د. عبد الحق حميش / رئيس قسم الفقه وأصوله ـ جامعة الشارقة
رمضان شهر للطاعة عظيم، وبالأجر وفير، شهر تكثـر فيه العبادات ويتقرّب فيه العباد إلى الله بأنواع الطاعات.. فأهلاً ومرحباً بالضيف الكريم الّذي سرعان ما يمضي. ففي رمضان، تتضاعف الأجور وتصفّد مردة الشّياطين، وتفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، فهو شهر خير وبركات.. يحسن بنا أن نستعد لاستقباله خير استقبال.
فالمسافر يستعد لسفره، وطالب العلم يستعد لامتحاناته، والموظّف يستعد بالدورات التّدريبية لوظيفته كلّما ازدادت أهمية، والشّياطين تستعد لهذا الشّهر أو توسوس للنّاس ـ قبل أن تصفّد فيه ـ بأنواع الملاهي، كالأفلام والألعاب الفارغة. فما أسْعَد مَن استفاد من رمضان من أوّل يوم ومن أوّل لحظة.
فاحرص أخي المسلم على استقبال رمضان بالطرق السليمة التالية:
العزيمة الصّادقة على صيامه: ينبغي أن نستقبل هذا الشهر الكريم بالعزيمة الصّادقة على صيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا، لا تقليدًا وتبعية للآخرين، وأن تصوم جوارحنا عن الآثـام، كما ينبغي لنا أن نحافظ على آداب الصيام من تأخير السّحور إلى آخر جزء من اللّيل، وتعجيل الفطر إذا تحقّقنا من غروب الشّمس والزّيادة في أعمال الخير، وأن يقول الصائم إذا شُتِم ''إنّي صائم''. ويجب علينا الإخلاص لله عزّ وجلّ في صلاتنا وصيامنا وجميع أعمالنا، فإنّ الله تعالى لا يقبَل من العمل إلاّ ما كان صالحًا وابتغي به. الدعاء: ندعو الله أن يُبلِّغَنا هذا الشّهر الكريم كما كان السّلف يفعلون ذلك، فقد كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلّغهم رمضان، ثـمّ يدعونه ستة أشهر حتّى يتقبّل منهم... فإذا أهلَّ هلال رمضان، فادْعُ الله وقُل: ''الله أكبر اللّهمّ أهِّلْهُ علينا بالأمن والإيمان والسّلامة والإسلام، والتّوفيق لِمَا تُحبّ وترضى ربّي وربّك الله''.
الفرح والابتهاج: ثـبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان يُبشّر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: ''جاءَكُم شهر رمضان، شهر رمضان شهر مبارك كَتَب الله عليكم صيامه فيه تفتَح أبواب الجنان وتغلَق فيه أبواب الجحيم'' أخرجه أحمد.
سلامة الصدر مع المسلمين: وألاّ تكون بينك وبين أيّ مسلم شحناء كما قال عليه الصّلاة والسّلام: ''يطّلِع الله إلى جميع خلقه ليلة النّصف من شعبان، فيغفِر لجميع خلقه إلاّ مشرك أو مشاحن''.
الاهتمام بالواجبات: مثـل صلاة الجماعة في الفجر وغيرها حتّى لا يفوتك أدنى أجر في رمضان، ولا تكتسب ما استطعت من الأوزار الّتي تعيق مسيرة الأجر.
التّعوُّد على صلاة اللّيل والدعاء: واتّخاذ وِرْد يومي من القرآن حتّى لا نضعف في وسط الشّهر، إضافة إلى ذلك، اتّخاذ أوقات خاصة لقراءة القرآن بعد الصّلوات أو قبلها أو بين المغرب والعشاء أو غيرها من الأوقات خلال شعبان ورمضان وما بعدهما بإذن الله.
قراءة وتعلّم أحكام الصيام: من خلال كتب وأشرطة العلماء وحِلق العلم. الاستعداد السّلوكي بالأخلاق الحميدة جميعها والبعد عن الأخلاق الذميمة جميعها.
الاستعداد لاستغلال الأوقات في رمضان، بعمل جدول لرمضان لتلاوة القرآن، وللقراءة والزيارات في الله وصلة الأرحام... وغير ذلك.
علينا أن نستقبله بالعزم على ترك الآثـام والسيّئات والتوبة الصّادقة من جميع الذنوب، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النور .31
نستقبل رمضان بفتح صفحة بيضاء مشرقة مع: الله سبحانه وتعالى، بالتّوبة الصّادقة. والرّسول صلّى الله عليه وسلّم، بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر. ومع الوالدين والأقارب والأرحام والزوجة والأولاد، بالبرّ والصلة. ومع المجتمع الّذي تعيش فيه، حتّى تكون عبداً صالحاً ونافعاً.
نقل عن الخبر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق