الخميس، 16 يونيو 2016

تأَكيدُ المدح بما يُشْبهُ الذَّم وعَكسُه

 تأَكيدُ المدح بما يُشْبهُ الذَّم وعَكسُه
 تأَكيدُ المدح بما يُشْبهُ الذَّم وعَكسُه

الأمثلة:
(1) قال ابن الروميّ:
لا تَقَعُ الْعَيْنُ عَلَى شِبْهه

لَيْسَ بهِ عَيْبٌ سِوَى أنَّهُ
(2) وقال آخر:

ولا عَيْبَ فِي مَعْروفهم غَيْرَ أِنَّهُ
يُبَيِّنُ عَجْزَ الشَّاكِرينَ عَنِ الشُّكْرِ

*  *  *
(3) وقال صلى الله عله يسلم: "أَنَا أفْصَحُ الْعَرَبِ بَيْدَ أنِّي من قُرَيْشٍ".
 (4) وقال النابغة الجَعْدِي:
جَوَادٌ فَمَا يُبْقى عَلَى الْمال بَاقيَا

فتًى كَمُلَتْ أَخْلاقُهُ غَيْرَ أَنَّهُ


البحث:
لا أظنك تتردد في أن الأمثلة السابقة جميعها تفيد المدح ولكنها وُضعت في أُسلوب غريب لم تَعْهَدْه، ولذلك نرى أن نشرحه لك.
صدَّر ابن الرومي في المثال الأول كلامه بنفي العيب عامة عن ممدوحه، ثم أتى بعد ذلك بأَداة استثناء هي "سوى" فسبق إلى وهم السامع أَن هناك عيباً في الممدوح، وأَن ابن الرمي سيكون جريئاً في مصارحته به، ولكن السامع لم يلبث أَن وجد بعد أَداة الاستثناء صفةَ مدح، فراعه هذا الأسلوب، ووجد أن ابن الرومي خدعه فلم يذكر عيباً، بل أكّد المدح الأول في صورة توهم الذم، ومثل ذلك يقال في المثال الثاني.
انظر إلى المثال الثالث تجد أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف نفسه بصفة ممدوحة وهي أنه أفصح العرب، ولكنه أتى بعدها بأَداة استثناء فدهِش السامع: وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم سيذكر بعدها صفةً غير محبوبة. ولكن سرْعان ما هدأَت نفسه حين وجد صفة ممدوحة بعد أَداة الاستثناء، وهي أَنه من قريش، وقريش أَفصح العرب غير منازَعين. فكان ذلك توكيدًا للمدح الأول في أُسلوب أَلف الناس سماعه في الذِّم، وكذلك يقال في المثال الأَخير. ويسمى هذا الأسلوب في جميع الأمثلة المتقدمة وما جاءَ على شاكلتها تأكيد المدح بما يشبه الذّم.
وهناك أسلوبٌ لتوكيد الذم بما يشبه المدح وهو كالأسلوب السابق، له صورتان: فالأولى نحو: لا جمال في الخطبة إِلا أَنها طويلة في غير فائدة، والثانية نحو: القوم شِحاحٌ إلا أَنهم جُبناء.

القواعد:
(75) تَأْكِيدُ الْمَدْحِ بما يُشْبهُ الذمّ ضربان:
(1) أنْ يُسْتَثنَى مِنْ صِفَة ذَمٍّ مَنْفِيَّةٍ صِفَةُ مَدْح
(ب) أَن يُثْبَتَ لِشَيءٍ صِفَةُ مَدْحٍ، ويُؤتَى بَعْدَها بأدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ تَلِيهَا صِفَةُ مَدْح أخْرَى [1].
(76) تأْكِيدُ الذَّمّ بما يُشْبهُ المدحَ ضربان.
(أ) أن يُسْتَثْنَى مِن صِفَةِ مَدْحٍ مَنْفِيَّةٍ صِفَةُ ذَمٍّ.
(ب) أنْ يُثْبَتَ لِشَيْءٍ صِفَةُ ذَمٍّ، ثُمَّ يُؤْتَى بَعْدهَا بأَدَاةِ اسْتِثْناءٍ تَلِيهَا صِفَةُ ذَمٍّ أُخْرَى.

تمرينات

(1)
اشرح ما في الأَمثلة الآتية من تأْكيد المدح بما يشبه الذم، وبيِّن ضربه:
(1) قال ابنُ نُباتة المِصْرىّ:

ولاَ عيْبَ فِيهِ غَيْر أنّى قَصدْتُهُ                   فَأَنْستنِـيَ الأَيَّامُ أهلاً وموْطِنَا

(2) وُجُوهٌ كأَزْهار الرّياض نَضَارةً             ولَكِنَّها يوم الهياجِ صُخُورُ
(3) ولا عيْب فِيكُمْ غيْر أَنَّ ضُيُوفَكُم           تُعابُ بنِسْيان الأَحِبةِ والوطَنْ
(4) هم فرْسان الكلام إِلا أَنهم سادة أمجاد.

(2)
اِشرح ما في الأَمثلة الآتية من تأْكيد الذم بما يشبه المدح، وبيِّن ضربه:
(1) لا فضل للقوم إِلا أَنهم لا يعرفون للجار حقَّه.
(2) الكلام كثير التعقيد سِوَى أَنه مبتَذَلُ المعاني.
(3) لا حُسْن في المنزل إلَّا أنه مُظْلم ضيق الحجرات.

(3)
بيِّن ما في الأمثلة الآتية من تأْكيد المدح بما يشبه الذّم وعكسِهِ:
(1) قال صفىُّ الدِّين الحلّي [2] :
يسْلُو عَنِ الأهْل والأوْطَان والحَشم

لاَ عيْب فِيهم سِوى أَنَّ النزيلَ بِهم
(2) لا خير في هؤلاء القوم إِلا أَنهم يعيبون زمانَهم والعيبُ فيهم.
تُعابُ لهُ الدُّنْيا ولَيْس يُعابُ

(3) ولاَ عيْبَ فِيهِ لامرئٍ غَيْر أنَّهُ
(4) هو بذئُ اللسان غير أن صدره مَجمَعُ الأضْغان.
ولاَ ذَنْبَ لِي إِلا العُلا والفَضائِلُ

(5) تُعَدُّ ذُنوبي عِنْد قَومٍ كَثِيرةً
(6) لا عزة لهم بين العشائر غير أن جارهم ذليل.
(7) الجاهل عدوُّ نَفْسِهِ لكنَّهُ صديق السفهاءِ.
(8) لا عيب في الروض إِلا أَنه عليل النسيم.

(4)
(1) اِمدح كتاباً قرأته وأكِّد المدح بما يشبه الذم
(2) اِمدح بلدًا زرتَه     "     "   "    "     " 
(3) ذُم طريقاً سلَكْتَها،أكد الذم بما يشبه المدح.

(5)
اشرح البيتين الآتيين، وبين في أُسلوبهما تأكيد المدح بما يشبه الذم:
بحْرَ الجحاز لأغْنَتْني جواهِرُهُ [3]

مدحْتُكُم بمديحٍ لَوْ مدحْتُ بهِ
وزَامِرُ الحيِّ لَمْ تُطرِبُ مَزَامِرُه

(2) لاَ عَيْبَ لي غَيْرَ أنّي مِنْ ديَارِكُم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق