الاثنين، 23 نوفمبر 2015

التسرب الدراسى


التســـــــــــرب الــــــدراسى
مـــقــــدمة
تعد مشكلة التسرب الدراسي هدراً مباشرا للطاقات البشرية والماديــــــة فغياب الطلبة دون عذر أو بعذر غير مقبول عن المدارس‚ يحتــــاج إلى يقظة وانتباه ومتابعة من بداية العام الدراسي من المدرسة والأسرة معا‚ حتى لا يترتب على ذلك تأخرهم دراسيا أو تكرار رسوبهم أو انحرافهم واستنفاد المدة المسموح بها لغيابهم وبالتالي شطبهم‚ وهذا يحتاج إلى جهد ومتابعة جميع العاملين بالمدرسة .
و من خلال ذلك تتردد مجموعة من الأسئلة في الأذهان ومن أهم هذه الأسئلة
لماذا يتسرب المتعلمون من المدرسة ؟ ولماذا لا يقبلون عليهـــــــــــــا ؟
و كيفية علاج مشكلة التسرب الدراسي ؟
مما دفعني كرجل تربوي للكتابة عنه وعرض الرأي على القارئ ليبادلني رأيه في ذلك .
وفى هذا البحث سوف أتناول هذة المشكلة من خلا العناصر الآتية :
1 – مفهوم التسرب الدراسي .
2 – أسباب التسرب الدراسي .
3– أشكال التسرب الدراسي .
4 - بعض الاقتراحات التي تحد من هذة الظاهرة .
5 – المراجع التى اعتمدت عليها فى جمع المادة العلمية
* ـ يختلف مفهوم ( التسرب الدراسي ) من بلد الى اخر حسب سياسة التعليم في البلد نفسه ، ففي بعض الدول يعني التسرب : ( ترك التلميذ للمدرسة قبل انهاء الصف السادس الابتدائي ) ، فيما يشمل في دول اخرى ( كل تلميذ ترك المدرسة قبل اكمال المرحلة المتوسطة ) ، وتذهب بعض الدول في أن التسرب ينطبق على ( كل تلميذ ترك المدرسة قبل اكمال المرحلة الثانوية ) .. علماً أن هناك عدد من الدول لم توثق أنظمتها التعليمية مفهوم ( التسرب الدراسي ) .
* ـ عرفت ( اليونسيف ) التسرب عام 1992 : ( بعدم التحاق الاطفال الذين هم بعمر التعليم بالمدرسة او تركها دون اكمال المرحلة التعليمية التي يدرس بها بنجاح ، سواء كان ذلك برغبتهم او نتيجة لعوامل اخرى ، وكذلك عدم المواظبة على الدوام لعام او اكثر ) .
* ـ وظاهرة التسرب الدراسي تعانى منها كل الدول بدرجات متفاوتة ولأسباب مختلفة .. ولمعالجة هذه الظاهرة تعاقب معظم الدول المتقدمة وبعض الدول النامية ولي أمر المتسرب ، ففي بريطانيا مثلاً تصل هذه العقوبة الى نزع الحضانة ، أو بغرامة مالية عالية ، أو حتى السجن أحياناً .
ولعل تلك العقوبات تنبثق من احتمال تنفيذ فئة من منظومة المتسربين جرائم تضر بمجتمعهم ، فضلاً عن ضياع فرصة التعلم والتطور على المتسرب ، وكذلك فقدان المدخل الرئيس لبرامج التنمية المهنية .. ويعتبر التسرب المدرسي والرسوب الدراسي من أبرز أسباب الهدر الاقتصادي.
ـ إن من الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (26) : ( لكل شخص حق في التعليم ، ويجب أن يوفر التعليم مجاناً ، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية ، ويكون التعليم الابتدائي إلزامياً ، ويكون التعليم الفني والمهني متاحاً للعموم ، ويكون التعليم العالي متاحاً للجميع تبعا لكفاءتهم ) .. و حق الطفل بالتعليم نصت عليه المادتان (28) (29) من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الامم المتحدة .. فالتعليم حسب المادة (29) هو ( الذي يعمل على تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها وتنمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والمبادئ المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة .. الخ )
ما هي أسباب التسرب الدراسي
من الأسباب التي قد تكون سببا في تسرب المتعلمين من المدارس:
أ‌- إغفال الوالدين وعدم المتابعة
نرى أن بعض الأسر لم تكن لديها اهتمامات بأبنائها، فالعالم والجاهل عندهم على حد سواء هناك دراسة ميدانية في مدارسنا تؤكد بأن لولــــــــي الأمر و الأسرة ككل أهمية كبيرة في تقبل التلميذ أو كرهه للمدرسة وهناك أمثلـــــة كثيرة تستحضرني ومنها
ـ تلميذة تدرس في الصف الأول الابتدائي بمدرسة تشتكي المعلمة من غيابها المتكرر تلجأ إلى الاختصاصية الاجتماعية لتبحث حالتها ، تتصل شخصيــــــا بأسرتها لتعرف سبب غياب التلميذة وهي لا زالت في الصف الأول فتفاجأ بأن التلميذة ترد على الهاتف وكلها نشاط وحيوية وليس هناك مانع يمنعها مـــن الذهاب إلى المدرسة وعند التباحث مع ولي الأمر بخصوص هذا الأمر اتضح أن ولي الأمر يدللها وينفذ كل ما تطلبه منه وقد يصل ذلك إلى أن يقبل مـــــن ابنته أن تتغيب عن المدرسة فهل هذا يعقل ؟ ولا تزال المعلمة تســــأل وتلجأ إلى أسرة التلميذة لتعطي الضوء الأحمر على ما سيترتب من تكرار غيابهـــا ولكن لا حياة لمن تنادي. والغريب في الأمر أن المعلمة لم تشاهد ولي الأمــر يلبي طلبها بالحضور إلى المدرسة للسؤال عن مستوى ابنته ، فاضطـــــرت إدارة المدرسة والاختصاصيات الاجتماعيات والمعلمة ذاتها الذهاب إلى منزل التلميذة ليجدوا حلاً لها ، وكانت النهاية أن دعت والديها بالتزام ابنتهـــــــــا بالحضور ، توالت الأيام ولكن كما يقال ( الطبع يغلب التطبع) وقد عـــــــادت التلميذة و ولية الأمر كما كانوا عليه آنفا . في نهاية العام رسبت التلميـــــذة وبقيت في صفها للإعادة فما كان من ولي الأمر إلا أن يشتكي ويهدد ويطالب بترفيعها إلى الصف الثاني وبعد أن عرضت المشكلة على المسئولين كانـــت النتيجة بالإجماع رسوب التلميذة وما كان من ولي الأمر إلا أن نقلها مــــــن مدرستها الحالية إلى مدرسة أخرى تمشي على طلبه وهواه . هذا مثال مـــن الواقع يعين كيف يكون لولي الأمر دور على إخفاق ونجاح أبنائه . فنقول إن للأسرة دور كبير في مستقبل أبنائها بالمعاملة اللطيفة التي لا تؤثر سلباً على نفسية وشخصية الطالب ولا تكون معاملته صارمة تكرهه بالتعليم
ب‌- المعلم
ـ المعلم قد يكون له دور كبير وفعال في قبول ورفض التلميذ للمدرسة . كأن يكون محبا لتلاميذه مراعيا خصائصهم النفسية والعقلية والاجتماعية . فكلما كان المعلم محبوبا من تلاميذه ، كانت المادة سهلة وسلسة بالنسبة لتقبلهـــا للتلاميذ ، وبذلك يحب المعلم والمدرسة ، ويحرص على الذهاب إلى المدرسة بنفسه دون تدخل أي طرف آخر في هذه القضية ، وعلى غرار ذلك عندمــــا يكون المعلم متسلطا ويأخذ مبدأ الأمر والنهي في أسلوبه وطريقة تعاملــــــه قاسية مع التلاميذ فسيكون الوضع مختلفا حيث يكره التلميذ المعلم والمدرسة فنراه يسلك أساليب ملتوية في التعامل فنرى شخصيته تضعف وينتابــــــــــه الخوف والفزع من المعلم ومع تطور الأحداث نراه يهرب أو يتقاعس عـــــن الذهاب إلى المدرسة بحجة المرض قد يصل إلى الكذب أو الخروج من المنزل بحجة الذهاب على المدرسة ويغير وجهة سيره إلى أماكن أخرى حتى ينتهي الدوام المدرسي ليرجع إلى منزله كأنه قادم منها . لهذا نهيب بالمعلمين أن يعاملوا الطلاب معاملة حسنة يسودها الحب والتفاهم وتحبيبهم في الدراسة والمدرسة والابتعاد عن القسوة والضرب والتلفظ بالألفاظ المؤذية والمخالفة للدين لتنشئ تلميذا يبني ويعمر ، تلميذ سوي يعتمد عليه مستقبلا فهـــــــــو محورنا وهدفنا وعيوننا التي ننظر من خلالها إلى المستقبل ، فأنت أيها المعلم قدوة وملاك لا يخطئ في نظر تلميذك .
ج‌- المادة الدراسية
ـ المادة الدراسية والامتحانات قد تكون سببا أيضا في كره المدرسة والتغيب عنها أو التسرب منها فكلما كثرت الامتحانات كانت مرضا يؤرق التلميذ فبعض المعلمين لا يبالي من هذه الناحية تضع على كاهل الطلاب مذاكرة نصف كتاب ويأتي آخر في نفس اليوم ليضع امتحانا آخر وهكذا ، أيها المعلم هذا بشر وله طاقة فهلا سهلت عليه لتحصل منه على نتيجة مرضية لكلاكما ، لذلك نرجو من المعلمين تقنين وقت للاختبارات وتقنين المادة الامتحانية وأسئلتها فهدفنا قياس الفهم والاستيعاب لا التعجيز وكره المادة والدراسة فاعلم أيها المعلم إذا كان خط سيرك مستقيما وسليما فستكون النتائج إيجابية ولكل نبات زرعته بإتقان وتفنن كذلك وقد يكون أفضل ، لذلك يجب عليك شرح المادة العلمية بإتقان وتوصيلها لأذهان التلاميذ بدقة وشارك تلاميذك في الاستماع لوجهة نظرهم فقد تستفيد أنت من آرائهم فلا يبعدك عنهم صغر سنهم قد ترى منهم من يفوقك معرفة في بعض الأمور فكن لهم أبا ومعلما وصديقا تفتخر أنك قد علمتهم شيئا يوما ما .
د‌- رفقاء السوء
رفقاء السوء قد يكونوا سببا رئيسيا في تسرب التلميذ من المدرسة . وفر أيها الأب أيها المعلم ما يحتاج إليه التلميذ من نصائح وإرشادات واغرس في نفسه مخافة الله وحبه وطاعة الوالدين وأولي الأمر وحببه أيها المعلم بالعلم وشجعه على تلقيه واللجوء للقراءة عند الإحساس بالضيق ولا تجعله عرضة للذئاب السائبة فكم من أناس راحوا ضحيتهم فالاهتمام الاهتمام قبل فوات الأوان
أيا الأب الفاضل ، أيها المعلم الرائد ، كم وكم ما نسمع عن الأحداث وتجار ومتعاطي المخدرات ومدمني السجائر والخمور وهم أولاد صغار كيف اصبحوا بهذه الحالة ، هل ولدوا هكذا ؟ أم جنت عليهم مصائب الدهر من أطراف متعددة ؟ أعلم أيها الأب بأن بعد فوات الأوان لا ينفع الندم . فاحرص على مؤاخاة ابنك وأشعره بأنه رجل يعتمد عليه وحببه بالعلم وشجعه على كل ما يقوم به من أعمال مهما كان حجمها ، وانصحه باتباع الطريق الصحيح ونبهه عن بالابتعاد عن الأعمال السيئة والابتعاد عن كل ما يصل به إلى حافة الهاوية ،أمور سهلة لا تتطلب منه جهدا ولا عناء، فهي مجرد نصائح وكلمات توجه إلى أغلى من تملك سندك وعضك في المستقبل ، وأعلم أنك ما إذا وضعت البذرة بطريقة صحيحة ورويتها بماء صالح وتابعتها واعتنيت بها ستجني منها ثمرا صالحا ، ولا تنسى أن تحببه في دينه الذي هو عصمة أمره واصطحبه معك إلى المسجد وحببه بذكر الله وقراءة كتابه بذلك فستصل به إلى القمة والعلياء في دينه ودنياه .
هـ‌- وقت الفراغ
أخي المربي يقول المثل الشائع ( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) والمقصود إذا لم تفهم قيمة الوقت فقد أضعت العمر هباء دون فائدة . لهذا قد يكون وقت الفراغ قاتلا إذا ما أسأنا استخدامه وقد يكون مفيدا إذا ما احسنا استغلاله فاحرص على إسداء النصائح للتلاميذ بكيفية استغلال وقت الفراغ بما يناسب ويعود بالفائدة ، واحرص أيها الأب أن توفر مناخا صالحا ومفيدا يستطيع ابنك من خلاله أن يستغل وقت الفراغ بما يعود عليه بالنفع والفائدة كالقيام معه بزيارة إلى المكتبة لاقتناء الكتب المفيدة أو القيام برحلة مع العائلة ليغير جو الدراسة ثم يعود عليها بكل حيوية ونشاط و أشركه بأنشطة أخرى مختلفة في منتديات علمية ورياضية فلا تجعل سيف الفراغ يقتله ويودي به إلى التهلكة .كذلك أيها المعلم ، حاول أن ترفه عن طلابك من خلال تنوع الأنشطة المختلفة وأساليب التدريس التي تعودت عليها . فكلما كانت المادة العلمية تدرس بطرق مختلفة وشيقة ، كان الإقبال على تعلمها أكبر . واحرص على توجيه طلابك إلى استغلال وقت الفراغ بما يفيد. بأن ترشدهم إلى الأماكن الصحيحة والتي يمكن أن يستفاد منها وقت الفراغ . وأخيرا وليس آخراً أقول لا نريد أن يقاسي أبناءنا كما كنا نقاسي سابقا فلكل جيل حياة مختلفة يحياها بطريقته الخاصة بحيث لا تؤثر على مبادئه وقيمه الإسلامية الثابتة
أشكال التسرب الدراسي
قد يأخذ التسرب الدراسي أشكالا متعددة منها
1. التسرب الفكري "الشرود الذهني" من جو الحصة .
2. والتأخر الصباحي عن المدرسة.
3. والغياب الجزئي أو الكلي عن المادة الدراسية (أو المدرسة).
اقتراحات قد تخفف من ظاهرة التسرب
يتبادر إلى الذهن باستمرار التساؤل حول الحلول لهذه المشكلة الخطيرة التي تهدد مجتمعاتنا وكيف لنا أن نقلل من الهدر التربوي نتيجة لهذه الظاهرة، هناك العديد من التوصيات التي يتم طرحها في كل مرة يتم عمل دراسة ميدانية لهذه المشكلة فكان من أهم التوصيات التي اقترحها الملخص تنفيذي حول ظاهرة التسربالصادر عن وزارة التربية والتعليم فقد كان هناك اقتراح لإجراءات وقائية للحد من ظاهرة التسرب من وجهة نظر المتسربين وأولياء أمورهم والتي من الممكن على المدرسة الأخذ فيها ومن أهمها:
أولا: تفعيل دور المرشد التربوي في مساعدة الطلبة.
ثانيا: العدالة في التعامل وعدم التمييز بين الطلبة داخل المدرسة.
ثالثا: منع العقاب بكل أنواعه بالمدرسة ( البدني والنفسي).
رابعا: مساعدة المعلم للطلبة لمعالجة ضعفهم .
خامسا: إشراك الطلبة في نشاطات يحبونها.
سادسا: تنوع الأساليب التعليمية.
يبدو أن القلة من المؤسسات التي أعدت برامج فعلية للحد من هذه الظاهرة، التي هي أشبه بالوباء في المجتمع، حيث تتزايد عام بعد أخر، ومن أهم البرامج التي من الممكن أن تعتبر أحد الحلول لهذة المشكلة برامج التعليم غير الرسمي الذي تتبناه مؤسسات أهلية غير حكومية كالمركز الفلسطيني للإرشاد، حيث يقوم هذا البرنامج على التعامل مع الطلبة ذوي الأداء التعليمي الذي يقع ما بين الضعيف والمتوسط والذي يكون ناتج في الغالب عن مشاكل نفسية أسرية واجتماعية والآلية التي يتم العمل بها في هذا البرنامج تكون عن طريق وضع برنامج تعليمي مناسب لمستوى وأداء الطلبة، وهذا التعليم مشروط بوجود معلمين من المدرسة التي يتعلم فيها الطلاب أصلا، والهدف من وجودهم هو تزويد المعلمين بالعديد من المهارات التي تنقصهم، رفع نوعية العلاقة بينهم وبين طلابهم في جو أكثر أمناً، يستطيع الطفل من خلاله التنفسي عن مكنوناته، وكذلك تدريس المنهاج بطرق ممتعة وجذابة ومتنوعة، والتي بمجملها قد يساعد في التخفيف من تسرب الطلبة وزيادة حبهم للمدرسة.
فمثل هذه البرنامج تأخذ بالحسبان إشراك الأهل في العملية التربوية البديلة، حيث يعمد البرنامج للعمل مع الأهل وجعلهم شركاء في تحديد احتياجاتهم وإيجاد حلول لمشاكل أبناءهم والتي يمكن لها أن تخفف من حدة التسرب.


ولأنه لا يكفي لنا أن نتوقف أمام منظر الباعة الصغار، بل يجب علينا جميعا أن نسرع للمساهمة في حل هذه القضية الشائكة قبل أن تطرق كل بيت من بيوتنا وتضيع أبناءنا وتوصلهم إلى جحيم العمل والانهيار المبكر، فنحن نعرف الأسباب ونعرف أيضا الحلول فهل يمكن لنا أن نبدأ بالمعالجة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق