الثلاثاء، 28 يونيو 2016

الناتج المحلي الاجمالي وكيفية تحديد الدورة الاقتصادية

الناتج المحلي الاجمالي وكيفية تحديد الدورة الاقتصادية


في المقالة السابقة بعنوان "الاقتصاد الكلي" تحدثنا عن المحاور الاساسية التي تكون الاقتصاد الكلي، ولماذا يهتم الاقتصاديون بهذه المفاهيم الاقتصادية وكيف يتم استخدامهم في عملية اتخاذ القرار وما هو اثرها على الصعيد التجاري والصحي والعلمي.
في هذه المقالة سنتطرق الى الناتج المحلي الاجمالي (GDP)، وعلاقته بالمحاور الاساسية الثلاثة التضخم والبطالة والانتاجية ، فالناتج المحلي الاجمالي يعتبر حلقة الوصل التي تربط هذه المفاهيم الثلاثة ببعضها البعض، وهو رأس الهرم الاقتصادي الذي من خلاله تحدد الحركة الاقتصادية ويقيم الوضع الاقتصادي الاجمالي.
الناتج المحلي الاجمالي وهو عباره عن القيمة السوقية لكل السلع النهائية والخدمات المعترف بها بشكل محلي والتي يتم انتاجها في دولة ما في فترة زمنية محدده، بمعنى اذا افترضنا ان دولة معينة تنتج فقط سلعة واحده وهو النفط، فان الناتج المحلي الاجمالي للدولة  هو اجمالي ايرادات النفط في فترة زمنية معينه، بلغة ابسط هو ما ينتجه المجتمع من سلع وخدمات.
فكلما زاد الناتج المحلي الاجمالي، زاد النشاط الاقتصادي في الدولة وزادت الايرادات والحركة التجارية، والعكس صحيح. يعني اذا زاد الناتج المحلي الاجمالي بمقدار 10% عن السنة الماضية، يعني ان الاقتصاد قد انتج 10% اكثر من السنة السابقة، وهذا الفائض في الانتاج دليل على ان هناك مصانع جديده وان الشركات زادت من طاقاتها الإنتاجية لتلبية احتياجات السوق، والذي بدوره انعكس بصوره ايجابية على معدل البطالة وخلق فرص وظيفية جديده لتلبية احتياجات الشركات في خططهم التوسعية ...
لكن هذا الانتعاش الاقتصادي والفائض في الانتاج قد يصاحبه عوامل سلبية قد تؤثر بشكل مباشر على المجتمع وتكون اثاره انكى وادنى من فوائده، ومثال على ذلك هو التضخم، فكلما زاد النشاط الاقتصادي زادت نسبة ارتفاع الاسعار، وبالتالي تقلل من قوه القيمة الشرائية للفرد كما وضحنا في المقالة السابقة ...
بمعنى اخر، ان مكونات الاقتصاد لها علاقات متشابكه، قد تتحسن من جهة وتضعف من جهة اخرى، لذلك على الحكومة ان تتعامل مع جميع المعطيات بحذر وان توازن بين هذه العوامل، ففي حالة الانتعاش الاقتصادي، على الحكومة الاهتمام بالتضخم وارتفاع الاسعار اكثر من نسبة البطالة، وان تقوم باستخدام الادوات الاقتصادية المناسبة مثل السياسات النقدية والمالية للتحكم في ارتفاع الاسعار والحفاظ عليها بالنسب المطلوبة، وبالعكس في حالة الركود الاقتصادي، على الحكومة ان تخفض من نسبة البطالة وان تستخدم سياسيات نقدية لتدفع بعجلة الاقتصاد الى الامام ...
لكن السؤال كيف تستطيع الحكومة ان تقرر باي حالة يمر بها الاقتصاد؟ هل هي حالة نشاط او ركود اقتصادي ؟ وماهي الخطط المناسبة؟
الناتج المحلي الاجمالي الفعلي (Actual GDP) هو بداية الجواب، فمن خلاله يتم تحديد الحالة الاقتصادية عن طريق مقارنته  بالناتج المحلي الاجمالي الطبيعي او (التوازني)Natural GDP  ، بحيث يشكل الفارق بين المؤشرين الحالة الاقتصادية، نقصد بالناتج الطبيعي او التوازني هو الحالة التي يكون فيها الاقتصاد بلا تضخم وتكون نسبة ارتفاع الاسعار ثابته ليست في حالة زياده او نقصان، اي ان الاقتصاد في حالة وسطية ثباته بين الانتعاش والركود.
فالفرق بين الرقمين يمثل دورة الاقتصادية او التذبذب الاقتصادي، اذا كان الناتج الفعلي اكبر من التوازني (الطبيعي) فيكون الاقتصاد في حالة انتعاش، واذا كان الناتج الفعلي اقل من الناتج الانتاج التوازني فيكون الاقتصاد في حالة ركود ... الرسم البياني التالي يوضح الدورة الاقتصادية وحالات الركود والانتعاش ... الخط المتعرج  المكون من لونين الاخضر والبرتقالي هو الانتاج المحلي الفعلي وخط الازرق الثابت هو الانتاج المحلي التوازني .
خلاصة الكلام هو ان الناتج المحلي الاجمالي الفعلي اذا تم مقارنته بالتوازني سيعطي صوره عامة عن حالة الاقتصاد، ويستطيع المحلل الاقتصادي من خلالها معرفة الحالة الاقتصادية ومرحلة الدورة الاقتصادية التي تمر بها الدولة وعلى اساسها يتم التقييم ووضع الخطط التي تناسب المرحلة.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق