سورة يس - سورة 36 - عدد آياتها 83
|
بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير
سورة يس
يس ( 1 )
( يس ) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ( 2 ) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 3 ) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 4 )
يقسم الله تعالى بالقرآن المحكم بما فيه من الأحكام والحكم والحجج, إنك - أيها الرسول- لمن المرسلين بوحي الله إلى عباده, على طريق مستقيم معتدل, وهو الإسلام.
تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ( 5 )
هذا القرآن تنزيل العزيز في انتقامه من أهل الكفر والمعاصي, الرحيم بمن تاب من عباده وعمل صالحًا.
لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ( 6 )
أنزلناه عليك - أيها الرسول- لتحذر به قومًا لم يُنْذَرْ آباؤهم من قبلك, وهم العرب, فهؤلاء القوم ساهون عن الإيمان والاستقامة على العمل الصالح. وكل أمة ينقطع عنها الإنذار تقع في الغفلة, وفي هذا دليل على وجوب الدعوة والتذكير على العلماء بالله وشرعه; لإيقاظ المسلمين من غفلتهم.
لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ( 7 )
لقد وجب العذاب على أكثر هؤلاء الكافرين, بعد أن عُرِض عليهم الحق فرفضوه, فهم لا يصدقون بالله ولا برسوله, ولا يعملون بشرعه.
إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ( 8 )
إنا جعلنا هؤلاء الكفار الذين عُرض عليهم الحق فردُّوه, وأصرُّوا على الكفر وعدم الإيمان, كمن جُعِل في أعناقهم أغلال, فجمعت أيديهم مع أعناقهم تحت أذقانهم, فاضطروا إلى رفع رؤوسهم إلى السماء, فهم مغلولون عن كل خير, لا يبصرون الحق ولا يهتدون إليه.
وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ( 9 )
وجعلنا من أمام الكافرين سدًّا ومن ورائهم سدًّا, فهم بمنزلة من سُدَّ طريقه من بين يديه ومن خلفه, فأعمينا أبصارهم; بسبب كفرهم واستكبارهم, فهم لا يبصرون رشدًا, ولا يهتدون. وكل من قابل دعوة الإسلام بالإعراض والعناد, فهو حقيق بهذا العقاب.
وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ( 10 )
يستوي عند هؤلاء الكفار المعاندين تحذيرك لهم - أيها الرسول- وعدم تحذيرك, فهم لا يصدِّقون ولا يعملون.
إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ( 11 )
إنما ينفع تحذيرك مَن آمن بالقرآن, واتبع ما فيه من أحكام الله, وخاف الرحمن, حيث لا يراه أحد إلا الله, فبشِّره بمغفرة من الله لذنوبه, وثواب منه في الآخرة على أعماله الصالحة, وهو دخوله الجنة.
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ( 12 )
إنا نحن نحيي الأموات جميعًا ببعثهم يوم القيامة, ونكتب ما عملوا من الخير والشر, وآثارهم التي كانوا سببًا فيها في حياتهم وبعد مماتهم من خير, كالولد الصالح, والعلم النافع, والصدقة الجارية, ومن شر, كالشرك والعصيان, وكلَّ شيء أحصيناه في كتاب واضح هو أمُّ الكتب, وإليه مرجعها, وهو اللوح المحفوظ. فعلى العاقل محاسبة نفسه; ليكون قدوة في الخير في حياته وبعد مماته.
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ( 13 ) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ( 14 )
واضرب - أيها الرسول- لمشركي قومك الرادِّين لدعوتك مثلا يعتبرون به, وهو قصة أهل القرية, حين ذهب إليهم المرسلون, إذ أرسلنا إليهم رسولين لدعوتهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة غيره, فكذَّب أهل القرية الرسولين, فعزَّزناهما وقويناهما برسول ثالث, فقال الثلاثة لأهل القرية: إنا إليكم - أيها القوم- مرسلون.
قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ ( 15 )
قال أهل القرية للمرسلين: ما أنتم إلا أناس مثلنا، وما أنزل الرحمن شيئًا من الوحي, وما أنتم - أيها الرسل- إلا تكذبون.
قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ( 16 ) وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 17 )
قال المرسلون مؤكدين: ربُّنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون, وما علينا إلا تبليغ الرسالة بوضوح, ولا نملك هدايتكم, فالهداية بيد الله وحده.
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 18 )
قال أهل القرية: إنا تَشَاءَمْنا بكم, لئن لم تكُفُّوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم رميًا بالحجارة, وليصيبنكم منَّا عذاب أليم موجع.
قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ( 19 )
قال المرسلون: شؤمكم وأعمالكم من الشرك والشر معكم ومردودة عليكم, أإن وُعظتم بما فيه خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في العصيان والتكذيب.
وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ( 20 ) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ ( 21 )
وجاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع ( وذلك حين علم أن أهل القرية هَمُّوا بقتل الرسل أو تعذيبهم ) , قال: يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله, اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة, وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده. وفي هذا بيان فضل مَن سعى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 22 )
وأيُّ شيء يمنعني مِن أن أعبد الله الذي خلقني, وإليه تصيرون جميعًا؟
أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ ( 23 ) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( 24 ) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ( 25 )
أأعبد من دون الله آلهة أخرى لا تملك من الأمر شيئًا, إن يردني الرحمن بسوء فهذه الآلهة لا تملك دفع ذلك ولا منعه, ولا تستطيع إنقاذي مما أنا فيه؟ إني إن فعلت ذلك لفي خطأ واضح ظاهر. إني آمنت بربكم فاستمعوا إلى ما قُلْته لكم, وأطيعوني بالإيمان. فلما قال ذلك وثب إليه قومه وقتلوه, فأدخله الله الجنة.
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ( 26 )
قيل له بعد قتله: ادخل الجنة, إكرامًا له.
بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ( 27 )
قال وهو في النعيم والكرامة: يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي وإكرامه إياي; بسبب إيماني بالله وصبري على طاعته, واتباع رسله حتى قُتِلت, فيؤمنوا بالله فيدخلوا الجنة مثلي.
وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ ( 28 )
وما احتاج الأمر إلى إنزال جند من السماء لعذابهم بعد قتلهم الرجل الناصح لهم وتكذيبهم رسلهم, فهم أضعف من ذلك وأهون, وما كنا منزلين الملائكة على الأمم إذا أهلكناهم, بل نبعث عليهم عذابًا يدمرهم.
إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ( 29 )
ما كان هلاكهم إلا بصيحة واحدة, فإذا هم ميتون لم تَبْقَ منهم باقية.
يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 30 )
يا حسرة العباد وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب, ما يأتيهم من رسول من الله تعالى إلا كانوا به يستهزئون ويسخرون.
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ ( 31 )
ألم ير هؤلاء المستهزئون ويعتبروا بمن قبلهم من القرون التي أهلكناها أنهم لا يرجعون إلى هذه الدينا؟
وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ( 32 )
وما كل هذه القرون التي أهلكناها وغيرهم, إلا محضرون جميعًا عندنا يوم القيامة للحساب والجزاء.
وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ( 33 )
ودلالة لهؤلاء المشركين على قدرة الله على البعث والنشور: هذه الأرض الميتة التي لا نبات فيها, أحييناها بإنزال الماء, وأخرجنا منها أنواع النبات مما يأكل الناس والأنعام, ومن أحيا الأرض بالنبات أحيا الخلق بعد الممات.
وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ( 34 )
وجعلنا في هذه الأرض بساتين من نخيل وأعناب, وفجَّرنا فيها من عيون المياه ما يسقيها.
لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ ( 35 )
كل ذلك; ليأكل العباد من ثمره, وما ذلك إلا من رحمة الله بهم لا بسعيهم ولا بكدِّهم, ولا بحولهم وبقوتهم, أفلا يشكرون الله على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعدُّ ولا تحصى؟
سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ( 36 )
تنزَّه الله العظيم الذي خلق الأصناف جميعها من أنواع نبات الأرض, ومن أنفسهم ذكورًا وإناثًا, ومما لا يعلمون من مخلوقات الله الأخرى. قد انفرد سبحانه بالخلق, فلا ينبغي أن يُشْرَك به غيره.
وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ( 37 )
وعلامة لهم دالة على توحيد الله وكمال قدرته: هذا الليل ننزع منه النهار, فإذا الناس مظلمون.
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ( 38 )
وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها, قدَّره الله لها لا تتعداه ولا تقصر عنه, ذلك تقدير العزيز الذي لا يغالَب, العليم الذي لا يغيب عن علمه شيء.
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ( 39 )
والقمرَ آية في خلقه, قدَّرناه منازل كل ليلة, يبدأ هلالا ضئيلا حتى يكمل قمرًا مستديرًا, ثم يرجع ضئيلا مثل عِذْق النخلة المتقوس في الرقة والانحناء والصفرة؛ لقدمه ويُبْسه.
لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ( 40 )
لكل من الشمس والقمر والليل والنهار وقت قدَّره الله له لا يتعدَّاه, فلا يمكن للشمس أن تلحق القمر فتمحو نوره, أو تغير مجراه, ولا يمكن للَّيل أن يسبق النهار, فيدخل عليه قبل انقضاء وقته, وكل من الشمس والقمر والكواكب في فلك يَجْرون.
وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ( 41 )
ودليل لهم وبرهان على أن الله وحده المستحق للعبادة, المنعم بالنعم, أنَّا حملنا مَن نجا مِن ولد آدم في سفينة نوح المملوءة بأجناس المخلوقات; لاستمرار الحياة بعد الطوفان.
وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ( 42 )
وخلقنا لهؤلاء المشركين وغيرهم مثل سفينة نوح من السفن وغيرها من المراكب التي يركبونها وتبلِّغهم أوطانهم.
وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ ( 43 )
وإن نشأ نغرقهم, فلا يجدون مغيثًا لهم مِن غرقهم, ولا هم يخلصون من الغرق.
إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ( 44 )
إلا أن نرحمهم فننجيهم ونمتعهم إلى أجل؛ لعلهم يرجعون ويستدركون ما فرَّطوا فيه.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ( 45 )
وإذا قيل للمشركين: احذروا أمر الآخرة وأهوالها وأحوال الدنيا وعقابها; رجاء رحمة الله لكم, أعرضوا, ولم يجيبوا إلى ذلك.
وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ( 46 )
وما تجيء هؤلاء المشركين من علامة واضحة من عند ربهم؛ لتهديهم للحق, وتبيِّن لهم صدق الرسول, إلا أعرضوا عنها, ولم ينتفعوا بها.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( 47 )
وإذا قيل للكافرين: أنفقوا من الرزق الذي مَنَّ به الله عليكم, قالوا للمؤمنين مُحْتجِّين: أنطعم من لو شاء الله أطعمه؟ ما أنتم - أيها المؤمنون- إلا في بُعْدٍ واضح عن الحق, إذ تأمروننا بذلك.
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 48 )
ويقول هؤلاء الكفار على وجه التكذيب والاستعجال: متى يكون البعث إن كنتم صادقين فيما تقولونه عنه؟
مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ( 49 )
ما ينتظر هؤلاء المشركون الذين يستعجلون بوعيد الله إياهم إلا نفخة الفَزَع عند قيام الساعة, تأخذهم فجأة, وهم يختصمون في شؤون حياتهم.
فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ( 50 )
فلا يستطيع هؤلاء المشركون عند النفخ في « القرن » أن يوصوا أحدًا بشيء, ولا يستطيعون الرجوع إلى أهلهم, بل يموتون في أسواقهم ومواضعهم.
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ( 51 )
ونُفِخ في « القرن » النفخةُ الثانية, فتُرَدُّ أرواحهم إلى أجسادهم, فإذا هم من قبورهم يخرجون إلى ربهم سراعًا.
قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ( 52 )
قال المكذبون بالبعث نادمين: يا هلاكنا مَن أخرجنا مِن قبورنا؟ فيجابون ويقال لهم: هذا ما وعد به الرحمن, وأخبر عنه المرسلون الصادقون.
إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ( 53 )
ما كان البعث من القبور إلا نتيجة نفخة واحدة في « القرن » , فإذا جميع الخلق لدينا ماثلون للحساب والجزاء.
فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 54 )
في ذلك اليوم يتم الحساب بالعدل, فلا تُظْلم نفس شيئًا بنقص حسناتها أو زيادة سيئاتها, ولا تُجْزون إلا بما كنتم تعملونه في الدنيا.
إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ( 55 )
إن أهل الجنة في ذلك اليوم مشغولون عن غيرهم بأنواع النعيم التي يتفكهون بها.
هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ( 56 )
هم وأزواجهم متنعمون بالجلوس على الأسرَّة المزيَّنة, تحت الظلال الوارفة.
لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ( 57 )
لهم في الجنة أنواع الفواكه اللذيذة, ولهم كل ما يطلبون من أنواع النعيم.
سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ( 58 )
ولهم نعيم آخر أكبر حين يكلمهم ربهم, الرحيم بهم بالسلام عليهم. وعند ذلك تحصل لهم السلامة التامة من جميع الوجوه.
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ( 59 )
ويقال للكفار في ذلك اليوم: تميَّزوا عن المؤمنين, وانفصلوا عنهم.
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ( 60 )
ويقول الله لهم توبيخًا وتذكيرًا: ألم أوصكم على ألسنة رسلي أن لا تعبدوا الشيطان ولا تطيعوه؟ إنه لكم عدو ظاهر العداوة.
وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ( 61 )
وأمرتكم بعبادتي وحدي, فعبادتي وطاعتي ومعصية الشيطان هي الدين القويم الموصل لمرضاتي وجنَّاتي.
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ( 62 )
ولقد أضلَّ الشيطان عن الحق منكم خلقًا كثيرًا, أفما كان لكم عقل - أيها المشركون- ينهاكم عن اتباعه؟
هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 63 )
هذه جهنم التي كنتم توعدون بها في الدنيا على كفركم بالله وتكذيبكم رسله.
اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ( 64 )
ادخلوها اليوم وقاسوا حرَّها; بسبب كفركم.
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( 65 )
اليوم نطبع على أفواه المشركين فلا ينطقون, وتُكلِّمنا أيديهم بما بطشت به, وتشهد أرجلهم بما سعت إليه في الدنيا، وكسبت من الآثام.
وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ( 66 )
ولو نشاء لطمسنا على أعينهم بأن نُذْهب أبصارهم, كما ختمنا على أفواههم, فبادَروا إلى الصراط ليجوزوه, فكيف يتحقق لهم ذلك وقد طُمِست أبصارهم؟
وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ ( 67 )
ولو شئنا لَغَيَّرنا خلقهم وأقعدناهم في أماكنهم, فلا يستطيعون أن يَمْضوا أمامهم, ولا يرجعوا وراءهم.
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ( 68 )
ومن نُطِلْ عمره حتى يهرم نُعِدْه إلى الحالة التي ابتدأ منها حالة ضعف العقل وضعف الجسد, أفلا يعقلون أنَّ مَن فعل مثل هذا بهم قادر على بعثهم؟
وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ( 69 ) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ( 70 )
وما علَّمنا رسولنا محمدًا الشعر, وما ينبغي له أن يكون شاعرًا, ما هذا الذي جاء به إلا ذكر يتذكر به أولو الألباب, وقرآن بيِّن الدلالة على الحق والباطل، واضحة أحكامه وحِكَمه ومواعظه; لينذر مَن كان حيَّ القلب مستنير البصيرة, ويحق العذاب على الكافرين بالله; لأنهم قامت عليهم بالقرآن حجة الله البالغة.
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ( 71 )
أولم ير الخلق أنا خلقنا لأجلهم أنعامًا ذللناها لهم, فهم مالكون أمرها؟
وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ( 72 )
وسخَّرناها لهم, فمنها ما يركبون في الأسفار, ويحملون عليها الأثقال, ومنها ما يأكلون.
وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ ( 73 )
ولهم فيها منافع أخرى ينتفعون بها, كالانتفاع بأصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ولباسًا, وغير ذلك, ويشربون ألبانها, أفلا يشكرون الله الذي أنعم عليهم بهذه النعم, ويخلصون له العبادة؟
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ ( 74 )
واتخذ المشركون من دون الله آلهة يعبدونها; طمعًا في نصرها لهم وإنقاذهم من عذاب الله.
لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ( 75 )
لا تستطيع تلك الآلهة نصر عابديها ولا أنفسهم ينصرون, والمشركون وآلهتهم جميعًا محضرون في العذاب, متبرئ بعضهم من بعض.
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ( 76 )
فلا يَحْزُنك - أيها الرسول- كفرهم بالله وتكذيبهم لك واستهزاؤهم بك; إنا نعلم ما يخفون, وما يظهرون, وسنجازيهم على ذلك.
أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ( 77 )
أولم ير الإنسان المنكر للبعث ابتداء خلقه فيستدل به على معاده, أنا خلقناه من نطفة مرَّت بأطوار حتى كَبِر, فإذا هو كثير الخصام واضح الجدال؟
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ( 78 )
وضرب لنا المنكر للبعث مثلا لا ينبغي ضربه, وهو قياس قدرة الخالق بقدرة المخلوق, ونسي ابتداء خلقه, قال: مَن يحيي العظام البالية المتفتتة؟
قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ( 79 )
قل له: يحييها الذي خلقها أول مرة, وهو بجميع خلقه عليم, لا يخفى عليه شيء.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ( 80 )
الذي أخرج لكم من الشجر الأخضر الرطب نارًا محرقة, فإذا أنتم من الشجر توقدون النار, فهو القادر على إخراج الضد من الضد. وفي ذلك دليل على وحدانية الله وكمال قدرته, ومن ذلك إخراج الموتى من قبورهم أحياء.
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ ( 81 )
أوليس الذي خلق السموات والأرض وما فيهما بقادر على أن يخلق مثلهم, فيعيدهم كما بدأهم؟ بلى, إنه قادر على ذلك, وهو الخلاق لجميع المخلوقات, العليم بكل ما خلق ويَخْلُقُ, لا يخفى عليه شيء.
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 82 )
إنما أمره سبحانه وتعالى إذا أراد شيئًا أن يقول له: « كن » فيكون, ومن ذلك الإماتة والإحياء, والبعث والنشور.
فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 83 )
فتنزه الله تعالى وتقدس عن العجز والشرك, فهو المالك لكل شيء, المتصرف في شؤون خلقه بلا منازع أو ممانع, وقد ظهرت دلائل قدرته, وتمام نعمته, وإليه تُرجعون للحساب والجزاء.
|
الأحد، 28 يناير 2018
سورة يس تفسير و تجويد
سورة فاطر تفسير و تجويد
سورة فاطر - سورة 35 - عدد آياتها 45
|
بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير
سورة فاطر
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 1 )
الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، خالق السماوات والأرض ومبدعهما, جاعل الملائكة رسلا إلى مَن يشاء من عباده, وفيما شاء من أمره ونهيه, ومِن عظيم قدرة الله أن جعل الملائكة أصحاب أجنحة مثنى وثلاث ورباع تطير بها؛ لتبليغ ما أمر الله به, يزيد الله في خلقه ما يشاء. إن الله على كل شيء قدير, لا يستعصي عليه شيء.
مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 2 )
ما يفتح الله للناس من رزق ومطر وصحة وعلم وغير ذلك من النعم, فلا أحد يقدر أن يمسك هذه الرحمة, وما يمسك منها فلا أحد يستطيع أن يرسلها بعده سبحانه وتعالى. وهو العزيز القاهر لكل شيء, الحكيم الذي يرسل الرحمة ويمسكها وَفْق حكمته.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ( 3 )
يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم, فلا خالق لكم غير الله يرزقكم من السماء بالمطر, ومن الأرض بالماء والمعادن وغير ذلك. لا إله إلا هو وحده لا شريك له, فكيف تُصْرَفون عن توحيده وعبادته؟
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ( 4 )
وإن يكذبك قومك - أيها الرسول- فقد كُذِّب رسل مِن قبلك, وإلى الله تصير الأمور في الآخرة, فيجازي كلا بما يستحق. وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ( 5 ) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ( 6 )
يا أيها الناس إن وعد الله بالبعث والثواب والعقاب حق ثابت, فلا تخدعنَّكم الحياة الدنيا بشهواتها ومطالبها, ولا يخدعنَّكم بالله الشيطان. إن الشيطان لبني آدم عدو, فاتخذوه عدوًّا ولا تطيعوه, إنما يدعو أتباعه إلى الضلال؛ ليكونوا من أصحاب النار الموقدة.
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ( 7 )
الذين جحدوا أن الله هو وحده الإله الحق وجحدوا ما جاءت به رسله لهم عذاب شديد في الآخرة, والذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات لهم عفو من ربهم وتجاوز عن ذنوبهم بعد سترها عليهم، ولهم أجر كبير, وهو الجنة.
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ( 8)
أفمن حسَّن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان فرآه حسنًا جميلا كمَن هداه الله تعالى, فرأى الحسن حسنًا والسيئ سيئًا؟ فإن الله يضل من يشاء من عباده, ويهدي من يشاء, فلا تُهْلك نفسك حزنًا على كفر هؤلاء الضالين, إن الله عليم بقبائحهم وسيجازيهم عليها أسوأ الجزاء.
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ ( 9 )
واللهُ هو الذي أرسل الرياح فتحرك سحابًا, فسقناه إلى بلد جدب, فينزل الماء فأحيينا به الأرض بعد يُبْسها فتخضر بالنبات, مثل ذلك الإحياء يحيي الله الموتى يوم القيامة.
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ( 10 )
من كان يطلب عزة في الدنيا أو الآخرة فليطلبها من الله, ولا تُنال إلا بطاعته, فلله العزة جميعًا, فمن اعتز بالمخلوق أذلَّه الله, ومن اعتز بالخالق أعزه الله, إليه سبحانه يصعد ذكره والعمل الصالح يرفعه. والذين يكتسبون السيئات لهم عذاب شديد, ومكر أولئك يَهْلك ويَفْسُد, ولا يفيدهم شيئًا.
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ( 11 )
واللهُ خلق أباكم آدم من تراب, ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين, ثم جعلكم رجالا ونساءً. وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه, وما يعمَّر من مُعَمَّر, فيطول عمره, ولا يُنْقَص من عمره إلا في كتاب عنده, وهو اللوح المحفوظ, قبل أن تحمل به أمُّه وقبل أن تضعه. قد أحصى الله ذلك كله, وعلمه قبل أن يخلقه, لا يُزاد فيما كتب له ولا يُنْقَص. إن خَلْقكم وعِلْم أحوالكم وكتابتها في اللوح المحفوظ سهل يسير على الله.
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 12 )
وما يستوي البحران: هذا عذب شديد العذوبة, سَهْلٌ مروره في الحلق يزيل العطش, وهذا ملح شديد الملوحة, ومن كل من البحرين تأكلون سمكًا طريًّا شهيَّ الطَّعم, وتستخرجون زينة هي اللؤلؤ والمَرْجان تَلْبَسونها, وترى السفن فيه شاقات المياه؛ لتبتغوا من فضله من التجارة وغيرها. وفي هذا دلالة على قدرة الله ووحدانيته; ولعلكم تشكرون لله على هذه النعم التي أنعم بها عليكم.
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ( 13 )
واللهُ يدخل من ساعات الليل في النهار, فيزيد النهار بقَدْر ما نقص من الليل, ويُدخل من ساعات النهار في الليل, فيزيد الليل بقَدْر ما نقص من النهار, وذلل الشمس والقمر, يجريان لوقت معلوم, ذلكم الذي فعل هذا هو الله ربكم له الملك كله, والذين تعبدون من دون الله ما يملكون مِن قطمير, وهي القشرة الرقيقة البيضاء تكون على النَّواة.
إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ( 14 )
إن تدعوا - أيها الناس- هذه المعبودات من دون الله لا يسمعوا دعاءكم, ولو سمعوا على سبيل الفرض ما أجابوكم, ويوم القيامة يتبرؤون منكم, ولا أحد يخبرك - أيها الرسول- أصدق من الله العليم الخبير.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ( 15 )
يا أيها الناس أنتم المحتاجون إلى الله في كل شيء, لا تستغنون عنه طرفة عين, وهو سبحانه الغنيُّ عن الناس وعن كل شيء من مخلوقاته, الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته، المحمود على نعمه؛ فإن كل نعمة بالناس فمنه، فله الحمد والشكر على كلِّ حال.
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ( 16 )
إن يشأ الله يهلكُّم أيها الناس, ويأت بقوم آخرين يطيعونه ويعبدونه وحده.
وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ( 17 )
وما إهلاككم والإتيان بخلق سواكم على الله بممتنع, بل ذلك على الله سهل يسير.
وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ( 18 )
ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى, وإن تَسْأل نفسٌ مثقَلَة بالخطايا مَن يحمل عنها من ذنوبها لم تجد من يَحمل عنها شيئًا, ولو كان الذي سألتْه ذا قرابة منها من أب أو أخ ونحوهما. إنما تحذِّر - أيها الرسول- الذين يخافون عذاب ربهم بالغيب, وأدَّوا الصلاة حق أدائها. ومن تطهر من الشرك وغيره من المعاصي فإنما يتطهر لنفسه. وإلى الله سبحانه مآل الخلائق ومصيرهم, فيجازي كلا بما يستحق.
وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ( 19 ) وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ ( 20 ) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ ( 21 ) وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ( 22 ) إِنْ أَنْتَ إِلا نَذِيرٌ ( 23 ) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ( 24 )
وما يستوي الأعمى عن دين الله, والبصير الذي أبصر طريق الحق واتبعه, وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان, ولا الظل ولا الريح الحارة, وما يستوي أحياء القلوب بالإيمان, وأموات القلوب بالكفر. إن الله يسمع مَن يشاء سماع فَهْم وقَبول, وما أنت - أيها الرسول- بمسمع مَن في القبور, فكما لا تُسمع الموتى في قبورهم فكذلك لا تُسمع هؤلاء الكفار لموت قلوبهم, إن أنت إلا نذير لهم غضب الله وعقابه. إنا أرسلناك بالحق, وهو الإيمان بالله وشرائع الدين, مبشرًا بالجنة مَن صدَّقك وعمل بهديك, ومحذرًا مَن كذَّبك وعصاك النار. وما من أمة من الأمم إلا جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها وضلالها.
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ( 25 )
وإن يكذبك هؤلاء المشركون فقد كذَّب الذين مِن قبلهم رسلهم الذين جاؤوهم بالمعجزات الواضحات الدالة على نبوتهم, وجاؤوهم بالكتب المجموع فيها كثير من الأحكام, وبالكتاب المنير الموضح لطريق الخير والشر.
ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ( 26 )
ثم أخَذْت الذين كفروا بأنواع العذاب, فانظر كيف كان إنكاري لعملهم وحلول عقوبتي بهم؟
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ( 27 )
ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء, فسقينا به أشجارًا في الأرض, فأخرجنا من تلك الأشجار ثمرات مختلفًا ألوانها, منها الأحمر ومنها الأسود والأصفر وغير ذلك؟ وخَلَقْنا من الجبال طرائق بيضًا وحمرًا مختلفًا ألوانها, وخلقنا من الجبال جبالا شديدة السواد.
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ( 28 )
وخلقنا من الناس والدواب والإبل والبقر والغنم ما هو مختلف ألوانه كذلك, فمن ذلك الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك كاختلاف ألوان الثمار والجبال. إنما يخشى اللهَ ويتقي عقابه بطاعته واجتناب معصيته العلماءُ به سبحانه, وبصفاته, وبشرعه, وقدرته على كل شيء, ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها, ويتدبرون ما فيها من عظات وعبر. إن الله عزيز قويٌّ لا يغالَب, غفور يثيب أهل الطاعة, ويعفو عنهم.
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ( 29 ) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ( 30 )
إن الذين يقرؤون القرآن, ويعملون به, وداوموا على الصلاة في أوقاتها, وأنفقوا مما رزقناهم من أنواع النفقات الواجبة والمستحبة سرًّا وجهرًا, هؤلاء يرجون بذلك تجارة لن تكسد ولن تهلك, ألا وهي رضا ربهم, والفوز بجزيل ثوابه؛ ليوفيهم الله تعالى ثواب أعمالهم كاملا غير منقوص, ويضاعف لهم الحسنات من فضله, إن الله غفور لسيئاتهم, شكور لحسناتهم, يثيبهم عليها الجزيل من الثواب.
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ( 31 )
والذي أنزلناه إليك - أيها الرسول- من القرآن هو الحق المصدِّق للكتب التي أنزلها الله على رسله قبلك. إن الله لخبير بشؤون عباده، بصير بأعمالهم، وسيجازيهم عليها.
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ( 32)
ثم أعطينا - بعد هلاك الأمم- القرآن مَن اخترناهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فمنهم ظالم لنفسه بفعل بعض المعاصي, ومنهم مقتصد, وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات, ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله, أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فَرْضِها ونفلها, ذلك الإعطاء للكتاب واصطفاء هذه الأمة هو الفضل الكبير.
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ( 33 ) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ( 34 ) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ( 35 )
جنات إقامة دائمة للذين أورثهم الله كتابه يُحلَّون فيها الأساور من الذهب واللؤلؤ, ولباسهم المعتاد في الجنة حرير أي: ثياب رقيقة. وقالوا حين دخلوا الجنة: الحمد لله الذي أذهب عنا كل حَزَن, إن ربنا لغفور; حيث غفر لنا الزلات, شكور; حيث قبل منا الحسنات وضاعفها. وهو الذي أنزلَنا دار الجنة من فضله, لا يمسنا فيها تعب ولا إعياء.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ( 36 )
والذين كفروا بالله ورسوله لهم نار جهنم الموقدة, لا يُقْضى عليهم بالموت, فيموتوا ويستريحوا, ولا يُخَفَّف عنهم مِن عذابها, ومثل ذلك الجزاء يجزي الله كلَّ متمادٍ في الكفر مُصِرٍّ عليه.
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ( 37 )
وهؤلاء الكفار يَصْرُخون من شدة العذاب في نار جهنم مستغيثين: ربنا أخرجنا من نار جهنم, وردَّنا إلى الدنيا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمله في حياتنا الدنيا, فنؤمن بدل الكفر, فيقول لهم: أولم نُمْهلكم في الحياة قَدْرًا وافيًا من العُمُر, يتعظ فيه من اتعظ, وجاءكم النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم تتذكروا ولم تتعظوا؟ فذوقوا عذاب جهنم, فليس للكافرين من ناصر ينصرهم من عذاب الله.
إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 38 )
إن الله مطَّلع على كل غائب في السماوات والأرض, وإنه عليم بخفايا الصدور, فاتقوه أن يطَّلع عليكم, وأنتم تُضْمِرون الشك أو الشرك في وحدانيته, أو في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أن تَعْصوه بما دون ذلك.
هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا (39 )
الله هو الذي جعلكم - أيها الناس- يَخْلُف بعضكم بعضًا في الأرض, فمن جحد وحدانية الله منكم فعلى نفسه ضرره وكفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا بغضًا وغضبًا, ولا يزيدهم كفرهم بالله إلا ضلالا وهلاكًا.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا ( 40 )
قل - أيها الرسول- للمشركين: أخبروني أيَّ شيء خَلَق شركاؤكم من الأرض, أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركًا مع الله في خلق السماوات, أم أعطيناهم كتابًا فهم على حجة منه؟ بل ما يَعِدُ الكافرون بعضهم بعضًا إلا غرورًا وخداعًا.
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ( 41 )
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا عن مكانهما, ولئن زالت السماوات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعده. إن الله كان حليمًا في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة, غفورًا لمن تاب من ذنبه ورجع إليه.
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا ( 42 )
وأقسم كفار قريش بالله أشد الأَيْمان: لئن جاءهم رسول من عند الله يخوِّفهم عقاب الله ليكونُنَّ أكثر استقامة واتباعًا للحق من اليهود والنصارى وغيرهم, فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ذلك إلا بُعْدًا عن الحق ونفورًا منه.
اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا ( 43 )
ليس إقسامهم لقَصْد حسن وطلبًا للحق, وإنما هو استكبار في الأرض على الخلق, يريدون به المكر السيِّئ والخداع والباطل, ولا يحيق المكر السيِّئ إلا بأهله, فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل بأمثالهم الذين سبقوهم, فلن تجد لطريقة الله تبديلا ولا تحويلا فلا يستطيع أحد أن يُبَدِّل, ولا أن يُحَوِّل العذاب عن نفسه أو غيره.
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ( 44 )
أولم يَسِرْ كفار « مكة » في الأرض, فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كعاد وثمود وأمثالهم, وما حلَّ بهم من الدمار, وبديارهم من الخراب, حين كذبوا الرسل, وكان أولئك الكفرة أشد قوة وبطشًا من كفار « مكة » ؟ وما كان الله تعالى ليعجزه ويفوته من شيء في السماوات ولا في الأرض, إنه كان عليمًا بأفعالهم, قديرًا على إهلاكهم.
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45 )
ولو يعاقب الله الناس بما عملوا من الذنوب والمعاصي ما ترك على ظهر الأرض من دابة تَدِبُّ عليها, ولكن يُمْهلهم ويؤخر عقابهم إلى وقت معلوم عنده, فإذا جاء وقت عقابهم فإن الله كان بعباده بصيرًا, لا يخفى عليه أحد منهم, ولا يعزب عنه علم شيء من أمورهم, وسيجازيهم بما عملوا من خير أو شر.
|
فديوهات الفيزياء للسنة الثالثة ثانوي ; Sujet Annale ...
ملخص كل دروس العلوم الطبيعية للسنة الثالثة ثانوي
--------------------------------------------------------
فديوهات الفيزياء للسنة الثالثة ثانوي ; Sujet Annale ...
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
خبراء وقانونيون وممثلون عن النقابات والأولياء في ندوة "الشروق": توقفوا عن "ذبح" التلاميذ بالإضرابات!
خبراء وقانونيون وممثلون عن النقابات والأولياء في ندوة "الشروق": توقفوا عن "ذبح" التلاميذ بالإضرابات!
- نقابات: الإضراب حق دستوري ولا لتجويع الأساتذة بالخصم
- مختصون: المدرسة في أزمة بسبب التعسف في استخدام حق الإضراب
- أولياء: هناك من يحرّض أبناءنا على العنف والعصيان
عا المشاركون في ندوة "الشروق" حول المدرسة، أطراف الأسرة التربوية إلى الاحتكام إلى الحوار والمفاوضات بدل التصعيد، وفيما دافع ممثلو النقابات الحاضرون عن خيار الإضراب كحق دستوري، قال الخبراء والقانونيون إن التعسف في استخدام هذا الحق يضر بمصلحة التلاميذ ويهدد بسنة بيضاء خاصة في ولاية البليدة التي دخل فيها الإضراب شهره الثالث.
مسؤول الإعلام بنقابة "الكناباست" مسعود بوديبة:
انسحبنا من الحوار في البليدة لأنهم أرادوا "كرنفال في دشرة"
دافع الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، مسعود بوديبة، عن المطالب المرفوعة وعن الإضراب المفتوح الذي تنوي نقابته شنه بدءا من الثلاثاء المقبل وطنيا، أين رد على الاتهامات الموجهة لهيئته من قبل جمعيات أولياء التلاميذ خصوصا والرأي العام على وجه العموم، رافضا تقبلها جملة وتفصيلا، كون أن المطالب المرفوعة بولاية البليدة على سبيل المثال عمرها 4 سنوات وهي موثقة "بمحاضر" رسمية ممضاة من قبل مديرة التربية الحالية، مشددا في السياق ذاته أن الإضراب بنفس الولاية قد دخل شهره الثالث دون تحرك لا الوصاية ولا السلطات العمومية، على الأقل لتجسيد ما جاء في أربعة محاضر كاملة، فيما انتقد بشدة جمعيات أولياء التلاميذ التي تدخلت لفك النزاع - في الوقت بدل الضائع -، أي بعد مرور شهرين كاملين على الحركة الاحتجاجية المفتوحة، مضيفا "كنا نتمنى لو ناضلت جمعيات أولياء التلاميذ وسهرت على تجسيد فحوى المحاضر الممضاة مع مديرية التربية للولاية لتفادي الإضراب المفتوح بدل الاكتفاء على توجيه التهم للأساتذة ووصفهم بالمجموعات، فنحن لسنا بمجموعات وإنما نحن منظمة نقابية معتمدة".
وأضاف، بوديبة، أن "الكناباست" هي من دعت للتفاوض والحوار مع الوصاية والدليل هو عدد الطلبات المودعة لعقد لقاءات، ليبقى الحوار وسيلة لتفادي الإضراب المفتوح، مجددا تأكيده بأن مصير إضراب الثلاثاء المقبل المفتوح مرهون بمدى تجاوب وزارة التربية الوطنية مع المطالب المرفوعة في لقاء اليوم، ليبقى القرار الأول والأخير بيد "المجلس الوطني" الذي يعد كأعلى هيئة. مؤكدا أن الكناباست بولايتي تيزي وزو والبليدة لن تبلغ بقرار المحكمة القاضي ببطلان الحركة الاحتجاجية.
واستغرب محدثنا، عن عدم تدخل الوصاية لتغطية العجز في الأساتذة بالجزائر العاصمة بشكل خاص، رغم مرور فصل دراسي كامل على غرار ما حدث بثانوية الرياضيات النموذجية الكائنة بالقبة التي ظل التلاميذ بها دون أساتذة رياضيات دون تحرك الوصاية لتغطية العجز كأن الأمر لا يهمها. بحيث تساءل قائلا "ألا يعد هذا إضرابا مقننا عندما يحرم التلاميذ من الدراسة بحجة عدم توفر التأطير البيداغوجي، أليس تأخير الدخول المدرسي الجاري إلى غاية شهر أكتوبر بدل شهر سبتمبر إضرابا من نوع آخر بسبب تراكم المشاكل، لكن الغريب في الأمر أننا لم نسجل تدخل أي طرف من الأطراف لحل مشكل التأطير".
صادق دزيري رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين:
ذاهبون إلى الإضراب إذا لم تُصحح اختلالات القانون الأساسي
شدد، رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، صادق دزيري، بأنهم ليسو دعاة إضراب، رغم أنه حق يكلفه الدستور، غير أنه يبقى كآخر مرحلة في حال إذا ظلت الأوضاع على حالها، موضحا بأن الخلاف القائم حاليا بين هيئته ووزارة التربية الوطنية حول ملف القانون الخاص لمستخدمي القطاع 12/240 المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي 08/315، في الوقت الذي أكد بأنه يبدو أن الوصاية متمسكة بـ5 سنوات كمهلة للإفراج عن القانون الأساسي بعد معالجة اختلالاته، خاصة وأنها تحججت كونها قد تحملت مسؤولية فتح القانون الخاص دون استشارة الوزارة الأولى، الأمر الذي أدى إلى عقد 59 اجتماع في ظرف 3 سنوات كاملة.
ووجه المسؤول الأول عن نقابة "لونباف" نداء مستعجلا للسلطات العمومية بالكف عن زج الخلافات والإشكالات والنزاعات الاجتماعية الجماعية في أروقة المحاكم، بالذهاب نحو تفاوض "حقيقي" بعد جلسات حوار جادة ومسؤولة للوصول إلى حلول "توافقية" للمشاكل العالقة. موضحا في ذات السياق بأن الوصاية لا تمارس سياسة "العقاب" ضد المضربين، وإنما تمارس سياسة "التجويع" من خلال التعسف في استعمال الحق القانوني، أين لجأت إلى الخصم من رواتب الأساتذة "دفعة واحدة" دون أدنى احترام لقوانين الجمهورية التي نصت صراحة على أن الخصم يكون على مراحل مع تفادي أيام الأعياد والمناسبات الوطنية والدينية.
وأضاف، ضيف الندوة أن التعنت يولد التعفن، وبالتالي فعندما لا يكون هناك حوار جاد يفضي برزنامة واضحة لحل المشاكل العالقة، سيؤدي حتما بالمربين باللجوء إلى "الإفراط" في الإضرابات، لافتكاك المطالب المرفوعة، غير أن هذا الوضع ليس في صالح الأساتذة ولا المضربين لأن الأمر سيدفع بالسلطات العمومية بالذهاب إلى تقنين "تحريم الإضرابات" مستقبلا وهو ما جاء في مشروع قانون العمل الجديد.
الإطار السّابق بوزارة التربية الوطنية، محمد بوخطة:
علاقة العمل تدهورت والسبب غياب الثقافة القانونية
فسّر الإطار السابق بوزارة التربية الوطنية، محمد بوخطة، أسباب تدهور علاقات العمل بين النقابييّن والإدارة، في وجود خلل في التواصل بين الطرفين خاصة أثناء الأزمات، وحسب قوله "أعتقد أن المسؤول أو الإداري الجزائري لا يتحدث، وإذا تكلم زاد الأمر غموضا، ولا يعطي حلا "، وهذا الأمر تسبب في ما وصفه بـ "تغول" مٌستخدمي الإدارة على الإدارة ذاتها، والنقابي على المسؤول " فأصبح بينها وبين الإدارة نزاع صلاحيات"، ومضيف بالقول "لو صنعت الإدارة الفارق، بحسن الأداء وبالاعتماد على التأهيل والتكوين، أكيد ستتمكن من التحكم في مٌستخدميها... فهذا النوع من التسيير أعطى مٌبرِّرا لمختلف النقابات للوجود ثم المواجهة " وهو ما جعله يُشدِّد عل ضرورة المراجعة الجذرية لقواعد علاقات العمل.
كما حمّل بوخطة، الاتحاد العام للعمال الجزائريين المسؤولية الكبرى في ذلك بعدما تحول حسب تعبيره "إلى أداة سياسية في يد السلطة، فظهرت للوجود نقابات جديدة "
وبخصوص قطاع التربية، ساند المتحدث مطلب الإشراك في الأداء، الذي يطالب به الشركاء الاجتماعيون، فحتى المصطلح القانوني المستعمل في التشريع المدرسي يطلق عليهم تسمية "الجماعة التربوية"، ومع ذلك فعلى هذه "الجماعات" بدورها أن تمارس الحوار الذي تطالب به "اذ لا يجب أن تقول لجمعيات أولياء التلاميذ لماذا تتدخلون؟".
فيما يعتبر غياب الثقافة القانونية في مجتمعنا، السبب الرئيسي في تدهور علاقات العمل " فالالتزام بالقانون والرغبة في تطبيقه هو ما ينقصنا، فلا الإدارة عندها ثقافة قانونية ولا تتعامل بقوانين قابلة للتطبيق، فالجميع يتحايل لعدم تطبيق القانون"، ومؤكدا أنه لا يكفي وجود نص قانوني، وإنما الرغبة في تطبيقه والالتزام به.
فيما يرى بوخطة في موضوع إقحام العدالة ومؤسسة الوظيف العمومية كل مرة في الإضرابات، بـ"التهوين من دورهما" والحل – حسبه- هو في إعادة النظر في علاقات العمل ووضع المسؤول المناسب في المكان المناسب، مع اكتساب الكفاءة والجرأة في حل المشكلات، والتي لابد أن تكون مبنية على الصراحة، متسائلا "لماذا لا يواجه المسؤول، النقابي ويقولها له صراحة.. هذا المطلب سأنفذه وهذا لا" بدل اللجوء الى التحايل في التفاوض، فمن كثرة تهرب الإدارة وإصرار النقابيين على الإضراب، "صارت الإضرابات حدثا عاديا، لدرجة قد يستمر لأكثر من شهرين دون تحرك أي جهة ".
"ألكوم سات" يستغل بداية الصيف
كشفت وزيرة البريد والاتصالات السلكية و اللاسلكية والتكنولوجيات و الرقمنة إيمان هدى فرعون، لدى نزولها ضيفة على برنامج "ضيف الصباح" بالقناة الإذاعية الأولى، على أن الاستغلال التجاري للقمر الاصطناعي الجزائري ألكوم سات1 " سيكون ابتداء من الصائفة المقبلة.
و أوضحت فرعون ان القمر الاصطناعي سيدخل الخدمة في القريب العاجل بعد تجربته لعدة أسابيع ،وسيبدأ أول استغلال له تجاريا مع اتصالات الجزائر الفضائية بالنسبة لخدمة الانترنت و مع الوكالة الوطنية للبث الإذاعي و التلفزي بالنسبة لخدمات التلفزة.
و أكدت الوزيرة أن اتصالات الجزائر شرعت في توطين البيانات على مستوى مركز الحفظ بالجزائر العاصمة في انتظار المركز الثاني بمدينة عنابة وفق معايير دولية ، على أن تكون التسعيرة في متناول المواطنين و الخدمة ذات نوعية حسب المقاييس العالمية ، مشيرة إلى أنه سيتم خلال الأيام المقبلة إطلاق العروض التجارية، و هذا بعد عرض المشروع والمصادقة عليه في البرلمان خلال الأسابيع المقبلة.
و أفادت فرعون عن شراكة مع مؤسسة يابانية لإنجاز مركز لحفظ البيانات في الأخضرية ولاية البويرة يلبي الاحتياجات الوطنية و مفتوح حتى على الخارج ، قائلة إن هذا العرض سيكون جاهزا مع نهاية السنة الجارية ، وأفادت بوجود دراسة تخص قاعدة بيانات بمؤسسات الدولة فقط ستكون في الأخضرية و مركزها الثاني سيكون في الكاليتوس بالعاصمة.
و دعت ايمان هدى فرعون كل التجار الى فتح مواقع وايب على ارضية "د زاد" لممارسة نشاط البيع عبر الإنترنت و حتى يتم الدفع الإلكتروني بالجزائر، ليسهل على مصالح وزارة التجارة مراقبة البيع عبر الانترنت، أما بخصوص الدفع فللزبون حرية الاختيار سواء إلكترونيا أو بالطريقة التقليدية، على أن يتم استعمال الدفع الالكتروني بعد تصنيع أجهزة الدفع بالجزائر.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
-
مذكرات اللغة الفرنسية الثانية متوسط │ Fiches pédagogiques de français nouveau programme 2am تحميل PDF للتحميل اضغط هنا مذكرات...
-
م ؤلفات المعهد الوطني لمستخدمي التربية وتحسين مستواهم Ouvrages de l’institut national de formation et de perfectionnement du personnel d...