دخلوا في إضراب عن الطعام.. المتعاقدون بصوت واحد:
"الإدماج أو الموت"!
دخل صبيحة أمس حوالي 1000 أستاذ متعاقد في إضراب مفتوح عن الطعام وافتراش الأرض، في قضية إنسانية، اجتماعية مهنية تعد الأولى من نوعها بالنسبة لسلك التعليم تحت شعار "إضراب عن الطعام.. الإدماج أو الموت"، بعد ما قاد هؤلاء مسيرة سلمية أطلقوا عليها اسم "مسيرة الكرامة" بهدف إرجاع المكانة للأستاذ المتعاقد الذي هدرت كرامته حسب ما صرحوا به لـ"الشروق"، فيما أجهضت على بعد كيلومترات من العاصمة.
تتواصل الحركة الاحتجاجية التي دخل فيها آلاف الأساتذة المتعاقدين منذ أسابيع، بعد ما بدأ هؤلاء في الاعتصام أمام مقر مديريات التربية للولايات الـ48، وقرر بعدها المئات منهم تنظيم مسيرة سلمية جابت عدة ولايات نظمها أساتذة متعاقدون من مختلف مناطق الوطن والتي كانت بدايتها من ولاية بجاية، قاصدين وزارة التربية بالعاصمة مرورا بالبويرة وبومرداس.
الأساتذة رفضوا الحوار وأصروا على الإدماج
غير أنه تم كبحها وتوقيفها على بعد 60 كلم من وجهتهم، وتحديدا بمدينة بودواو غرب ولاية بومرداس التي أمضوا فيها ليلة السبت ببني عمران وليلة الأحد ببودواو التي تشهد قضية من نوع خاص، ما جعل سكان المنطقة يتهافتون على المحتجين وشحنهم معنويا بعبارات وأدعية، حيث تم تطويق المحتجين ومنعهم من تخطي ولو خطوة واحدة صوب العاصمة، في طوق أمني مشدد، ووسط الآلاف منهم وهم يحملون شعارات وعبارات بمختلف اللغات على غرار "الجوع ولا الرجوع"، "الإدماج حق مشروع"، "إخواني لا تنسوا الأساتذة".
ومن بين هؤلاء الذين افترشوا الأرض بعد ما أنهكهم التعب شابة في العشرينات من العمر تجلس على كرسي متحرك، والتي صرحت أنها أصيبت بعجز لـ30 يوما بعد ما تعرضت للضرب خلال وقفتهم الاحتجاجية بالعاصمة منذ أسابيع إلا أنها قررت دعم زملائها بمواصلة السير على كرسي متحرك يعد السادس بعد ما تعرض باقي الكراسي للكسر جراء مشاق الطريق لكيلومترات، ويتعلق الأمر بـ"ج.فلة" أستاذة لغة فرنسية في الطور الثانوي التي أكدت أنها ستواصل إضرابها عن الطعام رغم وضعيتها الصحية وذلك لإيمانها بقضيتهم.
أستاذة إنجليزية تترك أبناءها الثلاثة وتلتحق بزملائها
فيما أكدت أستاذة كانت بجانبها تخرجت سنة 2005 لها خبرة 4 سنوات في التعليم المتوسط مادة إنجليزية، تنقلت من ولاية غليزان إلى بجاية ومنها إلى بومرداس مشيا بعد ما خلفت وراءها ثلاثة أبناء عمر أكبرهم 9 سنوات، والتي تعتبر ضمن الفئة الممثلة للأساتذة التي دخلت مساء أول أمس في مفاوضات مع الوفد الوزاري الذي تنقل إلى ثانوية قويقح ببودواو للقائهم، قائلة بشأن هذا اللقاء الذي كانت نتيجته سلبية بعد ما رفض الأساتذة مواصلة الحوار بمجرد ما أعلن الوفد المكون من رئيس ديوان الوزارة؛ مستشار وزيرة التربية؛ مدير الموارد البشرية؛ مديرو التربية لولايات بومرداس، عنابة، العاصمة، أنهم جاءوا لإخبارهم أن الإدماج مستحيل وأن الوزارة ستتوسط لهم لاحتساب الخبرة بـ5 نقاط بدل 3 التي يحتسبها الوظيف العمومي، وهو ما رفضه الأساتذة جملة وتفصيلا، مصرين على مطلب الإدماج دون قيد أو شرط، مضيفة أن تهديدات بن غبريط بشأن تعويضهم بأساتذة جدد "لا تخيفهم".
متضامنون من مختلف الفئات
وهو نفس طرح أستاذ لغة فرنسية قدم من ولاية برج بوعريريج، وإلى جانبه آخر يشتغل أستاذ شريعة إسلامية بالشلف وآخر من باتنة وفتاة من بومرداس، الذين وجهوا لـبن غبريط رسالة قائلين أنها تعول كثيرا على خريجي المدرسة العليا للأساتذة ونست أنهم تكونوا على أيدينا، فيما راحوا يواصلون سرد معاناتهم اليومية علّها تصل للوصايا، مؤكدين أنهم يتقاضون 20 ألف دج تصرف لهم نهاية السنة، فيما لم يتقاضاها معظمهم منذ سنتين أو أكثر، بينما يتم تعيينهم بالمناطق النائية التي قال بشأنها محدثنا من ولاية الشلف أنه يخرج من منزله عند الرابعة صباحا ليمر عبر الغابات ويعترض طريقه قطعان الذئاب ليصل إلى مدرسته دون حماية اجتماعية أو ضمان..
وعلى هامش الحركة، لفت انتباهنا وجود سيدة مسنة وسط المحتجين والتي أكد بشأنها البقية أنها حماة إحدى الأستاذات التي خلفت طفلتها وتنقلت رفقة والدة زوجها للاعتصام مع باقي الأساتذة، أما إحدى الأستاذات التي شارفت على التقاعد وتعمل ببودواو فقد تنقلت رفقة أخرى إلى مكان الاعتصام للتعبير عن تضامنهما معهم، في وقت منعنا من الوصول إليهم من قبل عناصر الشرطة.
بن غبريط: أوقفوا مسيرتكم وعودوا إلى المدارس فالتلاميذ ينتظرونكم
دعت وزيرة التربية الأساتذة المتعاقدين إلى وقف مسيرة الكرامة التي باشروها بتاريخ 27 مارس الفارط، والالتحاق بمناصب شغلهم لاستكمال الفصل الثالث، كما تعهدت بضمان مسابقة توظيف شفافة ونزيهة مع احتساب سنوات الخبرة بنقطة واحدة لكل سنة في حدود ست نقاط، بالنسبة للأساتذة المتعاقدين الذين ستكون حظوظهم أكبر على حد تعبيرها.
وقالت نورية بن غبريط، أمس، في تصريح للصحافة على هامش جلسة الاستماع المنظمة من طرف لجنة التربية بالمجلس الشعبي الوطني، أنه تم الاتفاق مع الوظيفة العمومية على قرار تثمين الخبرة المهنية للأساتذة المتعاقدين من خلال زيادة في النقاط، مع احتساب سنوات الخبرة، ولفتت الوزيرة إلى أن كل المؤشرات تصب في صالح الأساتذة المتعاقدين، موضحة أن التنظيم المعمول به وقوانين الوظيف العمومي يمنعان التوظيف المباشر وبدون إجراء مسابقة، وهو تأكيد على أن وزارة التربية لن تتراجع على إجراء الأساتذة المتعاقدين لمسابقة التوظيف.
ووجهت بن غبريط، نداء إلى الأساتذة المتعاقدين بالالتحاق بمناصب شغلهم، لأن هناك تلاميذ ينتظرونهم، وأوضحت أن أبواب الوزارة تبقى مفتوحة للأساتذة المتعاقدين وسنقدم ضمانات الشفافية، في تسيير مسابقة التوظيف التي ستكون بطريقة منظمة وشبيهة لامتحانات البكالوريا بجميع المراحل الخاصة بتنظيم هذه المسابقة ابتداء من التسجيل عن بعد إلى عملية التصحيح التي ستجري في ولايات الوطن وإلى غاية الإعلان عن النتائج النهائية مع ضمان النزاهة والإنصاف لاسيما بفضل الوسائل التكنولوجية".
واستندت بن غبريط إلى أن توظيف الأساتذة المتعاقدين كان يتم على المستوى الجهوي، بعيدا عن أعين الوزارة الوصية، وهذا استدعى ضرورة ضبط الأمور لتكون أكثر شفافية.. كما أوضحت خلال نزولها ضيفة أمس، على أمواج الإذاعة الوطنية أن "الفصل الثالث قصير جدا خاصة وأن هدفنا الرئيسي يتمثل في ضمان ديمومة التدريس. وفي حالة التأكد من أن هذا الأخير في خطر سنتخذ الإجراءات التي يسمح بها القانون".
وربما هو تهديد غير موجه موجهة إلى المتعاقدين. مشيرة إلى أنه تم إلى غاية أول أمس، تسجيل أكثر من 500 ألف مترشح لمسابقة التوظيف، مشيرة إلى أن باب التسجيل عبر الموقع الالكتروني سيغلق يوم 14 أفريل القادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق