الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التربية الوطنية
مديرية التربية تلمسان
موضوع البحث :
إعداد
السيد سبايبي محمد
مدير متوسطة الخنساء * تلمسان*
السنة الدراسية : 2007 / 2008
حول ظاهرة انتشار العنف بالمؤسسات التعليمية :
لا احد يستطيع ان ينكر ان ظاهرة العنف المدرسي سلوك لا تربوي و لا اخلاقي ، وانها في محيط المؤسسات التربوية تبقى شكلا تلقائيا ،لا يتجاوز جدود حالات انفعالية تحكمها ضغوطات نفسية مؤقتة ، اذ لا ينبغي ان ننسى ان المؤسسات التعليمية هي تركيبة من كثير من العناصر تتفاعل و تفعل فيها عوامل نفسية و تربوية و اجتماعية كثيرة .
واشير الى ان العنف المدرسي ببلادنا يظل محدودا ولا يمس كل المؤسسات التعليمية ،
فهو اكثر ارتباطا بالتعليم الثانوي والمتوسط .ومرد ذلك الى مصادفة هذه الفترة من التمدرس لمرحلة المراهقة التي تعد احدى فترات النمو النفسي و الاجتماعي للمتمدرس
حيث ترتبط سنوات التمدرس بتجارب تفاعلية مكثفة يعيشها المتمدرس داخل مجموعة متنوعة من الشبكات العلائقية المحددة عبر مجموعة من الابعاد ما بين مؤسسية ( ترتبط
بالمؤسسة كفضاء مادي و معنوي ) وسيكوبيداغوجية (مرتبطة باشكال صياغة و تقديم الدروس )، وهي ابعاد تحدد الاطار الذي تتفاعل به الادوارو الافكار والاشخاص ،وهو ما يؤدي في النهاية الى بناء التصورات والتمثلات السلوكية و القيمية و الرمزية .
وفي الوقت الذي كثر فيه الحديث عن اصلاح المنظومة التربوية تشهد المؤسسات التربوية بمختلف مستوياتها منذ عدة سنوات اشكالا من العنف اللفظي والجسدي ، يرتكبها التلاميذ فيما بينهم تارة واخرى ضد الطاقم التربوي او الاداري او العكس ،على الرغم من ان الاحصائيات على مستوى وزارة التربية تصل الى واحد في المئة .
وعندما نبادر بالحديث مع الطاقم الاداري والتربوي ،فان اول ما نسمعه هو كلمة (عنف ) . فالكل يشتكي من التلميذ بانه مشوش ، ساخر ،متسلط ، لا يحتمل ...... وتظه ر حدة هذه الظاهرة عند فئة الشباب الذين تتراوح اعمارهم ما بين 12 و 18 سنة ،
وهي مرحلة المراهقة اين يحدث فيها تغيرات وتحولات بدنية وعقلية ووجدانية و اجتماعية .
ويمكن ملاحظة مظاهر العنف في القسم ،في الساحة ، في الصفوف ، خارج المؤسسة ،
حيث يتم ذلك بطرق مختلفة : كالاعتداء بالضرب على الرفاق وتهديدهم ، اخفاء و اتلاف ممتلكاتهم ، و نفس السلوك يكون اتجاه الطاقم الاداري و التربوي .هذا رغم الاجراءات الصارمة المتخذة نحو التلاميذ كالطرد ، اسدعاء الاولياء والمجالس التأديبية .
ونلاحظ من جهة اخرى ، العنف الموجه ضد الممتلكات العامة كاتلاف ادوات النشاط المدرسي من طاولات وكراسي ونوافذ وافساد اشياء اخرى .... وكل هذه النقاط التي اشرنا اليها تجعل نظام المدرسة مضطربا .
ولمحاربة ظاهرة العنف في جميع مرافق قطاع التربية الوطنية ، تقوم الوزارة بجميع مكوناتها مركزيا وجهويا و محليا بتنظيم حملات تحسيسية واسعة تستهدف جميع المتدخلين والفاعلين للتعريف بظاهرة العنف و باشكاله واثاره السلبية على جميع المستويات ، وتشخيص مسببات الظاهرة مع وضع الاليات الضرورية لرصد الخروقات ذات العلاقة و اتخاذ الاجراءات الضرورية لجعل المؤسسة التعليمية نظيفة من هذه الممارسات بل و اداة لمحاربة هذه الظاهرة على مستوى المحيط العام .
هذه الاجراءات من شأنها الحد من تفاقم المشكلة و توفير جو مدرسي ملائم وهاديء لضمان مردود مدرسي جيد ومقبول .
وكاجراء وقائي عمدت وزارة التربية الوطنية الى نبذ العقوبات الجسدية و المعنوية اتجاه التلاميذ ومعاقبة مرتكبيها بعفوبات قد تصل الى حد المتابعة القضائية للمعنيين .
وقد قامت المؤسسات التعليمية بمبادرات محمودة في مجال الحياة المدرسية في اطار مقاربة المؤسسة بالمجتمع و المجتمع بالمدرسة وعملت على تكريس المظاهرالسلوكية الايجابية وجعل الحياة المدرسية مجالا ممتعا للتحصيل الجاد و فضاء خصبا مفعما بالحياة يساعد على اكتشاف و صقل وتحفيز المواهب وتمكينها من وسائل الانخراط في مختلف انشطتها اليومية التربوية والثقافية والفنية والاجتماعية ، و تشجيع الطاقات الابداعية و المساهمة في بناء حياة مدرسية تسود فضاءاتها علاقة تواصلية انسانية و ديمقراطية .وكذلك من اجل توطيد العلاقات التواصلية الانسانية و ترسيخ قيم التسامح و التضامن والمساواة ونبذ العنف والتحلي بثقافة السلام واحترام الاخر .
العوامل المولدة للعنف :
اذا كان العنف المدرسي ليس وليد الساعة طبعا ،فان حدته ارتفعت و اصبحت بادية للعيان ، فقد باتت الاوضاع الامنية بمؤسساتنا التعليمية تدعو الى القلق ،وهي ظاهرة تكاد تعم اغلب المؤسسات ،لانها مرتبطة في نظر العديد من الباحثين بعدة عوامل ، نسرد هنا الاساسي منها:
ا ـ عوامل ذات صلة بالظروف الاجتماعية :
تظل الظروف الاجتماعية من اهم الدوافع التي تدفع التلميذ للممارسة لفعل العنف داخل المؤسسة التعليمية ؛ اذ في ظل ظروف الحرمان الاجتماعي والقهر النفسي والاحباط واحيانا تدني المستوى الاقتصادي وانتشار امية الوالدين احيانا اخرى ؛ كل هذه العوامل و غيرها تجعل هؤلاء اتلاميذ عرضة لأضطرابات ذاتية وتجعلهم كذلك غير متوافقين شخصيا واجتماعيا ونفسيا مع محيطهم الخارجي ؛ فتتعزز لديهم عوامل التوتر كما تكثر في شخصيتهم ردود الفعل غير المعقلنة و يكون رد فعلهم عنيفا في حالة ما اذا أحسوا بالاذلال او المهانة او الاحتقار من أي شخص كان .
وهنا يجب التركيز على دور الحماية و التنشئة الاجتماعية وما تلعبه من ادوار طلائعية في ميدان التربية والتكوين ،فعندما تعمل الحماية الاجتماعية على تحويل الفرد ككائن بيولوجي الى شخص ككائن اجتماعي فانها في الوقت نفسه تنقل ثقافة جيل الىالجيل الذي يليه، وذلك عن طريق الاسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية الاخرى . حيث تحمي التلميذ من الميولات غير السوية والتي قد تتبدى في ممارسة فعل العنف .
ومن هذا المنطلق وجب التأكيد على ان التربية ليست وقفا على المدرسة وحدها ، وبأن الاسرة هي المؤسسة التربوية الاولى الى حد بعيد في تنشئة الطفل واعداده للتمدرس الناجح كما تؤثر في سيرورته الدراسية والمهنية بعد ذلك . فهل لايزال هذا الجدل قائما بين مؤسساتنا التعليمية و باقي المؤسسات الاخرى ( الاسرة على الخصوص ... )؟
ب العوامل النفسية
من الخطأ القول ان هذا التلميذ او ذاك مطبوع بمواصفات جينية تحمله على ممارسة الغنف دون سواه ، فما يصدر عن التلميذ من سلوك عنيف له اكثر من علاقة تأثر و تأثير بالمحيط الخارجي ، وبتفاعل كبير بين البيئة الجغرافية و الاجتماغية التي يعيش فيها التلميذ .لان المؤسسة التعليمية تشكل نسقا منفتحا على المحيط الخارجي ( انساق اجتماعية ،اقتصادية و بيئية .... ) ومن ثم فان عوائق التربية في المؤسسة التعليمية تتفاعل مع العوامل الخارجية في كثير من الاحيان .
ومن منظور ( فرويد )، فان مصادر العنف ترجع الى ما يلي :
1ـ يبقى الطفل حتى حل عقدة أوديب لديه ،تحت تأيثير الرغبة في تأمين استأثاره بعطف الامومة .
2 ـ تزجه هذه الرغبة في نزاع مزدوج مع أشقائه وشقيقاته من جهة ومع أبيه وأمه من جهة اخرى.
3 ـ ان هذا النزاع الذي يجد من الناحية الواقعية نهايته ـ عادة ـ في ـ مجتمعه ـ
الولد يمكن ان يتوافق في اللاوعي الفردي بالرغبة في قتل كل من يعارض تحقيق رغبته المكبوت /
وعلى هذا الاساس فان التلميذ المراهق يعيدنا الى ضرورة تحديد مفهوم المراهقة بما انها مفهوم سيكولوجي ، يقصد بها المرحلة التي يبلغ فيها الطفل فترة تحول بيولوجي وفيزيولوجي وسيكولوجي ،لينتقل منها الى سن النضج العقلي والعضوي .
في هذا السياق وهوسياق بناء الذات من منظور التلميذ ـ المراهق ـ لابد ان تصطدم بكثير من العوائق من الاباء ،العادات والتقاليد وانتهاء بموقف المربين ، حيث اصبحت في نظره
كأنها تحد من حريته.
كما أنه اذا كان الحق لا يملكه التلميذ مظلقا امام رجل التربية عامة يؤدي الى التناقض الحاد بينهما في ظل انعدام ثقافة حوارية منتجة وخلاقة وايجابية .
ويعتقد العلماء ان الانفعالات كالعدوان والخوف والاستثارة الجنسية هي عبالرة عن حوافز يتم التخفف منها او خفضها خلال التعبير عنها وبذلك تكون افضل طريقة للتعامل معها ايجابيا . حيث تعطى الفرصة للتعبير عن المكبوتات بطريقة لاعدوانية .
ومن المعقول أن نفترض هنا أنه من دون مثل هذا التنفيس عن المشاعر العنيفة سيكون التلميذ العنيف اكثر تهيؤا للعنف بمجرد احساسه باي استفزاز .
كما تجدر الاشارة الى ان غالبية التلاميذ الذين يمارسون العنف هم ذكور ، يرجع الى التركيب الفزيولوجي للذكر .
ج ـ عوامل تربوية
لايزال البعض يعتقد أن النظام التربوي كفيل بتغيير شكل أي مجتمع و تطويره لكنه في الحقيقة يساهم بقسط يسير في التغيير او الحفاظ عليه .
لقد اصبح معتادا ان ندخل قاعة الدرس ونجد التلاميذ في حالة من الفوضى واللامبالاة بوجود المعلم احيانا كأنهم غير مهتمين بالدرس او رافضين للبرامج المقدمة ،وكما أن هناك انعدام افاق مستقبلية تحفز المتعلم وتشحذ همته من اجل البحث والتحصيل . ففي ظل هذه النظرة القاتمة في نظر التلميذ فإن ما يقوم به في الواقع هو بمثابة رفض للواقع ،لأنهم يرون أن البطالة هي مآل الاغلبية الساحقة منهم .
محاور العنف في مؤسساتنا التعليمية :
يمكن استجلاء الاطراف الاساسية التي تدخل في معادلة ممارسة فعل العنف في مؤسساتنا التربوية وهي علاقات التلميذ بالاخر .ويمكن أن نركز محاور العنف في المحاور التالية :
ا ـ التلميذ في علاقته بالتلميذ
تتعدد مظاهر العنف التي يمارسها التلاميذ في ما بينهم في :
ـ إشتباكات بينهم قد تؤدي الى الغنف احيانا
ـ الضرب والجرح
ـ إشهار السلاح الابيض أو إستعماله احيانا
ـ التدافع الحاد بين التلاميذ عند خروجهم من الدرس
ـ إتلاف ممتلكات الغير وتفشي السرقة
ـ تصرفات اخرى
ب ـــ التلميذ في علاقته بالاستاذ
لم يعد الاستاذ بمنآى عن فعل الغنف من قبل التلميذ فهناك العديد من الحالات في مؤسساتنا التعليمية اين مارس التلميذ العنف تجاه استاذه ومربيه . وايضا يهدده بالانتقام او يشتمه و يسبه ، كما انه اذا منعه من عمليه النقل والغش في الامتحان لم يسلم من أذاه.
هذا ما يجعل الاستاذ والمربي غير آمن في حياته .
ج ــــ التلميذ في علاقته برجل الادارة
قد يكون رجل الادارة هو الآخر معرضا لفعل العنف من قبل التلاميذ الا أن مثل هذه الحالات تبقى محدودة ما دام الاداري من وجهة نظر التلميذ يمثل السلطة الموكول لها تأديب التلميذ
و توقيفه عند حده حينما يعجز الاستاذ عن فعل ذلك في القسم .وهذا ما يحصل مرارا وتكرارا حيث يطلب منه التدخل في القسم لحسم الموقف لدى الاستاذ .
سبل التعاطي الايجابي مع ظاهرة تاعنف المدرسي
لا يكفي الوقوف عند حدود تعريف الظاهرة او جرد بعض مظاهرها ،بل يحتاج الامر الى
بحث جدي وميداني لمعرفة كيفية التعاطي الايجابي مع هذه الظاهرة التي تستشرى يوما بعد يوم في مؤسساتنا التعليمية . وهذا الامر لن يتم بدون تحديد المسؤوليات والمهام المنوطة بكل الفاعلين التربويين لمواجهة هذا الداء الذي ينخر كيان مؤسساتنا التعليمية من الداخل .فلابد من تكاثف الادوار وتعاضدها وتكامل الجهود لتخفيف حدة الظاهرة ،وذلك في أفق القضاء التدريجي على مسبباتها ، فما هو المطلوب منا كفاعلين تربويين واولياء امور وواضعي البرامج التربوية لتكون في مستوى ربح رهان كثير من مظاهر الانحراف السلوكي والتغلب عليه بأقل الخسائر ؟ .
1 ــ مهام الادارة
إن دور الادارة التربوية قضية مطروحة للنقاش قيل وكتب عنها الكثير ،الا اننا لا نتناولها بعمق وتفصيل .وكلنا يتذكر العقوبات التي كانت الادارة بموافقة ( إن لم نقل بتأليب ) من بعض المعلمين تفرضها بحق او بغير حق على التلميذ في سياق ثقافة الردع و الزجر و العقاب التي كانت سائدة سابقا .وهي عقوبات معنوية تصيب نفسية التلميذ في الصميم .
هذه الحالات التي كانت تؤدي بالتلميذ الى الانقطاع عن الدراسة احيانا .
إن الادارة في البلدان المتقدمة تتميز بتركيزها على تحديد المشاكل التي تعترض العملية التربوية والتعليمية وتشخيصها والسعي الى إيجاد حلول لها بدلا من ان تقوم بحلول إرتجالية لا تمت بصلة الى التطور العلمي الحاصل في ميدان التربية و التعليم .
ولذلك لابد من ايجاد طرق تربوية وعلمية وحلول كفيلة بمعالجة ظاهرة العنف في الوسط المدرسي . وسن قوانين تربوية ذات الصلة .
2ـــ مهام المربي
كانت المدارس الكاثوليكية تعتبر أن ممارسة الغنف في التربية وسيلة دينية ناجعة لحمل التلاميذ البلداء على التحصيل والحفظ .
اما في مدارسنا فإن المعلم هو رمز للحساب والعقاب لأنه صاحب العصا من ذلك المنطق المأثور ( العصا لمن عصى و من علمني حرفا صرت له عبدا ) .
أما ما يتعلق براهن العلاقة بين المربي والتلميذ فقد غدت العلاقة تأخذ منحى آخر حيث
أصبحت العلاقة متوترة بينهما ،ولم يعد ذلك المربي السلطوي ، و أضحت العلاقة من الموضوعات المهمة التي يجب البحث فيها والاهتمام بدراستها بعد أن اصبحت الشكوى من إهتزاز القيم الخلقية والمعاناة من مشكلات إجتماعية كالعنف والمخدرات و جنوح الاحداث و إنهيار سلطة المؤسسات التربوية التقليدية كالاسرة والمساجد ومشكلات البيئة .
هذه الشكوى التي ينبغي ألا تقودنا الى التشاؤم أو الحسرة على الماضي ، والحنين الى تلك الايام التي كان فيها المدرسون والآباء يحظون بالتقدير والاحترام من قبل الابناء والتلاميذ ، بل علينا الاهتمام بدراستها وذلك من خلال تشخيص طبيعتها وانماطها واتجاهاتها حتى نكون اكثر وعيا بها وبالتالي يمكن علاجها والحد من انتشارها .
وعليه ، إننا كمربين و فاعلين تربويين تجنب كل خطاب التحقير و الاهانة في حق التلميذ وعدم إعطائه المبررات لإرتكاب العنف تجاه مربيه .
وقد بغدو لدى بعض المنظرين تجاهل هذه الظواهر هو افضل وسيلة وقاية من حدوث ما لا يحمد عقباه ،ذلك أن خطط التعليم لدى بعض التربويين تروم إطفاء الاستجابات غير المرغوب فيها و ذلك بتجاهلها و التظاهر بعدم إيلائها الاهمية الكبرى .
هكذا يبدو أن ضبط النفس والالتزام بالهدوء وعدم مجاراة التلميذ في ميوله العنيفة ، كل ذلك يعمل على إمتصاص غضب التلميذ المنفعل ، وذلك هو الرد الحاسم على نزعة العنف التي قد تتحول الى فعل عدواني في العديد من الحالات .
كما أن العمل الحواري البناء يستهدف إحتواء السلوكات الانفعالية غير المنضبطة وبذلك يتمكن هذا العمل من الالتفاف على سلوكات التلميذ غير السوية في حين تبقى نظرية العمل الللاحواري ( المتشنجة ) على هذه التناقضات بل تذكيها وبالتالي تحول دون تحقيق التطور اللازم لتحرير التلميذ من سلوكاته غير السوية .
3 ــــ مهام الاباء و اولياء الامور
إن موقف الاباء وأولياء الامور من ظاهرة العنف الذي كان يمارس على التلميذ في سنوات تمدرسه الاولى كان ايجابيا واحياتا كان يتم بمباركتهم وبإلحاح منهم .
أما في الراهن فكثيرا ما يتم التعاطي مع الظاهرة من قبل الاولياء من منظورين هما
1ــ منظور عقابي ضيق
2 ــ أو منظور اللامبالاة والاهمال وعدم الاكتراث بما يصدر عن التلميذ .
فالمنظوران لا يمكنان من البحث عن حلول ناجعة لهذه الظواهر السلوكية بل يؤديان لا محالة الى نتائج وخيمة على التلميذ الذي يمارس العنف بدون رقيب ولاحسيب وبدون زجر ولا ردع وايضا بدون حوار وإرشاد وتهذيب وتأديب .
وطالما يوصي علماء النفس أولياء التلاميذ الذين يمارسون العنف أن يراعوا الاعتبارات العامة اللآتية :
1ــ ضرورة تحديد السلوك الاجتماعي السيء الذي يلزم تعديله أولا .
2 ــ أهمية فتح الحوار الهاديء مع التلميذ المعني وإحلال نموذج من السلوك البديل والمعارض للسلوك الخاطيء من خلال ربطه ( بنظام للحوافز و المكافآة ) .
3 ــ ظرورة توظيف ما يسميه علماء النفس بالتدعيم الاجتماعي والتقريظ لأي تغيير إيجابي 4 ــ اذا كان لابد من ممارسة العقاب يجب أن يكون سريعا وفوريا ومصحوبا بوصف السلوك البديل .
5 ــ القيام بتدريب الطفل على التخلص من القصور الذي قد يكون السبب المباشر او غير المباشر في حدوث السلوك العنيف ، كتدريبه على إستخدام اللغة للتعبير بدلا من الهجوم الجسماني وعلى تحمل الاحباط وعلى التفوق في الدراسة .
6 ــ عدم الاسراف في أسلوب العقاب و التهجم اللفظي .
ومن خلال ما سبق يمكننا التأكيد على دور اللآباء و اولياء الامور في التحكم الايجابي في سلوك التلميذ أن لايترك بدون مراقبة ،بل المطلوب التدخل المباشر كلما اقتضى الامر لايقاف هذا السلوك بأقل قدر ممكن .
من خلال دراسة ميدانية على مستوى ولاية تلمسان ( رسالة ماجستار ) بعنوان ًٍِِِِِ
ــــ العنف في الوسط المدرسي عند التلميذ ــــ أرتأينا ان نقدمها خلال هذا البحث المتواضع نظرا لتناولها واقعا معاشا للموضوع ،وقد تبين ما يأ تي :
- أن نسبة العنف بين الجنسين تكاد تكون متساوية لكنها تختلف في طبيعتها و حدتها ، إذ تمثل نسبة العنف عند الإناث 52 % ، و عند الذكور 48 % .
- و ينتشر حسب السن كما يلي :
من 14 – 15 سنة : تمثل 08 %
من 16 – 17 سنة : تمثل 47 %
18 سنة فما فوق : تمثل 45 %
- أما من حيث تقسيم مقر السكن ( الفضاء الجغرافي ) فإن :
* 56 % يسكنون أحياء شعبية .
* 34 % يسكنون أحياء راقية .
* 10 % يسكنون في مناطق منعزلة و متفرقة .
- أما من حيث الإدمان على السجائر ، المخدرات ، الخمر :
تقدر نسبة انتشار هذه الآفات في الوسط المدرسي ب 55 % ، عند التلاميذ العدوانيين .
I – مظاهر العنف في القسم :
I . 1 – الكلام بصوت مرتفع : يقوم التلاميذ العدوانيون بالتكلم بصوت مرتفع في موضوع خارج عن نطاق الدراسة مع بقية زملائهم ، بنسبة تقدر ب 42 % .
I . 2 – ضرب زميل في القسم : يقوم هؤلاء التلاميذ بضرب زملائهم في القسم ، سواء في حضور الأستاذ أو غيابه ، بنسبة تقدير 06 % .
I . 3 – التفوه بالكلام السوقي : في بعض الأحيان يتراشق التلاميذ فيما بينهم بكلام سوقي مخل بالحياء ، بنسبة تقدير ب 02 %
I . 4 – النهوض بدون استئذان : ينهض بعض التلاميذ من مقاعدهم بدون استئذان قاصدين اتجاهات مختلفة ، سواء داخل القسم أو خارجه ، بنسبة 11 % .
I . 5 – رمي الأوراق في القسم : يتعمد بعض التلاميذ – تعبيرا عن عدوانيتهم – تمزيق و رمي الأوراق على الأرض، رغم تواجد سلة المهملات ، بنسبة ب 10 % .
I . 6 – الاستياء على الأدوات المدرسية للزملاء : يقوم بعض التلاميذ بأخذ أدوات غيرهم عنوة إما سرقة أو سلبا ، قدر ب 11 % .
I . 7 – التصفير أثناء الدرس : قدرت نسبة تكرار هذه الظاهرة في أوساط التلميذ العدوانيين ب 06 % .
I . 8 – الغناء : يردد بعض التلاميذ أشكالا من الغناء أثناء حصص الدروس ، بنسبة تقدر ب 06 % .
I . 9 – إصدار أصوات حيوانات : يقوم بعض التلاميذ بتقليد أصوات حيوانات مختلفة ، أثناء دخولهم القسم أو أثناء الدرس ، و تقدر هذه النسبة ب 05 % .
I. 10 – القيام بعمل آخر أثناء الدرس : ينشغل بعض التلاميذ بأعمال أخرى غير الانتباه إلى شرح الأستاذ ، بنسبة تقدر ب 55 % .
I . 11 – التهريج في القسم : يقوم بعض التلاميذ بحركات في القسم ، الغرض منها لفت الانتباه و استفزاز الأستاذ ، بنسبة تقدر ب 56 % .
I . 12 – التكلم مع الزميل : كثيرا ما يتبادل التلاميذ أطراف حديث هامشي مع ز ميله ، منشغلا عن الدرس و مزعجا للأستاذ ، و تقدر نسبة التكرار ب 45 % .
I . 13 – التفكير في أشياء أخرى : كثيرا ما يسرح التلاميذ في التفكير في مواضيع لا تتعلق بالدرس بنسبة تقدر ب 45 % .
I . 14 – الشعور بالضيق و التوتر : يشعر التلاميذ المعنيون أثناء الدرس بالضيق و التوتر ، بنسبة تقدر ب 31 % .
I . 15 – الشك في كفاءة المدرس : إن 87 % من التلاميذ العدوانيين يشككون في كفاءة المدرس .
I . 16 – التعامل مع التلميذ : يرى هؤلاء التلاميذ أن تعامل الإدارة و الأساتذة معهم يتم بطريقة غير عادلة إذ تمثل هذه الفئة نسبة 76 % .
I . 17 – الطرد من القسم : يرى هؤلاء التلاميذ أن الوسيلة الأكثر شيوعا في العقاب هي طرد التلميذ من القسم لسبب من الأسباب ، إذ تمثل نسبة 98 % .
II – مظاهر العنف في الساحة :
. 1 – ردود أفعالهم أثناء الشجار : يقوم التلاميذ العدوانيون بالسب و الضرب كرد فعل ، إذ تقدر نسبة هذه التصرف ب 26 % ، أما العنف المعنوي المتمثل في الشتم فيقدر ب 74 % .
I . 2 – دفع زميل عمدا : يحاول بعض التلاميذ إلحاق الأذى بزملائهم عن طريق دفعهم فجأة على الأرض ، لسبب ما بنسبة تقدر ب 31 %
II . 3 – عدم الالتزام بتسوية الصف : يتناقل بعض التلاميذ في تسوية الصف أو عدم الانضمام إليه لأسباب غامضة ، و هي ظاهرة شائعة جدا
II . 4 – أسلوب لعب عنيف : يلجأ بعض التلاميذ إلى مداعبة زملائهم بأسلوب عنيف يميزه اللكم و الصك و التراشق بأشياء مختلفة ( كالحجارة ، المحافظ ...)
II . 5 - استعمال المرفقات : و يستعملها التلاميذ العدوانيون داخل الساحة أو على مستوى الأروقة إما لتشتيت الصف ، أو بث الفزع في نفوس زملائهم .
II . 6 – التدخين : يقوم بعض التلاميذ بالتدخين في الساحة على مرأى الجميع لاستفزاز عدة أطراف في المؤسسة .
II . 7 – عدم الامتثال للأوامر : حين يطلب من بعض التلاميذ الامتثال لبعض الأوامر كتسوية الصف أمثلا ، فإنهم يقابلون تلك الأوامر بالتثاقل أو الرفض لاستفزاز مساعدي التربية مثلا .
خاتمة
لا يحتا ج فعل العنف الى ردود فعل آلية ولا إلى تهاون وتجاهل في معالجته بل يتطلب هذا
المقام التربوي الاستثنائي تفكيرا جديا وعميقا لجميع الفاعلين التربويين لإيجاد حلول تحد من
انتشار الظواهر الغير تربوية في بلادنا . وذلك بـ :
ـ اهمية حث التلميذ على ثقافة الحوار مع محيطه
ـ إعمال المرونة اللا زمة في مواجهة حالات ممارسة العنف
ـ تحويل مجرى السلوكات الانفعالية الحادة الى مناح اخرى كتوجيه التلميذ نحو انشطة
اقرب الى إهتماماته تناسب نوعية الاهتمامات التي يلاحظها المربي ( رياضة ، ثقافية ،
جمعوية ,..... )
ـ إنخراط الجميع ( اباء إداريين ، مربين ، مجتمع مدني ..... ) في إعادة بناء سلوك
التلميذ المتصف بمواصفات عنيفة حتى يكون للعلاج مفهومه المتكامل و المتضافر .