الأحد، 2 أبريل 2017

كتاب: المناهج التربوية بين الأصالة والمعاصرة

كتاب: المناهج التربوية بين الأصالة والمعاصرة


أدناه مقطع من الفصل الأول من كتاب "المناهج التربويّة بين الأصالة والمعاصرة".

المؤلفة: د. سلمى زكي الناشف.
الناشر: دار كنوز المعرفة، الأردن (2012)
 الطريقة العلميّة
يعرّف صالح (1972) طريقة التدريس بأنّها "الوسيلة التي تتبع في تدريس مادّة ما أو مجموعة من المواد، فهي الوسيلة لتحقيق التعلّم في مقرّر من المقرّرات الدراسيّة الذي يمكن أن يتحقّق في أكثر من طريقة"(1).
ويعرّفها اللقاني (1981) بأنّها "الإجراءات التي يتبعها المعلّم لمساعدة تلاميذه على تحقيق الأهداف"(2)، ويضيف أن "الوسيلة أداة مساعدة للمعلّم تيسّر له استخدام طريقة ما".
ويرى لبيب (1983) بأن للطريقة معنيين: الأوّل عبارة عن "خطوات محدّدة يتبعها المدرّس لتحفيظ التلاميذ أكبر قدر ممكن من المادّة العلميّة التي تتصف بالجفاف والجمود"، والثاني هو "وسيلة لوضع الخطط وتنفيذها في مواقف الحياة الطبيعيّة التي تؤدّي إلى نمو التلاميذ بتوجيه من المدرّس وإرشاده"(3).
ويشير المقرّم (1987) إلى المعنى اللغوي للطريقة كما أخذ من الصحاح بأنّه "المذهب والسيرة والمسلك الذي نسلكه للوصول إلى الهدف". ويشير إلى المعنى الاصطلاحي لها كما أخذ من معجم ألفاظ علم النفس التربوي بأنّه "جملة الوسائل المستخدمة من أجل غايات تربويّة"(4)، ويشير أيضاً إلى الطريقة كما جاءت في معجم الألفاظ بأنّها "جهد يبذل من أجل بلوغ غاية"، كما يشير إلى تعريف عمر الشيباني للطريقة على أنّها "جميع أوجه النشاط الموجّه الذي يقوم به المدرّس في إطار مقتضيات مادة تدريسه وخصائصه نحو تلاميذه وظروف بيئته بغية مساعدة تلاميذه على تحقيق التعلّم المرغوب والتغيّر المنشود في سلوكهم وبالتالي مساعدتهم على اكتساب المعلومات والمعارف والمهارات والعادات والاتجاهات والميول والقيم المرغوبة"(5).
وعبّر المقرّم عن الطريقة بمعنيين: الأوّل هو "إعداد واستخدام للمراحل التعليميّة التي ينبغي إجراؤها لعمل شيء من الأشياء ومعرفة الوسيلة التي عن طريقها يتعامل ومنها يتعلّم المتعلّم للوصول إلى الهدف"؛ والثاني هو "أوجه الأنشطة المتعدّدة التي يوجّه إليها المدرّس تلاميذه للقيام بها والمشاركة فيها مستمدة من واقع خبرة المدرس وإعداده ومدى تمشيها مع الأهداف والمحتوى والفروق الفرديّة والظروف البيئيّة والإمكانيّات"(5).
وباستعراض سريع لهذه المعاني نجد اتفاق كل من صالح ولبيب على أن الطريقة وسيلة تعمل على الإيصال إلى غاية، في حين يحدّد لبيب ويوضّح من وجهة نظر أخرى أن الطريقة تتكوّن من خطوات محدّدة لا بد من اتباعها للوصول إلى الغاية المنوي تحقيقها، ويوافقه في ذلك اللقاني حين يشير إلى الطريقة بأنّها مجموعة إجراءات، وينظر كذلك الشيباني والمقرّم إلى أنّها مجموعة أنشطة موجّهة للوصول إلى غايات، وهم بهذا يشيرون ضمناً إلى أنّها وسائل تستخدم للوصول إلى غايات.
ويفرّق اللقاني بين الطريقة والوسيلة حيث يشير إلى أن الوسيلة تسهل استخدام طريقة ما، وهي جزء من الطريقة، وبهذا فهو يخالف كل من صالح ولبيب حين اعتبروا الطريقة هي الوسيلة.
وأمّا تعريفي للطريقة فهو "عمليّة منظّمة تتكوّن من خطوات معيّنة، يتبعها المعلّم لتحقيق الأهداف المرجوّة من عمليّة التدريس التي يقوم بها"، أي أن الطريقة تتضمّن وسائل تساعد على تحقيق الأهداف، وبهذا فأنا أتفق مع لبيب واللقاني من حيث أن الطريقة خطوات وإجراءات، ومع اللقاني من حيث أنّها تتضمّن الوسيلة ولا تماثلها.
وتعود الطريقة العلمية إلى العلماء العرب والمسلمين أمثال جابر بن حيّان (738- 814م)، وابن الهيثم (965- 1039م)، والرازي (845- 932م)، وابن سينا (980- 1036م)، الذين دعوا إلى اتباع المدخل العلمي في التفكير والحياة. وقد قال ابن حيّان: "يجب أن نعرف أنّنا نذكر ونتحدّث فقط بما رأيناه وليس ما علمناه، وقرأناه، أو أخبرنا به، ومن الممكن تحقيق ذلك من خلال التجربة بحيث نقبل أو نرفض الشيء"(6).
وقد أكّد التربويون الأمريكيون على هذه الطريقة، مثل جون ديوي الذي أشار إلى ضرورة قيام المتعلّم بالعمل بنفسه عن طريق حل المشكلة لإتقان المهارات والخبرات المتعدّدة اللازمة له في حياته.
وتلخّص خطوات هذه الطريقة (لن نتحدث عنها بالتفصيل، ويمكن الرجوع إلى كتاب المؤلفة "طرق تدريس العلوم، للاستزادة والتفصيل") بالآتي:
= الشعور بالمشكلة.
= تحديد المشكلة.
= جمع المعلومات.
= فرض الفرضيّات.
= التحقّق من صحّة الفرضيّات.
= الوصول إلى حل للمشكلة.
= تعميم النتائج.
الخبرات experiences
يعرّفها محمد لبيب النجيحي كما جاءت في كتاب المبروك عثمان أحمد وزملاؤه(7) بأنّها "عمليّة تأثّر وتأثير يرتبط الفرد فيها ببيئته فيستفيد من ذلك في تعديل سلوكه وزيادة قدرته على توجيه خبراته"، وهي أيضاً "التي يمر بها الإنسان فيتعلّم منها ويتأثّر بها، وبذلك تؤثّر في ما يستقبله من خبرات ومواقف وتصبح من نسيج شخصيّته عاملاً أساسيّاً في توجيه هذه الشخصيّة وتكوينها"، وتتكوّن من عناصر ثلاثة هي:
1= القيام بعمل ما.
2= الإحساس بردّ الفعل، أي النتيجة.
3= الربط بين التأثّر والتأثير.
والخبرة على نوعين: الأوّل المباشرة، وهي التي يكتسبها الفرد بممارستها فعليّـًا، أي بالعمل على أدائها، مثل الخبرة في استعمال الحاسوب، وتنشأ من استعمال الحاسوب لفترات طويلة، وكذلك الخبرة في إصلاح جهاز ما، تنشأ من التدرب على الإصلاح لأكثر من مرة، وكذا الخبرة في التدريس، تتمخض عن ممارسة التدريس فعليّـًا لفترة طويلة، وكذلك الخبرة في تربية الأطفال، والخبرة في استخدام الوسائل التعليمية، والسباحة، والطباعة، وركوب الخيل، وغيرها الكثير.
وأما الخبرة غير المباشرة، فهي التي يتم تعلمها بطرق غير مباشرة، ولا تمارس فعليّـًا في الواقع المعاش، فعلى سبيل المثال، السباحة التي يتم تعلمها من قراءة الكتب، وليس من خلال مدرب فعلي في حوض السباحة، هي خبرة غير مباشرة، وكذا الخبرة في التدريس حين تتأتى من خلال مشاهدة أفلام فيديو عن التدريس لأكثر من مرة، هي خبرة غير مباشرة، وكذلك حين يستمع شخص ما من آخر عن كيفية إصلاح جهاز دون ممارسة إصلاحه فعليّـًا ليذهب بعدها لمحاولة إصلاحه، ويكرر ذلك أكثر من مرة هي خبرة غير مباشرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق