الجمعة، 22 أبريل 2016

قصة الإمام الشافعي مع الفراسة

قصة الإمام الشافعي مع الفراسة



فراسة الشافعي

كان الإمام الشافعي حجة عظيمة في كل علم، لا يكاد يمر عليك علم من العلوم إلاّ وتجد له باعا فيه , و من العلوم التي درسها وأجاد فيها كعادته علوم الفراسة , و في زمن الشافعي كانت الفراسة في أوج عهدها ، فكان هناك عدد من المتفرسين الذين يتقنون الفراسة يحكمون على الأشخاص من ظواهرهم وكانت دائما ًماتصدق أحكامهم ، فكانوا يجهرون بذكر مساوئ الناس أمام العامة مما أدى إلى تضايق عدد من رجال الدين , فاعترضو عليهم وزادوا أن قالوا أن علمكم باطل وغير صحيح ليدحضوه فلا يسمع أحد لأحكامهم المشينة.
و هنا كان ذكاء الإمام الشافعي، فما قام به لأجل هذا أنه سافر إلى اليمن لتعلم الفراسه و ليتأكد إن كانت صحيحة أم لا ، فقضى في اليمن ثلاث سنوات فتعلم الفراسة وأتقنها أيما إتقان.
ومن طرائف قصص الفراسة عند الإمام الشافعي هذه القصة :
قال الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى في (( آداب الشافعي ومناقبه )) ص(96-97) : ” ثنا أحمد بن سلمة بن عبد الله النيسابوري ، عن أبي بكر بن إدريس – وراق الحميدي – سمعت الحميدي يقول : قال محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه :
خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها ، ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في طريقي وهو محتبٍ بفناء داره ، أزرق العينين ناتئ الجبهة سِنَاط – قال محقق الكتاب : هو الكوسج الذي لا لحية له أصلاً كما في المختار.
فقلت له : هل من منزل ؟ قال : نعم قال الشافعي : وهذا النعت من أخبث ما يكون في الفراسة !! فأنزلني ، فرأيت أكرم رجل بعث إلي بعشاء وطيبٍ وعلفٍ لدابتي وفراشٍ ولحاف ، فجعلت أتقلَّبُ الليل أجمعَ : ما أصنع بهذه الكتب ؟ ، إذ رأيت هذا النعت في هذا الرجل ، فرأيت أكرم رجل, فقلت : أرمي بهذه الكتب !!
فلما أصبحتُ قلتُ للغلام : أسرِج ، فأسرَج . فركبت ومررتُ عليه ، وقلت له : إذا قدمت مكة ومررت بذي طوى فسل عن منزل محمد بن إدريس الشافعي.
فقال لي الرجل : أمولى لأبيك أنا ؟! , قلت : لا !
قال : فهل كانت لك عندي نعمة ؟! , قلت : لا !!
قال : أين ما تكلفتُ لك البارحة ؟! , قلت : وما هو ؟!
قال : اشتريتُ لك طعاماً بدرهمين ، وإداماً بكذا ، وعطراً بثلاثة دراهم ، وعلفاً لدابتك بدرهمين ، وكراءُ الفراش واللحاف درهمان.
قلتُ : يا غلام أعطه ، فهل بقي من شيء ؟!
قال : كراء المنزل ، فإني وسَّعتُ عليك وضيَّقتُ على نفسي !!
قال الشافعي : فغبطت نفسي بتلك الكتبِ ! فقلت له بعد ذلك : هل بقيَ من شيء ؟!
قال : امض أخزاك الله ، فما رأيت قط شراً منك.
فأعطاه الشافعي ما أراد وعاد فرحا ًبأنه لم يكن ليخيب علمه الذي تعلمه ، وحين عاد أخبر أصحاب الفراسة أن علمهم صحيح بشرط ألا يؤذوا الناس بذكر المساوئ أمام العامة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق