خبراء وقانونيون وممثلون عن النقابات والأولياء في ندوة "الشروق": توقفوا عن "ذبح" التلاميذ بالإضرابات!
- نقابات: الإضراب حق دستوري ولا لتجويع الأساتذة بالخصم
- مختصون: المدرسة في أزمة بسبب التعسف في استخدام حق الإضراب
- أولياء: هناك من يحرّض أبناءنا على العنف والعصيان
عا المشاركون في ندوة "الشروق" حول المدرسة، أطراف الأسرة التربوية إلى الاحتكام إلى الحوار والمفاوضات بدل التصعيد، وفيما دافع ممثلو النقابات الحاضرون عن خيار الإضراب كحق دستوري، قال الخبراء والقانونيون إن التعسف في استخدام هذا الحق يضر بمصلحة التلاميذ ويهدد بسنة بيضاء خاصة في ولاية البليدة التي دخل فيها الإضراب شهره الثالث.
مسؤول الإعلام بنقابة "الكناباست" مسعود بوديبة:
انسحبنا من الحوار في البليدة لأنهم أرادوا "كرنفال في دشرة"
دافع الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، مسعود بوديبة، عن المطالب المرفوعة وعن الإضراب المفتوح الذي تنوي نقابته شنه بدءا من الثلاثاء المقبل وطنيا، أين رد على الاتهامات الموجهة لهيئته من قبل جمعيات أولياء التلاميذ خصوصا والرأي العام على وجه العموم، رافضا تقبلها جملة وتفصيلا، كون أن المطالب المرفوعة بولاية البليدة على سبيل المثال عمرها 4 سنوات وهي موثقة "بمحاضر" رسمية ممضاة من قبل مديرة التربية الحالية، مشددا في السياق ذاته أن الإضراب بنفس الولاية قد دخل شهره الثالث دون تحرك لا الوصاية ولا السلطات العمومية، على الأقل لتجسيد ما جاء في أربعة محاضر كاملة، فيما انتقد بشدة جمعيات أولياء التلاميذ التي تدخلت لفك النزاع - في الوقت بدل الضائع -، أي بعد مرور شهرين كاملين على الحركة الاحتجاجية المفتوحة، مضيفا "كنا نتمنى لو ناضلت جمعيات أولياء التلاميذ وسهرت على تجسيد فحوى المحاضر الممضاة مع مديرية التربية للولاية لتفادي الإضراب المفتوح بدل الاكتفاء على توجيه التهم للأساتذة ووصفهم بالمجموعات، فنحن لسنا بمجموعات وإنما نحن منظمة نقابية معتمدة".
وأضاف، بوديبة، أن "الكناباست" هي من دعت للتفاوض والحوار مع الوصاية والدليل هو عدد الطلبات المودعة لعقد لقاءات، ليبقى الحوار وسيلة لتفادي الإضراب المفتوح، مجددا تأكيده بأن مصير إضراب الثلاثاء المقبل المفتوح مرهون بمدى تجاوب وزارة التربية الوطنية مع المطالب المرفوعة في لقاء اليوم، ليبقى القرار الأول والأخير بيد "المجلس الوطني" الذي يعد كأعلى هيئة. مؤكدا أن الكناباست بولايتي تيزي وزو والبليدة لن تبلغ بقرار المحكمة القاضي ببطلان الحركة الاحتجاجية.
واستغرب محدثنا، عن عدم تدخل الوصاية لتغطية العجز في الأساتذة بالجزائر العاصمة بشكل خاص، رغم مرور فصل دراسي كامل على غرار ما حدث بثانوية الرياضيات النموذجية الكائنة بالقبة التي ظل التلاميذ بها دون أساتذة رياضيات دون تحرك الوصاية لتغطية العجز كأن الأمر لا يهمها. بحيث تساءل قائلا "ألا يعد هذا إضرابا مقننا عندما يحرم التلاميذ من الدراسة بحجة عدم توفر التأطير البيداغوجي، أليس تأخير الدخول المدرسي الجاري إلى غاية شهر أكتوبر بدل شهر سبتمبر إضرابا من نوع آخر بسبب تراكم المشاكل، لكن الغريب في الأمر أننا لم نسجل تدخل أي طرف من الأطراف لحل مشكل التأطير".
صادق دزيري رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين:
ذاهبون إلى الإضراب إذا لم تُصحح اختلالات القانون الأساسي
شدد، رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، صادق دزيري، بأنهم ليسو دعاة إضراب، رغم أنه حق يكلفه الدستور، غير أنه يبقى كآخر مرحلة في حال إذا ظلت الأوضاع على حالها، موضحا بأن الخلاف القائم حاليا بين هيئته ووزارة التربية الوطنية حول ملف القانون الخاص لمستخدمي القطاع 12/240 المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي 08/315، في الوقت الذي أكد بأنه يبدو أن الوصاية متمسكة بـ5 سنوات كمهلة للإفراج عن القانون الأساسي بعد معالجة اختلالاته، خاصة وأنها تحججت كونها قد تحملت مسؤولية فتح القانون الخاص دون استشارة الوزارة الأولى، الأمر الذي أدى إلى عقد 59 اجتماع في ظرف 3 سنوات كاملة.
ووجه المسؤول الأول عن نقابة "لونباف" نداء مستعجلا للسلطات العمومية بالكف عن زج الخلافات والإشكالات والنزاعات الاجتماعية الجماعية في أروقة المحاكم، بالذهاب نحو تفاوض "حقيقي" بعد جلسات حوار جادة ومسؤولة للوصول إلى حلول "توافقية" للمشاكل العالقة. موضحا في ذات السياق بأن الوصاية لا تمارس سياسة "العقاب" ضد المضربين، وإنما تمارس سياسة "التجويع" من خلال التعسف في استعمال الحق القانوني، أين لجأت إلى الخصم من رواتب الأساتذة "دفعة واحدة" دون أدنى احترام لقوانين الجمهورية التي نصت صراحة على أن الخصم يكون على مراحل مع تفادي أيام الأعياد والمناسبات الوطنية والدينية.
وأضاف، ضيف الندوة أن التعنت يولد التعفن، وبالتالي فعندما لا يكون هناك حوار جاد يفضي برزنامة واضحة لحل المشاكل العالقة، سيؤدي حتما بالمربين باللجوء إلى "الإفراط" في الإضرابات، لافتكاك المطالب المرفوعة، غير أن هذا الوضع ليس في صالح الأساتذة ولا المضربين لأن الأمر سيدفع بالسلطات العمومية بالذهاب إلى تقنين "تحريم الإضرابات" مستقبلا وهو ما جاء في مشروع قانون العمل الجديد.
الإطار السّابق بوزارة التربية الوطنية، محمد بوخطة:
علاقة العمل تدهورت والسبب غياب الثقافة القانونية
فسّر الإطار السابق بوزارة التربية الوطنية، محمد بوخطة، أسباب تدهور علاقات العمل بين النقابييّن والإدارة، في وجود خلل في التواصل بين الطرفين خاصة أثناء الأزمات، وحسب قوله "أعتقد أن المسؤول أو الإداري الجزائري لا يتحدث، وإذا تكلم زاد الأمر غموضا، ولا يعطي حلا "، وهذا الأمر تسبب في ما وصفه بـ "تغول" مٌستخدمي الإدارة على الإدارة ذاتها، والنقابي على المسؤول " فأصبح بينها وبين الإدارة نزاع صلاحيات"، ومضيف بالقول "لو صنعت الإدارة الفارق، بحسن الأداء وبالاعتماد على التأهيل والتكوين، أكيد ستتمكن من التحكم في مٌستخدميها... فهذا النوع من التسيير أعطى مٌبرِّرا لمختلف النقابات للوجود ثم المواجهة " وهو ما جعله يُشدِّد عل ضرورة المراجعة الجذرية لقواعد علاقات العمل.
كما حمّل بوخطة، الاتحاد العام للعمال الجزائريين المسؤولية الكبرى في ذلك بعدما تحول حسب تعبيره "إلى أداة سياسية في يد السلطة، فظهرت للوجود نقابات جديدة "
وبخصوص قطاع التربية، ساند المتحدث مطلب الإشراك في الأداء، الذي يطالب به الشركاء الاجتماعيون، فحتى المصطلح القانوني المستعمل في التشريع المدرسي يطلق عليهم تسمية "الجماعة التربوية"، ومع ذلك فعلى هذه "الجماعات" بدورها أن تمارس الحوار الذي تطالب به "اذ لا يجب أن تقول لجمعيات أولياء التلاميذ لماذا تتدخلون؟".
فيما يعتبر غياب الثقافة القانونية في مجتمعنا، السبب الرئيسي في تدهور علاقات العمل " فالالتزام بالقانون والرغبة في تطبيقه هو ما ينقصنا، فلا الإدارة عندها ثقافة قانونية ولا تتعامل بقوانين قابلة للتطبيق، فالجميع يتحايل لعدم تطبيق القانون"، ومؤكدا أنه لا يكفي وجود نص قانوني، وإنما الرغبة في تطبيقه والالتزام به.
فيما يرى بوخطة في موضوع إقحام العدالة ومؤسسة الوظيف العمومية كل مرة في الإضرابات، بـ"التهوين من دورهما" والحل – حسبه- هو في إعادة النظر في علاقات العمل ووضع المسؤول المناسب في المكان المناسب، مع اكتساب الكفاءة والجرأة في حل المشكلات، والتي لابد أن تكون مبنية على الصراحة، متسائلا "لماذا لا يواجه المسؤول، النقابي ويقولها له صراحة.. هذا المطلب سأنفذه وهذا لا" بدل اللجوء الى التحايل في التفاوض، فمن كثرة تهرب الإدارة وإصرار النقابيين على الإضراب، "صارت الإضرابات حدثا عاديا، لدرجة قد يستمر لأكثر من شهرين دون تحرك أي جهة ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق