الأربعاء، 27 أبريل 2016

أسعار خيالية وشهادات غير معترف بها التنمية البشرية في الجزائر.. أكذوبة كبرى واحتيال باسم العلم؟

أسعار خيالية وشهادات غير معترف بها

التنمية البشرية في الجزائر.. أكذوبة كبرى واحتيال باسم العلم؟



بات الإقبال على دورات التنمية البشرية التي ينشطها دكاترة عالميون محل اهتمام الجزائريين، الذي باتت تلفته مثل هذه التظاهرات والاتجاهات الفكرية. غير أن الواقع العملي والتطبيقي لهذه الدورات يكشف الكثير من النصب، والغش والكثير من التلاعبات التي رسخها الفراغ القانون وغياب تنظيم محكم لمهنة التدريب في الجزائر.
باتت الدورات التدريبية وحضور جلسات التنمية البشرية تشغل فئة مهمة من الجزائريين، الذين يبقون في حالة ترقب لمعرفة مواعيد هذه الدورات ومواعيد المحاضرة الخاصة بالدكاترة العالميين، ويكرسون من أجل ذلك وقتهم وأموالهم لقاء الحصول على خبرة ومعرفة في مجالات مختلفة، غير أن الواقع المعيش يعكس الكثير من التلاعبات والنصب.
وفي السياق ذاته يقول الدكتور عبد الرحمان الجزائري، مدرب في التنمية البشرية، أن إقبال جزائريين على التدريب زاد نوعا ما، لكن المشكلة التي تطرح حاليا في نوعية الدورات، حيث يقول إن هناك مشكلا في المدربين فكل من هب ودب يعتبر نفسه مدربا، لأن المجال حاليا أصبح تجاريا أكثر من أي شيء آخر، ويلفت النظر إلى أن التهافت على المدرب الأجنبي بغض النظر عن مستوى كفاءاته أمر جد خطير، مشيرا إلى أن هناك من المدربين من لا يتحكم أصلا باللغة التي يستخدمها.
تدريب ضعيف رغم وجود كفاءات..
وعن المراكز الجزائرية الخاصة بتدريب المدربين، يقول الأستاذ عبد الرحمان:”يوجد العديد منها، غير أن معظمها تجارية، لدرجة أننا أصبحنا أضحوكة بين الدول في هذا المجال،  فكل من  ليس له اسم في التدريب تتم دعوته للجزائر ليشتهر بعدها، رغم أننا رواد في التدريب، وهذا كله راجع لعدم تقنين هذا المجال، حيث يشترط على المدرب أن تكون له رسالة ورؤية في التدريب ويضع نصب عينيه المساهمة في بناء الأمة، وليس بعض الدريهمات يكتسبها يمينا ويسارا بالكذب والدجل”.
وعن المواضيع التي تهم المواطن الجزائري في هذه الدورات التدريبية، يقول محدثنا إن أكثر الدورات التي تلاقى إقبالا كبيرا هي تلك التي تعالج المواضيع الاجتماعية، مثل تأهيل المقبلين على الزواج، تربية الأولاد، وبعض الدورات التدريبية الدراسية للتلاميذ أو الطلبة. وفي هذا الموضوع بالذات يطرح محدثنا مشكل غياب الإبداع وخلق الأفكار الجديدة، حيث يؤكد أن أغلب الدورات التي تنشط في الجزائر حاليا هي قديمة وتكرر بشكل مستمر، وذلك كون المدربين غير أكفاء ولا يبذلون أي جهد للتحسين أو التطوير، فأغلبهم يقوم بـ”نسخ وإلصاق” ما تلقاه من المدرب الأول، لذا نجد نفس الموضوع بنفس الأفكار وحتى الألفاظ تتكرر لدى العديد من المدربين دون أدنى حس بالمسؤولية، فالكل يكرر الدورة التي تلقاها - حسب محدثنا - عن غير فهم جيد أو حسب معطيات خاطئة. وفي السياق ذاته، يعلق الدكتور عبد الرحمان قائلا:”المدرب غير متمكن من المهارة، فكيف له أن يعطي شيئا لا يملكه، مستحيل، فالدورة لابد من اكتساب مهارات فيها وليس فقط معلومات إنشائية”.
أسعار خيالية.. وشهادات غير معترف بها 
رغم إقبال الكثير من الجزائريين على الدورات التدريبية والمحاضرات، لا لشيء إلا لملء السير الذاتية بخبرات ومهارات مختلفة. إلا أن العارفين بهذا المجال يؤكدون أن ذلك في الغالب يكون دون جدوى، وذلك راجع - حسب الدكتور عبد الرحمان الجزائري - إلى أن شهادة التنمية البشرية لا قيمة لها عمليا بل هي فقط ورقة أو دليل رمزي، والأدهى والأمر هو الكذب على الناس، حيث أكد محدثنا قائلا:”حتى وإن نال الفرد دبلوما من المركز العالمي الامريكي الكندي أو الأمريكي البريطاني، يخيل إليك حين تسمع ذلك أنه شيء عظيم، لكن للأسف من الممكن بكل سهولة الحصول على هذا الدبلوم بدون تدريب من أي مركز عالمي، بكل بساطة لأن هذه المراكز تحمل طابعا تجاريا لا أكثر ولا أقل”. وأضاف محدثنا في سياق ذي صلة أن مجال التدريب في الجزائر غير مقنن ولا وجود لتنظيم يضمن السير القانوني للعملية، ويضيف أن ذلك يسمح للكثير من أشباه المدربين بالتحايل على المواطنين، الذين في الغالب لا يدركون أن ملء السيرة الذاتية بكم هائل من الدورات لا يغني ولا يسمن من جوع، فالمجال هو عبارة عن تجارة لا غير!.
أما بالنسبة للأسعار فقد قال محدثنا أنها غالية جدا، قائلا في السياق ذاته:”أعرف من باع سيارة قبل حوالي عشر سنوات من أجل دورة تدريب مدربين”، ليشير فيما بعد إلى وجوب تقنين المجال  بقوانين واضحة، وكذا منح الاعتمادات للمراكز لسير الأمور في شفافية ومصداقية أكثر.
دورات الحساب الذهني للأطفال.. ثقافة جديدة رهينة التكاليف
والنسبة للأطفال وعن الدورات الخاصة بالحساب الذهني مثلا، يقول الأستاذ عبد الرحمان إن لديها فائدة كبيرة إذا تم تطبيقها بالشكل المطلوب، غير أن المشكل يكمن في التطبيق والمتابعة، ومعظم الاطفال لا تتوفر لديهم إمكانية التطبيق المتكرر والتابعة، لذا فإن تأثير هذه الدورات يكون ضعيفا لضرورة تطبيق المهارات المكتسبة مرات عديدة لترسيخها مع وجود متابع أي ”كوتش”، وهذا ما يعرف بعلم الكوتشينغ، غير أن هذا الشرط بالذات لا يمكن لكل العائلات توفيره لأولادهم بسبب الكلفة المالية الباهظة، وهو ما يرهن نجاح هذه الدورات في تقديم إضافة للنمو العقلي للطفل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق