يلتحق غدا أزيد من 9 ملايين تلميذ في الأطوار التعليمية الثلاثة بمقاعد الدراسة أي بزيادة تفوق 270 ألف متمدرس جديد مقارنة بالسنة الدراسية السابقة، سيؤطرهم 36 ألف أستاذ ومعلم استفادوا من التكوين البيداغوجي. وستشرف وزيرة التربية الوطنية السيدة نورية بن غبريط، رفقة وزيرة البيئة والطاقات المتجددة السيدة فاطمة الزهراء زرواطي، على انطلاق الموسم الدراسي الجديد 2017 / 2018 من ولاية ورقلة، فيما تم اختيار موضوع المواطنة والمحافظة على البيئة محور الدرس الأول.
بن غبريط وعشية انطلاق السنة الدراسية الجديدة أكدت أن اختيار موضوع المواطنة والبيئة جاء من منطلق أن سنة 2017 كانت سنة استحقاقات انتخابية بامتياز، فبعد الانتخابات التشريعية هناك موعد انتخابات محلية على الأبواب في شهر نوفمبر المقبل، أما موضوع البيئة فيرتبط ـ حسب السيدة بن غبريط ـ بما آلت إليه حالة البيئة في الجزائر لا سيما مادة البلاستيك التي باتت تشكل خطرا حقيقيا على المحيط اليابس والبحار جراء استعمال أكياس بلاستيكية ترمى في الهواء الطلق أو القارورات البلاستيكية.
كما أكدت بن غبريط، عشية الدخول المدرسي الجديد أن الحكومة ومن خلالها وزارتها اتخذت كل التدابير لضمان سنة دراسية ناجحة ودخول مدرسي محكم، مشيرة إلى أن التحضير لهذا الدخول المدرسي بدأ مع بداية سنة 2017، أي خلال شهر جانفي الماضي وذلك من خلال عمل استشرافي قام به إطارات وخبراء القطاع يهدف إلى عدم السقوط مجددا في بعض المشاكل التي عرفتها السنوات الدراسية الماضية، لا سيما بعد عمليات الترحيل المكثفة التي عرفتها العديد من الولايات والتي انتجت تجمعات سكانية جديدة، فضلا عن ازدياد عدد المواليد بشكل كبير مما سيبقي على مشكل الاكتظاظ في الأقسام ببعض الولايات وبنسب متفاوتة.
الدخول المدرسي يعني أيضا توفير ظروف التمدرس من إطعام ونقل ودعم للعائلات المعوزة والملف الذي تم التطرق إليه مؤخرا في مجلس وزاري مشترك ترأسه الوزير الأول أحمد أويحيى، الذي أعطى تعليمات صارمة لتوفير الإطعام في اليوم الأول من السنة الدراسية بعد أن عرفت هذه الخدمة المهمة بالنسبة للتلميذ لا سيما في المناطق المعزولة والنائية في السنة الماضية، اختلالات أدت إلى عدم فتح ألف مطعم مدرسي أبوابه أمام التلاميذ بالإضافة إلى النقل والمنحة المدرسية التي تحرص وزارة التربية على توزيعها في وقتها ليستفيد منها التلميذ.
وعن الكتاب المدرسي الذي يعد من الأولويات البيداغوجية لوزارة التربية الوطنية، كشف الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية عن طبع هذه السنة أزيد من 70مليون كتاب تم توزيعه على المؤسسات التربوية موجهة لمختلف الأطوار الدراسية فيما عرفت هذه السنة إصدار 30 كتابا جديدا من الجيل الثاني للطورين الابتدائي والمتوسط، علما أن لجنة المصادقة رفضت طبع 7 كتب جديدة لم يتم طبعها بسبب بعض الاختلالات المسجلة فيها وسيتم اعتمادها خلال الموسم الدراسي المقبل 2018 / 2019، حسب ما أكدته وزيرة القطاع في ندوتها الصحفية الأخيرة.
توظيف أزيد 104 آلاف أستاذ خلال السنتين الماضيتين
ومن بين التدابير التي اتخذت لإنجاح الموسم الدراسي اعتمدت الوزارة لتوفير الأساتذة وتفادي تسجيل نقص في المؤطرين على التوظيف الخارجي من خلال إجراء مسابقات سمحت بتوظيف خلال السنتين الأخيرتين أزيد من 104 آلاف أستاذ، علما أن قطاع التربية حسب ما أكدته المسؤولة الأولى مجبر على التوظيف الخارجي الذي أضحى أمرا حتميا وليس اختياريا نظرا لضعف عدد المتخرجين من المعاهد الوطنية العليا لتكوين موظفي القطاع.
وفي هذا السياق تسعى الوزارة إلى استعادة بعض المعاهد التي أصبحت تحت وصاية قطاعات وزارية أخرى، وبالفعل نجحت في استعادة 5 منها في انتظار البقية حيث تجري مفاوضات في هذا الشأن فيما يوجد 11 معهدا في طور الإنجاز، علما أن عودة هذه المعاهد لقطاع التربية تعني العودة التدريجية إلى توظيف المتخرجين منها حصريا والاستغناء عن مسابقات التوظيف الخارجية.
وتتجه وزارة التربية الوطنية في هذا السياق نحو تجميد مسابقات التوظيف في القطاع خلال السنوات المقبلة لا سيما الخارجي وتمديد العمل بالقوائم الاحتياطية وعدم تحديد تاريخ زمني لانتهاء استغلال هذه الأخيرة، إلى جانب فتح الباب لاستغلال جميع المناصب المالية الشاغرة ضمن القوائم الاحتياطية.
وتسعى الوزارة المعنية من خلال هذا الإجراء إلى فسح المجال أمام الناجحين في الامتحان الكتابي لمسابقتي التوظيف المنظمتين في 2015 و2017، وتمكينهم من الفوز بمنصب مالي دائم في التعليم والبالغ عددهم أكثر من 282 ألف ناجح،148 ألفا في المسابقة الأولى التي جرت في 2015 وأزيد من 134 ناجحا في مسابقة الـ29 جوان الفارط.
مصالح وزارة التربية ومن خلال هذا الإجراء الذي يتخذ لأول مرة بالقطاع منذ سنوات، تسعى إلى جعل من المدارس العليا للأساتذة والمعاهد التي تضمن تكوينا بيداغوجيا في المستوى المطلوب للأساتذة لجميع الأطوار التعليمية، وبصفة تدريجية المصدر الوحيد والحصري لتوظيف الأساتذة الموجهين لقطاع التربية سعيا منها لتحقيق أهداف الإصلاح الرامي إلى جعل من المدرسة الجزائرية مدرسة نوعية وضمان مصداقية شهاداتها، وهي الأهداف التي لن تتحقق إلا بتحسين المردود الدراسي للتلميذ من خلال التخلي عن البرامج التقليدية القديمة التي تعتمد على المقاربة بالحفظ بعيدا عن التطورات الحاصلة في المجال التعليمي والتربوي. تعليمة استغلال القوائم الاحتياطية التي أصدرتها وزيرة القطاع السيدة نورية بن غبريط، ولائيا ووطنيا لا تشمل الطور الابتدائي الذي لم يكن معنيا في مسابقة التوظيف الأخيرة التي جرت في 29 جوان، حيث شملت الطورين المتوسط والثانوي، ومن المحتمل أن تفتح وزارة التربية قبل نهاية سنة 2017، مسابقة لتوظيف أساتذة التعليم الابتدائي لتغطية المناصب الشاغرة في هذا الطور، علما أن الوزارة ستعكف على إحصاء هذه الأماكن لتحديد عدد الأساتذة الذين ستوظفهم والمناصب المالية التي ستفتحهم وفق الاحتياجات بكل ولاية، وهذا قبل أن يتم الإعلان عن موعد إجراء هذه المسابقة.
وزيرة التربية الوطنية كانت قد أعلنت في تصريح لـ«المساء» عن توظيف 23799أستاذ خلال 2017 من الأرضية الرقمية المتضمنة القوائم الاحتياطية للأساتذة الفائزين في مسابقة التوظيف التي نظمها القطاع سنة 2015 وذلك على الصعيد الولائي.
وقد وضعت الوزارة آلية جديدة لاستغلال القوائم الاحتياطية تقضي باستغلال القائمة الاحتياطية الولائية إلى جانب اعتماد إجراء جديد لأول مرة يخص استغلال القوائم الاحتياطية وطنيا الذي يسمح لأستاذ الناجح في المسابقة بالعمل خارج ولايته الأصلية على أن يخضع الترتيب الوطني لمقياس واحد فقط يخص درجة الاستحقاق في الامتحان الكتابي حسب المعدل المتحصل عليه علما أن عدد المقبولين في مسابقة توظيف الأساتذة الأخيرة لاجتياز الامتحان الشفهي بلغ 134.192 أي بنسبة 30.13 بالمائة من مجموع قرابة 700 ألف مترشح في هذه المسابقة التي جرت في 29 جوان الفارط.
فتح الأرضية الرقمية للتوظيف لخريجي المدارس العليا
من جهة أخرى أشعرت وزارة التربية الوطنية مديريات التربية عبر جميع الولايات بإعادة فتح الأرضية الرقمية للتوظيف في شهر سبتمبر، أمام خريجي المدارس العليا الذين لم تتوفر الفرص المتاحة بولايتهم لتوظيفهم خارج ولايتهم الأصلية بسبب عدم توفر مناصب مالية بها. وأوضحت أن حل التوظيف خارج الولاية التي يقطن بها المتخرج جاء كإجراء يسمح بالتوظيف خارج الولاية وذلك من خلال استغلال الأرضية الرقمية في التوظيف الوطني وليس المحلي فقط وهو الحل الذي تقدمت به وزارة التربية للتكفل بمثل هذه الحالات أي عدم توفر المناصب المالية للولاية الأصلية للمتخرج من إحدى المدارس العليا.
وتحصي الوزارة المعنية حالات كثيرة بمختلف ولايات الوطن مشيرة إلى أن التعيين وعند توفر المناصب المالية محليا يكون حسب درجة الاستحقاق وما تبقى سوف تفتح لهم الأرضية الوطنية لاختيار الولاية التي يرغبون في التوجه لها.
للإشارة وظف قطاع التربية الوطنية خلال سنتي 2016 و2017 أزيد من 104الف أستاذ في الأطوار التعليمية الثلاثة وهو ما يعادل نسبة 63 % من الناجحين في مسابقة توظيف الأساتذة المنظمة في 29 أفريل 2015 والبالغ عددهم 148ألف ناجح.
الحكومة ستفصل في مقترحات إصلاح نظام البكالوريا في أقرب الآجال
سيعاد مع الدخول الاجتماعي والمدرسي المقبلين وحسب مصدر مسؤول بالوزارة الوصية فتح ملف إصلاحات قطاع التربية بكل جوانبه للإثراء وتصحيح الاختلالات المسجلة في الميدان على أن تحظى مسألة إصلاح نظام الامتحانات الرسمية باهتمام أكبر، وعلى الخصوص إصلاح نظام امتحان البكالوريا الذي يعد من أولويات وزارة التربية ومن خلالها الحكومة. وسيكون الإطارات والمختصون في المجال التربوي على موعد مرة أخرى مع مناقشة وإثراء هذا الملف الذي استعادته وزيرة التربية من الحكومة لإثرائه وتصحيح الاختلالات قبل تقديمه مجددا للوزارة الأولى، ثم عرضه أمام مجلس الحكومة. وزارة التربية كانت قد خرجت بعد عمل مشترك مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مجموعة عمل بستة مقترحات، عرضت في مرحلة أولى على الحكومة، تخص ملف إصلاح امتحان البكالوريا منها اعتماد التقويم المستمر وتقليص مدة الامتحان من خمسة إلى ثلاثة أيام، فضلا عن مقترح الإبقاء على الامتحان كما هو وأن تشمل التعديلات التوقيت الزمني للمواد. كما اقترحت مجموعة العمل أن يمتحن الطالب خلال ثلاثة أيام في المواد الأساسية أو المهيكلة للشعبة ويدرج فيه الاختيار ما بين المواد المكملة (مثل اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية) حسب الشعبة، إلى جانب اقتراح إجراء دورتين دورة مسبقة تتم في السنة الثانية ثانوي ودورة عادية في السنة النهائية.
إعادة إثراء الإصلاحات التي باشرها قطاع التربية منذ سنة2005 والتي سيكون تطبيقها مرحليا وتمتد إلى غاية سنة 2020، جاءت بعد تسجيل جملة من النقائص والاختلالات أخذتها وزارة التربية بعين الاعتبار وقررت التكفل بها تدريجيا لضمان نجاح الإصلاحات.
ومن بين ما تضمنته الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، إقرار إستراتيجية التحوير والتقييم البيداغوجي التي أكدت وزيرة القطاع مرارا على أهميتها في إصلاح المنظومة التربوية، مشيرة إلى أن فهم وإدراك الهدف المطلوب من هذه الإستراتيجية يجب أن يكون ضمن ثلاث نقاط، أولها الانطلاقة في التقييم البيداغوجي لضمان جودة التعليم ووضع برنامج تدخل خاص بالولايات التي تسجل ضعفا في هذا المجال، فضلا عن ضرورة تطوير التربية التحضيرية وتكوين الكفاءات وإعادة كتابة البرنامج المدرسي.
ومن بين التحديات التي ترفعها وزارة التربية من خلال الإصلاح، العمل على تفتح شخصية التلميذ على ما يحيط به، بالإضافة إلى جعله يتقن التحليل وإعطاء البراهين بعيدا عن الحفظ وحشو الأفكار والمعلومات، وهي الأهداف التي لا يمكن أن تتحقق إلا باعتماد سياسة طموحة والمتمثلة في التركيز على الطور الابتدائي كحجر أساس ليحظى بالأولوية وتسخير الإمكانيات والإطارات الكفءة من مديرين وأساتذة ومفتشين وكذا إشراف مديرية التربية على تطبيق هذه السياسة. وسيعرف بداية الدخول الاجتماعي عدة نشاطات ولقاءات من بينها ملتقى وطني حول الإصلاحات التربوية ورهاناتها، سينظم شهر أكتوبر المقبل بوهران بمشاركة أخصائيين في التربية الذي سيكون من بين المحطات التي ستسلّط الضوء على مختلف مراحل الإصلاح التي تم تجسيدها في الميدان والمبرمجة مستقبلا ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة للإشكاليات المطروحة، علما أن هذا اللقاء الذي ينظمه مخبر البحث في التربية وعلم النفس بجامعة وهران2 محمد بن أحمد تحت عنوان الإصلاحات التربوية: رهانات وتحديات من أجل الوقوف على وضعية قطاع التربية الوطنية الحالي بعد تطبيق الإصلاحات التي شرع فيها سنة 2005 والجوانب التي تحققت في الميدان والنقائص والإختلالات التي شابت تطبيقها.
80 بالمائة من المشاكل المطروحة حلّت والنقاش متواصل ودائم مع الشريك الاجتماعي
تراهن وزيرة قطاع التربية على الحوار الشفاف والنقاش الصريح من خلال حوار دائم ومتواصل لحل مشاكل القطاع البيداغوجية منها والاجتماعية والمهنية على حد سواء حيث جددت نورية بن غبريط، تمسكها بالعمل الجاد مع النقابات وممثلي أولياء التلاميذ من خلال لقاءات دورية تعطى الكلمة فيها لكل نقابة كشريك اجتماعي للقطاع. وتعتبر الوزيرة النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ شريكا أساسيا للقطاع لا سيما بعد التوقيع على ميثاق أخلاقيات قطاع التربية والذي نجح في ضمان الهدوء في القطاع والحد من التوتر والاضرابات التي كانت خلال السنوات القليلة الماضية، تشل المدارس وتحرم التلميذ من تمدرس هادئ بعيد عن القلق والتشويش. وحسب السيدة نورية بن غبريط، فإن 80 بالمائة من المشاكل العالقة التي كانت ترفعها النقابات فتم حلّها منذ بداية حوارها مع الشركاء الاجتماعيين ولم يتبق منها سوى المطالب الاجتماعية المهنية التي يعود الفصل في معظمها للحكومة أو لقطاعات أخرى.
وفي هذا الإطار كشفت الوزيرة عن تسوية ملفات 8 آلاف موظف مستفيد من التقاعد المسبق والجزئي دون شرط السن القانوني. وسيستلم هؤلاء إشعارات بذلك هذه الأيام، علما أن القطاع عرف خروج عدد كبير واستثنائي إلى التقاعد هذه السنة ما يفسر لجوء الوزارة المعنية إلى توظيف عدد هائل من الأساتذة والمؤطرين الإداريين لتغطية النقص بحلول السنة الدراسية، وهذا بدعم كبير من الحكومة ـ حسب السيدة بن غبريط ـ التي قالت إن ذلك يدل على أن الحكومة تولي اهتماما كبيرا للمدرسة ولمصلحة المتمدرس طبقا لتعليمات رئيس الجمهورية، الذي يسعى من خلال برنامج إلى تحقيق مدرسة عصرية ذات جودة ومعايير دولية.