مضت عقود ، بين عهد وزير التربية الأسبق
لدكتور علي بن محمد، وبين عهد الوزيرة
الحالية الأستاذة بن غبريط ، ورغم الاختلاف
في التكوين والتصور والبرنامج، إلا أن
التاريخ جمع بينهما في ما تعرضا له من خيانة.
فإبن محمد لما جاء للوزارة ، أراد تعريب ا
لدائرة الوزارية ، فأمر ببعض الإصلاحات
ومن بينها أنه طلب من الكوادر المفرنسة
والتي كانت تتحكم في مفاصل
الوزارة ، أن يتعلموا اللغة العربية ، اللغة الرسمية للإدارة الجزائرية حسب الدستور، ولكن محاولاته
باءت بالفشل ، وواجه مقاومة كبيرة ، ودخل في صراع معهم ، إلى حين امتحان البكالوريا ، فقام الخونة
أعداء العلم والجزائر بتسريب مواضيع البكالوريا ، وكانت هي بداية نهاية عهدة الوزير ، وعاد التيار
الفرانكوفيلي للتموقع وبقوة ، وعندما حل الوزير الأسبق بن بوزيد ، لم يجد أي صعوبة في التعامل
معهم ، ولا حتى مع النقابات ، رغم ما ألحقه من كوارث لا تغتفر ، حيث أصبحت وزارة للتعليم وليس
للتربية ، مادامت العقوبات ممنوعة ، وأصبح التلاميذ جبابرة، ووصلت بهم الوقاحة لضرب
المعلمين ، والأساتذة وحتى الإداريين ، ومن تسول له ردع تلميذ ، يُشتكى به في أروقة القضاء، وأصبحنا
نسمع المهازل عن ما يجري بالقطاع الذي كان من المفروض أن يكون أسمى وأرقى.
وشهد قطاع التربية في عهد بن بوزيد الفشل الذريع ، وانحطاط المستوى ، وأصبح لا يحمل من التربية
إلا اسمها .
وبعد أن تم إزاحة الكارثة المسماة بن بوزيد ، تولى الوزارة وزيران ولم يعمرا طويلا ، إلى غاية تولي
الأستاذة بن غبريط المسؤولية على رأس الوزارة ، حيث وجدت مقاومة من كل لا يحب العمل
والنزاهة ، فوجدت صعوبة في إزاحة ديناصورات كانت تشكل خطرا عليها وعلى القطاع.
وكلنا يعلم أنها قررت ارجاع الهيبة للقطاع بصفة عامة ولامتحان شهادة البكالوريا بصفة خاصة ، من
خلال إعادة البطاقة التركيبية ، بحيث تمكن من تقييم التلميذ خلال مساره الدراسي بالثانوي ، وليس من
خلال امتحان البكالوريا التي من الممكن شراؤها ، أو الغش فيها بكل الأساليب المعروفة .
لقد ذكرتني صرامة بن غبريط وتفانيها في العمل، بصرامة المدير "بغلي" رحمه الله ، حيث جاء
من تلمسان ، وجعل من ثانوية الشيخ نعيم النعيمي ، ثانوية يضرب بها المثل من ناحية الانضباط ،
والنتائج وهذا بشهادة من عاصروه في تلك الفترة .
ولأن المنتمين لسلك التعليم من أهل تلمسان الكرام، معروف عنهم التفاني في العمل، والانضباط إلى
يومنا هذا ، أزعجت الوزيرة بن غبريط الكثير من الذين يعيشون عالة على المجتمع ، بل ويساهمون
في تخريبه ، وتجريده من قيمه.
وبعد أن نجحت بن غبريط ، في عقد اتفاق مع النقابات حفاظا على المصلحة العامة للتلميذ، تربص
هؤلاء الخونة ، وغدروا بها ، حيث قاموا بتسريب مواضيع امتحان شهادة البكالوريا ، لأنها الورقة
الوحيدة التي كانوا يعتقدون أنها ستخلصهم من الوزيرة ، إما عن طريق الإقالة، أو الاستقالة ، لكن
حكمة الشركاء الاجتماعيين، ورئيس الوزراء كانت أقوى من هؤلاء الخونة والغشاشين البائعين
لذممهم، أعداء العلم والوطن. وهاهي تعاد المواد التي سربت ، بدون إعادة الامتحان بصفة
شاملة ، محافظة على تكافؤ الفرص، والعدالة بين التلاميذ بدون استثناء.
وبهذه المناسبة ألف تحية للدكتور "علي بن محمد" المخلص والنزيه الذي دخل التاريخ من بابه
الواسع، والذي سنظل نذكره بخير عبر الأجيال، رغم كيد الخونة وأعداء الجزائر، ونفس مقدار
التحية للوزيرة الأستاذة بن غبريط على صمودها وصبرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق