السبت، 2 يوليو 2011

تفسير سورة البقرة - الآية: 1







تفسير سورة البقرة - الآية: 1

(آلم "1")
بدأت سورة البقرة بقوله تعالى"ألم" .. وهذه الحروف مقطعة ومعنى مقطعة أن كل حرف ينطق بمفرده. لأن الحرف لها أسماء ولها مسميات .. فالناس حين يتكلمون ينطقون بمسمى الحرف وليس باسمه .. فعندما تقول كتب تنطق بمسميات الحروف. فإذا أردت أن تنطق بأسمائها. تقول كاف وتاء وباء .. ولا يمكن أن ينطق بأسماء الحروف إلا من تعلم ودرس، أما ذلك الذي لم يتعلم فقد ينطق بمسميات الحروف ولكنه لا ينطق بأسمائها، ولعل هذه أول ما يلفتنا. فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ولذلك لم يكن يعرف شيئا عن أسماء الحروف. فإذا جاء ونطق بأسماء الحروف يكون هذا إعجازاً من الله سبحانه وتعالى .. بأن هذا القرآن موحى به إلي محمد صلى الله عليه وسلم .. ولو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم درس وتعلم لكان شيئا عاديا أن ينطق بأسماء الحروف. ولكن تعال إلي أي أمي لم يتعلم .. أنه يستطيع أن ينطق بمسميات الحروف .. يقول الكتاب وكوب وغير ذلك .. فإذا طلبت منه أن ينطق بمسميات الحروف فأنه لا يستطيع أن يقول لك. أن كلمة كتاب مكونة من الكاف والتاء والألف والباء .. وتكون هذه الحروف دالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاغ عن ربه. وأن هذا القرآن موحى به من الله سبحانه وتعالى.
ونجد في فواتح السور التي تبدأ بأسماء الحروف. تنطق الحروف بأسمائها وتجد نفس الكلمة في آية أخرى تنطق بمسمياتها. فألم في أول سورة البقرة نطقتها بأسماء الحروف ألف لام ميم. بينما تنطقها بمسميات الحروف في شرح السورة في قوله تعالى:

{ألم نشرح لك صدرك "1" }
(سورة الشرح)


وفي سورة الفيل في قوله تعالى:

{ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل "1" }
(سورة الفيل)


ما الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ينطق "ألم" في سورة البقرة بأسماء الحروف .. وينطقها في سورتي الشرح والفيل بمسميات الحروف. لابد أن رسول الله عليه الصلاة والسلام سمعها من الله كما نقلها جبريل عليه السلام إليه هكذا. إذن فالقرآن أصله السماع لا يجوز أن تقرأه إلا بعد أن تسمعه. لتعرف أن هذه تقرأ ألف لام ميم والثانية تقرأ ألم .. مع أن الكتابة واحدة في الاثنين .. ولذلك لابد أن تستمع إلي فقيه ولا استمعوا إلي قارئ .. ثم بعد ذلك يريدون أن يقرأوا القرآن كأي كتاب. نقول لا .. القرآن له تميز خاص .. أنه ليس كأي كتاب تقرؤه .. لأنه مرة يأتي باسم الحرف. ومرة يأتي بمسميات الحرف. وأنت لا يمكن أن تعرف هذا إلا إذا استمعت لقارئ يقرأ القرآن.
والقرآن مبني على الوصل دائما وليس على الوقف، فإذا قرأت في آخر سورة يونس مثلا: "وهو خير الحاكمين" لا تجد النون عليها سكون بل تجد عليها فتحة، موصولة بقول الله سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم. ولو كانت غير موصولة لوجدت عليها سكون..
إذن فكل آيات القرآن الكريم مبنية على الوصل .. ما عدا فواتح السور المكونة من حروف فهي مبنية على الوقف .. فلا تقرأ في أول سورة البقرة: "ألم" والميم عليها ضمة. بل تقرأ ألفا عليها سكون ولاما عليها سكون وميما عليها سكون. إذن كل حرف منفرد بوقف. مع أن الوقف لا يوجد في ختام السور ولا في القرآن الكريم كله.
وهناك سور في القرآن الكريم بدأت بحرف واحد مثل قوله تعالى:

{ص والقرآن ذي الذكر "1" }
(سورة ص)


{ن والقلم وما يسطرون "1" }
(سورة القلم)


ونلاحظ أن الحرف ليس آية مستقلة. بينما "ألم" في سورة البقرة آية مستقلة. و:"حم". و: "عسق" آية مستقلة مع أنها كلمة حروف مقطعة. وهناك سور تبدأ بآية من خمسة حروف مثل "كهيعص" في سورة مريم .. وهناك سور تبدأ بأربعة حروف. مثل "المص" في سورة "الأعراف". وهناك سور تبدأ بأربعة حروف وهي ليست آية مستقلة مثل "ألمر" في سورة "الرعد" متصلة بما بعدها .. بينما تجد سورة تبدأ بحرفين هما آية مستقلة مثل: "يس" في سور يس. و"حم" في سورة غافر وفصلت .. و: "طس" في سورة النمل. وكلها ليست موصلة بالآية التي بعدها .. وهذا يدلنا على أن الحروف في فواتح السور لا تسير على قاعدة محددة.
"ألم" مكونة من ثلاث حروف تجدها في ست سور مستقلة .. فهي آية في البقرة وآل عمران والعنكبوت والروم والسجدة ولقمان. و"الر" ثلاثة حروف ولكنها ليست آية مستقلة. بل جزء من الآية في أربع سور هي: يونس ويوسف وهود وإبراهيم .. و: "المص" من أربعة حروف وهي آية مستقلة في سورة "الأعراف" و "المر" أربعة حروف، ولكنها ليست آية مستقلة في سورة الرعد إذن فالمسألة ليست قانونا يعمم، ولكنها خصوصية في كل حرف من الحروف.
وإذا سألت ما هو معنى هذه الحروف؟.. نقول أن السؤال في أصله خطأ .. لأن الحرف لا يسأل عن معناه في اللغة إلا إن كان حرف معنى .. والحروف نوعان: حرف معنى .. والحروف نوعان: حرف مبني وحرف معنى. حرف المبنى لا معنى له إلا للدلالة على الصوت فقط .. أما حروف المعاني فهي مثل في. ومن .. وعلى .. (في) تدل على الظرفية .. و(من) تدل على الابتداء و(إلي) تدل على الانتهاء .. و(على) تدل على الاستعلاء .. هذه كلها حروف معنى.
وإذا كانت الحروف في أوائل السور في القرآن الكريم قد خرجت عن قاعدة الوصل لأنها مبنية على السكون لابد أن يكون لذلك حكمة .. أولا لنعرف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق