وهو أن يتعرف الإنسان على قدراته ومواهبه
والعمل الذي يناسبه ثم يتوجه إلى هذا العمل
بقوته ونشاطه سواء كان هذا التخصص علماً
كالشريعة أو الطب والهندسة أو عملاً كالتجارة
أو الزراعة أو البناء لأن من علامات الفشل عسف
النفس وإكراهها على تخصص لا يناسبها.
وقد ذكروا أن انشتاين أكبر رياضي في العالم كان بليداً في بعض المواد كالإنشاء والرسم ولكنه لما توجه للرياضيات أتى بالعجب العجاب. ومثل سيبويه إمام النحو وعبقري الدنيا طلب الحديث فلم يكن من اللامعين فيه، فلما طلب النحو أدهش العالم لأن مواهبه تناسب مادة النحو وكم رأينا من طالب فاشل في بعض العلوم عبقري في علوم أخرى فلو أن كل طالب وجه إلى ما يناسبه لكثر العباقرة والمنتجون. وهذا يعطيك معرفة بفشل بعض خطط التعليم العام الذي يقوم على حشر المواد على طالب صغير في السن مبتدئ في العلم. وبهذه الطريقة في التعليم يفشل الطالب في بعض المواد التي لا تناسبه ويضعف في المواد التي يرتاح إليها. وقد درست أنا وزملائي في مرحلة المتوسط سبع عشرة مادة بما فيها الانجليزي والحساب والهندسة والجبر والعلوم بأقسامها الثلاثة الفيزياء والكيمياء والأحياء والتربية والثقافة وغيرها، فأصاب الفشل والإحباط أكثرنا في كثير من هذه المواد وضعف محصولنا في مواد الدين والعربي وما ذاك إلا لأن من قرر هذه المقررات تنقصهم الخبرة والإدراك التام بمعرفة مواهب الطلبة. ولو أننا درسنا أربع مواد هي القرآن والنحو والتوحيد والفقه لاستفدنا فائدة عظيمة ولنبغ منا من نبغ وكنا ارتحنا من هذه الفوضوية في المقرر وقد خرجنا من هذه المرحلة أضعف ما يكون من المواد الأساسية، أما الانجليزي والرياضيات والعلوم فعليها السلام، لم نستفد إلا العناء والتشتت وكراهية هذه المواد، لأننا كنا نحفظ في القرآن والفقه والأدب ونطالب بحل الواجب مع النشاط الثقافي، فكنا في حالة من العنت والمشقة والجلد لا يعلمها إلا الله. فنصيحتي لمن أراد أم ينجح، أن يتخصص وأن يجمع ملكته الفكرية على واحد أو اثنين أو ثلاثة فحسب، لترى العجب العجاب في التحصيل والنبوغ والنجاح.
عائض القرني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق