تعد مغارة بني عاد، بتلمسان، إحدى التحف الطبيعية، التي امتزج فيها الخيال بالواقع، إلى درجة لم يمكن أن تصدق معها، أنك أمام حقيقة، يعجز العقل عن تقبلها، واقفا أمام حقيقة إلهية، أبدعت في تشكيلها أنامل الطبيعة، لتصنع منها مكانا أسطوريا بامتياز.
المغارة التي يعود اكتشافها إلى ما قبل الميلاد، تحديدا في القرن الأول ما قبل الميلاد، من قبل الأمازيغ، الذين جعلوا منها حصنا منيعا ضد الغزوات في تلك الفترة، لتصبح إبان اندلاع الثورة التحريرية إحدى الممرات الرئيسية، التي كان يتخذها المجاهدون، إما للفرار أو لجلب السلاح من المملكة المغربية، كون أن المغارة يتواجد فيها مسلك سري يصل إلى غاية منطقة الحوريات بالمغرب.
تمثال الحرية .. عندما انعقد لسان السفير لأمريكي
فلا عجب إذن أن يقف روبرت فورد السفير الأمريكي السابق، مندهشا، عاجزا عن تعبير، وهو يرى بأم عينه النصب التذكاري لتمثال الحرية بنيويورك منتصبا داخل مغارة، ولن نخفي سّرا إن قلنا إن مغارة بني عاد بتلمسان تعد المغارة الأولى عالميا، لأنه بكل بساطة المغارة الموجودة في المكسيك اتضح أن صخورها الكلسية مصطنعة وليست طبيعية.
درجة الحرارة 13 في الولاية رقم 13
قد نتهم بـ"الجنون" إن تحدثنا أن المكان الوحيد الذي تستقر فيه درجة الحرارة في حدود 13 درجة دون أن تتأثر بفصول السنة هي المغارة "العجيبة" التي تتخذ من منطقة عين فزة شمالا مكانا لها، وقد يقول قائل أننا "نبالغ "، إن كشفنا أن أسراب الحمام تجذبها "الكهوف الساحرة" فلا تجد أي حرج في ممارسة عادتها اليومية "الهجرة" إلى كهوف المغارة. كما يمكن لكم أن تضعوا كلامنا في خانة "لا تصدق هذا الخبر".
كما لا يمكننا الحديث عن المغارة من دون الحديث عن الدور الكبير الذي لعبته المغارة وكهوفها الصغيرة في تموين ثوار الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي بالمؤونة والذخيرة وقاعدة خلفية استعملها المجاهدين الجزائريين قبل أن ينسف الممر المؤدي إلى مغارة "الحوريات" بالمملكة المغربية بديناميت فرنسا الاستعمارية. ولن نأتي بأي جديد إن طلبنا من أي زائر أن ينقر بقطعة خشبية على تلك الجدران التي تشكل ثلاث عجائب طبيعية ملونة بلون أبيض تجعلك تعتقد أن القطع الحجرية مصنوعة من الرخام، ويكفي أن ينقر زوار المغارة بعود خشبي حتى تنبعث إيقاعات موسيقية تمنح للسامع فرصة السفر في أعماق القارة الإفريقية.
وإن أردت أن تركن في مكان ما داخل المغارة فهنالك "غرفة" السيوف و"مسكن " المجاهدين الذي كان يعد منفذا يؤدي إلى أعلى الجبل، وإن كانت أمركا تتباهى بتمثال الحرية فإن مغارة بني عاد يستقر فيها هذا التمثال منذ القدم، وكأن ذلك المنتصب في نيويورك ما هو إلا نسخة طبق الأصل لتمثال مغارة بني عاد.
وفي هذا المكان العجيب داخل الكهوف وما أبدعته الطبيعة بالصخور الكلسية ينتصب مجسم لطائر الملوك "الصقر"، وبين منعرجات وممرات هذا المكان "الأسطوري" تتجلى أمامك "واحة نخيل" شكلتها تلك الصواعد من الصخور الكلسية وقد ارتسمت فوقها أشكال غريبة تمنح العقل البشري حرية تفسيرها بأي منظور تخيلها ..
عشقها ابن خلدون وألهمت ابن خميس
ورغم جفاف تلك الشلالات إلا أن مسؤولي البلدية اهتدوا إلى إقامة شلال اصطناعي للحفاظ على هذا الإرث الطبيعي، جبال الوريت وغاباته الساحرة يشقها أيضا "جسر إيفل"، وهو الجسر الذي صممه صاحب برج إيفل بباريس الذي لا يزال اسمه منقوشا فوق الجسر، كما لا يمكن لأي زائر لمغارة بني عاد مواصلة هذه الرحلة دون توقف عند المسجد العتيق الموجود بعين فزة، أو الارتواء من مياه "عين الصخرة" العذبة صيفا وربيعا خريفا وشتاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق