الأحد، 7 أغسطس 2011

بني بوبلان... المنطقة التي يعيش فيها الأحياء تحت الأموات


عاش فيها محمد ديب جزءا من طفولته وأرّخ لها مصطفى بديع سينمائيا

بني بوبلان... المنطقة التي يعيش فيها الأحياء تحت الأموات

image
محمد ديب عميد الأدب الجزائري
ترتبط بني بوبلان، الواقعة جنوب مدينة تلمسان الكبرى، بطفولة محمد ديب، عميد الأدب الجزائري الناطق بالفرنسية، وهي الطفولة التي أرّخ ليومياتها صاحب رائعة الحريق في ثلاثية (دار السبيطار، الحريق، النول)، مثلما أرخ لها سينمائيا مصطفى بديع في "الحريق" أين حظيت "بني بوبلان" بتصوير بعض المشاهد السينمائية التي ساهمت في شهرة المنطقة.

  • لكن قد نجانب الحقيقة إن ربطنا هذا الظهور الملفت لـ»بني بوبلان« بكتابات محمد ديب الأدبية أو عبر عدسة مصطفى بديع، لأن منطقة بني بوبلان معروفة منذ القدم بكونها من أفضل الأماكن بعاصمة الزيانيين التي يمكن من خلالها الاستمتاع بأجمل وأروع غروب شمس، وذلك لمكانها الإستراتيجي الواقع أسفل هضبة لالة ستي، بالإضافة إلى كونها تثير الفضول بفعل الألغاز الغامضة التي تحتويها. وتتميز بني بوبلان بهدوئها وبساتينها الخضراء الواقعة على حواف الطريق الفاصل بينها وبين آثار "المنصورة"، يجعل الزائرين يبحثون عن سرّ هذا الصمت الذي يملأ أزقتها ودروبها الضيقة، وكأنك في منطقة مفصولة عن العالم الخارجي.
  • ويمتد وجود هذا المكان إلى ما قبل التاريخ وتحديدا إلى العهد الحجري المتوسط، حيث لا تزال الكهوف المتواجدة بالمنطقة تشهد على أن تاريخ جوهرة المغرب العربي لم يبدأ في القرن الثالث للميلاد مع الاحتلال الروماني كما ذكره "آبادي"، وإنما يعود إلى البدايات الأولى لوجود الإنسان، لذلك تعد هذه المنطقة مرورا بحي بودغن والقلعة العليا حواضن الإنسان الحجري، وهو ما أوضحته اكتشافات ج. بلايتشر عام 1875، حيث تم إيجاد معاول مصقولة بكهوف بودغن الدالة على حضارة ما قبل التاريخ، ويوجد في هذا المكان قرابة الـ100 كهف، لايزال العديد منها قائما، ومنها "الغيران" التي تنتشر في عدة أماكن، والتي كانت حصنا منيعا اتخذه يغمراسن بن زيان ضد غزو وحملات الحفصيين.
  •  وإبان الاحتلال الفرنسي للجزائر كانت الملجأ الوحيد لعشرات العائلات القاطنة بالمنصورة، هربا من بطش السلطات الاستعمارية، ومع مرور الزمن أضحت هذه الكهوف مساكن لعديد المواطنين إلى يومنا هذا، فيما تحوّلت الأرضية العلوية إلى مقبرة يدفن فيها موتى سكان بني بوبلان، لتشتهر بذلك المنطقة باسم منطقة "الموتى فوق الحيين"، وهي الميزة التي تستوقف أي زائر لبني بوبلان والتي تبقى حاضنة لقلعة "تامراديت" المتكونة من 100 كهف تمتد على طول أعالي مدينة تلمسان من بني بوبلان إلى غاية القلعة العليا، وهي إحدى اكتشافات الفينيقيين قبل أن يظهرها إلى العلن المكتشف البرتغالي بلايتشر بعد قيامه بزيارة استكشافية إلى منطقة بني بوبلان، حيث ينام الموتى فوق الأحياء ويعيش الأحياء تحت الأموات في سلام.
    نقل عن الشروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق