الاثنين، 7 ديسمبر 2015

رحلة الشتاء والصيف" للوصول إلى المدرسة

الجواهرة والمخفي وأولاد مونة وأولاد علي والعوابد والشناقرة التابعة لبلدية الماين، ومداشر الشرفة وأولاد بن سعيد ببلدية العبادية، هي مناطق معزولة يضطر التلاميذ الساكنون بها إلى ”السفر” نحو المدرسة فجر كل يوم، والعودة في ساعة متأخرة من المساء إلى بيوتهم منهكين متعبين. هي ”رحلة الشتاء والصيف”  التي يقضونها طيلة السنة الدراسية في غياب تام للنقل!


 ”الخبر” رافقت التلميذين أحمد وزميله حسين من قرية ”تمسكوين” إلى مدرستهما بمنطقة الجواهرة، وهي الرحلة التي تنطلق منذ خُروجهما الباكر من بيتيهما، وهما يرتديان ثيابا بالكاد تقيهما البرد القارس، حيث يتنقلان عبر المنعرجات الغابية، قبل أن يصلا إلى مقاعد الدراسة مرهقين، ونفس المسافة يقطعانها في الفترة المسائية في طريق العودة.
يسكن أحمد وزميله حسين في المجمع الريفي ”تمسكوين” التابع لبلدية ”الماين” وهي قرية تقطن بها حوالي 250 عائلة تعيش ظروف حياة قاسية بسبب انعدام متطلبات العيش الضرورية، خاصة النقل الذي يعتبر هاجس المواطنين الأول، ما جعل المنطقة تعيش في عزلة شبه تامة لسنوات. ويزداد الأمر سوءًا بالنسبة للأطفال الذين يُجبرون على التنقل لمسافات طويلة قبل الوُصول إلى مدرسة تبعد بأكثر من 6 كيلومترات عن بيوتهم. 

السادسة والنصف صباحا، موعد خُروج أحمد وزميله من بيتيهما، قالا إنهما يقطعان المسافة مشيا على الأقدام في أغلب الأوقات، لكنهما أحيانا يستعينان بالجرارات الفلاحية أو بعض السيارات المارة من أجل نقلهما. انطلقنا معهما في رحلة تشق على الكبار، فما بالكم بأطفال تتراوح أعمارهم بين السادسة والثانية عشرة سنة؟!  

مُنحدرات وجبال وغابات وأودية وطريق محفوفة بالمخاطر يقطعها أحمد وحسين كل يوم. يقول أحمد: ”في فصل الشتاء تزداد الأمور سوءا، نصل إلى القسم مبللين، ملابسنا ومحافظنا مبللة”. يصمت قليلا قبل أن يُضيف: ”تُصبح الفترة الصباحية من الدراسة مُخصصة للاستراحة وليس للعمل والاجتهاد!”. من جهته، كان رفيقه حسين يفضل الصمت، ولم يتحدث إلا بعد أن سألناه عن يومياته، فرد بالقول: ”قبل أسبوع لم ألتحق بالمدرسة لمدة ثلاثة أيام، كنت مريضا، وشقّ عليّ السفر، بهذا الشكل نُضيع الكثير من الساعات الدراسية، فلا نحن نقضي وقت الفراغ في اللعب ولا في الدراسة، وإنما للتنقل مسافات طويلة”.     

عندما يصل التلميذان إلى المدرسة يقضيان الفترة الصباحية في الدراسة، لكنهما يبقيان عاجزين عن التركيز أو على الأقل لا يمكنهما أن يبذلا نشاطا كبيرا، وفي موعد الغداء يتناولان مثل باقي زملائهما طعاما متواضعا في مطعم المدرسة. لكن ما هو مصير تلاميذ يقضون يوميات كهذه؟ إما الفشل الدراسي أو الإرهاق المؤدي إلى ترك مقاعد الدراسة طوعا، أو المثابرة والنجاح عبر بذل جهد مُضاعف. بهذا لخصت أستاذة من المدرسة ذاتها تحدثت إلينا عن واقع التلاميذ في المناطق النائية، حيث قالت إن الكثير منهم، ورغم تمتعهم بالذكاء وقدرتهم على النجاح، إلا أن الظروف المحيطة بهم تجعلهم يتركون الدراسة ويتجهون إلى العمل مبكرا ودون مؤهلات علمية، قبل أن تنتهي بالتساؤل: ”فمتى سيحصل سكان القرى على نفس حظوظ نظرائهم في المدن الكبرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق