السبت، 23 أبريل 2011

في اليوم العالمي للكتاب

في اليوم العالمي للكتاب .. أين هي أمة "اقرأ" ؟







محيط - سميرة سليمان
أعز مكان في الدنيا سرج سابح‏
وخير جليس في الأنام كتاب‏

هكذا يصف المتنبي الكتاب لما له من أهمية كبرى للنفس والعقل .. ونتذكر اليوم 23 إبريل هذه الأبيات حيث يحتفل العالم بيوم الكتاب العالمي إذ توفي في هذا اليوم عام 1616 كل من سيرفنتس، شكسبير وإينكا جارسيلاسو دي لا فيجا، كما أن هذا اليوم هو تاريخ ميلاد ووفاة عدد من المؤلفين المشهورين من أمثال موريس دروان، ك. لاكسنس، فلاديمير نابوكوف، جوزيف بلا ومانويل ميجيا فاليجو.

ويعد هذا الاحتفال تقليد مستمر منذ عام 1923، حين أعلن الناشرون في كتالونيا "إسبانيا" تكريم ميغويل سيرفانتس الذي رحل في الثالث والعشرين من أبريل في العام نفسه.. وهو يصادف أيضا عيد القديس سان جورج لدى مسيحيي الغرب ، الذي اعتاد فيه الرجال إهداء الزهور إلى حبيباتهم.

واعتادت النساء بالمقابل، منذ عام 1925، أن يهدين الرجال كتابا مقابل الزهور. ويباع في كتالونيا في هذا اليوم من كل عام 400 ألف كتاب مقابل أربعة ملايين زهرة.

كان اختيار مؤتمر اليونسكو العام الذي عقد في باريس عام 1995 لهذا التاريخ اختياراً طبيعياً فقد أرادت فيه اليونسكو التعبير عن تقديرها وتقدير العالم أجمع للكتاب والمؤلفين وذلك عن طريق تشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب وتشجيع استكشاف المتعة من خلال القراءة وتجديد الاحترام للمساهمات التي لا يمكن إلغاؤها لكل الذين مهدوا الطريق للتقدم الاجتماعي والثقافي للإنسانية كلها.

يتطلع العالم لأن يكون الاحتفال باليوم العالمي للكتاب يوما لاستعادة مكانة الكتاب في ظل تزاحم وسائل المعرفة التكنولوجية لجذب القارىء بأي طريقة كانت.

ويقول المثقفون أنه مهما تعددت وسائل النشر وخاصة التكنولوجية منها مثل الانترنت ووسائل الإعلام الفضائية فلن يفقد الكتاب بريقه اللامع.

والاحتفال بهذه المناسبة كما تؤكد اليونسكو يهدف إلى إثارة العالم أجمع نحو أهمية الكتاب والتذكير بدوره في حياة الأفراد وتطوير المجتمع ورقيه وترسيخ تقليد عالمي من خلال دعوة الناس إلى إهداء كتاب إلى أحد الأعزاء أو المقربين تقديرا لأهميته.

وأيضا تحفيز الناس صغاراً وكباراً في هذا اليوم من خلال الفعاليات والأنشطة الثقافية المتعددة على القراءة، ذلك أن الكتاب مازال يلعب دوراً لا بأس به كوسيلة للتثقيف والمعرفة في عصر المعلوماتية الذي نعيشه حالياً. ففي اليوم العالمي للكتاب يحرص المنظمون على مستوى العالم أن تصل الكتب إلى أيدي أولئك الذين لا يكلفون أنفسهم عناء الذهاب إلى المكتبات.

وفي هذا السياق يشكل اليوم العالمي للكتاب فرصة لبحث الوسائل الناجعة لمحو الأمية، فعديد من المكتبات تدعو المارين في الشوارع لحضور ندوات وحلقات نقاش، مما يشكل فرصة لمن لا يستطيع القراءة لكي يطرح- مشكلته وإتاحة المجال له للنقاش. وبدون ذلك لن تكون هناك جدوى لإنشاء مراكز ومعارض للكتب والتأكيد على أن "الكتاب خير رفيق". فما فائدة الرفيق إذا لم يفهم المرء ما يقوله؟.





احتفالات العرب
أكد الدكتور ناصر الأنصارى رئيس هيئة الكتاب المصرية أن الهيئة ستحتفل باليوم العالمى للكتاب، حيث يتم فتح المكتبات من الساعة العاشرة صباحاً وحتى التاسعة مساء دون راحة حتى يوم الجمعة 24 أبريل.

وفي الأردن وانسجاما مع اليوم العالمي للكتاب تقوم وزارة الثقافة اليوم بتكريم عدد من المؤسسات والهيئات الوطنية والأفراد ممن أسهموا في الترويج للكتاب وخاصة الداعمين لمشروع مكتبة الأسرة الذي حقق نجاحا كبيرا في بيع كميات كبيرة من الكتب في مختلف الحقول المعرفية وفقا لوزير الثقافة الدكتور صبري الربيحات ، الذي قال لوكالة الأنباء الأردنية "بترا": "أننا نريد في هذا اليوم أن نرسل رسالة إلى الأطفال والأسر وكل الأجيال بأننا لا يمكن أن نتقدم بدون القراءة لأنها نافذة على الانتاج العالمي والانساني وهي الهوية ومنها ننطلق للانفتاح على العالم".

وفي الإمارات تنظم المكتبة العامة بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة اليوم احتفالا بمناسبة اليوم العالمي للكتاب يتضمن الاحتفال الإعلان عن الفائزين بجائزة الشارقة للأدب المكتبي 2008.
القراءة والتقدم
يقاس تقدم الشعوب ورقيها بما تنتجه من الكتاب وبعدد الذين يقرأون هذه الكتب، والدقائق التي يستهلكونها يوميا في قراءتها، كما ينطبق ذلك على الشعوب المتخلفة بشكل معاكس, فكلما زاد انتاج الكتاب والكتّاب والقارئين زاد الانتاج الاقتصادي وتطور المجتمع تكنولوجيا وعلميا وثقافيا واجتماعيا. لذلك فإن أكثر المجتمعات تخلفا وفقرا تلك التي تقبع في أدنى السلّم البشري من حيث انتاج الكتاب ومن حيث استهلاكه بالقراءة.

ولعل الأمم التي وعت أهمية الكتاب هي الأكثر تطورا وازدهارا واستقرارا من غيرها، لأنه يقدم لها الوعي على طبق من ذهب، ويضع العلوم كافة تحت تصرفها، أما الآداب وما يتعلق بها فهي أيضا لم تصل إلى عقول الناس وبنياتهم الفكرية لولا هذا الجليس الذي لا يستغني عنه أحد.






ولذلك علينا في اليوم العالمي للكتاب أن نضع الخطوات العملية القادرة على تسهيل عملية تداول الكتاب بين شرائح المجتمع المختلفة وجعله في متناول من يرغب بالاطلاع والمعرفة ويهدف الى تطوير وعيه الفردي.

ووفق ما كتب علي حسين عبيد في "عراق الغد" نتذكر تلك الحملات التي قامت بها بعض الحكومات في الأمم الباحثة عن منابع الوعي وروافد المعرفة، حين استطاعت أن تضع الكتاب بين يدي القارئ بأقلّ الأثمان وأيسر الطرق، ولا ننسى دقة الطباعة وجانب الأناقة الذي تتمتع به هذه الكتب، وتلوح في الذاكرة كتب "الجيب" التي شاعت في أوروبا على سبيل المثيل، فصار الكتاب رفيقا للإنسان الأوربي، يرافقه في سيره وجلوسه ويملأ جميع الدقائق أو الساعات الفائضة من نهاره وليله، لتتبلور بنية توعوية متينة وراسخة أسست وطورت وعي الفرد والمجتمع الأوربي في آن واحد.

وهذا ما يدفعنا إلى دعوة من يهمه الأمر، سواء من الرسميين أو الأهليين "كالمنظمات المحلية والدولية التي تُعنى بنشر الكتاب" إلى العمل الجاد على إيصال الكتاب لعموم الناس كونه وسيلة توصيل معرفية لا يمكن الاستغناء عنها.
ونختم بما قاله عملاق الأدب العربي العقاد عن الكتاب: لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة.. ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني.. ومهما يأكل الإنسان فإنه لن يأكل بأكثر من معدة واحدة، ومهما يلبس فإنه لن يلبس على غير جسد واحد، ومهما ينتقل في البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل في مكانين. ولكنه بزاد الفكر والشعور و الخيال يستطيع أن يجمع الحيوات في عمر واحد، ويستطيع أن يضاعف فكره وشعوره و خياله، كما يتضاعف الشعور بالحب المتبادل, وتتضاعف الصورة بين مرآتين.

ومن القصيدة المترجمة "الأم القارئة" نذكر:
قد تكون لديك ثروة حقيقية مخفاة
علب جواهر وصناديق ذهب
لكن أغنى مني لن تكون
لأن لي أماً تقـرأ لي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق