الجمعة، 6 مايو 2016

نظم في أسماء كتب القراءات وشرحه

نظم في أسماء كتب القراءات وشرحه



نظم في أسماء كتب القراءات وشرحه

الحمد لله ذي العزَّة والعلاء، والعظمة والبهاء، والقُدرة والكبرياء[1].

وبعد:
فهذا نظمٌ ضمَّنتُه عددًا من أسماءِ كُتُب القِراءات، واقتبستُ فيه جُملاً من قصيدةِ الإمام الشاطبيِّ - رحِمه الله – المسمَّاة: "حِرْز الأماني ووجْه التهاني"، والمشهورة بالشاطبيَّة.

ثم شرحتُ ذلك، معرِّفًا بِهذه الكتُب وأصحابِها بإيجاز، ناقلاً - في أكثر الأحْوال - تعريفَ الإمام ابن الجزري - رحمه الله - لهذه الكتُب في كتاب "النشْر"، وما ليس في كتاب "النشْر" فإنِّي أنقل اسمَ الكتاب وصاحبه ووفاته من الكتُب المطبوعة مباشرة،، وبالله التوفيق، وعليه اعتمادي.


النَّظْم

جَعَلْتُكِ  فِي  "حِرْزٍ"  فَإِنَّكِ  "دُرَّةٌ"        وَإِنَّكِ "كَنْزٌ" لابْنِ  مَنْ  كَانَ  مُؤْمِنَا[2]
حَدِيثُكِ  "إِقْنَاعٌ"   وَقُرْبُكِ   "غَايَةٌ"        وَنُصْحُكِ "إِرْشَادٌ"  لِمَنْ  قَد  تَمَعَّنَا
وَبَيْتُكِ    "عُنْوَانٌ"    لِطُهْرٍ    وَعِفَّةٍ        سَمَاءَ  العُلا  وَالعَدْلِ   فِيهَا   تَوَطَّنَا
هَنِيئًا لِمَنْ قَدْ صِرْتِ فِي البَيْتِ حِلَّهُ        يَقِينِيَ: لَمْ  يَخْفُقْ  لأُخْرَى  وَلا  رَنَا [3]
وِصَالُكِ "كَافِيهِ" وَ  "هَادِيهِ"  لِلتُّقَى        وَ  "تَذْكِرَةٌ"   أَنَّ   النَّعِيمَ   لَهُ   هُنَا
وَ  "تَبْصِرَةٌ"   "لِلْمُسْتَنِيرِ"   عُيُونُكُمْ        بِلَيْلٍ إِذَا "المِصْبَاحُ"  أُطْفِئَ  أَوْ  وَنَى
"فَمُفْرَدَةٌ"  فِي  قَلْبِهِ  لَيْسَ  "جَامِعًا"        إِلَيْكِ  "ثَلاثًا"  أَوْ   يَكُونُ   لَهُ   ثِنَى
لَئِنْ  كَانَ  قَبْلَ  الطُّهْرِ  وَالعِفَّةِ  الَّتِي        مَنَنْتِ   عَلَيْهِ   ضَاعَ   أَشْأَمَ    أَيْمَنَا
فَقَدْ نُلْتِهِ "رَوْضًا نَضِيرًا" وَ  "رَوْضَةً"        مُطَيَّبَةَ    الأَعْرَافِ    دَانِيَةَ     الجَنَى [4]
وَأَنْسَيْتِهِ  مَنْ  كَانَ  قَدْ  صَالَ  دَلُّهَا       سَمِيَّ  جَمَالٍ  وَاصِلاً   مَنْ   تَمَكَّنَا
وَمَنْ سَحَبَتْ ذَيْلاً ضَفَا ذَاتَ زَرْنَبٍ        جَلَتْهُ وَمَنْ أَبْدَتْ لَهُ  الثَّغْرَ  ذَا  السَّنَا
جَلَبْتِ لَهُ "التَّيْسِيرَ"  فِي  عَيْشِهِ  فَلَمْ        يُثَقَّلْ   بِأَعْبَاءٍ   وَلا   ظَهْرُهُ   انْحَنَى
وَلَمْ  تَنْشُرِي  سِرًّا  لَهُ  عِنْدَ   جَارَةٍ        فَقَدْ كَانَ تَرْكُ "النَّشْرِ" لِلسِّرِّ أَحْسَنَا
أُعِيذُ بَنِيكِ  السَّبْعَةَ  الزُّهْرَ  أَنْ  أَرَى        صَغِيرَهُمُ   فِي   رَهْبَةٍ   أَنْ    يُلَحَّنَا
أُعِيذُهُمُ   مِنْ    كُلِّ    قَارٍ    مُلَفِّقٍ        عَيِيٍّ   بَعِيمٍ   مُفْحَمٍ    يُكْثِرُ    الخَنَا
وَعُذْرًا  "لِتَحْبِيرِي"  لِنَظْمٍ  وَمِدْحَتِي      "عَقِيلَةَ    أَتْرَابِ"    النِّسَاءِ     تَفَنُّنَا[5]


التعليق:
(1) حرز:
"حِرْز الأماني ووجْه التهاني" القصيدة المشْهورة بـ "الشاطبيَّة"، من نظْم الإمام العلامة وليِّ الله أبي القاسمِ القاسم بن فيرُّه بن خلفِ بن أحمدَ الرُّعيني الأندلُسي الشَّاطبي الضرير، توفي في الثَّامن والعشرين من جُمادى الآخرة سنةَ تِسعين وخمسمائةٍ بالقاهرة.
قال فيها – رحمه الله -:
وَسَمَّيْتُهَا حِرْزَ الأَمَانِي تَيَمُّنًا        وَوَجْهَ التَّهَانِي فَاهْنِهِ  مُتَقَبِّلا


وقد شرحها الجمُّ الغفير من العُلماء، منهم:
 العلاَّمة علم الدين أبو الحسن عليُّ بْن مُحمَّد بن عبدالصَّمد الهمْداني السَّخاويُّ، صاحب "جمال القُرَّاء وكمال الإقْراء" ت 643، قال عنها من جُملة أبيات:
هَذِي  القَصِيدَةُ   بِالمُرَادِ   وَفِيَّةٌ        مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لُقِّبَتْ حِرْزَ المُنَى
قال ابنُ الجزري في "الغاية": هو أوَّل مَن شرحَها، بل هو - واللهُ أعلم - سببُ شهرتِها في الآفاق، وإليه أشار الشاطبيُّ بقوله: "يقيِّض الله لها فتًى يشرحُها"، وقال عنْ أبي القاسِم المعروفِ بابن الحدَّاد في ترجَمتِه: "ويحتمل أن يَكونَ أوَّل مَن شرحَها".

 والحافظُ أبو القاسم عبْدالرَّحْمن بْنُ إسْماعيل الدِّمشْقيُّ المعْروفُ بأبي شامة ت 665.
 والمنْتجب بْنُ أبي العزِّ بْن رشيدٍ الهمدانيُّ[6] ت 643.
 وأبو عبْداللَّه مُحمَّدُ بْن الحسن الفاسيُّ ت 656.
 وأبو إسْحاق إبْراهيمُ بْنُ عُمر الجَعْبريُّ ت 732، ونقل الإمامُ الذهبي في "معرِفة القُرَّاء الكِبار" عنْه قولَه:
إِذَا مَا رُمْتَ نَقْلَ السَّبْعَةِ الْزَمْ        لِتَظْفَرَ  بِالمُنَى  حِرْزَ  الأَمَانِي
جَزَى اللهُ المُصَنِّفَ كُلَّ خَيْرٍ        بِمَا أَسْدَاهُ فِي وَجْهِ  التَّهَانِي
بِأَلْفَاظٍ  حَكَتْ  دُرًّا  نَضِيدًا        وَقَدْ  نَادَتْ  فَلَبَّتْهَا   المَعَانِي[7]

طَمَا  آذِيُّهُ   عَذْبًا   وَأَرْوَتْ        جَدَاوِلُهُ   فَكُلٌّ   عَنْهُ   ثَانِي
حَلا فِيهِ الطَّوِيلُ  وَلَذَّ  سَمْعًا        فَعدّ  عَنِ  المَثَالِثِ   وَالمَثَانِي[8]
 والإمامُ العلاَّمةُ أبو عبْدالله مُحمَّدُ بْنُ أحْمدَ بْن مُحمَّدٍ الموْصليُّ المعْرُوفُ بشُعْلة ت 656.
 ومن المتأخِّرين: الشيخ علي محمَّد الضَّباع ت 1380[9]، والشيخ عبدالفتاح عبدالغني القاضي ت 1403، وغير هؤلاء كثير إلى يومِنا هذا.


(2) دُرَّة:
"الدُّرَّة المضيَّة في القِراءات الثَّلاث المتمِّمة للقِراءات العشْر"، نظمٌ للإمام العلاَّمة محمَّد بن محمَّد بن محمَّد ابن الجزري – رحمه الله – توفي ضحْوةَ يوم الجمُعة، لخمسٍ خلَوْن من أوَّل الرَّبيعَين، سنة ثلاثٍ وثلاثين وثمانمائة.

وقد نظم ابنُ الجزري – رحِمه الله – في "الدُّرَّة" قِراءاتِ الأئمَّة الثَّلاثة كما في كتاب "تحبير التيسير" له، فليس لهذا النَّظْم تعلُّق بالقِراءات السَّبع، قال - رحمه الله -:
وَبَعْدُ فَخُذْ نَظْمِي حُرُوفَ ثَلاثَةٍ        تَتِمُّ بِهَا العَشْرُ القِرَاءَاتُ  وَانْقُلا
كَمَا هُوَ فِي تَحْبِيرِ تَيْسِيرِ سَبْعِهَا        فَأَسْأَلُ رَبِّي  أَنْ  يَمُنَّ  فَتَكْمُلا
وقال في أواخِرها:
وَتَمَّ نِظَامُ الدُّرَّةِ احْسُبْ بِعَدِّهَا        وَعَامَ أَضَا حَجِّي فَأَحْسِنْ تَفَؤُّلا[10]
وهذا النَّظم شرَحَه كثيرٌ من العلماء، من أقدَمِهم الإمام الزَّبِيدي، عثمان بن عمر بن أبي بكر النَّاشري، والشَّيخ النويري، وشيخ الأزهر محمد بن حسن السمنودي ت 1199 هـ، ومن المتأخِّرين: العلاَّمة علي محمَّد الضبَّاع، وغيرهم.
وقد اصطلح المتأخِّرون على تسمِية القِراءات العشْر من طريق الشَّاطبيَّة والدرَّة: العشْر الصُّغرى، وعلى تسْمية القراءات العشْر من طريق "طيِّبة النشْر": العشْر الكبرى.

(3) كنز:
كتاب "الكنْز في القِراءات العشْر"، تأليف الإمام أبي محمدٍ عبدالله بن عبدالمؤمن بن الوجيه الواسطي، توفي في شوَّالٍ سنة أربعين وسبعمائةٍ.

• وفي قول النَّاظِم هُنا (ابن مَن كان مؤمنًا) إشارة لمؤلِّف هذا الكتاب - "الكنز" - وهو ابن عبدالمؤمن بن الوجيه الواسطي.

وقد أحسن ابن الجزري الثناء عليه في أكثرَ من موضع، فقال في كتاب "النشر":
ولمَّا قدِمَ الشَّيخُ أبو محمَّدٍ عبْداللهِ بْنُ عبدالمُؤْمنِ الواسِطِيُّ دِمشْقَ في حُدودِ سنةِ ثلاثين وسَبْعِمائةٍ، وأقْرأَ بِها لِلعشَرةِ بِمُضمَّنِ كِتابَيْهِ "الكَنْزِ" و"الكِفاية" وغَيْرِ ذلِكَ، بلغَنا أنَّ بَعْضَ مُقْرِئي دِمَشْقَ مِمَّنْ كان لا يَعْرِفُ سِوَى "الشَّاطِبِيَّةِ" و"التَّيْسِيرِ" حَسَدَهُ، وقَصَدَ مَنْعَهُ مِنْ بَعْضِ القُضاةِ، فكتبَ عُلماءُ ذَلِكَ العَصْرِ في ذَلِكَ وأئِمَّتُهُ، وَلم يَخْتَلِفُوا في جَوَازِ ذَلِكَ، واتَّفَقُوا على أنَّ قِراءاتِ هَؤُلاءِ العَشَرة وَاحِدَةٌ، وإنَّمَا اخْتَلَفُوا في إطْلاقِ الشَّاذِّ على ما عَدَا هَؤُلاءِ العَشَرةَ، وتَوَقَّفَ بعضُهُم. اهـ.

وأثنى عليه أيضًا وعلى صاحبه الشيخ أبي الحسن الديواني أبلغَ ثناءٍ في كتاب "غاية النهاية"، فقال عنه: "اعتنى بِهذا الشَّأْن أتمَّ عناية، وقرأ بِما لم يقرأْ به غيرُه في زمانه، فلو قُرِئَ عليْه بِما قرأَ أو على صاحبِه الشَّيخ علي الدِّيواني الواسطي لاتَّصَلَتْ أكثرُ الكتُب المنقطعة، ولكنَّ قُصُورَ الهِمَم أوْجَبَ العدم، فلا قوَّة إلا بالله".

(4) إقْناع:
كتاب "الإقْناع في القراءات السبع"، تأليف الإمام الحافظ الخطيب أبي جعفرٍ أحمد بن علي بن أحمد بن خلف بن الباذش الأنْصاري الغرناطي، توفي في جمادى الآخرة سنة أربعين وخمسمائةٍ.

قال أبو حيَّان في مقدِّمة "البحر المحيط": وأحسنُ الموضوعات في القِراءات السَّبع كتاب "الإقناع" لأبي جعفر بن الباذش، وفي القِراءات العشْر كتاب "المصباح" لأبي الكرم الشهرزوري. 

(5) غاية:
أكثر من كتابٍ في القِراءات بهذا الاسم، منها:
 كتاب "الغاية"، تأليف الأستاذ الإمام أبي بكرٍ أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني، ثم النيسابوري، توفي في شوَّالٍ سنة إحدى وثَمانين وثلاثمائة.
 وكِتابُ "غاية الاختِصار"، للإمامِ الحافِظِ الكبيرِ أبي العَلاءِ الحسنِ بْنِ أحمَدَ بنِ الحسَنِ بنِ أحمَدَ بنِ محمَّدٍ العَطَّارِ الهمَذانيِّ (بالمعجمة)، تُوفِّي في تاسِعَ عَشَرَ جُمادى الأولى سنة تسْعٍ وعشرين وخمْسِمائَةٍ.
 وكتاب "غاية النهاية" في تراجم القرَّاء، للإمام ابن الجزري.
وكان كتاب "الغاية" لابن مِهران عمدةً لكثيرٍ من المُقْرئين من المتقدِّمين، واعتمده الإمام البغويُّ في تفْسيرِه، فقال: "وقد ذكرتُ في الكتابِ قراءاتِ مَنِ اشتهر منهُم بِالقراءة، واختياراتِهم، على ما قرأتُه على الإمام أبي نصرٍ محمَّد بن أحمدَ بن علي المروزي - رحمه الله - تِلاوةً وروايةً، قال: قرأتُ على أبي القاسم طاهرِ بن عليٍّ الصيرفي، قال: قرأتُ على أبي بكرٍ أحمدَ بن الحسين بن مِهران بإسنادِه المذْكور في كتابه المعروف بكتاب "الغاية". اهـ.

(6) إرْشاد:
كتابان، هما:
 كتاب: "الإرشاد" لأبي الطيِّب عبدالمنعم بن عبيدالله بن غلبون الحلبي نزيل مصر، توفي في جمادى الأولى سنة تسعٍ وثمانين وثلاثمائةٍ.
 والآخر: "الإرشاد في القراءات العشر"، للإمام الأستاذ أبي العزِّ محمد بن الحسين بن بندارٍ القلانسي الواسطي، توفي في شوالٍ سنة إحدى وعشرين وخمسمائةٍ.

وكان كتاب "الإرشاد" لأبي العزِّ القلانسي عمدةَ المُقْرِئين من البغداديِّين وأهْل واسِط، حتَّى بعد شيوع "الشاطبيَّة"، فصنَّفوا في الخُلْف بين الإرْشاد والتَّيْسير، كما عند أبي الحسن الدِّيواني الواسطي ت 743، أو في الجمْع بينهُما كما عنْد أبي عبدالله بن عبدالمؤمن الواسطي.

(7) عنْوان:
كتاب "العنوان" تأليف الإمام أبي الطَّاهر إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران الأنصاري الأندلسي الأصل، ثم المصري النحوي المقرئ، توفي سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائةٍ بمصر.

وكان أهلُ مِصْر أكثر ما يَحفظون: "العنوان" لأبي طاهرٍ، مع مُخالفتِه لبعضِ ما في "التَّيسير"، فلمَّا شاعتِ "الشَّاطبيَّة" تركوه، وممَّن كان يعتنِي بالعنوان ويُقْرِئ به المقرئُ الكبير: أبو الجُودِ غِياثُ بنُ فارسِ بْنِ مكِّيٍّ اللَّخْمِيُّ ت 605، ثم صلاحُ الدِّين مُحمَّد بن مُحمَّد بن عمر البلْبيسي ت 792، وهو شيخ ابنِ الجزري وشيْخ أوْلاده: محمد وأحمد وعلي.

ولابن الجزري – رحمه الله -: "تحفة الإخوان في الخُلْف بين الشاطبيَّة والعنوان"، ولغيره في ذلك أيضًا، كـ "البيان في الجَمْع بين القصيدةِ والعُنوان". 

(8) سماءَ العُلا والعَدلِ:
جزء من بيت في الشاطبيَّة، وتمامه:
فَمِنْهُمْ بُدُورٌ سَبْعَةٌ  قَدْ  تَوَسَّطَتْ        سَمَاءَ العُلا وَالعَدْلِ زُهْرًا وَكُمَّلا
وفيهِ يُشير الإمام الشاطبي – رحمه الله - إلى القرَّاء السَّبعة، ويُثْني عليْهِم، ويَمدَحُهم.

والنَّاظم هنا قدَّم (سماءَ العلا) ونصَبَها بـ (توطَّن) في آخر البيت.
(9) كافيه:
كتاب "الكافي"، للإمام الأستاذ أبي عبدالله محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريحٍ الرعيني الأشبيلي، توفي في شوالٍ من سنة ست وسبعين وأربعمائةٍ.

ولمنزلة هذا الكتاب وصاحبِه؛ فقد جعله ابنُ أبي السَّداد المالَقي، في شرحِه لكتاب "التَّيسير" أصلاً مع كتاب "التبصِرة"، قال: فدونك زِيًّا من الدُّر النثير، ورِيًّا من العذْب النمير، في شرْح مشكلات، وقيْد مهملات، وحلِّ معقدات، اشتمل عليها كتاب "التيسير"، متبعًا بالموافقة والمخالفة على الأسلوب الوافي، فيما بيْنه وبين "التبصِرة" والكتاب "الكافي".

(10) هاديه:
كتاب "الهادي"، تأليف الإمام الفقيه أبي عبدالله محمد بن سفيان القيرواني المالكي، توفي ليلة مستهل صفرٍ سنة خمس عشرة وأربعمائةٍ بالمدينة.

(11) تذْكِرة:
كتاب "التَّذكِرة في القِراءات الثَّمان"، تأليف الإمام الأُستاذ أبي الحسَن طاهر ابن الإمام الأستاذ أبي الطَّيِّب عبدالمنعم بن عبيدالله بن غَلْبون الحلبي نزيل مصر، توفي لعشرٍ مضين من ذي القعدة سنةَ تسعٍ وتسعين وثلاثمائة.

وأبو الحسن بن غَلْبون - مؤلِّف هذا الكِتاب - هو من أجلِّ شيوخ أبي عمْرو الدَّاني، وعنه أسندَ بعْضَ الرِّوايات في كتاب "التَّيسير"، كرواية حفصٍ عن عاصم - قراءةً وروايةً -.

وأبوه أبو الطَّيِّب بن غَلْبون إمامٌ كبيرٌ أيضًا، وله تصانيفُ، تقدَّم منْها ذِكْرُ كتاب "الإرشاد"، وعلى أبي الطَّيِّب كان أكثر اعتِماد الإمام مكِّي بن أبي طالبٍ في كتاب "التَّبصِرة" فيما نقل من القراءاتِ السَّبْع جميعًا.

(12) تبْصِرة:
كتاب "التَّبصِرة" في القِراءات السَّبع، تأليف الإمام الأستاذ العلاَّمة أبي محمَّدٍ مكي بن أبي طالب حمُّوش بن محمَّد بن مختارٍ القيْسي القيرواني ثم الأندلسي، توفي ثانيَ المحرَّم سنة سبعٍ وثلاثين وأربعمائة.

قال المصنِّف مكِّي بن أبي طالب: "فخرَّجتُ في هذا الكتاب أربعَ عشْرَةَ روايةً عن السبعة المشهورين، واعتمدتُ في أكثرِه[11] ما قرأتُ به على شيْخِنا أبي الطَّيِّب عبدالمنعم بن عبيدالله بن غَلْبون .... ...... وربَّما ذكرتُ ما قرأتُ به على غيرِه، ونبَّهتُ على قوْل مَن يُخالفه في بعض رواياتِه واختِياراته، وذلك قليل".

ثم ألف بعده كتابا آخر في علل القراءات التي ذكرها فيه، وهو كتاب "الكشف"، قال في مقدمته: "كنتُ قد ألَّفتُ بالمشرق كتابًا مُختصرًا في القِراءات السَّبع، في سنة إحدى وتِسْعين وثلاثمائة، وسمَّيْتُه كتاب "التَّبصرة" وهو فيما اختلف فيه القرَّاء السبعة المشهورون، ... .... ووعدتُ في صدْرِه أنِّي سأؤلف كتابًا في عِلَل القِراءات التي ذكرْتُها في ذلك الكتاب – كتاب التبصرة – أذكر فيه حُجَج القِراءات ووجوهَها، وأسمِّيه كتاب "الكشْف عن وجوه القِراءات".

وانظر ما سبق عند كِتاب "الكافي" و"التَّذْكِرة".

(13) للمُسْتنير:
كتاب "المستنير في القراءات العشر"، تأليف الإمام الأستاذ أبي طاهرٍ أحمد بن علي بن عبيدالله بن عمر بن سوارٍ البغدادي، توفي سنة ستٍّ وتسعين وأربعمائة.

(14) المِصْباح:
كتاب "المصباح في القراءات العشر"، تأليف الإمام الأستاذ أبي الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان الشهرزوري البغدادي، توفي في ذي الحجَّة سنة خمسين وخمسمائة، وقد تقدَّمت كلِمة أبي حيَّان عند كتاب "الإقْناع".

(15) مُفْردة:
صنَّف عددٌ من العُلماء كتبًا تُفْرِد قراءةً واحدة، فتُسمَّى مُفْردة فلان – صاحب القراءة - فمن ذلك:
 "مُفْرَدة يعقوب"، للإمام الحافظ الكبير أبي عمرٍو عثمانَ بن سعيدِ بنِ عثمانَ بن سعيدٍ الداني، توفي منتصف شوالٍ سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.
 و"مفردة يعقوب" أيضًا، لابن الفحَّام: الأستاذِ أبي القاسمِ عبدالرَّحمن بْنِ أبي بكْرٍ عَتيقِ بْنِ خَلَفٍ الصِّقِلِّيِّ، تُوفِّي سَنةَ سِتَّ عَشْرةَ وخَمْسِمِائَة، وهو صاحب كتاب "التجريد"، ولم يُذْكَر هنا مع أهمِّيَّته.
 و"مفْرَدةُ يعقوبَ" أيضًا، لأبي مُحَمَّد بن عبْدالبَارِي بْنِ عبْدالرَّحمنِ بْنِ عبْدالكريمِ الصَّعيديِّ، توفِّيَ بالإسْكَنْدريَّةِ في سنةِ نَيِّفٍ وخَمْسِين وسِتِّمائَةٍ.
 و"مفردة ابن كثير"، لأبي العلاء الهمذاني، المتقدِّم في غاية الاختِصار، ذكرَها ابنُ الجزري في "النَّشر"، وقال عنْه في "غاية النهاية": أفردَ قراءاتِ الأئمَّة أيضًا، كلّ مفردةٍ في مجلَّد.
 و"مفردة ابن عامر"، للشَّريفِ أبي الفضلِ عبدالقاهر بنِ عبدالسَّلامِ العبَّاسيِّ، توفي يوم الجمعة من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة[12].

(16) جامعًا:كتاب "الجامع في العشر"، لأبي الحسَين نصْر بن عبدالعزيز بن أحمد الفارسي، توفي بمصر سنة إحدى وستين وأربعمائة.

 والإفْراد والجَمْع أيضًا من اصطِلاحات عِلْم القِراءات، فالإفراد: العرضُ بِروايةٍ واحدةٍ إلى أن يفرُغ من الختمة أو من المجلس، ثُمَّ إن شاءَ بعد ذلك فيبدأ في روايةٍ أخرى، والجمع: عرْض أكثرَ من روايةٍ في ختمةٍ واحدة، وهذا الجمْع له كيفيَّات، ذكرَها ابنُ الجزري في كتاب "النشْر" في "باب بَيانِ إفْرادِ القِراءاتِ وجَمْعِها" وهو - وما اتَّصل به - آخرُ بابٍ عنده في الأصول قبل أن يبدأ في فرْشِ الحُروف، وقال في "طيبة النشر":
وَقَدْ جَرَى مِنْ عَادَةِ الأَئِمَّهْ        إِفْرَادُ  كُلِّ  قَارِئٍ   بِخَتْمَهْ
حَتَّى يُؤَهَّلُوا لِجَمْعِ  الجَمْعِ        بِالعَشْرِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ  بِالسَّبْعِ
(17) ثلاثًا:
يُقْصَد بالثلاث في علْم القراءات: القِراءات الثَّلاث المتمِّمة للعشْر، وهي قراءة أبي جعفر المدني، وقراءة يعقوب الحضرمي البصري، وقراءة خلَف بن هِشامٍ الكوفي.

(18) روْضًا نضيرًا:
"الروْض النَّضير في تَحرير أوجُه الكتاب المنير"، للإمام المتولي، محمَّد بن أحمد بن الحسَن بن سُلَيْمان، شيخ القرَّاء والإقْراء بالدِّيار المصريَّة في وقْتِه، توفي سنة 1313.

وهذا الكتاب هو أكبر كتُب الإمام المتولي وأنفسُها؛ قال محقِّقه خالد حسن أبو الجود: جاء الإمام المتولي فألَّف "فتح الكريم في تحرير القُرآن العظيم" و"الفوز العظيم على متْن فتْح الكريم" و"فتْح الكريم في تحرير أوجُه القُرآن الحكيم" و"عزو الطُّرق" و"الدُّرر الحِسان في تحْرير أوجُه القُرآن"، وختمَ هذا الغيْثَ بكتابه العظيم: "الروْض النَّضير في تَحرير أوْجُه الكتاب المنير"، أكبر مؤلَّفات الشيْخ المتولي وأنفسها، وأنضج ثمراتِه وأفضلها.

(19) روْضة:
منَ الكتُب التي سُمِّيتْ بِاسم الرَّوضة:
 كتاب "الرَّوضة"، للإمام أبي عُمر أحمد بن عبدالله بن لبّ الطلمنكي الأندلسي نزيل قرطبة، توفي بذي الحجَّة سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة.
 وكتاب "الرَّوْضة في القِراءات الإحْدى عشْرة"، وهي قِراءات العشَرة المشْهورة وقراءة الأعمش، تأليف الإمام الأستاذ أبي علي الحسن بن محمَّد بن إبراهيم البغدادي المالكي نزيل مصر، توفي في شهر رمضان، سنة ثمانٍ وثلاثين وأربعمائة.
• وكتاب "الرَّوْضة" للإمام الشَّريف أبي إسماعيل موسى بن الحُسين بن إسماعيل بن موسى المعدَّل.
 وكتاب "روْضة التَّقرير في الخُلْف بين الإرْشاد والتَّيسير" منظومة وشرْحها، كلاهما للإمَامِ المقرِئِ أبي الحسَنِ عَليِّ بن أبي محمَّدِ بْنِ أبي سَعْدٍ الدِّيوانيِّ الواسطيِّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، قال ابنُ الجزري في "النشر (ص95)" عن سنة وفاته: "كذا رَأيْتُه بخطِّ الحافظِ الذَّهبيِّ في طبقاتِهِ".

وإلى وقْتٍ ليس ببعيدٍ كان كتابُ "معرفة القُرَّاء الكبار" الذي يتداولُه النَّاس ويتعارفونه - وهو مقصودُ ابن الجزري بطبقاتِ الذهبي - يَخلو تمامًا من ذكْر الدِّيواني صاحب "روْضة التَّقرير" ومن ذِكْر ابن عبدالمؤمن صاحب "الكنز"، وهما من أئمَّة عصرهِما في القِراءات؛ ولذا لا تَجِدُ مَن يترجِمون للأعلام يُحيلون في ترْجمة الديواني إلى معرفة الذَّهبي، كالزِّركْلي في "الأعلام"، وعمر رضا كحالة في "معجم المؤلِّفين"، والشَّيخ السَّيد أحمد عبدالرحيم في "الحلقات المضيئات"، وغيرهم، ثُمَّ لمَّا ظهرت تَحقيقاتٌ أُخرى لكتاب "معرفة القراء الكبار" للذَّهبي، تبدَّت معرفة الإمام الذهبي بالإمامين الواسِطَيين واحتِفاؤه بِهما، فظهر لنا أنَّ الإمام الذهبي لم يعرفْهُما إلا بأخرة، وأنَّ طبقاتِه التي كانتْ بيَدِ ابن الجزري وإن لم تكُنْ على الصورة النِّهائيَّة التي نراها في التَّحقيقات الأخيرة الآن، فهي ليستْ أيضًا على الصورة التي كانت عليْها في تَحقيق الدكتور بشَّار، والطبعة التي قبلها،، والله أعلم.

قال الديواني في منظومتِه، وهي داليَّة من البسيط:
وَبَعْدُ  لَمَّا  رَأَيْتُ  الخُلْفَ  مُتَّسِعًا        بَيْنَ  الأَئِمَّةِ  فِي  القُرْآنِ   مُنْعَقِدَا
وَخُضْتُ بَحْرَ المَعَانِي فِي  رِوَايَتِهِ        عَنْ كُلِّ حِبْرٍ إِمَامٍ فِي العُلا صَعِدَا
رَأَيْتُ  عِنْدَ  العِرَاقِيِّينَ  فِي  طُرُقٍ        خِلافَ مَا نَقَلَ  الشَّامِيُّ  وَاعْتَقَدَا

إلى أن قال:
سَمَّيْتُهَا رَوْضَةَ التَّقْرِيرِ مُخْتَلفُ ال        إِرْشَادِ فِيهَا  مَعَ  التَّيْسِيرِ  فَارْتَشِدَا
تنبيه:
كتاب المعدَّل واسمه "روْضة الحفَّاظ" من مصادر كتاب "النشْر" الأصيلة، إلاَّ أنَّ ابن الجزري - رحمه الله – لم يُسْنِد رواية حفْص في "النشر" من طريقِه، ومع هذا تَجِدُ بعضَ المتأخِّرين قد عوَّلوا على الكِتاب في رواية حفْص، كالأزميري والمتولي والضبَّاع – رحمهم الله - حتى ألَّف كلٌّ من الشَّيْخين الجليلَين: إبراهيم السمنُّودي، وعامر بن السَّيد عثمان – رحِمهُما الله - نظْمًا في رواية حفْص من طريقِه، قال السمنُّودي:
وَبَعْدُ   فَهَذَا   مَا   رَوَاهُ   مُعَدَّلٌ        بِرَوْضَتِهِ الفَيْحَاءِ مِنْ طَيِّبِ النَّشْرِ
بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصٍ الحبْرِ مَنْ تَلا        عَلَى عَاصِمٍ وَهْوَ المُكَنَّى أَبَا بَكْرِ
وقال الشَّيخ عامر بن السَّيد عثْمان:
وَبَعْدُ فَخُذْ مَا جَاءَ عَنْ حَفْصِ عَاصِمٍ        لَدَى  رَوْضَةٍ   لابْنِ   المُعَدَّلِ   تُجْتَلا
والصحيح أنَّه: المعدَّل، وأنَّ كتابه "روضة الحفاظ" ليس من طُرُق "طيِّبة النَّشر" في رواية حفْص، فالإسنادُ إليْه الآن في رواية حفْص غيرُ متَّصل،، والله أعلم.

(20) صَالَ دَلُّهَا سَمِيَّ جَمَالٍ وَاصِلاً مَنْ:
من بيتٍ من أبيات "الشاطبية" في باب "ذكر ذال إذ"، وهو:
نَعَمْ إِذْ تَمَشَّتْ زَيْنَبٌ صَالَ دَلُّهَا        سَمِيَّ جَمَالٍ وَاصِلاً مَنْ  تَوَصَّلا
وفيه وفيما بعده يبيِّن الشاطبي حكم (إذْ) مع التاء والزاي والصاد والدال والسين والجيم - وهي ستة أحرُف: تجد + الصفير - للقرَّاء السبعة، من حيثُ الإدغامُ والإظهار.

(21) سَحَبَتْ ذَيْلاً ضَفَا ذاتَ زَرْنَبٍ جَلَتْهُ:
من بيتٍ من أبيات "الشاطبية" أيضًا في باب "ذكر دال قد"، وهو:
وَقَدْ سَحَبَتْ ذَيْلاً ضَفَا ظَلَّ زَرْنَبٌ        جَلَتْهُ    صَبَاهُ     شَائِقًا     وَمُعلَّلا
وفيه وفيما بعده يبيِّن حُكْمَ (قدْ)، مع السين والذال والضاد والظاء والزاي والجيم والصاد والشين - ثمانية أحرف، منها ثلاثة الصَّفير - للقرَّاء السبعة، من حيثُ الإدغامُ والإظهار.

ويلاحَظ أنَّ النَّاظِم هنا وجَّه نظم الكلام على غير توجيه الشاطبي – رحمه الله -.
فتوجيه كلام الإمام الشاطبي – رحمه الله -: أنَّ (ضفا) فعلٌ بمعنى طال، وظلَّ من أخوات كان، اسمها زرْنب - ضرْب من النبات طيِّب الرائحة - وخبرُها (شائقًا)، و(جلتْه) بمعنى كشفته، وفاعله: (صباهُ)، أي ريحه الطيِّبة، والهاء في جلتْه لزرنب وفي صباه للذَّيل، وجملة (جلتْهُ صَباه): نعتٌ لزرْنب.
أمَّا توجيه كلام النَّاظم هنا: فـ (ضفا) بمعنى طال أيضًا، أي الذيل، وذاتَ زرنب: أي صاحبة ريحٍ طيِّبة، وهو حال لسحبَتْ، أي: سحبتْ ذيلاً طويلاً حالة كونِها طيِّبة الرَّائحة، وجلتْه: أي أظهرتْه فاعله هي.

(22) أَبْدَتْ لَهُ الثَّغْرَ ذَا السَّنَا:
من بيت من أبْيات "الشاطبيَّة" في باب "ذكر تاء التأنيث"، وهو:
وَأَبْدَتْ سَنَا ثَغْرٍ صَفَتْ زُرْقُ ظَلْمِهِ        جَمَعْنَ  وُرُودًا  بَارِدًا  عَطِرَ  الطِّلا
وفيه وفيما بعدَه يبيِّن حُكْمَ تاء التَّأْنِيثِ، مع السين والثَّاء والصَّاد والزَّاي والظَّاء والجيم - ستة أحرف، منها ثلاثة الصفير - للقُرَّاء السبعة، من حيثُ الإدْغام والإظهار.

ويلاحظ أنَّ النَّاظم لم يأخُذْ بقول بعض شُرَّاح "الشاطبية": "وحيثُ تغزَّل - الشاطبي - عنى واحدة من نساء أهل الجنَّة، على ما هو لائق بحاله - رضي الله عنه –".

(23) التَّيسير:
كتاب "التَّيسير"، للإمام أبي عمرٍو الداني – رحِمه الله - المذْكورِ عند ذِكْر "مفردة يعقوب"، وكتاب "التيْسير" هو أصْل الشاطبية، الذي رام الشَّاطبي اختِصارَه بها، قال:
وَفِي يُسْرِهَا التَّيْسِيرُ رُمْتُ اخْتَصَارَهُ        فَأَجْنَتْ   بِعَوْنِ   اللَّهِ   مِنْهُ   مُؤَمَّلا
إلا أنَّ الشَّاطبيَّ خرج في بعْض المواضع عن طرُق التَّيسير فيما يُعْرَفُ بـ "زيادات القَصيد"، وقد نبَّه على ذلك فقال:
وألْفَافُهَا  زَادَتْ  بِنَشْرِ  فَوَائِدٍ        فَلَفَّتْ حَيَاءً وَجْهَهَا أَنْ تُفَضَّلا
وقد شرح كتاب "التيسير": الأستاذُ أبو مُحمَّدٍ عبدالواحد بْنُ محمَّد بن عليّ بن أبي السَّداد الباهليُّ الأَنْدلُسيُّ المالَقيُّ ت 705 ، وقد سبق عند ذِكْر كتاب "الكافي".
(24) النَّشْر:
كتاب "النَّشْر في القِراءات العشْر"، للإمام ابن الجزري – رحمه الله – هو أجمعُ كتابٍ للقِراءات العشر بالأسانيد المنتقاة، والمتَّصلة إلى زمانِنا هذا، وقد نظَم الإمامُ ابن الجزري - رحمه الله – منظومة "طيِّبة النشر" ضمَّنها كتاب النشْر، قال – رحمه الله -:
وَهَذِهِ     أُرْجُوزَةٌ      وَجِيزَهْ        جَمَعْتُ  فِيهَا   طُرُقًا   عَزِيزَهْ
وَلا  أَقُولُ  إِنَّهَا   قَدْ   فَضَلَتْ        حِرْزَ الأَمَانِي بَلْ بِهِ قَدْ كَمَلَتْ
حَوَتْ  لِمَا  فِيهِ   مَعَ   التَّيْسِيرِ        وَضِعْفِ ضِعْفِهِ سِوَى  التَّحرِيرِ
ضَمَّنْتُهَا  كِتَابَ  نَشْرِ   العَشْرِ        فَهْيَ   بِهِ   طَيِّبَةٌ   فِي    النَّشْرِ
(25) بَنِيكِ السَّبْعَةَ الزُّهْرَ:
فيه إشارة إلى البيْت الذي سبق ذِكْرُه هنا، وهو:
فَمِنْهُمْ بُدُورٌ سَبْعَةٌ  قَدْ  تَوَسَّطَتْ        سَمَاءَ العُلا وَالعَدْلِ زُهْرًا وَكُمَّلا
أو إلى كتاب "السَّبعة" للإمامِ الحافِظِ الأُسْتاذِ أبي بكْرٍ أحمدَ بْنِ مُوسى بْنِ العبَّاسِ بْنِ مُجاهدٍ التَّميميِّ البغدادِيِّ، توفِّيَ في العشْرينَ من شَعْبانَ سنةَ أرْبَعٍ وعشْرينَ وثلاثمائَةٍ.

(26) في رهبةٍ أن يُلحَّنا:
يعني يتردَّد في قراءته أو كلامه خشيةَ أن يتَّهم باللحن، ومن أخطاء القِراءة اللَّحنُ الخفي واللحنُ الجلي - كما هو معروف - ولعلَّ أقدمَ مَن ذكر اللَّحن الخفيَّ ابنُ مُجاهدٍ في كتاب "السبعة".

(27) ملفِّق:
التَّلفيق في القِراءة هو ترْكيب الوجوه أو القِراءات بغير تَمييز، كأن يخلط طريقًا أو قراءةً بطريقٍ أو قراءةٍ أُخرَيَين، وقد أكثر المتأخِّرون من أصحاب التحريرات الكلام على التَّلفيق، من حيث الجواز والمنْع، أو الإباحة والحُرْمة، ولا يخلو كلامُ بعضِهم من مُبالغة، والأعدل في ذلك – والله أعلم – كلامُ ابن الجزري، تجده في كتاب "النشر" ص 18، 19.

(28) تحبيري:
"تحبير التَّيسير"، كتاب لابن الجزري – رحمه الله - زاد به في كتاب "التَّيسير" للدَّاني قراءاتِ الأئمَّة الثَّلاثة: أبي جعفرٍ، ويعقوبَ، وخلَف، فيصيرُ الكتابُ في صورته تلك أصْلاً لِما في الشاطبيَّة والدُّرَّة معًا، خلا بعضَ المواضع القليلةِ التي خرج فيها كلٌّ من الشَّاطبيِّ وابنِ الجزري في منظومتَيْهِما عن ذلك الأصْل.

(29) عقيلة أتْراب:
"عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد" في علوم الرَّسم، قصيدة رائية من نظم الإمام الشاطبي - رحمه الله – قال في أواخرها:
تَمَّتْ عقيلةُ أترابِ  القصائدِ  في        أسْنَى المقاصِدِ للرَّسْمِ الذَّي بَهَرَا
والحمد لله أوَّلاً وآخِرًا.

[1] من خطبة كتاب "الكنْز في القراءات العشْر"، لابن عبدالمؤمن الواسطي.
[2] أي: أنتِ كنزٌ لابن رجُلٍ مؤمنٍ لو كنتِ له أمًّا، هذا الذي يُفْهَم من سياق هذا الشَّطر، وإنَّما تكلَّفت صَوْغَه هكذا لتكونَ فيه إشارةٌ لمؤلِّف كتاب "الكنز".
[3] خفقان القلبِ أو صاحبِه: اضطرابه وتحرُّكه.
[4] نُلْته وأنَلْته بِمعنى واحد؛ فالفعل يتعدَّى ثلاثيًّا ورباعيًّا.
[5] البعيم: بمعنى المفحَم الذي لا يقول الشعر، وهي كلِمةٌ نادرة أهملتْها بعض المعاجم القديمة.
[6] أرجِّح أنَّه بالدَّال المهْملة نسبة إلى القبيلةِ – كالسَّخاوي - ولم أرَ مَن صرَّح به، راجعْ أعلام الزركلي.
[7] فيه إشارة إلى بيت الشاطبية:
أهلَّتْ    فلبَّتْها    المعاني     لبابها        وصُغْتُ بها ما ساغ عذبًا وسلسلا
[8] في معرفة القرَّاء الكبار: المديد، والمُثْبت هنا من مصدرٍ آخَر.
[9] في بعض المصادر – كالحلقات المُضيئات للشَّيخ السيِّد أحمد عبدالرحيم، وإمتاع الفُضلاء لإلياس البرماوي - أنَّ وفاته 1376هـ، وأيضًا من التَّعاجيب أنَّ ترجمته في "الأعلام" للزِّركلي لم تزِدْ عن سطرَيْن، وورد فيها الصبَّاغ بالصَّاد والغين.
[10] مضارع حسب - التي هي من الحساب - بضمِّ العين، فيكون الأمر: احسُب بضمِّ السين، ولكن يبدو أنَّ أكثر المطبوع والمسموع من الدرَّة كسَر هذه السين هنا,، والله أعلم.
[11] في الكتاب - بتحْقيق الدكتور محمد غوث النَّدوي - هنا (من)، وأظنها مقحمة؛ فقد اعتدتُ أن أجِد بعض هفوات كهذه في التَّحقيق، رغم الجهد الكبير المشْكور من المحقِّق.
[12] قد ذكر ابنُ الجزري في "النشر" ص 308 مُفردة ابنِ عامر أيضًا فقال: "وقد تتبعتُ رواية الإسكان عن هشامٍ، فلم أجدْها في غير ما ذكرتُ، سوى ما رواهُ الهُذلي عن زيدٍ، وجعفر بن مُحمدٍ البلخي عن الحُلواني، وما رواهُ الأهوازي عن عُبيدالله بن مُحمدٍ عن هشامٍ، وذكرهُ في "مُفردة ابن عامرٍ" عن الأخفش، وعن هبة الله، والداجُوني، عن هشامٍ".
ولا أدْري أهي التي للشريف العباسي أم غيرها؟


مـقـدمـة فـي عـلـم القـراءات - الشيخ سعيد الكملي

علم القراءات

علم القراءات


علم القراءات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فهذه مقدمة في علم القراءات ونشأتها ومعرفة الأئمة القراء ورواتهم وعدد القراءات وأحكامها من حيث التواتر، وفوائد اختلاف القراءات. وضابط القراءة الصحيحة، ومعنى نزول القرآن على سبعة أحرف.
 ** تعريف القراءات:
القراءات جمع قراءة. وهي في اللغة: مصدر /قرأ/ وهو مصدر سماعي.
وفي الاصطلاح: مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء مخالفاً به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه.
قال ابن الجزري: القراءات علم بكيفيات أداء كلمات القرآن واختلافها بعزو الناقلة.
ويتعلق بهذا التعريف بيان (القراءة والرواية والطريق والوجه).
فالقراءة: ما اتفقت عليه الروايات والطرق عن أحد الأئمة القراء. والرواية: الخلاف الواقع عن الراوي عن الإمام. والطريق: الخلاف الواقع عن الراوي عن الراوي عن الإمام وإن نزل.والوجه: ما يتخير القارئ فيه من القراءة.
** نشأة علم القراءات:
الاعتماد في قراءة القرآن الكريم على التلقي والأخذ عن الثقات والأئمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن الصحابة رضي الله عنهم قد اختلف أخذهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم من أخذ القرآن عنه بحرف واحد، ومنهم من أخذه عنه بحرفين، ومنهم من زاد ، ثم تفرقوا في البلاد. وأقرأ كل منهم بحسب ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فاختلف بسبب ذلك أخذ التابعين عنهم ، وكذلك أخذ تابعو التابعين إلى أن وصل الأمر إلى الأئمة القراء المشهورين الذين تخصصوا في القراءات.
روى البخاري ومسلم عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ( سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة "الفرقان" في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يُقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أُساوره - أي أثب عليه - في الصلاة، فصبرت حتى سلم، فَلَبَّبْتُه بردائه - أي أمسك بردائه من موضع عنقه - فقلت: من أقرأك هذه السورة ؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: كذبت، فانطلقتُ به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرأ فيها، فقال: أرسله - أي اتركه - اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال: كذلك أنزلت، ثم قال: اقرأ يا عمر ، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال: كذلك أنزلت (إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه) . البخاري جـ4 ص1909 رقم2287و مسلم جـ1 ص560 رقم818.
هذا، وقد اشتهر في كل طبقة من طبقات الأئمة جماعة تحفظ القرآن وتقرئه الناس.
فاشتهر من الصحابة بالإقراء (عثمان وعلي وأبي بن كعب وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري) رضي الله عنهم.
كما اشتهر من التابعين أئمة أعلام موزعون في الأمصار. فكان في مكة عطاء ومجاهد وطاووس وعكرمة وابن أبي مليكة وعبيد بن عمير وغيرهم ، وكان في المدينة سعيد بن المسيب وعروة وسليمان بن يسار وعطاء بن يسار وزيد بن اسلم ومسلم بن جندب وعمر بن عبدالعزيز وابن شهاب الزهري وعبدالرحمن بن هرمز ومعاذ القارئ وغيرهم ، وكان في البصرة أبو العالية وأبو رجاء ونصر بن عاصم ويحيى بن يعمر والحسن وابن سيرين وقتادة وجابر بن زيد وعامر بن عبدالقيس وغيرهم. وكان في الكوفة سعيد بن جبير والنخعي والشعبي وأبو زرعة بن عمرو وزر بن جيش وعمرو بن ميمون وأبو عبدالرحمن السمي وعبيد بن فقلة وعلقمة والأسود ومسروق وغيرهم وكان في الشام المغيرة بن أبي شهاب المخزومي وخليد بن سعيد وغيرهما.
ثم اهتم بعد التابعين قوم بالقراءة وتخصصوا بها وضبطوها وعُنوا بها عناية فائقة. فكان في مكة عبدالله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيض، وكان في المدينة أبو جعفر يزيد بن القعقاع ثم شيبة بن نصاح ثم نافع بن أبي نعيم ، وكان في البصرة عبدالله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمرو وأبو عمرو بن العلاء وعاصم الحجدري ثم يعقوب الحضرمي. وكان في الكوفة يحيى بن وثاب وعاصم بن أبي انلجود وسليمان الأعمش ثم حمزة ثم الكسائي، وكان في الشام عبدالله عامر وعطية بن قيس وإسماعيل بن عبدالله ثم يحيى الذماري ثم شريح بن يزيد الحضرمي.
** أعداد القراءات:
1ـ القراءات السبع: وهي المنسوبة إلى الأئمة السعبة المعروفين وهم (نافع "المدينة"، وعاصم وحمزة والكساني "الكوفة"، وابن كثير "مكة"، وأبو عمرو "البصرة" وابن عامر "الشام").
2ـ القراءات العشر: وهي السبع المذكورة آنفا وزيادة قراءة الأئمة الثلاثة وهم: (أبو جعفر ويعقوب وخلف).
3ـ القراءات الأربع عشرة: بزيادة أربع على القراءات العشر السابقة وهي قراءات: (الحسن البصري وابن محيض ويحيى اليزيدي والشنبرذي) وبعضهم يجعل الأعمش بدلا من الشنبوذي.
** فوائد اختلاف القراءات:
لاختلاف القراءات حكم وفوائد نذكر منها:
1ـ تيسير حفظ كتاب الله تعالى على كافة العرب.
2ـ جمع الأمة المسلمة على لسان واحد يوحد بينها وهو لغة قريش.
3ـ بيان حكم مجمع عليه من الأحكام الشرعية مثل (وله أخ أو أخت "من أم") سورة البقرة(222).
4ـ الجمع بين حكمين مختلفين بمجموع القراءتين مثل (حتى يطْهرُن – حتى يطّهَّرن) فإنهما أفادتا حكمين الأول: عدم مس الحائض حتى يحصل لها الطهر بانقطاع الحيض، والثاني: لا يقربها زوجها حتى تغتسل وتتطهر.
5ـ ترجيح حكم اختلف فيه كترجيح اشتراط الإيمان في قراءة (أو تحرير رقبة مؤمنة) النساء(92) في كفارة اليمين.
6ـ الدلالة على حكيم شرعيين في حالتين مختلفين. مثل الاختلاف في قوله تعالى (وأرجلَكم إلى الكعبين) المائدة (6) فالفتح يفيد الغسل في الأمر المطلق. والكسر يفيد المسح على الخفين.
7ـ دفع توهم ما ليس مراداً. مثل: قراءة (فاسعوا إلى ذكر الله) الجمعة(9) و(فامضوا إلى ذكر الله) دفعت قراءة (فامضوا) توهم وجوب السرعة إلى صلاة الجمعة، لأن المراد: تهيأوا لها وأقبلوا عليها.
8ـ بيان لفظ مبهم على البعض مثل: (كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ) القارعة (5) وقراءة (كالصوف المنفوش) فبينت القراءة الثانية أن العهن هو الصوف.
9ـ توضيح أمور في العقيدة مثل: قراءة (ومُلكاً كبيراً) الإنسان(20) و(مَلِكَاً كبيراً) فأثبتت القراءة بالفتح رؤية الله تعالى يوم القيامة.
10ـ ما يكون حجة لترجيح قول لبعض العلماء كقراءة (أو لمستم النساء) المائدة(6) فاللمس يطلق على الجن والمس.
12ـ ما يكون حجة لقول بعض أهل العربية كقراءة "والأرحامِ" بالخفض.في قوله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامَ ). النساء (1)
13ـ الدلالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما نقله عن ربه عز وجل.
14ـ الدلالة على إعجاز القرآن على كل حرف ووجه ولهجة ولسان.
فائدة: القراءات كلها على اختلافها كلام الله عز وجل ولا مدخل للبشر فيها ولا أثر للقراء، بل كلها نازلة من عند الله تعالى مأخوذة بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من قرأ حرفاً من هذه الحروف فقد أصاب، قال صلى الله عليه وسلم: (فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا). مسلم جـ1 ص562 رقم821.
** ضابط القراءة الصحيحة:
وضع العلماء ثلاثة ضوابط لمعرفة القراءة الصحيحة وهي:
1ـ أن توافق القراءة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً.
2ـ أن توافق العربية ولو يوجه من الوجوه سواء كان أفصح أو فصيحا، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها بالإسناد لا بالرأي.
3ـ صحة إسنادها إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أول السند إلى آخره.
قال مكي: والقراءة الصحيحة ما صح سندها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وساغ وجهها في العربية ووافقت خط المصحف.
** أنواع القراءات من حيث السند:
1ـ المتواترة: ما رواه جمع عن جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب من أول السند إلى منتهاه. وهذا هو الغالب في القراءات.
2ـ المشهورة: ما صح سنده بأن رواه العدل الضابط عن مثله واشتهر عند القراء ولم يبلغ درجة المتواتر.
3ـ الآحاد: ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية ولم يشتهر الاشتهار المذكور مثل قراءة (من أَنْفَسِكم) بفتح الفاء في سورة التوبة.
4ـ الشاذة: وهي ما لم يصح سنده مثل (فاليومَ ننحيك ببدنك) يونس (92)بالحاء بدلا عن الجيم، ومثل(مَلَكَ يومَ الدين) الفاتحة (4) فعل ماضي ويوم مفعول به.
5ـ الموضوعة: وهي ما لا أصل له، مثل القراءات التي جمعها الخزاعي ونسبها إلى أبي حنيفة رضي الله عنه.
6ـ المدرجة: وهي ما زيد في القراءات على وجه التفسير، مثل وله أخ أو أخت (من أم). ومثل (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) البقرة(198) بزيادة (في مواسم الحج).
والأنواع الأربعة الأخيرة لا يجوز أن يقرأ بها لا في الصلاة ولا في غيره.
قال النووي في شرح المهذب: لا تجوز القراءة في الصلاة ولا في غيرها بالقراءة الشاذة لأنها ليست قرآناً، لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر والقراءة الشاذة ليست متواترة. ومن قال غيره فغالط أو جاهل. فلو خالف وقرأ بالشاذ أنكر عليه قراءته في الصلاة وغيرها. وقد اتفق أهل بغداد على استتابة من قرأ بالشواذ. ونقل ابن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا يجوز القراءة بالشواذ ولا يصلي خلف من يقرأ بها.
** نزول القرآن على سبعة أحرف:
1ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ) رواه البخاري رقم 3047 ومسلم رقم 819.
2ـ عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة ).رواه ابن جرير الطبري جـ1 ص35.
3ـ ( أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كافٍ )المعجم الأوسط جـ6 ص142 ضعيف ومسند أحمد بمعناه جـ5 ص41.
4ـ ( نزل القرآن على سبعة أحرف فبأي حرف قرأت أصبت ) سنن سعيد بن منصور عن أم أيوب.
** معنى نزول القرآن على سبعة أحرف:
اختلف العلماء في معنى نزول القرآن على سبعة أحرف إلى أقوال كثيرة، حتى أوصلها بعضهم إلى خمسة وثلاثين قولاً.

الأول: أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد. وهي لغات: ( قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن) وهي أفصح لغات العرب. وهذا القول منسوب لجمهور أهل الفقه والحديث.

الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن. على معنى أنه نزل على كل اللغات السبع فأكثر بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذيل أو ثقيف أو هوازن أو كنانة أو تميم أو اليمن، فهو يشتمل في مجموعه على اللغات السبع. وهذا القول عليه أكثر العلماء وصححه البيهقي واختاره الأبري وأبو عبيدة.

الثالث: أن المراد بالأحرف السبعة. وجوه التغاير السبعة التي قع فيها الاختلاف وهي:
1ـ اختلاف الأسماء بالإفراد والتذكير والتثنية والجمع والتأنيث. ومثاله: (لأماناتهم).
2ـ الاختلاف في وجود الإعراب مثل: (ما هذا بشراً).
3ـ الاختلاف في التصريف مثل: (ربّنا باعِدْ – ربُّنا باعَدْ ـ ربنا بعَّد) سبأ(19).
4ـ الاختلاف بالتقديم والتأخير مثل: ييأس. يأيس – يأيس ، ومثل : سكرة الموت بالحق – سكرة الحق بالموت.
5ـ الاختلاف بالإبدال مثل: تنشزها – تنشرها – كالعهن – كالصوف.
6ـ الاختلاف بالزيادة والنقص مثل: تجري تحتها – تجري من تحتها.
7 – اختلاف اللهجات بالتفخيم والترقيق والفتح والإمالة والإدغام والإظهار والإشباع والمد والقصر وتشديد وتخفيف وتليين، ورجح هذا القول واختاره ابن قتيبة وابن الجزري وابن الطيب، واختاره كذلك بعض المتأخرين ورجحه صاحب مناهل العرفان.

الرابع : المراد هو (الأمر والنهي والوعد والوعيد والجدل والقصص. والمثل).
أو (أمر ونهي، حلال وحرام، محكم ومتشابه. وأمثال).
أو (محكم، متشابه، ناسخ، منسوخ، خصوص، عموم، قصص).
أو (مطلق، مقيد، عام، خاص، نص، مؤول، ناسخ، منسوخ، استثناء).
الخامس : أن المراد به القراءات السبعة. ولا يسلم لهذا الوجه، لأن بعض الألفاظ في القرآن قرئ على أكثر من سبع قراءات.
** فوائد متفرقة:
** قال العلماء: المقصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها؛ كقراءة عائشة و حفصة قوله تعالى:( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) البقرة:238، قرأتا: (والصلاة الوسطى صلاة العصر) وقراءة ابن مسعود قوله تعالى: (فاقطعوا أيديهما) المائدة:38، قرأها: (فاقطعوا أيمانهما) وقراءة جابر قوله تعالى: (فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) النور:33، قرأها: (من بعد إكراههن لهن غفور رحيم). فهذه الحروف - القراءات - وما شابهها صارت مفسِّرة للقرآن.
وقد اتفقت كلمة أهل العلم على أن ما وراء القراءات العشر التي جمعها القراء، شاذ غير متواتر، لا يجوز اعتقاد قرآنيته، ولا تصح الصلاة به، والتعبد بتلاوته، إلا أنهم قالوا: يجوز تعلُّمها وتعليمها وتدونيها، وبيان وجهها من جهة اللغة والإعراب.

** ذكر ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" أن القراءات التي يُقرأ بها اليوم في بلاد الإسلام هي:
قراءة نافع براوية قالون، في بعض القطر التونسي، وبعض القطر المصري، وفي ليبيا. وبرواية ورش في بعض القطر التونسي، وبعض القطر المصري، وفي جميع القطر الجزائري، وجميع المغرب الأقصى، وما يتبعه من البلاد والسودان. وقراءة عاصم براوية حفص عنه في جميع المشرق، وغالب البلاد المصرية، والهند، وباكستان، وتركيا، والأفغان ... قال - والكلام لـ ابن عاشور -: وبلغني أن قراءة أبي عمرو البصري يُقرأ بها في السودان المجاور لمصر.

** سئل ابن تيمية رحمه الله عن جمع القراءات السبع هل هو سنة أم بدعة ؟ وهل جمعت على عهد رسول الله أم لا ؟ وهل لجامعها مزية ثواب على من قرأ برواية أم لا ؟ فأجاب: الحمد لله ، أما نفس معرفة القراءة وحفظها فسنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول فمعرفة القرآن التي كان النبي يقرأ بها أو يقرهم على القراءة بها أو يأذن لهم وقد أقروا بها سنة والعارف في القراءات الحافظ لها له مزية على من لم يعرف ذلك ولا يعرف إلا قراءة واحدة وأما جمعها في الصلاة أو في التلاوة فهو بدعة مكروهة وأما جمعها لأجل الحفظ والدرس فهو من الاجتهاد.

** يقول الشيخ محمود خليل الحصرى شيخ المقارئ المصرية (عام 1917 ـ 1980م ) : إن الترتيل يجسد المفردات تجسيداً حياً و من ثم يجسد المداليل التى ترمى إليها المفردات. و إذا كنا عند الأداء التطريبى نشعر بنشوة آتية من الأشباع التطريبى، فإننا عند الترتيل يضعنا النص القرآني في مواجهة عقلانية محضة تضع المستمع أمام شعور بالمسئولية.

** قال الباحث:أحسن بن سخاء بن محمد أشرف الدين الأندونيسي ( في رسالته – ماجسير- تاريخ علوم القرآن الكريم حتى نهايةالقرن الخامس الهجري) إن علم القراءات يخالف علم التجويد، لأن المقصود من الأول معرفة اختلاف الأئمةفي نفس الحروف أو في صفاتها. والمقصود من الثاني معرفة حقائق صفات الحروف مع قطع النظر عن الخلاف فيها مثلا يعرف في التجويد أن حقيقة التفخيم كذا وحقيقة الترقيق كذا، ويعرف في القراءات أن هذه الحروف فخمها فلان ورققها فلان، وبهذا يندفع ما عسى يقال: علم القراءات يتضمن مباحث صفات الحروف كالإدغام والإظهار والمد والقصر والتفخيم والترقيق وهي من مباحث علم التجويد قال الجعبري: نقل القراءات السبع فرض كفاية لأنها ابعاض القرآن انتهى) موقع الساحات على الانترنت ).

** ختم الباحث السابق رسالته بذكر أهم النتائج الَّتي توصل إليها، ملخصها: أن كتاب "فهم القرآن" للحارث المحاسبي (ت243هـ) هو أول محاولة لجمع ما تفرق من دراسات حول القرآن في كتاب مستقل، ثم تلاه أبو بكر بن الأنباري (ت 328هـ) في كتابه "عجائب علوم القرآن وأن علوم القراءات والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والمكي والمدني قد عني بها في عهد الصحابة والتابعين، لأنّ مصدرها الرواية. وأما علم الرسم؛ فاعتني به العلماء بعد ظهور المصاحف العثمانية، وعلم المحكم والمتشابه اعتنى به العلماء بعد ظهور فتنةالجهم بن صفوان (ت128هـ) والمعتزلة. وأما علم القراءات فأول كتاب ألف فيها هو كتاب " السبعة" لابن مجاهد (ت324هـ(.

** اختلف جمع القرآن على عهد أبي بكر الصديق وجمع عثمان ذي النورين في الباعث والكيفية، فالباعث لدى أبي بكر رضى الله عنه لجمع القرآن كان خشية ذهابه باستشهاد كثير من حملة القرآن في معركة اليمامة، في حين كان الباعث لدى عثمان بن عفان كان كثرة الاختلاف في وجوه القراءة، وكاد الأمر يتحول إلى فتنة تعصف بالمسلمين.
وكان جمع أبي بكر للقرآن نقلا لما كان مفرقا في الرقاع وأكتاف الإبل، وجمعا له في مصحف واحد مرتب الآيات والسور، ومشتملا على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، في حين كان جمع عثمان للقرآن الكريم نسخا له على حرف واحد من الحروف السبعة حتى يجمع المسلمين على مصحف واحد، وحرف واحد يقرءون به دون ما عداه من الأحرف الأخرى، حيث رأى أن القراءة بالأحرف السبعة كانت لرفع الحرج ودفع المشقة في بداية الإسلام، وقد انتهت الحاجة إليه، وترجح جمع الناس على حرف واحد وهو لغة قريش؛ حسما للاختلاف في القراءة وقد وافقه الصحابة على ذلك فكان ذلك إجماعا منهم. ( موقع اسلام اون لاين ).
** الفاتحة بالقراءات السبعة.. نموذجاً لتعدد القراءات:
قرأ عاصم والكسائي كلمة "مالك" من قوله تعالى "مالك يوم الدين" بإثبات ألف بعد الميم على وزن فاعل، وهي القراءة التي تعوّدنا على سماعها من قراء القرآن، في حين قرأها الباقون من القراء السبعة بحذف الألف فتكون "مَلِك" يوم الدين.
وقرأ قنبل "الصراط، وصراط" بالسين، وقرأ خلف عن حمزة بالصاد المشمّة صوت الزاي، وقرأ خلاد بإشمام الصاد في "اهدنا الصراط المستقيم". وقرأ الباقون بالصاد الخالصة مثلما يقرؤها كثير من الناس.
وقرأ حمزة "عليهم" في قوله: "أنعمت عليهم" بضم الهاء، وقرأها الباقون بكسرها.

** هل هناك اجتهاد في القراءات ؟
قال أبو بكر بن مجاهد في كتاب جامع القراءات ولم أر أحداً من أدركت من القراء وأهل العلم باللغة وأئمة العربية يرخصون لأحد في أن يقرأ بحرف لم يقرأ به أحد من الأئمة الماضين, وإن كان جائزاً في العربية, بل رأيتهم يشددون في ذلك. وينهون عنه, ويروون الكراهة له عمن تقدم من مشايخهم, لئلا يجسر على القول في القرآن بالرأي أهل الزيغ, ينسبون من فعله إلى البدعة والخروج عن الجماعة مفارقة أهل القبلة, ومخالفة الأئمة. (نقلاً عن كتاب : التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق الإتقان للعلامة طاهر الجزائري ص120).
ويقول الباقلاني: ولو قرأ قارىء مكان قوله تعالى ( وَجَاءَ رَبُّكَ ) , ( ووافي ربك ) الفجر(22) وما أشبه لكان ممنوعاً بإجماع المسلمين.
يقول بدر الدين الزركشي: إن القراءات توقيفية وليست اختيارية ... وقد انعقد الإجماع على صحة قراءة هؤلاء الأئمة, وأنها سنة متبعة, ولا مجال للاجتهاد فيها ... وإنما كان ذلك لأن القراءة سنة مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولا تكون القراءة بغير ما روي عنه .( من كتاب صفحات في علوم القراءات . للشيخ الدكتور عبدالقيوم بن عبدالغفور السندي ص 123 – ص126)
** سبعة أشياء يحتاجها من أراد علم القراءات:
1. علوم العربية من نحو وصرف. 2 ـ التجويد وهو معرفة المخارج والصفات 3. علم رسم المصاحف 4. الفواصل وهو فن عدد الآيات 5. الوقف والابتداء 6. علم الأسانيد , وهو من أعظم ما يحتاج إليه القارئ لأن القرآن سنة متبعة ونقل محض 7. علم الابتداء والختم وهو الاستعاذة والتكبير ومتعلقاتهما 8. وجمع ذلك في كتاب ( لطائف الإشارات في القراءات الأربعة عشر) للعلامة أحمد القسطلاني . بحث للأستاذ : فرغلي سيد عرباوي

قراءة (القرآن)

قراءة (القرآن)



القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.[1]
وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل، أما الأصل في القراءات؛ فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي Mohamed peace be upon him.svg والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي Mohamed peace be upon him.svg.

Les annales corrigés du Brevet des Collèges

Les annales corrigés du Brevet des 

Collèges


20122