد وموجه نحو تحقيق أهداف مشتركة معينة،ومن ثم يجب أن تتفاعل أجزاؤه بطريقة تحق هذه الأهداف،فبدلا من التعامل مع المشكلات المختلفة كأجزاء منفصلة،فإن مدخل الأنظمة يقوم على افتراض أخذ جميع عناصر النظام ككل في الاعتبار.
تعتبر المؤسسة حسب نظرية النظم على أنها تعمل بموجب نظام متحد ومؤلف من أجزاء متداخلة،ومنه يمكن تعريف النظام على أنه(12): " عبارة عن مجموعة من الأقسام المتداخلة والعاملة معا لهدف أو لأهداف محددة ".
يمكن تعريف النظام حسب "Von Bertalanffy" على أنه(13) :" مجموعة العناصر المتفاعلة،الموجهة نحو تحقيق هدف"،أما Rosnay” " فيعرف النظام على النحو التالي(14):" هو مجموعة من العناصر في تفاعل ديناميكي والمبنية على هدف".كما يعرف النظام على أنه (15):"مجموعة من الأجزاء التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحقيق أهداف معينة وبطريقة تكون كلا متكاملا يزيد من مجرد الجمع المادي لهذه الأجزاء"،فالمؤسسة هي مجموعة من الأجزاء المعتمدة على بعضها والتي تعمل ككل واحد لتحقيق غرض أو هدف معين.
نستنتج بأن النظام ما هو إلا تجميع لعدة عناصر مترابطة فيما بينها وفي تفاعل ديناميكي،مجندة ومعبئة في الهياكل بحسب الأهداف،والمؤسسة يمكن تشبيهها بالنظام لأنها مركبة من عناصر أو أنظمة فرعية (أفراد،رؤوس أموال،تجهيزات،وظائف،معلومات،بيئة خارجية...)،فهي مثل جسم الإنسان المركب من أعضاء (القلب،الرئتين،الكلية،الأوعية الدموية…) والتي تسمح للإنسان بالحياة والقيام بمختلف تحركاته وأعماله،وبالتالي فإن هيكل وسير النظام ونجاحه في المؤسسة مرتبط بثلاثة عوامل(16):
1-التفاعل بين هذه العناصر (الأموال،الأفراد،المواد،الآلات…).
2-الغايات والأهداف التي حددتها (الاستمرارية،النمو،إرضاء الأفراد).
3-البيئة الخارجية (اقتصادية،قانونية،اجتماعية،...).
كما يرى البعض بأن نجاح النظام يتطلب توافر ثلاثة دعامات أساسية(17):
1- توازن داخلي بين الأجزاء المكونة للنظام.
2- التعايش مع البيئة الخارجية.
3- نظام جيد للاتصال بالبيئة.
تعتبر المدرسة النظامية المؤسسة على أنها نظاما مفتوحا على البيئة من خلال تفاعله باستمرار مع البيئة ويبحث بصفة مستمرة عن الموارد بهدف استغلالها والاستفادة منها،ويتغير هذا النظام ويتكيف بصفة مستمرة مع البيئة الخارجية،عن طريق البحث عن مدخلات جديدة واستخدام عمليات تحويلية وإنتاج مخرجات ليضعها في متناول من يطلبها ويحتاج إليها،لهذا يتألف نظام المؤسسة-حسب نظرية النظم- من العناصر الأربعة التالية(18):
المدخلات.
العمليات التحويلية.
المخرجات.
المعلومات المرتدة.
فضلا عن ذلك فإن النظام المفتوح له سمات أخرى هامة ذات علاقة بدراسة المؤسسات،أهمها(19):
خاصية الدورة:النظام المفتوح عبارة عن سلسلة من الأحداث والأنشطة المتعاقبة،حيث أن مخرجات النظام تشكل مصدرا لمدخلات جديدة تعمل على تكرار الدورة.
مقاومة الفناء: يستطيع النظام المفتوح البقاء والمحافظة على ذاته من الفناء،بل والنمو لكونه يملك المقدرة على استخدام طاقة وموارد (مدخلات ) تفوق مخرجاته.
الوعي بالبيئة: لكل نظام مفتوح حدوده التي تفصله عن بيئته،وإن كان من الصعب تحديد هذه الحدود بدقة،وهناك علاقة اعتمادية وتبادلية بين النظام وبيئته،ومنه فإن التغيير في بيئة النظام يمكن أن يؤثر في جانب أو أكثر من النظام والعكس صحيح أيضا.
الاستقرار والثبات: إن الموارد (المدخلات ) التي يحصل عليها لتجنب الفناء،تؤدي إلى حالة ثابتة نسبيا.
الميل نحو التوسع والنمو: حينما يزداد النظام تعقيدا،ويسعى للتغلب على خاصية الفناء،يتحرك النظام المفتوح نحو النمو والتوسع،ولكي تضمن بقاءها،تعمل النظم المعقدة الكبيرة نحو تحقيق هامش من الأمان يتجاوز الحد المطلوب للبقاء.فالنظم الفرعية الكثيرة المعقدة داخل النظام تميل إلى استخدام مزيد من المدخلات تفوق ما تتطلبه المخرجات،وذلك لكي تتغلب على خاصية الفناء.
توازن أنشطة الصيانة وأنشطة التكيف: تعمل النظم المفتوحة على تحقيق نوع من التوافق والمواءمة بين الأنشطة التي تعمل على ضمان بقاء الأنظمة الفرعية في حالة توازن/ثبات،وإبقاء النظام ككل في توازن مع بيئته،وهذا يحول دون التغييرات السريعة المفاجئة التي يمكن أن تخل بتوازن النظام.ومن ناحية أخرى،فالأنشطة التكيفية ضرورية للنظام حتى يستطيع أن يتكيف مع المتطلبات الداخلية والخارجية مع مرور الزمن،وكلا النشاطين ضروري لبقاء المؤسسة.
وجود أكثر من بديل لتحقيق الهدف: تعني أن المؤسسة يمكن أن تحقق أهدافها بمدخلات وعمليات تحويلية متنوعة،وتكمن أهمية هذا المفهوم في الاعتقاد بوجود أكثر من حل واحد لمشكلة معينة بدلا من محاولة التوصل إلى حل مثالي جامد.
من أهم فوائد التي يمكن استخلاصها من هذه النظرية،هي أنها تركز على العلاقات بين العناصر بدلا من التركيز على طبيعة العناصر ذاتها،فالعنصر يحدد ويعرف بمكانته في النظام وليس بطبيعته الخصوصية،ومنه فإن سلوك كل عنصر يختلف من علاقة لأخرى،مثل استراتيجية التكلفة يمكن أن تكون في سياق تنافسي معين ولكن غير مناسبة في سياق آخر...
إن نظرية الأنظمة تنظر إلى الكل وليس إلى الأجزاء المكونة للكل،فإذا حدث تغيير في جزء ما فإن بقية الأجزاء سيطرأ عليها التغيير هي الأخرى،حيث أن أي تغير في البيئة التنافسية للمؤسسة قد يجعل أمورا كثيرة تتغير في الأنظمة الفرعية للمؤسسة (القيم،أنظمة التعويض،الاستراتيجية،الهيكلة،النظام التسويقي،النظام الإنتاجي…)،وذلك تكيفا مع الأوضاع التنافسية الجديدة.
الفصل الثالث: بيئة المؤسسة الاقتصادية
تنشط المؤسسة الاقتصادية في بيئة متنوعة ومعقدة سواء تعلق الأمر بالبيئة الداخلية أو البيئة الخارجية،إ، معرفة البيئة التي تنشط فيها المؤسسة من المهام الأساسية للاستراتيجيين من خلال جمع المعلومات عن التغيرات التي تحدث فيها ومدى تأثيرها على المؤسسة،وذلك بما تتيحه من فرص أو تفرضه من تهديدات،لأن نجاح المؤسسة يتوقف على مدة تكيفها مع البيئة الخارجية بطريقة تزيد من درجة استفادتها من الفرص وتزيد من قدرتها على مواجهة التهديدات البيئية.
إن بيئة المؤسسة الخارجية متعددة المتغيرات،حيث تشمل البيئة الاقتصادية والاجتماعية،البيئة السياسية والقانونية،البيئة الثقافية،المنافسون،الزبائن،الموردين،القوى العاملة…،هذا فضلا عن البيئة الداخلية للمؤسسة والمتمثلة في القدرات والإمكانيات الداخلية للمؤسسة في مختلف وظائفها (الإدارة،المالية،التسويق،الإنتاج،التموين…)،حيث أن تقييم هذه العناصر يسمح للمؤسسة بالتعرف على نقاط قوتها ونقاط ضعفها،ومنه أخذ فكرة كافية عن مدى قدرتها على استغلال الفرص أو تفادي التهديدات التي تفرضها البيئة الخارجية.
1- تعريف البيئة: يمكن تعريف البيئة على أنها(1): " كافة المتغيرات التي لها علاقة بأهداف المؤسسة وتؤثر بالتالي على مستوى كفاءتها وفعاليتها،هذه المتغيرات منها ما يخضع إلى حد كبير-لسيطرة الإدارة – مثل مستوى أداء العاملين وكفاءة تشغيل عناصر الإنتاج من مواد خام وآلات ومجهود العاملين،ومنها ما لا يخضع لسيطرة الإدارة مثل القرارات السياسية والاقتصادية للدولة وعادات وتقاليد ومعتقدات أفراد المجتمع".
هناك تعاريف أخرى للبيئة نلخصها فيما يلي(2):
- تعريف روبنز (Robbins): " البيئة هي جميع العوامل والمتغيرات الواقعة خارج حدود المؤسسة ".
- تعريف هاولي (Hawley): " البيئة هي جميع الظواهر خارج المؤسسة وتؤثر أو لديها إمكانات التأثير على المؤسسة ".
- تعريف وران و فواش (Wren و Voich): " تتمثل البيئة في تلك الأحداث والمنظمات والقوى الأخرى ذات الطبيعة الاجتماعية والاقتصادية،والتكنولوجية والسياسية،والواقعة خارج نطاق السيطرة المباشرة للإدارة".
بالإضافـة إلى ذلـك هـناك مـن يرى بأن المحيط هو تلك القوى والعوامل الفاعلة والمؤرة داخليا
وخارجيا في أعمال المؤسسات ونشاطاتها (3).
نستنتج مما سبق بأن مفهوم البيئة ينطوي على عدة ملامح هامة،والتي من بينها:
• البيئة تشتمل على الأطراف المتعاملة مع المؤسسة وما يصدر عنها من قرارات وتصرفات وسياسات
واستراتيجيات مؤثرة على قدرة المؤسسة على تحقيق أهدافها(منافسين،موردين،بنوك،مساهمين،موزعين…)
• من المستحيل تصور مؤسسة تستطيع مزاولة نشاطاتها بمعزل عن البيئة،لأن مصيرها هو الزوال.
• تتباين قدرات المؤسسات في كيفية العامل والتفاعل مع البيئة،بحيث نجد هناك نوعين من المؤسسات:
المؤسسة المتفاعلة:تتمثل في تلك المؤسسات التي تتفاعل مع البيئة،والتي تغير من سياساتها واستراتيجياتها وقراراتها وفقا لتغيرات البيئة.وعادة ما تكون هذه المؤسسات تابعة للقائد وقليلة الإمكانيات.
المؤسسات الفعالة:تتمثل في تلك المؤسسات التي تسعى إلى تهيئة وتسخير البيئة بما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها،مثل ما قامت به شركة كوكاكولا في منتصف السبعينات عندما قامت بمساعدة أحد الأحزاب السياسية الهندية للوصول إلى السلطة بتمويل برنامج الحزب في بناء المستشفيات والمدارس في بعض الأماكن النائية مقابل انتزاع قرار من أعضاء ذلك الحزب بالسماح للشركة باستثمار أموالها داخل الهند،وعادة ما تكون هذه المؤسسات قائدة في السوق.
2- تصنيف بيئة المؤسسة: يمكن تصنيف بيئة المؤسسة حسب هودج و أنتوني (Hodge و Anthony) إلى ثلاثة مستويات،هي(4):
1- البيئة الجزئية.
2- البيئة الوسيطة.
3- البيئة الكلية.
في دراستنا هذه سنلخصها في مستويين فقط: 1- البيئة الخارجيـة،وتشمـل كل العـوامل خـارج
المؤسسة(البيئة الوسيطة والبيئة الكلية)،2- اليئة الداخلية:تشمل كل العوامل داخل المؤسسة،أو كما يسميها البعض البيئة الجزئية(المؤسسة نفسها).
1.2-البيئة الخارجية للمؤسسة الاقتصادية: من مصلحة المؤسسة رصد ما يحدث في البيئة الخارجية من
تغيرات إيجابية أو سلبية (الفرص والتهديدات )،فالبيئة الخارجية للمؤسسة تتكون من مختلف القوى التي تقع خارج حدود المؤسسة وتتفاعل مع بعضها لتؤثر على المؤسسات بطرق مختلفة،وتتكون من مستويين (البيئة الكلية،البيئة الوسيطة أو الصناعية)، كما هو موضح في الشكل رقم ( ).
الشكل رقم ( ): مكونات البيئة الخارجية للمؤسسة
المصدر:محمد أحمد عوض:الإدارة الاستراتيجية:الأصول والأسس العلمية،الدار الجامعية بالإسكندرية،مصر،2001،ص96
1.1.2-البيئة الإقتصادية: تتمثل في الوضع الاقتصادي العام السائد ومؤشراته المختلفة التي قد تتأثر بها المؤسسات المستويين المحلي والعالمي،ومن بين أهم هذه المؤشرات:
- معدل الفائدة. – الميل للإنفاق.
- الميل للادخار. – معدل التضخم.
- إمكانية الاقتراض. - الضرائب والرسوم.
- متوسط الدخل الفردي. – ميزان المدفوعات
- السياسات الاقتصادية والمالية - قيمة العملات الأجنبية.
إن المؤسسة من الواجب عليها تقييم هذه العناصر وغيرها من أجل أخذ فكرة عن الفرص المتاحة والتهديدات الموجودة في السوق أو في البلد التي ترغب العمل فيه.
2.1.2-البيئة الاجتماعية والثقافية: تتعلق بالقيم الاجتماعية السائدة والعادات والتقاليد والتصرفات التي تحكم سلوك الأفراد والمجموعات،وكيفية تعاملهم مع الحقوق الإنسانية والتطورات الثقافي،والخصائص السكانية والمكانية والحضارية السائدة في المجتمع أو الدولة التي ترغب المؤسسة أن تنشط فيه،والتي قد تخلق فرصا أمام المؤسسة أو تضع أمامها تهديدات لابد من تفاديها بذكاء وإلا فمصير المؤسسة هو الانسحاب من السوق،ومن أهم العناصر المكونة للبيئة الاجتماعية ما يلي:
- عدد المواليد. - مستوى الثقافة والتعليم. -الولاء للوطن. - أهمية الصحة والنظافة.
- طرق قضاء وقت الفراغ. - عدد المنتمين إلى الديانات المختلفة. - عدد النساء العاملات. – الجماعات المؤثرة اجتماعيا. - القيم الدينية السائدة. – عادات الشراء والتسوق.
- هيكل السكان( السن/الجنس). أهمية الجودة والدقة.
3.1.2- البيئة السياسية والقانونية: تتمثل في القوانين والتشريعات الحكومية التي تحدد علاقات المؤسسات بالدولة إضافة إلى الفلسفة السائدة والأهداف التي تؤمن بها الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في الحكم(5)، والتي قد تكون مصدرا للفرص أو مصدرا للتهديدات بالنسبة للمؤسسات،ومن أهم العناصر المشكلة للبيئة السياسية والقانونية،ما يلي:
- الضرائب والرسوم. – الإعفاءات الجمركية. - العلاقات الدولية. – القرارات السياسية. - الاستقرار السياسي. - التحالفات الاقتصادية والعسكرية.
- تحديد الأسعار. - قوانين حماية البيئة. – قوانين حماية المستهلك.
- المواصفات القياسية للجودة. – قوانين العمالة المحلية والأجنبية…
4.1.2- البيئة التكنولوجية: تتمثل في الظروف العامة لتطور التكنولوجيا وتوافرها لدى المؤسسات الراغبة في الحصول عليها،إضافة إلى تطور مجالات المعرفة والعلم،وقدرة كل منها على اكتشاف شتى الأنواع والأشكال التكنولوجية التي تستفيد منها المؤسسات وابتكارها واختراعها وخاصة فيما يعود إلى استخدامها في عملياتها الإنتاجية والتسويقية(6)،وتعتبر التغيرات التكنولوجية بدورها بمثابة مصدر من مصادر الفرص والتهديدات بالنسبة للمؤسسات،وبالتالي فما على المؤسسات إلا العمل على التعرف على التطورات التكنولوجية الجديدة والعمل بها،لأن المؤسسات التي لا تستطيع مواكبة التغيرات التكنولوجية المتطورة لا يمكنها أن تتنافس وتعمر طويلا في السوق،ومن أهم العناصر المشكلة للبيئة التكنولوجية،ما يلي(7):
- التكنولوجيا المستخدمة من قبل المنافسون. – التكنولوجيا الحديثة في التدريب.
- طرق الحصول على التكنولوجيا. - التكنولوجيا الحديثة في التخزين.
- المؤسسات الرائدة في استخدام التكنولوجيا. – التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج.
- الاستثمارات المطلوبة للحصول على التكنولوجيا. – التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج.
5.1.2-المنافسون: تتمثل في المؤسسات التي تعرض أو تبيع المنتجات نفسها المنافسة لمنتجات مؤسستنا للزبائن أنفسهم (8)،وتشكل المنافسة التي تواجهها المؤسسة في السوق تهديدا كبيرا في حالة تفوق المنافسين وقوتهم مقارنة بالمؤسسة المعنية،بينما ضعف المنافسين يسمح بظهور فرص أمام المؤسسة يمكن أن تقتنصها في حالة معرفة استغلالها،أو بعبارة أخرى كلما كانت للمؤسسات المنافسة نقاط قوة فإنها تشكل تهديدا على المؤسسة والعكس صحيح.وتزداد حدة المنافسة كلما زاد عدد المؤسسات التي تنشط في نفس القطاع وتساوت القوة النسبية بينهم.
مع الإشارة إلى أن المؤسسات اليقظة لا تكتفي بالتعرف على خصائص المنافسون الحاليون،بل تعمل من أجل اكتشاف المنافسون المحتملون والذين ينتظرون الفرصة السانحة للدخول إلى السوق وتهديد المؤسسة
6.1.2- الزبائن: إن الزبائن هم ركيزة تواجد المؤسسة،وعليه فلابد من إشباع حاجياتهم ورغباتهم بطريقة أفضل عن المنافسين،ومن أجل الوصول إلى ذلك لابد من معرفة توجهاتهم وأذواقهم وأنماط استهلاكهم ومختلف الخصائص التي يتميزون بها ( الدخل،الحساسية للسعر،الولاء للعلامات التجارية،الحساسية للجودة…)،لأن الزبائن يشكلون مصدرا للفرص التي يمكن أن تستغلها المؤسسة ومصدرا للتهديد التي يمكن أن تعيق المؤسسة للوصول إلى تحقيق أهدافها،ومن أجل حسن التواصل معهم استخدمت المؤسسات تقانات مهمة ومسهلة لذلك،من بينها(9): " تكوين قوائم بيانات شخصية عنهم وعن ميولهم،وفتح خطوط وقنوات اتصالية مجانية،والبقاء هاتفيا والكترونيا معهم ليلا ونهارا وعلى مدار كامل السنة ".
7.1.2- الموردون: إن المردون باعتبارهم مصدر لجلب المواد الأولية ولوازم العمل للمؤسسة يمكن اعتبارهم من المحددات الرئيسية لنجاح أو فشل المؤسسات،بفعل الفرص الكثيرة التي قد يتيحونها للمؤسسات من جهة،ومن جهة أخرى بفعل التهديدات الكثيرة التي قد تواجهها المؤسسات في حالة سوء التعامل معهم أو اختيارهم،إنه من مصلحة المؤسسة بناء علاقات متميزة مع مورديها وتنويع الموردين من أجل الحصول على المزايا الكثيرة (السعر،الجودة،مواعيد التسليم،شروط الدفع،قبول المردودات…)،وعكس ذلك يحث للمؤسسة في حالة اعتمادها على مورد واحد،فقد لا تتوفر فيه الصفات المناسبة أو أنه يفرض شوطه على المؤسسة،وهو ما يشكل تهديدا للمؤسسة (سوء الجودة،ارتفاع السعر،انقطاع في التموين،...).
نستنتج بأن المؤسسة مجبرة على معرفة كل الموردين المحتملين ثم اختيار أولئك الذين تتوفر فيهم الشروط المناسبة التي تبحث عنها المؤسسة،وعدم الاعتماد على مورد واحد.
8.1.2- القوى العاملة: يمثل العاملون وسوق العمل أحد القوى الموجودة في بيئة المؤسسة الخارجية (البيئة الصناعية)،والتي ينبغي تقيمها دوريا من أجل التعرف على ما تخلفه من تهديدات وفرص للمؤسسة،حيث أن غياب العمالة المدربة في السوق يمكن اعتباره تهديدا للمؤسسات المتنافسة عالميا،كذلك بالنسبة لمعدل دوران العمالة المرتفع،بينما زيادة العرض في اليد العاملة قد يعطي فرصة للمؤسسات للحصول على يد عاملة رخيصة وبأقل تكلفة.
9.1.2- السلع البديلة: تتمثل في تلك السلع التي يمكن أن يلجأ إليها الزبون في حالة وجود مشاكل في منتجات المؤسسة،فهي السلع والخدمات البديلة للسلع التي تقدمها مؤسسة ما،علما أن وجود سلع بديلة يحد من قدرة المؤسسة على رفع الأسعار خوفا من تحول الزبائن إلى اقتناء السلع البديلة،وهو ما يمثل تهديدا للمؤسسة،ويفرض على المؤسسة تخفيض الأسعار ورفع الجودة…،بينما في حالة غياب السلع البديلة فإنه يمكن اعتبارها فرصة للمؤسسة قد تستغلها.
2.2- البيئة الداخلية للمؤسسة: تمثل البيئة الداخلية للمؤسسة أحد المتغيرات الرئيسية في فشل أو نجاح المؤسسة،وتلعب دورا أساسيا في إمكانية استغلال الفرص من عدمه،ومنه ينبغي على المؤسسة التعرف على مواردها وإمكانياتها الداخلية من أجل تكوين فكرة شاملة عن قدراتها في التعامل مع البيئة الخارجية،وعليه عادة ما يتم تحليل أهم وظائف المؤسسة وتنظيمها (التسويق،الإنتاج،التموين،التمويل،الموارد البشرية،البحوث والتطوير).
1.2.2- وظيفة التسويق:علما أن التسويق يتضمن تلك الأنشطة المتعلقة بضمان انسياب السلع والخدمات من أماكن الإنتاج إلى أماكن الاستهلاك،فضلا عن دراسة الأسواق ومنح الضمانات والخدمات ما بعد البيع،وعادة ما يتم الحكم على نجاح أو فشل الوظيفة التسويقية بمدى قوة أو ضعف النقاط التالية(10):
- القدرة على التحكم في تكلفة التسويق.
- القدرة على التنبؤ.
- وجود ميزانية كافية للإعلانات والجهود البيعية.
- إقناع الزبائن بعدالة أسعار المؤسسة.
- القدرة على جمع المعلومات عن الأسواق والزبائن والاستفادة منها.
- وجود منافذ توزيع تحتل مواقع ممتازة.
- وجود رجال بيع على درجة عالية من الكفاءة.
- وجود تنظيم جيد لإدارة التسويق.
- ولاء الزبائن لمنتجات المؤسسة.
- مرونة الأسعار بحيث يمكن تخفيضها إذا تغيرت ظروف السعر.
- وجود خدمات ما بعد البيع.
2.2.2- وظيفة الإنتاج: تتكفل هذه الوظيفة بتلك الأنشطة التي تسمح بتحويل المدخلات (المواد الأولية ولوازم العمل) إلى مخرجات (منتجات تامة الصنع أو نصف مصنعة)،ويتحدد نجاحها بقوة أو ضعف العناصر المكونة لها،والتي نذكر من أهمها(11):
- وجود تشكيلة متكاملة من المنتجات بالسعر والجودة المناسبة.
- القدرة على صيانة الآلات وضمان التشغيل.
- القدرة على تخفيض تكلفة الإنتاج وتقديم منتوج منخفض السعر.
- القدرة على تخفيض وزيادة حجم الإنتاج.
- الاعتماد على مستوى تكنولوجيا مناسبا.
- القدرة على تحقيق وفورات الحجم الكبير.
- وجود آلات وتجهيزات يمكن استخدامها لإنتاج أكثر من منتوج(نظام الصنع المرن).
3.2.2- وظيفة التموين(الإمداد): تتضمن الأنشطة المساعدة على توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وتخزينها بطريقة مناسبة،فضلا عن تحزين المواد التامة الصنع إلى حين بيعها،ومن أهم عوامل نجاح أو فشل هذه الوظيفة مدى قوة أو ضعف العناصر التالية(12):
- وجود علاقة طيبة مع الموردين.
- القدرة على الشراء بكميات كبيرة.
- تعدد مصادر التوريد.
- توافر فريق تفاوض قادر على الحصول على أحسن شروط الشراء.
- القدرة على توفير(تقليل) نفقات التخزين.
- القدرة على الوفاء باحتياجات التصنيع بالحد الأدنى من المخزون.
4.2.2- وظيفة الموارد البشرية: تتمثل الأدوار الرئيسية لهذه الوظيفة في توفير اليد العاملة المؤهلة والمحفزة لتحقيق أهداف المؤسسة،ويتحدد نجاحها أو فشلها بقوة أو ضعف النقاط التالية في الوظيفة(13):
- وجود سياسات اختيار وتعيين وترقية جيدة.
- توافر العمالة المدربة والماهرة والمحفزة.
- انخفاض تكلفة العمالة مقارنة بالمنافسين.
- وجود علاقات قوية بالنقابات ومراكز التدريب.
- استقرار العمالة وولائهم للمؤسسة.
- سهولة الحصول على العمالة المطلوبة.
5.2.2- وظيفة التمويل: تتضمن الأنشطة الهادفة إلى تسيير أموال المؤسسة بطريقة عقلانية تسمح بتوفير السيولة من جهة،والوصول إلى تحقيق الربح من جهة أخرى،ويتم الحك على نجاحها أو فشلها بقوة أو ضعف العناصر التالية(14):
- وجود نظام جيد للتكاليف والمحاسبة.
- القدرة على الحصول على قروض طويلة الأجل.
- القدرة على الحصول على قروض قصيرة الأجل.
- وجود علاقات طيبة مع المقرضين.
- تحقيق معدل ربح معتبر مع المحافظة على القدر المناسب من السيولة.
- وجود هيكل تمويل مرن.
6.2.2- وظيفة البحوث والتطوير: تتضمن كل الأنشطة التي تساعد على الاستفادة من الدراسات والبحوث في الارتقاء بجودة ما تقدمه المؤسسة من خدمات وسلع،ويتحدد فشل ونجاح الوظيفة بمدى قوة أو ضعف العناصر التالية(15):
- وجود وحدة تنظيمية قادرة على إجراء البحوث السلعية وتطويرها.
- توافر القدرة المالية لإجراء البحوث والتطوير.
- القدرة على استيعاب نتائج البحوث والتطوير والاستفادة منها.
- مرونة العمليات والإجراءات والهيكل التنظيمي بما يسمح بالاستفادة من البحوث والتطوير.
- وجود إدارة راغبة على تحمل المخاطرة وراغبة في التغيير.
3- نتائج تقييم البيئة:
1.3- تحليل الأبعاد البيئية: ناقش العديد من المفكرين تحليل الأبعاد والخصائص البيئية وآثارها على المؤسسة،وذلك من حيث عدم التأكد وتعقد البيئة ومدى استقرارها،ومن بين أهم الدراسات تلك التي قام بها الكاتب (Duncan ) الذي اقترح بعدين أساسيين يحددان درجة عدم التأكد وهما (16):
• التعقد،
• الاستقرار.
بالنسبة لتعقد البيئة،تشير إلى مدى تعدد العناصر والمكونات البيئية التي تتعامل معها المؤسسة ومدى تجانسها،فالمؤسسة التي تتعامل مع عدد كبير من المكونات العناصر البيئية غير المتجانسة في احتياجاتها وخصائصها،تعمل في بيئة معقدة،أما المؤسسات التي تتعامل مع عدد محدود من العناصر البيئية ذات الاحتياجات المتشابهة،فهي تعمل في بيئة بسيطة.
أما بالنسبة للاستقرار،فيشير إلى مدى عدم الاستقرار والتغير في المكونات والعناصر البيئية.
يمكن التمييز بين أربع درجات مختلفة من التأكد البيئي اعتمادا على بعدي التعقد وعدم الاستقرار،كما يبين ذلك الجدول رقم ( ).
الجدول رقم ( ): درجات عدم التأكد البيئي انطلاقا من بعدي التعقد وعدم الاستقرار
المصدر: حسين حريم،مرجع سبق ذكره،ص58
نستنتج من خلال الجدول رقم ( ) بأن هناك أربعة حالات لعدم التأكد قد تواجهها المؤسسة وهي(17):
1- البيئة البسيطة - الثابتة، تتصف بعد تأكد منخفض بفعل وجود عناصر بيئية قليلة ومتشابهة في نفس الوقت، فضلا على أن هذه العناصر تميل إلى الاستقرار خلال فترة زمنية معينة (البقال، محطة البنزين).
2- البيئة المعقدة – الثابتة، تتميز بأنها ذات درجة متوسطة من عدم التأكد (عدم تأكد منخفض باعتدال) وذلك لوجود عدد كبير من العناصر البيئية غير المتشابهة، وإن تغيرت فإنها تتغير بشكل تدريجي ومتوقع (الجامعات، المعاهد، شركات التأمين).
3- البيئة البسيطة – المتغيرة، وهي ذات درجة عدم تأكد عالية نسبيا، ويرجع ذلك إلى وجود عناصر بيئية قليلة وهي نوعا ما متشابهة، وتتغير باستمرار، ولا يمكن التنبؤ بها (صناعة الأطفال، لعب الأطفال).
4- البيئة المعقدة – المتغيرة، تتميز بأعلى درجة عدم التأكد لأنها تشتمل على عدد كبير من العناصر البيئية غير المتجانسة، وتتغير بشكل سريع وغير متوقع.
2.3- نتائج تقييم البيئة الخارجية: إن من أهم النتائج التي تتوصل إليها المؤسسة من تعرفها على مكونات البيئة الخارجية التي تتميز بدرجة مختلفة من التعقيد والاستقرار، الأمر الذي يسمح بوجود من،جهة تهديدات أمام المؤسسة ومنه العمل على تفاديها والتخلص منها بطريقة ذكية، ومن جهة أخرى فرص متاحة في السوق لابد من التفكير العقلاني للمسيرين من أجل استغلالها، وفي كلتا الحالتين فإن الأمر يتطلب اليقظة المستمرة من طرف المؤسسة.
أ- مفهوم الفرص: هي التغيرات المواتية في البيئة الخارجية للمؤسسة والتي تؤثر إيجابـيا عليها (18)،أي أن الفرصة السوقية هي مجال يمكن أن تتمتع فيه المؤسسة بمركز تنافسي في السوق يجعلها متميزة عن منافسيها وتزيد من قوة جذبها للزبائن وقدرتها على تقديم ما يحتاجونه من منتجات، أو بعبارة أخرى القدرة على كشف ما يفتقده الزبائن وتقديم منتوج جديد يحتاجونه ولا يتواجد في السوق أو يتواجد ولكن بمستوى أقل مما يتوقعه الزبائن(19).
ب- مفهوم التهديدات: التهديدات هي التغيرات التي تحدث في البيئة الخارجية قي غير صالح المؤسسة وتــؤثــر عليها سلبا، أي هو متغير خارجي يميل لأن يكون طويل الأجل مع غياب أو تواضع قدرات أو تحركات فاعلة للتعامل معه(20)،مثل ظهور منافس قوي، صدور تشريع أو قرار سياسي معاكس، مما يؤدي إلى تضاؤل وتواضع المركز السوقي للمؤسسة.
مع الإشارة إلى أن الفرص تأخذ أشكالا مختلفة، كأن يخرج منافس قوي من السوق، أو وجود رغبة من مؤسسة أخرى لإبرام عقد شراكة….
3.3- نتائج تقييم البيئة الداخلية للمؤسسة: إن قيام المؤسسات بالتعرف على بيئتها الداخلية أو بعبارة أخرى تقييم إمكانياتها الداخلية، يهدف إلى استخلاص نقاط القوة ونقاط الضعف التي تتميز بها المؤسسة.
أ- مفهوم نقاط القوة: هي المزايا والإمكانات التي تتمتع بها المؤسسة بالمقارنة بما يتمتع به المنافسون(21)،أو أنها عبارة عن موارد وقدرات محورية تمثل مجالات للتمكن وسمات إيجابية متاحة يمكن للمؤسسة أن تبني عليها، فتبحث عن الفرص التي يمكن اقتناصها والإفادة منها بتوظيف القوة هذه.
ب- مفهوم نقاط الضعف: هي مجالات للقصور في موارد المؤسسة و/أو مهارات مديريها،تؤثر سلبا على أدائها وتفوت عليها اقتناص فرص ويتطلب الأمر تصحيحها وتقويمها لتقليل آثارها السلبية(22).
في الأخير نشير إلى أن هناك ارتباط وتكامل بين البيئة الداخلية والخارجية للمؤسسة،حيث حتى تستطيع المؤسسة أن تحدد مدى وجود فرصة،وما إذا كانت تستطيع اقتناص الفرص السوقية والاستفادة منها،يتطلب الأمر فحصا لكافة العوامل المؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر،إيجابيا أو سلبيا على مستقبل عمليات المؤسسة،ويتضمن ذلك تحليلا للبيئة الداخلية للمؤسسة للتعرف على نقاط القوة ونقاط الضعف،وكذا تحليلا مقابلا للبيئة الخارجية للتعرف على الفرص والتهديدات،لأن الفرصة لابد أن تقاس نسبة إلى نقاط القوة والضعف الخاصة بالمؤسسة. وعليه قد يصعب على المؤسسة استغلال كل الفرص التسويقية المتاحة عالميا بفعل محدودية الإمكانيات سواء المتعلقة باقتحام هذه الأسواق أو تلك المتعلقة بدراستها وتحليلها أو بفعل صغرها،والشكل رقم() يظهر لنا أربع حالات يمكن أن تقع فيها المؤسسة من خلال مقارنة نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات،وهو ما يسم الإمكانيات الداخلية للمؤسسة من منظور البيئة الخارجية.
الشكل رقم ():الإمكانيات الداخلية للمؤسسة من منظور البيئة الخارجية
المصدر: محمد أحمد عوض،مرجع سبق ذكره ،ص13
أ. القطاع الأول (Secteur Primaire): يجمع تلك المؤسسات المتخصصة في الزراعة (الفلاحة) بمختلف أنواعها ومنتوجاتها،وتربية المواشي،بالإضافة إلى أنشطة الصيد البحري...
ب. القطاع الثانوي (Le Secteur Secondaire): تتمثل في قطاع الصناعة،أي المؤسسات الصناعية،وهي مختلف المؤسسات التي تعمل على تحويل المواد الطبيعية أساسا إلى منتوجات قابلة للاستعمال أو الاستهلاك النهائي أو الوسيط،وتشمل بعض الصناعات المرتبطة بتحويل المواد الزراعية إلى منتوجات غذائية وصناعية مختلفة،بالإضافة إلى صناعات تحويل وتكرير المواد الطبيعية من معادن وطاقة وغيرها(الصناعات الاستخراجية).
ت. القطاع الثالث (Le Secteur Tertiaire): يتمثل في المؤسسات الخدماتية،أي المؤسسات المنتجة للخدمات (التوزيع،النقل،السياحة،البنوك،التأمين،...).
تجدر الإشارة إلى أن قطاع الخدمات يعرف تطورا مذهلا في العقدين الأخيرين،وعليه هناك من يضيف قطاعا رابعا (Quaternaire)،الذي يتمثل في تلك المؤسسات التي تمنح الخدمات لمؤسسات أخرى:الإعلام الآلي،الأمن،الاستشارة.
صـل الـثـانـي: الـمـدارس التـنـظـيـمـيـة
عرف تسيير المؤسسات تطورا كثيرة منذ مئات السنين،من خلال أراء وأفكار ونظريات العديد من الكتاب والمفكرين والممارسين،والذي تم جمعهم في مدارس تنظيمية،ودراسة والعمل باقتراحاتهم ونظرياتهم،سواء كانت نظريات وصفية(Descriptives)،نتفسيرية(Explicatives) أو حكمية(Prescriptives)،وتسعى هذه النظريات غبر المدارس المختلفة إلى ملاحظة سير المؤسسات والبحث عن أسباب الظواهر من أجل استخراج الحكم أو قواعد التسيير،وذلك في طريق البحث عن أحسن نجاعة للمؤسسات،انطلاقا من أعمال فريديريك تايلور (1856-1915) حول تقسيم العمل وتنظيمه وفايول (1841-1925)حول الإدارة وتنظيم المسؤوليات في المؤسسات وتقسيم الوظائف وغيرها،ولقد تعاقبت الأعمال والبحوث مما أدى إلى ظهور عدة اتجاهات أو مدارس كما سنتناول ذلك.
1- المدرسة الكلاسيكية: نتيجة للثورة الصناعية في القرن التاسع عشر وتركز وسائل الإنتاج،ظهر إلى الوجود شكل جديد للعمل في بداية القرن العشرين،حيث جلب القطاع الصناعي يد عاملة كبيرة من الفلاحة التي كانت قليلة التكيف مع الإنتاج التقني،في هذا السياق يمكن تحديد الاتجاهات التي تناولتها المدرسة التقليدية بالدراسة في ثلاث نواحي كالآتي ( 1):
الأول: زيادة الإنتاجية من خلال دراسة الجوانب الفنية للعمل والأساليب والظروف التي تؤدي إلى تحقيق الكفاءة الإنتاجية للعناصر المشتركة وذلك على مستوى الإدارة التنفيذية(الورشة )،وهو ما ركزت عليه حركة الإدارة العلمية،يتميز بأنه توجه تسييري لـفريديريك تايلور من خلال حديثه عن التنظيم العلمي للعمل،
الثاني: دراسة الإدارة "كعملية " تعتمد على عدد من الوظائف التي يجب على المدير اضطلاع بها،ومن خلال هذه الوظائف تم تنمية عدد من المبادئ الإدارية التي يمكن تطبيقها على الأفراد والمؤسسات،وهو ما تناوله هنري فايول في حديثه عن التنظيم الإداري للعمل.
الثالث: دراسة الإدارة من خلال ما يسمى " التنظيم البيروقراطي " للوصول إلى الكفاءة الإدارية بتطبيق مبادئ البيروقراطية،والذي كان بالتوازي مع الاتجاه الأول والثاني،من خلال أفكار ماكس فيبر حول البيروقراطية ذات التوجه السوسيولوجي.
باختصار تركز المدرسة التقليدية على الكفاءة التنظيمية لتحقيق نجاح المؤسسة
1.1-تايلور والتنظيم العلمي للعمل(1856-1915)(Taylor et l’organisation scientifique du travail):
تعتمد الفكرة الأساسية لتايلور على أنه يمكن رفع إنتاجية العامل الضعيفة بأقل جهد مع الحصول على أجر أحسن،من خلال التركيز على زيادة كفاءة العمال الذي يعتمد على التصميم العلمي للوظائف،وقد كان تصوره الأساسي يتمثل في وجود طريقة مثلى لأداء أي وظيفة وأن هذه الطريقة المثلى لابد أن يتم اكتشافها واستخدامها.وهناك أربعة مبادئ هامة تنبثق عن البحث عن تحسين الإنتاجية وهي(2):
- تطوير علم حقيقي لكل جزء من الوظيفة المراد انهاؤها وتحديد أفضل الطرق العلمية لأداء هذه الوظيفة أو بعبارة أخرى الدراسة العلمية للعمل والذي يتمثل في: تحليل،تفكيك،تحديد،توقيت العمليات(دراسة الوقت والحركات)،وكل هذا التصميم للعمل من صلاحيات الإدارة،ولكن النتيجة تعود على العامل بالإيجاب،حيث يصبح ماهرا ومختص في التنفيذ.
- اختيار العمال على أسس علمية وتحميل كل عامل مسؤولية إنجاز الوظيفة التي تتناسب مع اختياره،من خلال التركيز على بعض الخصائص مثل :المقدرة،قوة العضلات،ومقاومة التعب .
- تثقيف العمال وتطويرهم والتأكد من أنهم يستعملون أفضل الوسائل العلمية،محاولة منه إيجاد محفزات يتجاوب معها العمال،وزيادة الأجور للعمال الذين ينتجون أكثر.
- التعاون الودي بين الإدارة والعمال ،بإيجاد رئيس للعمال يعطي تعليماته ويشرف على العمال المكلفين بإنجاز خطوات العمل ومراحله،وهذا طبعا بعد تجزئة وتقسيم النشاطات.
في الأخير نستنتج بأن هذه المبادئ ما هي إلا تطبيق لمعايير محددة علميا،حيث العمال يطبقون المبادئ التي أعدت لهم من خلال الدراسة العلمية للعمل دون احتجاجات،فهي مبادئ غير قابلة للنقاش،ومنه فإن العمل يصبح عقلاني ورشيد.
وهناك عدة مفكرين آخرين ساهموا في تطوير الإدارة العلمية ومنهم:هنري غانت،فرانك وزوجته ليليان جيلبرت...
2.1-فايول والتسيير الإداري (1841-1925)(Fayol et la gestion administrative):
إن أفكار تايلور اهتمت أكثر بتنظيم العمل في الورشة الإنتاجية،أما أفكار فايول فركزت على الجانب الإدارى،فلقد قام بتحليل واقتراح وتصنيف نشاطات المؤسسة إلى ستة مجموعات من الوظائف(الإدارات)،كما يبين ذلك الجدول رقم (1).
الجدول رقم (1): الوظائف الستة للمؤسسة حسب فايول
الوظائف النشاطات
الوظيفة التقنية (TECHNIQUE)
الوظيفة التجارية (COMMERCIALE)
الوظيفة المالية (FINANCIERE)
وظيفة الأمن (SECURITE)
الوظيفة المحاسبية (COMPTABLE)
الوظيفة الإدارية (ADMINISTRATIVE) إنتاج،تحويل
شراء،بيع،تبادل
البحث عن رؤوس الأموال وتسييرها
ضمان حماية الموظفين والخيرات
القيام بالجرد،إعداد الميزانية،حساب أسعار التكلفة...
التنبؤ،التنظيم،القيادة،التنسيق،المراقبة.
SOURCE: C.Bussenault et autres,OPCIT,P29
فضلا عن ذلك فقد حدد فايول وظائف المدير بخمس وظائف وهي (3):
1- التخطيط، 2- التنظيم، 3- إصدار الأوامر، 4- التنسيق، 5- الرقابة.
بالإضافة إلى أنه اشتهر بمادئه الأربعة عشر في مجال الإدارة وإرشاد المديرين في تسير مؤسساتهم(4):
* تقسيم العمل، * السلطة، * الإنضباط، * وحدة الرئاسة، * وحدة التوجيه، * إخضاع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة، * المكافأة (التعويض)، * المركزية، * تدرج السلطة، * الترتيب، *المساواة، * استقرار العمالة، * الإبتكار (المبادأة)، *التعاون.
3.1-ماكس فيبر والبيروقراطية (1864-1920) (WEBER et la Bureaucratie):
إن فيبر هو من أصل كلمة "Bureaucratie "،الكلمة جاءت من bureau في مفهومه العادي،أي المكان الذي يؤدون فيه الأشخاص وظائفهم الإدارية،حيث أراد فيبر تجنب عملية التعسف التي قد يلجأ إليها بعض المسؤولين في الأعلى،ومنه حماية العامل من خلال ترسيخ السلطة على بعض المبادئ فيما يتعلق بالعمل في المكاتب خاصة وجود قواعد رسمية في وثائق مكتوبة ورسمية،ومنه نستنتج بأن التنظيم البيروقراطي عقلاني وقانوني،حيث أن سلطة القائد تعتمد على حماية قانونية رسمية كطريقة أكثر فعالية في التنظيم.
وتوصل إلى ذلك من خلال دراسته للمؤسسات الكبيرة التي كانت تتصف بعدم الكفاءة وتواجه العديد من المشكلات التنظيمية،ومنه اقترح نموذجا مثاليا للتنظيم أطلق عليه " النموذج البيروقراطي "،واعتبره الأكثر كفاءة ودقة في تحقيق أهداف المؤسسة،لكونه يعتمد على الرشد في اتخاذ القرارات،واعتبر فيبر المعرفة والمقدرة أساسا للتنظيم بدلا من المحاباة والمحسوبية(5).
اقترح فيبر عدة سمات لهذا النموذج البيروقراطي المثالي وهي(6):
1- تقسيم العمل والتخصص،حيث يتم تحديد سلطة ومسؤولية كل فرد بوضوح،وهي سلطة مشروعة بحكم أنها واجبات رسمية.
2- يتم تنظيم المكاتب / الوظائف في شكل سلم هرمي للسلطة مما لنتج عن ذلك سلسلة الأوامر.
3- اختيار جميع العاملين على أساس المؤهلات الفنية عن طريق الامتحانات الرسمية أو استنادا للتعليم والتدريب.
4- الموظفون يعينون ولا ينتخبون.
5- الموظفون الإداريون يعملون مقابل رواتب ثابتة،وهم موظفون مهنيون.
6- الموظف الإداري لا يملك الوحدة التي يديرها.
7- على الإداري أن يخضع لقوانين وضوابط ورقابة شديدة،فيما يتعلق بسلوكه أثناء تأدية مهامه الرسمية،وهي ضوابط ليست شخصية وتطبق بشكل موحد في جميع الحالات.
2- مدرسة العلاقات الإنسانية (L’ecole des relations hummaines):
بعدما تعرفنا على أن المدرسة الكلاسيكية ركزت على جانب الرشد والعقلانية لتحقيق أعلى كفاية إنتاجية من خلال الاهتمام بتقسيم العمل والتخصص والتسلسل الرئاسي والتنسيق والتأكيد على القوانين والأنظمة وغيرها،مع إهمال الجانب السلوكي للأفراد في المؤسسات،حاولت مدرسة العلاقات الإنسانية دراسة السلوك الإنساني داخل المؤسسات وأثره على زيادة الإنتاجية،وتركز على فكرة مؤداها أن الإدارة تنطوي على تنفيذ الأعمال من خلال الأفراد ومن ثم فإن دراسة الأفراد ودوافعهم وأنماط سلوكهم والعلاقات الشخصية المتداخلة هو المدخل السليم لدراسة الإدارة(7)، حيث اهتمت بدراسة النواحي النفسية والاجتماعية للأفراد ودراسة ما يحفزهم ويدفعهم للعمل،ومن أهم المفكرين التابعين اهذ المدرسة.
1.2-إيلتون مايو وحركة العلاقات الإنسانية(ELTON MAYO) (1880-1949): يعتبر مؤسس حركة العلاقات الإنسانسة وسوسيولوجية العمل،بالرغم من أن الدراسات التي قام بها مايو كانت في البداية تهدف إلى قياس علاقة الظروف المادية المكونة للعمل وأثرها على الإنتاجية إلا أنها خرجت من هذه الدراسات بنتائج أخرى تتصل بأهمية العنصر البشري في العملية الإدارية.
قام بعدة دراسات في مجال بسيكولوجية الصناعة،وأكثرها شهرة ما سمي " تجربة هاورثون سنة 1927 "، وذلك في مصنع Compagnie Westerne Electric بشيكاغو والتي كانت على النحو التالي:
أ- التجربة: تتمثل في دراسة تغيرات البيئة المادية وشروط العمل (الإنارة،مواقيت العمل،أسس احتساب الأجور،أوقات الراحة…) على الإنتاجية،وذلك على ستة عمال متطوعين في الورشة.
ب- النتائج: كانت النتائج متناقضة حيث لم تثبت بصورة قاطعة أي علاقة خطية مباشرة بين تلك العوامل المادية وإنتاجية العامل،حيث لاحظ بأن الإنتاجية ارتفعت في كلتا الحالتين،عند تحسين شروط العمل (الأثر المنتظم) وحتى عند عدم تحسين شروط العمل فإن الإنتاجية استمرت في الارتفاع (الأثر غير المنتظر).
ت- الاستنتاجات: استنتج مايو بذلك بأن ارتفاع الإنتاجية لا تنتج فقط عن تحسين شروط العمل،ولكن العامل الحاسم في التأثير على إنتاجية العامل هو ضغط الجماعة والمعايير الاجتماعية للجماعة،من خلال تغيير العلاقات الاجتماعية بين أعضاء المجموعة،حيث أصبحت فريق متجانس وكذلك بين فريق العمل والإدارة.
من أهم الأفكار والمفاهيم المستمدة من تجارب هاورثون،ما يلي(8):
- إن المؤسسة نظام اجتماعي،بالإضافة إلى كونها نظام فني،وأن هذا النظام الاجتماعي يحدد أدوارا ومعايير لسلوك الفرد قد تختلف عن أدوار ومعايير التنظيم الرسمي للمؤسسة.
- لا تتم إثارة دوافع الأفراد بفعل حوافز اقتصادية فقط،فالحوافز المعنوية لها دورها أيضا في إثارة دوافع الأفراد.
- يجب التركيز على اتباع الأسلوب الديمقراطي والمشاركة كنمط في القيادة.
- ربطت حركة العلاقات الإنسانية بين رضا الفرد وإنتاجيته.
- من الضروري تطوير اتصال فعال بين مستويات المؤسسة المختلفة لتبادل المعلومات،وعلى هذا فإن مشاركة العاملين مبدأ مهم في حركة العلاقات الإنسانية.
- يحتاج مديرو المؤسسات مهارات اجتماعية بقد حاجتهم إلى مهارات فنية.
- يمكن حفز العاملين في المؤسسة عن طريق تحقيق حاجاتهم النفسية والاجتماعية.
إذا فالعامل الاقتصادي (المادي) لم يكن العنصر الوحيد المحرك للسلوك الإنساني نحو الأداء الأحسن،ومنه أوصى إلتون مايو بوضع هياكل للسلطة في المؤسسة تعطي أكثر مسؤولية للعمال،وهو ما يبين أهمية العامل الإنساني في سلوك الفرد العامل،فالعامل لا يهتم فقط بالمادة،بل يعطي أهمية كذلك للبعد العاطفي،لأن ترشيد العمل (الحركات،التموضع،الوقت،الإجراءات،التجهيزات…) لها دور كبير في الرفع من الإنتاجية شريطة أن يصاحبها الاهتمام بالجانب الإنساني،ومنه يتحتم على المؤسسات دراسة الطبيعة الإنسانية لفهم ردود فعله (نفسيا واجتماعيا)،أي دراسة حاجات الأفراد في العمل،العلاقات في مجموعة العمل،التحفيز،القيادة...
2.2-فريديريك هرزبرق ودراسة التحفيزات (FREEDERICK HERZBERG et l’etude des motivations):
توصل فريديريك هرزبرق إلى أن عوامل العمل والتحفيزات التي يحتاجها العاملين في المؤسسة، يمك تجميعها في مجموعتين من التحفيزات (9):
عوامل الصيانة : وهي إن لم تتوفر تسبب عدم رضا للفرد،وتتعلق بـ : بظروف العمل،الراتب،نوع الإشراف،النظافة في العمل،الضوضاء،وغيرها…،ومنه فإن عدم تلبية هذه الحاجات يسبب صراعات داخل المؤسسة،بينما توفيها لا يحقق أي رضى إضافي لأنها عوامل ضرورية للعمل.
عوامل الدافعية: وهي إذا توافرت تسبب الرضا وتحفز الفرد إلى مزيد من العمل والجهد،وتتعلق هذه العوامل بجوهر العمل مثل: الاعتراف،الترقية،التطور،الاعتراف بالجميل،المسؤولية،وغيرها...،ومنه فإن توفير هذه الحاجات والعوامل للعاملين في المؤسسة هو عامل لرضى العاملين وتحفيزهم أكثر.
نستنتج بأن المؤسسة لابد أن تتجنب الاستياء أو عدم الرضى،من خلال الأخذ بالحسبان بيئة العمل،سياسة المؤسسة الأمنية،والتركيز على تحسين شروط العمل والمكافآت،لأن هذه العوامل هي جزء من المطالب العادية للعمال،من جهة،ومن جهة أخرى الحث على الرضى أو إحداث الرضى،وذلك من خلال ترشيد وتبسيط العمل،مع إعطاء العمال مهام أكثر تعقيدا مصحوبة بأكثر حرية وأكثر،مسؤولية.
هناك مفكرين آخرين ينتمون إلى هذه المدرسة،مثلDOUGLAS McGREGOR ،الذي ميز بين نوعين من الأفراد في المؤسسة:النظرية X : تنص على أن العامل لايحب العمل لابد أن يراقب ويتابع ...،بينما النظرية Z ، تنص على أن العامل يحب العمل طواعية ولا حاجة لمراقبته ...،أما KURT LEWIN،فتحدث عن ديناميكية المجموعة،حيث اهتم بسلوكات المجموعة،وأن النشاطات والسلوكات النفسية للأفراد لا تتحد بالحيازات الفردية للأفراد،لكن بالعلاقات التعاونية التي تحوزها داخل المجموعة.
3- المدرسة الرياضية (L’ecole Mathematique)(1945):
تسمى كذلك المدرسة الكمية،حيث مع تطور المؤسسات والأعمال تم إدخال مجموعة من الوسائل التقنية الكمية في التسيير بهدف التحكم أكثر في التسيير والإدارة ومراقبة نشاطات المؤسسة،ومن أهم المفكرين "MORGENSTERN"،وذلك بإدخال البرمجة الخطية،الطرق الإحصائية...
يمكن القول أن أفكار هذه المدرسة تنطوي على فكرة مؤداها أن الإدارة يمكن النظر إليها كعملية منطقية يمكن التعبير عنها في شكل كمي وعلاقات رياضية ومن ثم يمكن معالجة المشاكل الإدارية من خلال وضع نموذج كمي يعبر عن العلاقات المختلفة التي تمثل متغيرات المشكلة وعلى أساس الأهداف المراد الوصول إليها،ومن أهم النماذج الرياضية لحل المشكلات الرياضية ما يلي (10):
نموذج البرمجة الخطية ويستخدم في تحديد تشكيلة المنتجات المثلى المزمع إنتاجها والتي تحقق أعلى أرباح وأقل تكلفة.
نموذج النقل والذي يهدف إلى الوصول إلى أفضل شبكة نقل والتي معها تقل تكاليفها إلى أدنى حد ممكن.
نموذج شبكة بيرت والذي يستخدم في تخطيط المشروعات الجديدة والعمليات الإنتاجية التي يعتمد تنفيذها على تتابع معين للأنشطة المكونة للمشروع أو العملية.
نموذج نظرية المباريات (الألعاب) والذي يستخدم في أغراض المفاوضات مع الزبائن والموردين والأطراف التي تتعامل معها المؤسسة بغرض الوصول إلى الاستراتيجيات الواجب اتباعها والتي تحقق مكاسب مرضية للمؤسسة.
إلا أن الاهتمام بها دون مراعاة العوامل السلوكية والتنظيمية جعلها تفتقد إلى الشمولية وهو ما دفه المفكرين إلى الاهتمام بالعنصر الأخرى زيادة عن الجانب الكمي في التسيير.
4- المدرسة النيوكلاسيكية (الكلاسيكية الحديثة):
استفادت هذه المدرسة من مختلف الأفكار السابقة،إذ جمعت بين الجانب الكمي والجانب الإنساني ونجحت في ولادة الإدارة بالأهداف،من خلال إشراك الإداريين والعمال في الإدارة وذلك عن طريق محاولة ربط أهداف كل منهما ببعض والتقائها بأهداف المؤسسة ككل،وهي طريقة لربط العمال أكثر بمؤسستهم،ولقد كان من روادها العاملين في الميدان من إداريين،إطارات ومهندسين:Alfreed Pritchard sloan (1875-1966)،(Octave Gelinier(1966)،Peter Ferdinand Drucker (1909)،وتمثل أهم أفكارهم فيما يلي(11):
- Alfreed Pritchard sloan (1875-1966): تكلم عن لامركزية منسقة،حيث لا مركزية السلطة تدفع بالمبادرة،والمسؤولية والمرونة مع إلزامية استقلالية القرارات والمراقبة الدورية للنتائج.
- (Octave Gelinier(1966): تحدث عن قاعدتين أساسيتين لفاعلية المؤسسة (1-المنافسة،2-الإبداع)،ويضيف إليهما الغاية الإنسانية،وحتى تكون المؤسسة فعالة لابد أن تحدد المهام التي يجب أن تتحملها الإدارة العامة،خاصة تعريف السياسة العامة وهيكلة المسؤوليات.
- Peter Ferdinand Drucker (1909): أكد على أن الإدارة أصبحت وظيفة أساسية في المجتمع،وتتمثل المهام الأساسية للإدارة (Management) فيما يلي:
1- تحديد المهمة ووضع الأهداف الخاصة بالمؤسسة بوضوح.
2- إعداد برنامج إنتاجي ورضا في العمل.
3- تسيير الوقائع (كل ما يحدث في المؤسسة ) والمسؤوليات الاجتماعية.
نستنتج بأن الإدارة بالأهداف أعطت أهمية كبيرة للجانب الإداري،انطلاقا من تحديد الأهداف،تحليل وتنظيم العمل في هيكل،تحفيز واتصال،القياس بالاعتماد على المعايير وتكوين الأفراد...
5- التوجه النظامي للمؤسسة (L’approche Systemique):
من بين أهم مؤسسي النظرة النظامية للمؤسسة (Ludwig Von Bertalanffy)،بالإضافة إلى (Kenneth Boulding)،(Norbert Weiner)،(Sttafford Beer) و(Jay Forrester) و (Martin Star)، يقوم مدخل الأنظمة على ربط المؤسسة بكل من البيئة الداخلية والخارجية،فوظائف الإدارة وعمل المدير لا يرتبط فقط بالمتغيرات الداخلية ولكنها تعتبر جزء من بيئة أكبر و تتأثر بالمتغيرات البيئية الخارجية في اتخاذ كافة قراراتها،وعليه نجد أن مدخل الأنظمة ينظر إلى المؤسسة على أنها نظام موحد وموجه نحو تحقيق أهداف مشتركة معينة،ومن ثم يجب أن تتفاعل أجزاؤه بطريقة تحق هذه الأهداف،فبدلا من التعامل مع المشكلات المختلفة كأجزاء منفصلة،فإن مدخل الأنظمة يقوم على افتراض أخذ جميع عناصر النظام ككل في الاعتبار.
تعتبر المؤسسة حسب نظرية النظم على أنها تعمل بموجب نظام متحد ومؤلف من أجزاء متداخلة،ومنه يمكن تعريف النظام على أنه(12): " عبارة عن مجموعة من الأقسام المتداخلة والعاملة معا لهدف أو لأهداف محددة ".
يمكن تعريف النظام حسب "Von Bertalanffy" على أنه(13) :" مجموعة العناصر المتفاعلة،الموجهة نحو تحقيق هدف"،أما Rosnay” " فيعرف النظام على النحو التالي(14):" هو مجموعة من العناصر في تفاعل ديناميكي والمبنية على هدف".كما يعرف النظام على أنه (15):"مجموعة من الأجزاء التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحقيق أهداف معينة وبطريقة تكون كلا متكاملا يزيد من مجرد الجمع المادي لهذه الأجزاء"،فالمؤسسة هي مجموعة من الأجزاء المعتمدة على بعضها والتي تعمل ككل واحد لتحقيق غرض أو هدف معين.
نستنتج بأن النظام ما هو إلا تجميع لعدة عناصر مترابطة فيما بينها وفي تفاعل ديناميكي،مجندة ومعبئة في الهياكل بحسب الأهداف،والمؤسسة يمكن تشبيهها بالنظام لأنها مركبة من عناصر أو أنظمة فرعية (أفراد،رؤوس أموال،تجهيزات،وظائف،معلومات،بيئة خارجية...)،فهي مثل جسم الإنسان المركب من أعضاء (القلب،الرئتين،الكلية،الأوعية الدموية…) والتي تسمح للإنسان بالحياة والقيام بمختلف تحركاته وأعماله،وبالتالي فإن هيكل وسير النظام ونجاحه في المؤسسة مرتبط بثلاثة عوامل(16):
1-التفاعل بين هذه العناصر (الأموال،الأفراد،المواد،الآلات…).
2-الغايات والأهداف التي حددتها (الاستمرارية،النمو،إرضاء الأفراد).
3-البيئة الخارجية (اقتصادية،قانونية،اجتماعية،...).
كما يرى البعض بأن نجاح النظام يتطلب توافر ثلاثة دعامات أساسية(17):
1- توازن داخلي بين الأجزاء المكونة للنظام.
2- التعايش مع البيئة الخارجية.
3- نظام جيد للاتصال بالبيئة.
تعتبر المدرسة النظامية المؤسسة على أنها نظاما مفتوحا على البيئة من خلال تفاعله باستمرار مع البيئة ويبحث بصفة مستمرة عن الموارد بهدف استغلالها والاستفادة منها،ويتغير هذا النظام ويتكيف بصفة مستمرة مع البيئة الخارجية،عن طريق البحث عن مدخلات جديدة واستخدام عمليات تحويلية وإنتاج مخرجات ليضعها في متناول من يطلبها ويحتاج إليها،لهذا يتألف نظام المؤسسة-حسب نظرية النظم- من العناصر الأربعة التالية(18):
المدخلات.
العمليات التحويلية.
المخرجات.
المعلومات المرتدة.
فضلا عن ذلك فإن النظام المفتوح له سمات أخرى هامة ذات علاقة بدراسة المؤسسات،أهمها(19):
خاصية الدورة:النظام المفتوح عبارة عن سلسلة من الأحداث والأنشطة المتعاقبة،حيث أن مخرجات النظام تشكل مصدرا لمدخلات جديدة تعمل على تكرار الدورة.
مقاومة الفناء: يستطيع النظام المفتوح البقاء والمحافظة على ذاته من الفناء،بل والنمو لكونه يملك المقدرة على استخدام طاقة وموارد (مدخلات ) تفوق مخرجاته.
الوعي بالبيئة: لكل نظام مفتوح حدوده التي تفصله عن بيئته،وإن كان من الصعب تحديد هذه الحدود بدقة،وهناك علاقة اعتمادية وتبادلية بين النظام وبيئته،ومنه فإن التغيير في بيئة النظام يمكن أن يؤثر في جانب أو أكثر من النظام والعكس صحيح أيضا.
الاستقرار والثبات: إن الموارد (المدخلات ) التي يحصل عليها لتجنب الفناء،تؤدي إلى حالة ثابتة نسبيا.
الميل نحو التوسع والنمو: حينما يزداد النظام تعقيدا،ويسعى للتغلب على خاصية الفناء،يتحرك النظام المفتوح نحو النمو والتوسع،ولكي تضمن بقاءها،تعمل النظم المعقدة الكبيرة نحو تحقيق هامش من الأمان يتجاوز الحد المطلوب للبقاء.فالنظم الفرعية الكثيرة المعقدة داخل النظام تميل إلى استخدام مزيد من المدخلات تفوق ما تتطلبه المخرجات،وذلك لكي تتغلب على خاصية الفناء.
توازن أنشطة الصيانة وأنشطة التكيف: تعمل النظم المفتوحة على تحقيق نوع من التوافق والمواءمة بين الأنشطة التي تعمل على ضمان بقاء الأنظمة الفرعية في حالة توازن/ثبات،وإبقاء النظام ككل في توازن مع بيئته،وهذا يحول دون التغييرات السريعة المفاجئة التي يمكن أن تخل بتوازن النظام.ومن ناحية أخرى،فالأنشطة التكيفية ضرورية للنظام حتى يستطيع أن يتكيف مع المتطلبات الداخلية والخارجية مع مرور الزمن،وكلا النشاطين ضروري لبقاء المؤسسة.
وجود أكثر من بديل لتحقيق الهدف: تعني أن المؤسسة يمكن أن تحقق أهدافها بمدخلات وعمليات تحويلية متنوعة،وتكمن أهمية هذا المفهوم في الاعتقاد بوجود أكثر من حل واحد لمشكلة معينة بدلا من محاولة التوصل إلى حل مثالي جامد.
من أهم فوائد التي يمكن استخلاصها من هذه النظرية،هي أنها تركز على العلاقات بين العناصر بدلا من التركيز على طبيعة العناصر ذاتها،فالعنصر يحدد ويعرف بمكانته في النظام وليس بطبيعته الخصوصية،ومنه فإن سلوك كل عنصر يختلف من علاقة لأخرى،مثل استراتيجية التكلفة يمكن أن تكون في سياق تنافسي معين ولكن غير مناسبة في سياق آخر...
إن نظرية الأنظمة تنظر إلى الكل وليس إلى الأجزاء المكونة للكل،فإذا حدث تغيير في جزء ما فإن بقية الأجزاء سيطرأ عليها التغيير هي الأخرى،حيث أن أي تغير في البيئة التنافسية للمؤسسة قد يجعل أمورا كثيرة تتغير في الأنظمة الفرعية للمؤسسة (القيم،أنظمة التعويض،الاستراتيجية،الهيكلة،النظام التسويقي،النظام الإنتاجي…)،وذلك تكيفا مع الأوضاع التنافسية الجديدة.
الفصل الثالث: بيئة المؤسسة الاقتصادية
تنشط المؤسسة الاقتصادية في بيئة متنوعة ومعقدة سواء تعلق الأمر بالبيئة الداخلية أو البيئة الخارجية،إ، معرفة البيئة التي تنشط فيها المؤسسة من المهام الأساسية للاستراتيجيين من خلال جمع المعلومات عن التغيرات التي تحدث فيها ومدى تأثيرها على المؤسسة،وذلك بما تتيحه من فرص أو تفرضه من تهديدات،لأن نجاح المؤسسة يتوقف على مدة تكيفها مع البيئة الخارجية بطريقة تزيد من درجة استفادتها من الفرص وتزيد من قدرتها على مواجهة التهديدات البيئية.
إن بيئة المؤسسة الخارجية متعددة المتغيرات،حيث تشمل البيئة الاقتصادية والاجتماعية،البيئة السياسية والقانونية،البيئة الثقافية،المنافسون،الزبائن،الموردين،القوى العاملة…،هذا فضلا عن البيئة الداخلية للمؤسسة والمتمثلة في القدرات والإمكانيات الداخلية للمؤسسة في مختلف وظائفها (الإدارة،المالية،التسويق،الإنتاج،التموين…)،حيث أن تقييم هذه العناصر يسمح للمؤسسة بالتعرف على نقاط قوتها ونقاط ضعفها،ومنه أخذ فكرة كافية عن مدى قدرتها على استغلال الفرص أو تفادي التهديدات التي تفرضها البيئة الخارجية.
1- تعريف البيئة: يمكن تعريف البيئة على أنها(1): " كافة المتغيرات التي لها علاقة بأهداف المؤسسة وتؤثر بالتالي على مستوى كفاءتها وفعاليتها،هذه المتغيرات منها ما يخضع إلى حد كبير-لسيطرة الإدارة – مثل مستوى أداء العاملين وكفاءة تشغيل عناصر الإنتاج من مواد خام وآلات ومجهود العاملين،ومنها ما لا يخضع لسيطرة الإدارة مثل القرارات السياسية والاقتصادية للدولة وعادات وتقاليد ومعتقدات أفراد المجتمع".
هناك تعاريف أخرى للبيئة نلخصها فيما يلي(2):
- تعريف روبنز (Robbins): " البيئة هي جميع العوامل والمتغيرات الواقعة خارج حدود المؤسسة ".
- تعريف هاولي (Hawley): " البيئة هي جميع الظواهر خارج المؤسسة وتؤثر أو لديها إمكانات التأثير على المؤسسة ".
- تعريف وران و فواش (Wren و Voich): " تتمثل البيئة في تلك الأحداث والمنظمات والقوى الأخرى ذات الطبيعة الاجتماعية والاقتصادية،والتكنولوجية والسياسية،والواقعة خارج نطاق السيطرة المباشرة للإدارة".
بالإضافـة إلى ذلـك هـناك مـن يرى بأن المحيط هو تلك القوى والعوامل الفاعلة والمؤرة داخليا
وخارجيا في أعمال المؤسسات ونشاطاتها (3).
نستنتج مما سبق بأن مفهوم البيئة ينطوي على عدة ملامح هامة،والتي من بينها:
• البيئة تشتمل على الأطراف المتعاملة مع المؤسسة وما يصدر عنها من قرارات وتصرفات وسياسات
واستراتيجيات مؤثرة على قدرة المؤسسة على تحقيق أهدافها(منافسين،موردين،بنوك،مساهمين،موزعين…)
• من المستحيل تصور مؤسسة تستطيع مزاولة نشاطاتها بمعزل عن البيئة،لأن مصيرها هو الزوال.
• تتباين قدرات المؤسسات في كيفية العامل والتفاعل مع البيئة،بحيث نجد هناك نوعين من المؤسسات:
المؤسسة المتفاعلة:تتمثل في تلك المؤسسات التي تتفاعل مع البيئة،والتي تغير من سياساتها واستراتيجياتها وقراراتها وفقا لتغيرات البيئة.وعادة ما تكون هذه المؤسسات تابعة للقائد وقليلة الإمكانيات.
المؤسسات الفعالة:تتمثل في تلك المؤسسات التي تسعى إلى تهيئة وتسخير البيئة بما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها،مثل ما قامت به شركة كوكاكولا في منتصف السبعينات عندما قامت بمساعدة أحد الأحزاب السياسية الهندية للوصول إلى السلطة بتمويل برنامج الحزب في بناء المستشفيات والمدارس في بعض الأماكن النائية مقابل انتزاع قرار من أعضاء ذلك الحزب بالسماح للشركة باستثمار أموالها داخل الهند،وعادة ما تكون هذه المؤسسات قائدة في السوق.
2- تصنيف بيئة المؤسسة: يمكن تصنيف بيئة المؤسسة حسب هودج و أنتوني (Hodge و Anthony) إلى ثلاثة مستويات،هي(4):
1- البيئة الجزئية.
2- البيئة الوسيطة.
3- البيئة الكلية.
في دراستنا هذه سنلخصها في مستويين فقط: 1- البيئة الخارجيـة،وتشمـل كل العـوامل خـارج
المؤسسة(البيئة الوسيطة والبيئة الكلية)،2- اليئة الداخلية:تشمل كل العوامل داخل المؤسسة،أو كما يسميها البعض البيئة الجزئية(المؤسسة نفسها).
1.2-البيئة الخارجية للمؤسسة الاقتصادية: من مصلحة المؤسسة رصد ما يحدث في البيئة الخارجية من
تغيرات إيجابية أو سلبية (الفرص والتهديدات )،فالبيئة الخارجية للمؤسسة تتكون من مختلف القوى التي تقع خارج حدود المؤسسة وتتفاعل مع بعضها لتؤثر على المؤسسات بطرق مختلفة،وتتكون من مستويين (البيئة الكلية،البيئة الوسيطة أو الصناعية)، كما هو موضح في الشكل رقم ( ).
الشكل رقم ( ): مكونات البيئة الخارجية للمؤسسة
المصدر:محمد أحمد عوض:الإدارة الاستراتيجية:الأصول والأسس العلمية،الدار الجامعية بالإسكندرية،مصر،2001،ص96
1.1.2-البيئة الإقتصادية: تتمثل في الوضع الاقتصادي العام السائد ومؤشراته المختلفة التي قد تتأثر بها المؤسسات المستويين المحلي والعالمي،ومن بين أهم هذه المؤشرات:
- معدل الفائدة. – الميل للإنفاق.
- الميل للادخار. – معدل التضخم.
- إمكانية الاقتراض. - الضرائب والرسوم.
- متوسط الدخل الفردي. – ميزان المدفوعات
- السياسات الاقتصادية والمالية - قيمة العملات الأجنبية.
إن المؤسسة من الواجب عليها تقييم هذه العناصر وغيرها من أجل أخذ فكرة عن الفرص المتاحة والتهديدات الموجودة في السوق أو في البلد التي ترغب العمل فيه.
2.1.2-البيئة الاجتماعية والثقافية: تتعلق بالقيم الاجتماعية السائدة والعادات والتقاليد والتصرفات التي تحكم سلوك الأفراد والمجموعات،وكيفية تعاملهم مع الحقوق الإنسانية والتطورات الثقافي،والخصائص السكانية والمكانية والحضارية السائدة في المجتمع أو الدولة التي ترغب المؤسسة أن تنشط فيه،والتي قد تخلق فرصا أمام المؤسسة أو تضع أمامها تهديدات لابد من تفاديها بذكاء وإلا فمصير المؤسسة هو الانسحاب من السوق،ومن أهم العناصر المكونة للبيئة الاجتماعية ما يلي:
- عدد المواليد. - مستوى الثقافة والتعليم. -الولاء للوطن. - أهمية الصحة والنظافة.
- طرق قضاء وقت الفراغ. - عدد المنتمين إلى الديانات المختلفة. - عدد النساء العاملات. – الجماعات المؤثرة اجتماعيا. - القيم الدينية السائدة. – عادات الشراء والتسوق.
- هيكل السكان( السن/الجنس). أهمية الجودة والدقة.
3.1.2- البيئة السياسية والقانونية: تتمثل في القوانين والتشريعات الحكومية التي تحدد علاقات المؤسسات بالدولة إضافة إلى الفلسفة السائدة والأهداف التي تؤمن بها الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في الحكم(5)، والتي قد تكون مصدرا للفرص أو مصدرا للتهديدات بالنسبة للمؤسسات،ومن أهم العناصر المشكلة للبيئة السياسية والقانونية،ما يلي:
- الضرائب والرسوم. – الإعفاءات الجمركية. - العلاقات الدولية. – القرارات السياسية. - الاستقرار السياسي. - التحالفات الاقتصادية والعسكرية.
- تحديد الأسعار. - قوانين حماية البيئة. – قوانين حماية المستهلك.
- المواصفات القياسية للجودة. – قوانين العمالة المحلية والأجنبية…
4.1.2- البيئة التكنولوجية: تتمثل في الظروف العامة لتطور التكنولوجيا وتوافرها لدى المؤسسات الراغبة في الحصول عليها،إضافة إلى تطور مجالات المعرفة والعلم،وقدرة كل منها على اكتشاف شتى الأنواع والأشكال التكنولوجية التي تستفيد منها المؤسسات وابتكارها واختراعها وخاصة فيما يعود إلى استخدامها في عملياتها الإنتاجية والتسويقية(6)،وتعتبر التغيرات التكنولوجية بدورها بمثابة مصدر من مصادر الفرص والتهديدات بالنسبة للمؤسسات،وبالتالي فما على المؤسسات إلا العمل على التعرف على التطورات التكنولوجية الجديدة والعمل بها،لأن المؤسسات التي لا تستطيع مواكبة التغيرات التكنولوجية المتطورة لا يمكنها أن تتنافس وتعمر طويلا في السوق،ومن أهم العناصر المشكلة للبيئة التكنولوجية،ما يلي(7):
- التكنولوجيا المستخدمة من قبل المنافسون. – التكنولوجيا الحديثة في التدريب.
- طرق الحصول على التكنولوجيا. - التكنولوجيا الحديثة في التخزين.
- المؤسسات الرائدة في استخدام التكنولوجيا. – التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج.
- الاستثمارات المطلوبة للحصول على التكنولوجيا. – التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج.
5.1.2-المنافسون: تتمثل في المؤسسات التي تعرض أو تبيع المنتجات نفسها المنافسة لمنتجات مؤسستنا للزبائن أنفسهم (8)،وتشكل المنافسة التي تواجهها المؤسسة في السوق تهديدا كبيرا في حالة تفوق المنافسين وقوتهم مقارنة بالمؤسسة المعنية،بينما ضعف المنافسين يسمح بظهور فرص أمام المؤسسة يمكن أن تقتنصها في حالة معرفة استغلالها،أو بعبارة أخرى كلما كانت للمؤسسات المنافسة نقاط قوة فإنها تشكل تهديدا على المؤسسة والعكس صحيح.وتزداد حدة المنافسة كلما زاد عدد المؤسسات التي تنشط في نفس القطاع وتساوت القوة النسبية بينهم.
مع الإشارة إلى أن المؤسسات اليقظة لا تكتفي بالتعرف على خصائص المنافسون الحاليون،بل تعمل من أجل اكتشاف المنافسون المحتملون والذين ينتظرون الفرصة السانحة للدخول إلى السوق وتهديد المؤسسة
6.1.2- الزبائن: إن الزبائن هم ركيزة تواجد المؤسسة،وعليه فلابد من إشباع حاجياتهم ورغباتهم بطريقة أفضل عن المنافسين،ومن أجل الوصول إلى ذلك لابد من معرفة توجهاتهم وأذواقهم وأنماط استهلاكهم ومختلف الخصائص التي يتميزون بها ( الدخل،الحساسية للسعر،الولاء للعلامات التجارية،الحساسية للجودة…)،لأن الزبائن يشكلون مصدرا للفرص التي يمكن أن تستغلها المؤسسة ومصدرا للتهديد التي يمكن أن تعيق المؤسسة للوصول إلى تحقيق أهدافها،ومن أجل حسن التواصل معهم استخدمت المؤسسات تقانات مهمة ومسهلة لذلك،من بينها(9): " تكوين قوائم بيانات شخصية عنهم وعن ميولهم،وفتح خطوط وقنوات اتصالية مجانية،والبقاء هاتفيا والكترونيا معهم ليلا ونهارا وعلى مدار كامل السنة ".
7.1.2- الموردون: إن المردون باعتبارهم مصدر لجلب المواد الأولية ولوازم العمل للمؤسسة يمكن اعتبارهم من المحددات الرئيسية لنجاح أو فشل المؤسسات،بفعل الفرص الكثيرة التي قد يتيحونها للمؤسسات من جهة،ومن جهة أخرى بفعل التهديدات الكثيرة التي قد تواجهها المؤسسات في حالة سوء التعامل معهم أو اختيارهم،إنه من مصلحة المؤسسة بناء علاقات متميزة مع مورديها وتنويع الموردين من أجل الحصول على المزايا الكثيرة (السعر،الجودة،مواعيد التسليم،شروط الدفع،قبول المردودات…)،وعكس ذلك يحث للمؤسسة في حالة اعتمادها على مورد واحد،فقد لا تتوفر فيه الصفات المناسبة أو أنه يفرض شوطه على المؤسسة،وهو ما يشكل تهديدا للمؤسسة (سوء الجودة،ارتفاع السعر،انقطاع في التموين،...).
نستنتج بأن المؤسسة مجبرة على معرفة كل الموردين المحتملين ثم اختيار أولئك الذين تتوفر فيهم الشروط المناسبة التي تبحث عنها المؤسسة،وعدم الاعتماد على مورد واحد.
8.1.2- القوى العاملة: يمثل العاملون وسوق العمل أحد القوى الموجودة في بيئة المؤسسة الخارجية (البيئة الصناعية)،والتي ينبغي تقيمها دوريا من أجل التعرف على ما تخلفه من تهديدات وفرص للمؤسسة،حيث أن غياب العمالة المدربة في السوق يمكن اعتباره تهديدا للمؤسسات المتنافسة عالميا،كذلك بالنسبة لمعدل دوران العمالة المرتفع،بينما زيادة العرض في اليد العاملة قد يعطي فرصة للمؤسسات للحصول على يد عاملة رخيصة وبأقل تكلفة.
9.1.2- السلع البديلة: تتمثل في تلك السلع التي يمكن أن يلجأ إليها الزبون في حالة وجود مشاكل في منتجات المؤسسة،فهي السلع والخدمات البديلة للسلع التي تقدمها مؤسسة ما،علما أن وجود سلع بديلة يحد من قدرة المؤسسة على رفع الأسعار خوفا من تحول الزبائن إلى اقتناء السلع البديلة،وهو ما يمثل تهديدا للمؤسسة،ويفرض على المؤسسة تخفيض الأسعار ورفع الجودة…،بينما في حالة غياب السلع البديلة فإنه يمكن اعتبارها فرصة للمؤسسة قد تستغلها.
2.2- البيئة الداخلية للمؤسسة: تمثل البيئة الداخلية للمؤسسة أحد المتغيرات الرئيسية في فشل أو نجاح المؤسسة،وتلعب دورا أساسيا في إمكانية استغلال الفرص من عدمه،ومنه ينبغي على المؤسسة التعرف على مواردها وإمكانياتها الداخلية من أجل تكوين فكرة شاملة عن قدراتها في التعامل مع البيئة الخارجية،وعليه عادة ما يتم تحليل أهم وظائف المؤسسة وتنظيمها (التسويق،الإنتاج،التموين،التمويل،الموارد البشرية،البحوث والتطوير).
1.2.2- وظيفة التسويق:علما أن التسويق يتضمن تلك الأنشطة المتعلقة بضمان انسياب السلع والخدمات من أماكن الإنتاج إلى أماكن الاستهلاك،فضلا عن دراسة الأسواق ومنح الضمانات والخدمات ما بعد البيع،وعادة ما يتم الحكم على نجاح أو فشل الوظيفة التسويقية بمدى قوة أو ضعف النقاط التالية(10):
- القدرة على التحكم في تكلفة التسويق.
- القدرة على التنبؤ.
- وجود ميزانية كافية للإعلانات والجهود البيعية.
- إقناع الزبائن بعدالة أسعار المؤسسة.
- القدرة على جمع المعلومات عن الأسواق والزبائن والاستفادة منها.
- وجود منافذ توزيع تحتل مواقع ممتازة.
- وجود رجال بيع على درجة عالية من الكفاءة.
- وجود تنظيم جيد لإدارة التسويق.
- ولاء الزبائن لمنتجات المؤسسة.
- مرونة الأسعار بحيث يمكن تخفيضها إذا تغيرت ظروف السعر.
- وجود خدمات ما بعد البيع.
2.2.2- وظيفة الإنتاج: تتكفل هذه الوظيفة بتلك الأنشطة التي تسمح بتحويل المدخلات (المواد الأولية ولوازم العمل) إلى مخرجات (منتجات تامة الصنع أو نصف مصنعة)،ويتحدد نجاحها بقوة أو ضعف العناصر المكونة لها،والتي نذكر من أهمها(11):
- وجود تشكيلة متكاملة من المنتجات بالسعر والجودة المناسبة.
- القدرة على صيانة الآلات وضمان التشغيل.
- القدرة على تخفيض تكلفة الإنتاج وتقديم منتوج منخفض السعر.
- القدرة على تخفيض وزيادة حجم الإنتاج.
- الاعتماد على مستوى تكنولوجيا مناسبا.
- القدرة على تحقيق وفورات الحجم الكبير.
- وجود آلات وتجهيزات يمكن استخدامها لإنتاج أكثر من منتوج(نظام الصنع المرن).
3.2.2- وظيفة التموين(الإمداد): تتضمن الأنشطة المساعدة على توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وتخزينها بطريقة مناسبة،فضلا عن تحزين المواد التامة الصنع إلى حين بيعها،ومن أهم عوامل نجاح أو فشل هذه الوظيفة مدى قوة أو ضعف العناصر التالية(12):
- وجود علاقة طيبة مع الموردين.
- القدرة على الشراء بكميات كبيرة.
- تعدد مصادر التوريد.
- توافر فريق تفاوض قادر على الحصول على أحسن شروط الشراء.
- القدرة على توفير(تقليل) نفقات التخزين.
- القدرة على الوفاء باحتياجات التصنيع بالحد الأدنى من المخزون.
4.2.2- وظيفة الموارد البشرية: تتمثل الأدوار الرئيسية لهذه الوظيفة في توفير اليد العاملة المؤهلة والمحفزة لتحقيق أهداف المؤسسة،ويتحدد نجاحها أو فشلها بقوة أو ضعف النقاط التالية في الوظيفة(13):
- وجود سياسات اختيار وتعيين وترقية جيدة.
- توافر العمالة المدربة والماهرة والمحفزة.
- انخفاض تكلفة العمالة مقارنة بالمنافسين.
- وجود علاقات قوية بالنقابات ومراكز التدريب.
- استقرار العمالة وولائهم للمؤسسة.
- سهولة الحصول على العمالة المطلوبة.
5.2.2- وظيفة التمويل: تتضمن الأنشطة الهادفة إلى تسيير أموال المؤسسة بطريقة عقلانية تسمح بتوفير السيولة من جهة،والوصول إلى تحقيق الربح من جهة أخرى،ويتم الحك على نجاحها أو فشلها بقوة أو ضعف العناصر التالية(14):
- وجود نظام جيد للتكاليف والمحاسبة.
- القدرة على الحصول على قروض طويلة الأجل.
- القدرة على الحصول على قروض قصيرة الأجل.
- وجود علاقات طيبة مع المقرضين.
- تحقيق معدل ربح معتبر مع المحافظة على القدر المناسب من السيولة.
- وجود هيكل تمويل مرن.
6.2.2- وظيفة البحوث والتطوير: تتضمن كل الأنشطة التي تساعد على الاستفادة من الدراسات والبحوث في الارتقاء بجودة ما تقدمه المؤسسة من خدمات وسلع،ويتحدد فشل ونجاح الوظيفة بمدى قوة أو ضعف العناصر التالية(15):
- وجود وحدة تنظيمية قادرة على إجراء البحوث السلعية وتطويرها.
- توافر القدرة المالية لإجراء البحوث والتطوير.
- القدرة على استيعاب نتائج البحوث والتطوير والاستفادة منها.
- مرونة العمليات والإجراءات والهيكل التنظيمي بما يسمح بالاستفادة من البحوث والتطوير.
- وجود إدارة راغبة على تحمل المخاطرة وراغبة في التغيير.
3- نتائج تقييم البيئة:
1.3- تحليل الأبعاد البيئية: ناقش العديد من المفكرين تحليل الأبعاد والخصائص البيئية وآثارها على المؤسسة،وذلك من حيث عدم التأكد وتعقد البيئة ومدى استقرارها،ومن بين أهم الدراسات تلك التي قام بها الكاتب (Duncan ) الذي اقترح بعدين أساسيين يحددان درجة عدم التأكد وهما (16):
• التعقد،
• الاستقرار.
بالنسبة لتعقد البيئة،تشير إلى مدى تعدد العناصر والمكونات البيئية التي تتعامل معها المؤسسة ومدى تجانسها،فالمؤسسة التي تتعامل مع عدد كبير من المكونات العناصر البيئية غير المتجانسة في احتياجاتها وخصائصها،تعمل في بيئة معقدة،أما المؤسسات التي تتعامل مع عدد محدود من العناصر البيئية ذات الاحتياجات المتشابهة،فهي تعمل في بيئة بسيطة.
أما بالنسبة للاستقرار،فيشير إلى مدى عدم الاستقرار والتغير في المكونات والعناصر البيئية.
يمكن التمييز بين أربع درجات مختلفة من التأكد البيئي اعتمادا على بعدي التعقد وعدم الاستقرار،كما يبين ذلك الجدول رقم ( ).
الجدول رقم ( ): درجات عدم التأكد البيئي انطلاقا من بعدي التعقد وعدم الاستقرار
المصدر: حسين حريم،مرجع سبق ذكره،ص58
نستنتج من خلال الجدول رقم ( ) بأن هناك أربعة حالات لعدم التأكد قد تواجهها المؤسسة وهي(17):
1- البيئة البسيطة - الثابتة، تتصف بعد تأكد منخفض بفعل وجود عناصر بيئية قليلة ومتشابهة في نفس الوقت، فضلا على أن هذه العناصر تميل إلى الاستقرار خلال فترة زمنية معينة (البقال، محطة البنزين).
2- البيئة المعقدة – الثابتة، تتميز بأنها ذات درجة متوسطة من عدم التأكد (عدم تأكد منخفض باعتدال) وذلك لوجود عدد كبير من العناصر البيئية غير المتشابهة، وإن تغيرت فإنها تتغير بشكل تدريجي ومتوقع (الجامعات، المعاهد، شركات التأمين).
3- البيئة البسيطة – المتغيرة، وهي ذات درجة عدم تأكد عالية نسبيا، ويرجع ذلك إلى وجود عناصر بيئية قليلة وهي نوعا ما متشابهة، وتتغير باستمرار، ولا يمكن التنبؤ بها (صناعة الأطفال، لعب الأطفال).
4- البيئة المعقدة – المتغيرة، تتميز بأعلى درجة عدم التأكد لأنها تشتمل على عدد كبير من العناصر البيئية غير المتجانسة، وتتغير بشكل سريع وغير متوقع.
2.3- نتائج تقييم البيئة الخارجية: إن من أهم النتائج التي تتوصل إليها المؤسسة من تعرفها على مكونات البيئة الخارجية التي تتميز بدرجة مختلفة من التعقيد والاستقرار، الأمر الذي يسمح بوجود من،جهة تهديدات أمام المؤسسة ومنه العمل على تفاديها والتخلص منها بطريقة ذكية، ومن جهة أخرى فرص متاحة في السوق لابد من التفكير العقلاني للمسيرين من أجل استغلالها، وفي كلتا الحالتين فإن الأمر يتطلب اليقظة المستمرة من طرف المؤسسة.
أ- مفهوم الفرص: هي التغيرات المواتية في البيئة الخارجية للمؤسسة والتي تؤثر إيجابـيا عليها (18)،أي أن الفرصة السوقية هي مجال يمكن أن تتمتع فيه المؤسسة بمركز تنافسي في السوق يجعلها متميزة عن منافسيها وتزيد من قوة جذبها للزبائن وقدرتها على تقديم ما يحتاجونه من منتجات، أو بعبارة أخرى القدرة على كشف ما يفتقده الزبائن وتقديم منتوج جديد يحتاجونه ولا يتواجد في السوق أو يتواجد ولكن بمستوى أقل مما يتوقعه الزبائن(19).
ب- مفهوم التهديدات: التهديدات هي التغيرات التي تحدث في البيئة الخارجية قي غير صالح المؤسسة وتــؤثــر عليها سلبا، أي هو متغير خارجي يميل لأن يكون طويل الأجل مع غياب أو تواضع قدرات أو تحركات فاعلة للتعامل معه(20)،مثل ظهور منافس قوي، صدور تشريع أو قرار سياسي معاكس، مما يؤدي إلى تضاؤل وتواضع المركز السوقي للمؤسسة.
مع الإشارة إلى أن الفرص تأخذ أشكالا مختلفة، كأن يخرج منافس قوي من السوق، أو وجود رغبة من مؤسسة أخرى لإبرام عقد شراكة….
3.3- نتائج تقييم البيئة الداخلية للمؤسسة: إن قيام المؤسسات بالتعرف على بيئتها الداخلية أو بعبارة أخرى تقييم إمكانياتها الداخلية، يهدف إلى استخلاص نقاط القوة ونقاط الضعف التي تتميز بها المؤسسة.
أ- مفهوم نقاط القوة: هي المزايا والإمكانات التي تتمتع بها المؤسسة بالمقارنة بما يتمتع به المنافسون(21)،أو أنها عبارة عن موارد وقدرات محورية تمثل مجالات للتمكن وسمات إيجابية متاحة يمكن للمؤسسة أن تبني عليها، فتبحث عن الفرص التي يمكن اقتناصها والإفادة منها بتوظيف القوة هذه.
ب- مفهوم نقاط الضعف: هي مجالات للقصور في موارد المؤسسة و/أو مهارات مديريها،تؤثر سلبا على أدائها وتفوت عليها اقتناص فرص ويتطلب الأمر تصحيحها وتقويمها لتقليل آثارها السلبية(22).
في الأخير نشير إلى أن هناك ارتباط وتكامل بين البيئة الداخلية والخارجية للمؤسسة،حيث حتى تستطيع المؤسسة أن تحدد مدى وجود فرصة،وما إذا كانت تستطيع اقتناص الفرص السوقية والاستفادة منها،يتطلب الأمر فحصا لكافة العوامل المؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر،إيجابيا أو سلبيا على مستقبل عمليات المؤسسة،ويتضمن ذلك تحليلا للبيئة الداخلية للمؤسسة للتعرف على نقاط القوة ونقاط الضعف،وكذا تحليلا مقابلا للبيئة الخارجية للتعرف على الفرص والتهديدات،لأن الفرصة لابد أن تقاس نسبة إلى نقاط القوة والضعف الخاصة بالمؤسسة. وعليه قد يصعب على المؤسسة استغلال كل الفرص التسويقية المتاحة عالميا بفعل محدودية الإمكانيات سواء المتعلقة باقتحام هذه الأسواق أو تلك المتعلقة بدراستها وتحليلها أو بفعل صغرها،والشكل رقم() يظهر لنا أربع حالات يمكن أن تقع فيها المؤسسة من خلال مقارنة نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات،وهو ما يسم الإمكانيات الداخلية للمؤسسة من منظور البيئة الخارجية.
الشكل رقم ():الإمكانيات الداخلية للمؤسسة من منظور البيئة الخارجية
المصدر: محمد أحمد عوض،مرجع سبق ذكره ،ص13
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق